الأحد 24 سبتمبر 2023
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

بورتريهات عن مشخصاتية مصر .. وحكاية الورطة اللذيذة

وجوه لا تنسى

الناقد السينمائى والأدبى محمود عبد الشكور وكتابه «وجوه لا تنسى ـــ بورتريهات عن مشخصاتية مصر» الصادر عن دار الشروق . قدم 180 شخصية سينمائية منسية، قَدَّمُوا أعمالا مُحَبَّبة لنا، وحفظنا وردَّدنا عباراتهم الشهيرة والمحفورة فى الوجدان المصرى، ومنهم شخصيات نعرفهم ولا نعرف أسماءهم الحقيقية.



بالصفحات الأولى يحكى «عبد الشكور» حكاية «الورطة اللذيذة» التى ادت به إلى لهذا الكتاب، بعد أن كتب بوستات على «الفيس بوك» عن نجوم منسية لم تنل حقها من النجومية، وله مع أعمالهم ذكريات تفاعل المتابعين مع البوست، وقدموا له اقتراحات بتقديمهم بكتاب لهم فهذا جزء بسيط من حقهم بقدر ما أسعدونا.

تحدث عبد الشكور عن ومع كل شخصية وكأنهم ليسوا راحلين ولا منسيين وجه عتابا لبعضهم بسبب هجرتهم خارج مصر، ونصيحة متأخرة أنهم لو لم يهاجروا لأصبح لهم شأن آخر. ويلوم صناع السينما فى زمن الأبيض والأسود لوم ناقد عاشق للفن ويسألهم لماذا لم تمنحوهم أدوار البطولة، وحصرتوهم فى أدوار ثابتة فى كل الأفلام، كما طالب بالتكريم لبعضهم . ويبدو ان عبد الشكور بعث لنا بورطة أخرى وأصبحنا جميعا مطالبين باستعادة حقهم المعنوى.

 

أحمد الجزيرى

 

أحمد الجزيرى (1912-1985)، خريج المعهد العالى للفنون المسرحية 1949، أحد أعمدة المسرح القومى المصري. ظل على الهامش لفترة ليست بقصيرة وتألقت موهبته مع تقدمه بالسن. مشخصاتي تميز بتقديم شخصيات متنوعة المقهور اجتماعياً، الغلبان قليل الحيلة البسيط والساذج وقدمها بالسمات كوميدية، كما قدم أدوارا شريرة إلا أنه ظل محتفظا بملامح الطيبة.

هو الأب البائس «صالح العربى» والد أحمد زكى بالفيلم التلفزيونى «أنا لا أكذب ولكنى أتجمل». وبالمسرح شخصية العُمدة الظريف بمسرحيات: المحروسة، سكة السلامة، وبمسرحية «القضية» «اشتهر بجملته» أفتح الشباك ولا أقفله «شخصية أنور بيك بفيلم» نحن لا نزرع الشوك «مع شادية. قدم حوالى 81 عملا فنيا منها: درب المهابيل، البوسطجي، المتمردون، الحرمان، ثرثرة فوق النيل وغيرها.

 

أحمد سامى عبدالله

 

رغم ظهوره بالعديد من الأعمال إلا أنه بفيلم «الكيت كات» شخصية «عم مجاهد» بائع الفول الذى يتحدث إليه الشيخ حسنى «محمود عبد العزيز» ويفضفض له كلما ضاق به الأيام، وحين مات مجاهد وضعه الشيخ حسنى على عربة الفول فى مشهد أسطورى مؤثر لكفيف يقود ميتا وهو ثانى دور اشتهر به بعد دوره والد عادل إمام الحقيقى بفيلم «المولد».

وشارك بمسلسلات: عباس الأبيض، زيزينيا، الشارع الجديد، غيرها. وبالسينما: الساحر، هى فوضى، بخيت وعديلة، الجردل والكنكه، سواق الهانم وغيرها. الراحل أحمد سامى عبد الله حاصل على ليسانس الآداب (1930-2011) عمل مخرجا بالتلفزيون ودخل مجال التمثيل فى سن متأخرة. عمل ببرامج الأطفال بحلقات «برجى وطماطم». يملك صوتا يسكنه الحنان فهو معبر عن الأب الطيب معبر عن الجد الغائب. 

