الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فرحة روزاليوسف بصدور مجلتها!

فرحة روزاليوسف بصدور مجلتها!

ازداد قلق السيدة روزاليوسف فقد كان باقيا على موعد صدور المجلة أربعة أيام وعلى الرغم من أن زملاءها وعمال المطبعة كانوا يؤكدون لها أن العدد الأول سيصدر فى موعده!



وتعترف روزاليوسف قائلة: ظللت مضطربة، أفكر فيما سوف يقوله الناس عنى حين يتأخر العدد؟ وكيف أرد عنى نظرات الشامتين وابتسامات المتهكمين؟ ظللت أربعة أيام بلياليها وأنا أهب المخاوف المتعددة نهارا والقلق ليلا!

كنت فى خلال هذه الليالى أتقلب فى فراشى ورأسى يغلى بالأفكار فلا ألبث أن أجلس فى سريرى وأناجى نفسى قائلة:

- ما من شك فى أن العدد سيتأخر وسيقول فلان.. ماذا يقول يا تري؟ وفلانة والجمهور؟! الا قاتل الله ذلك الشيطان الذى أوحى إليّ أن أصدر مجلة!! مالى أنا وهذه الدوشة التى تؤشك أن تذهب بلبى!

كان هذا شأنى حتى صدر العدد الأول فى موعده المحدد 26 أكتوبر سنة 1925، وما كدت أرى المتعهد يحمله من المطبعة حتى شعرت كأن كابوسا ثقيلا قد انزاح عن صدرى وأنمحت جميع المتاعب التى عانيتها منذ أن نبتت فكرة المجلة فى مخيلتي، وأردت أن أشهد إقبال الجمهور على الشراء فامتطيت عربة ورحت أتجول بها هنا  وهناك، وكلما رأيت بائعا استوقفت العربة لأرى كيف ينادى على «روزاليوسف» وكيف يبتاعها الجمهور، وكنت كلما رأيت واحدا يشترى المجلة ويدفع ثمنها - عشرة مليمات - للبائع غمرنى السرور وهممت أن أترجل من العربة والحق بالمشترى لأشكره على هذه العاطفة الشريفة التى حملته على شراء المجلة ودفع قرش صاغ دون أن يساوم البائع لتخفيض ثمنها على الأقل!

أما الذين كانوا يمرون بالبائع ولا يتناولون المجلة، فقد أثاروا حنقى حتى لقد اعتزمت أكثر من مرة أن أمسك بخناقهم وأمعن فى «بهدلتهم» لعدم تقديرهم ما تحتويه المجلة من آيات الأدب العالى.

ولم أترك ميدانا دون أن أتجول فيه وكانت النتيجة سارة جدا، حين استدعيت معظم الباعة وسألتهم عن مقدار ما باعوه.. وما تبقى لديهم منه!

وحدث فى ذات اليوم أن كنت أسير فى طريقى إلى المنزل فإذا بأحد باعة الصحف يصيح «روزاليوسف» «روزاليوسف»!!

فأخذتنى الحدة وبرح من بالى أن الغلام ينادى على المجلة، بل دار فى خلدى أنه ينادينى باسمى مجردا على هذا النحو فألتفت نحوه وانتهرته قائلة: جرى ايه يا ولد عاوز إيه من روزاليوسف؟

فدهش الغلام وتمتم يقول: روزاليوسف يا ست.. عاوزة روزاليوسف؟

وأيقنت أن فى الأمر دسيسة فهممت بصفع الغلام فى الوقت الذى تناول فيه إحدى نسخ المجلة وقدمها إلىّ! وإذ ذاك تذكرت أنه ينادى على  المجلة لا علىّ!

فلم يسعنى إلا أن أضحك وأن أبتاع النسخة التى قدمها إلىّ الغلام.. ولست أشك فى أن الغلام اعتقد إذ ذاك أنه أمام سيدة ليست متمتعة بقواها العقلية!

وظللت بعد ذلك زمنا طويلا كلما سمعت من يهتف باسم «روزاليوسف» ألتفت خلفى ولا ألبث أن أبتسم حين يقع نظرى على بائع الصحف!

وعلى توالى الأيام اعتدت أن يقرع سمعى النداء باسمى دون أن يثير اهتماما حتى لقد كان ينادينى أفراد أسرتى فى المنزل - أحيانا - فكنت لا أجيب إلا بعد فترة طويلة لتوهمى أن المنادى من باعة الصحف!

وبعد يومين من صدور العدد نفد العدد الذى تسلمه الباعة عن آخره، ودنا موعد الشروع فى إصدار العدد الثانى، وكنت  مطمئنة إلى سهولة الحصول على نفقاته وكيف لا وقد بيع العدد الأول بأكمله.. وما هو إلا مشوار بسيط إلى المتعهد فأعود بعده وفى يدى حوالى العشرين جنيها.

وتوجهت إلى المتعهد فاستقبلنى استقبالا رائعا وأسرف فى الاحتفاء بى، وأخذ يمتدح المجلة ويقول إنها سوف تكتسح المجلات بأكملها. وللذكريات بقية