الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
يوسف وهبى من المونولوج لزعامة المسرح!

يوسف وهبى من المونولوج لزعامة المسرح!

يوسف بك وهبى أسطورة المسرح العربى ونجم السينما فى عصرها الذهبى ومؤلف ومخرج عشرات المسرحيات والأفلام المهمة والممتعة.



يحكى الأديب الكبير الأستاذ محمود تيمور فى كتابه «طلائع المسرح العربى» عن بدايات يوسف بك قائلا: يوسف وهبى استهل حياته الفنية وهو فى شرخ الصبا بإلقاء المونولوجات فى محافل السمر وكان يظهر فى منتديات أهل الفن مصاحبًا لشقيقه الأستاذ إسماعيل وهبى المحامى - وهو وقتئذ لامع الاسم بوصفه فى مقدمة المترجمين للمسرح والمعنيين به من الشباب الناهض.

ثم شهدنا يوسف مع عزيز عيد فى فرقته التى كونها على مسرح «كازينو دى بارى» بشارع عماد الدين والرواية التى تجلى فيها يوسف فى فرقة عزيز عيد هى رواية «حنجل بوبو» على أن عزيز لم يلبث أن أودى بفرقته فاختفى يوسف باختفاء الفرقة وطارت الشائعات بأن ثمة خلافا بينه وبين أبيه عبدالله باشا وهى وهو من السراة إذ كان الأب فى مكانته المرموقة ينكر على ابنه - ابن الأكابر - انزلاقه إلى مستوى التمثيل والممثلين أو على حد تعبيره التشخيص!

ومضت فترة لم نعلم فيها من أمر يوسف شيئا وبغتة معن اسمه فى ضجة من الطبول والدفوف، إذ انتهى إلينا أن غيبته كانت فى إيطاليا من أجل الفن فقد ذهب إلى هناك تلميذاً للمثل الكبير «كيا نتونى» ومارس السينما واشترك مع أساطيل الفن الإيطالى.

ولما استقر به المقام فى مصر أعلن أنه مقتحم ميدان المسرح بوثبه جديدة وأن هذه الوثبة ستخلص المسرح الجدى من المحنة التى حاقت به! والحق أن المسرح الجدى كان فى ذلك الحين راكدا فقد تخازلت فرقة جورج أبيض وما على شاكلتها من فرق التمثيل، ولم يبرز فى الأفق إلا فرقة الريحانى وفرقة الكسار، وما على شاكلتهما من الفرق الهزلية يضاف إليها فرقة منيرة المهدية التى هى إلى الغناء أقرب منها إلى التمثيل!

وفى هذه الظروف والملابسات شهر «أبويوسف» عن ساعد الجد وعاهد الشهب المصرى على أن ينشئ له مسرحيا قوميا صميما يعلى من شأن الفن ولم يمض وقت طويل حتى ألف فرقة «رمسيس» وكان أعضاؤها صفوة الشباب، وتجلى المسرح الناشىء رائع المظهر فبهر الانظار واستمال القلوب، وقرأنا بجوار اسم «يوسف وهبى» أسماء السيدة روزاليوسف وعزيز عيد وحسين رياض وأحمد علام وكذلك اشترك زكى طليمات بمجهود فى الاعداد والاخراج.

وأول مسرحية قدمتها فرقة رمسيس هى مسرحية المجنون تأليف يوسف وهبى وان شئت الدقة قلت إنه اقتبسها من رواية سينمائية ايطالية، وقد مثل يوسف بطولة المجنون فى هذه المسرحية فهز المشاعر بروعة مواقفه وصدق أدائه حتى حسبنا أنه هارب حقا من مستشفى الأمراض العقلية!!

وكان فى خلفية المسرح مجنون آخر لا يظهر على المنصة للنظارة - المشاهدين - ذلك هو زكى طليمات الذى كان يعمل بجد أقرب الى اللوثة فى التعهد والاشراف، وما انسى منظره ليلة الافتتاح وقد اختلس من وقته دقائق ليلقانى فى البهو، ورأيت سماته تبعث على الرثاء والاشفاق، جبين يتفصد عرقا، وشعر أشعث نافر، ووجه مكدود يكسوه شحوب، بيد أن ذلك كله كان يكشف فيه عن عزيمة ماضية وشغف مشبوب، ورضا يملأ جوانب النفس.

ومما يؤسف له أن التعاون بين يوسف وهبى وزكى طليمات لم يذدهر مع الايام، فما أسرع أن عجلت به ريح الشقاق.