 

أحمد لوكسر

 

وصفه «عبد الشكور» أنه مشخصاتي مجتهد لديه حضور وطاقة تعبيرية، ولكنه لم يأخذ حظه لا فى التقييم ولا فى مزيد من المشاركة فى الأفلام. قدم 66 فيلما روائيا، منها: السيرك، الشيماء، على ورق سوليفان، المنزل رقم 13، العتبة الخضراء، بئر الخيانة شهد الملكة. ومع عادل إمام وسعيد صالح بفيلم «سلام يا صاحبى» لعب أدوار المحقق وكيل النيابة، النائب العام، المخادع، ابن الذوات، الرجل الأرستقراطى، رومانسية ونفسية مركبة وتاريخية وكوميدية مثل دور المخرج العصبى ذى الأداء الكوميدى فى فيلم «بين السماء والأرض».

ومشهد واحد لا ينسى بفيلم «الأيدى الناعمة» شخصية النبيل صاحب السيارة الذى يضبط البرنس شوكت «أحمد مظهر» وهو يجرى فى الشارع وراء إوزة. أحمد لوكسر من الإسكندرية (1930 – 1994) دخل تاريخ السينما فقط بدوره الأشهر بفيلم «الناصر صلاح الدين» أميرا صليبيا متعجرفا وكأنه خرج لتوه من كتب التاريخ.

 

إبراهيم سعفان

 

إبراهيم سعفان (1924 – 1982) خريج الأزهر مدرس اللغة العربية المتمكن الذى علم لسندريلا سعاد حسنى الإلقاء إلى أن أصبح هو نفسه ممثل. لا تنسى شخصية العجوز البصباص وهو يغازل الممرضة ليلى طاهر، بمسرحية «الدبور» وجملته الشهيرة «أنا مبسوط كده أنا مرتاح كده». ودور المحامى (النص متر) بفيلم «30 يوم فى السجن»، ومشهد قائد الأوركسترا يشد فى شعره فيلم «أخطر راجل فى العالم»، وايفيهاته الشهيرة فى «تجيبها كده تجيلها كده هى كده»، والسجين المقيم الذى يلاعب فؤاد المهندس الشطرنج بفيلم «أنت اللى قتلت بابايا» والخادم والباشا بفيلم «أضواء المدينة»، صديق رشدى أباظة يفليم «ابنتى العزيزة» وغيرها. ليست هيئته القصيرة هى من جعلته كوميديان، كوميديانا قصار القامة كثيرون، بل موهبته الفطرية، وتفرد أدائه الإضحاك من خلال الجديدة الشديدة تلك التكنيك الصعب الشاق المعقد.

 

إبراهيم كمال

 

هو أحد النجوم الذين نحفظ أدوراهم ولا نعرف أسماءهم الحقيقية، بمسرحية «هاللو شلبي» شخصية «فاروق يزدى الحنين مال الهوى» الممول المنتج الذى مشيته تذكرنا بالإنسان الأول، منحنى الظهر، ويهز رأسه وشعره المنكوش ويحاول عبد المنعم مدبولى التلاعب به ليقنعه بتمويل الفرقة. صمم له الشخصية الكاريكاتورية مخرج المسرحية سعد ادرش. هو الممثل «إبراهيم كمال» كوميديان دخل تاريخ الدراما بتلك الشخصية التى أصبحت فيما بعد نموذجا كاريكاتوريا للمنتجين عموما. ويتساءل «عبدالشكور» لماذا لم يأخذ أدوارا أكبر كممثل موهوب وليس كـ «كمبارس» متكلم. شارك فيما لا يقل عن 19 عملا فيلما ومسلسلا أدوار هامشية ومشاهد قليلة منها: بوجى وطماطم، جدو عبده، فيلم «سمع همس».

 

إحسان شريف

 

إحسان شريف (1921-1985) أشهر وجوه الأفلام المنسية ممثلة مميزة لها حضور حتى لو كان مشهدا واحدا لا بد أن نتذكرها، وأشهر أدوراها كوميديان ثقيلة الأم المتعالية بفيلم «إشاعة حب» بنت سلطح بابا مع عمر الشريف ويوسف وهبي، ودور آخر مختلف تماما بفيلم «البوسطجى» كأمرأة صعيدية تنقل رسائل الغرام أداء امرأة مجربة ولها ماض تخفيه وراء الثوب الأسود. والحماة المتعجرفة بفيلم «أم العروسة».

 

حسن أتَلَة

 

حسن أتلة (1941 – 1972) أحد أظرف الكوميديانات البدن فى تاريخ السينما المصرية، كانت بداياته ببرنامج «ساعة لقلبك» موهبة خطيرة مرونة جسدية ووجها معبرا يثير الرثاء من فرط طيبته.

كومبارس ضخم ضمن فريق المصارعين لحراسة سراج منير بفيلم «عنتر ولبلب». التقطه المخرج الكبير فطين عبد الوهاب ووضعه جنبا إلى جنب مع إسماعيل يس فى السلسلة الشهيرة (فى الجيش والبوليس ومستشفى المجانين وبوليس سرى) وتألق فى دور الخالة شفيقة فى مستشفى المجانين وجملته أشهر عبارات السينما المأثورة «لا مؤاخذة يا ابنى أصل أنا عندى شعرة ساعة تروح وساعة تيجى»، ومع فؤاد المهندس بفيلم «اعترافات زوج» وجملته «مافيهاش بيبي»، وانطلق فى دور صبى الحانوتى «غزال» ضعيف العقل والشره للطعام بفيلم «حماتى ملاك» وعبارته الشهيرة «يا معنمى»، «يووه ده أنت ننية اوى».

 

سامى فهمى

 

جيل السبعينيات والثمانينيات يتذكر الموهوب الرائع سامى فهمى الشهير بشخصية شاكر فضله فى مسلسل «فرصة العمر» مع محمد صبحى، وهو دفعة الفنون المسرحية مع نبيل الحلفاوى ولطفى لبيب وشعبان حسين. ومن أفضل أدواره «سلطان» الشاب الأخرق صاحب العمليات الفاشلة فى «حكاية ميزو» مع سمير غانم وإسعاد يونس وفردوس عبد الحميد، وجملته الشهيرة «عملية نظيفة مية بالمية «. ودور الخطيب العجيب بمسلسل «برج الحظ» مع نادية فهمى ومحمد عوض تلك المسلسل الذى اشتهر باسم بطله المنحوس «شرارة». ممثل ناضج وفاهم وذكى فى رسم الشخصية الكوميدية، سافر لدراسة الفن لمدة عامين إلا أن جرفته الحياة تحول إلى بيزنس وعاش بأمريكا 30 عاما.

 

سعاد أحمد

 

يكفيها دورها بفيلم «ابن حميدو» حتى نتحدث عن كوميديانه رائعة لا يعرف الكثير اسمها هى سعاد أحمد (1907 – 1962) ودورها المتسلطة زوجة شيخ الصيادين الرئيس حنفى (عبد الفتاح القصرى) والتى يخشاها حنفى وتنزل كلمته إلى الأرض فى كل مرة نموذج كاريكاتيرى للشخصية وفى الخطبة الشهيرة أمام الصيادين لتدشين مركب نورماندى تو تحاول أن تؤكد أنها سيدة مثقفة تقول: يأيها الصياديون «ويردون عليها هتاف أكثر ثقافة» يعيش البحر الأحمر المتوسط».

تنوعت أدوراها لشخصية الأم دون كوميديا فيلم «شمشون لبلب»، ودور المعلمة« فتوات الحسينية»، يرى» عبد الشكور «أنها لم تأخذ حقها كانت تحتاج إلى من يقدمها كنموذج كوميدى منافس وسوف تصبح فى نفس مكانة مارى منيب وزينات صدقي.

 

سعيد أبو بكر

 

أشهر بصباص ومتحرش فى الأفلام فى دوره الشهير بفيلم «بين السماء والأرض»، ولكننا عرفناه أولا بدوره بفيلم «عنتر بن شداد» شيبوب شقيق عنتر أضفى على الشخصية خفة وكوميديا ومكرا بجملته والغزل «أنت تقلعى عين وأنا اقلعلك عين ونعيش عور احنا الاتنين». يعتمد فى أدائه التمثيلى على نظرات عينه، إنسان تحول إلى عيون لا تتوقف عن الحركة لدرجة أن وصفه «عبدالشكور» عينه اللى تندب فيها رصاصة بسبب أسلوب غزله المستفز للبطلات فى الأفلام.

سعيد أبو بكر (1913 – 1971) مواليد طنطا رحلة كفاح وعمل بمسرح رمسيس، خريج معهد الفنون المسرحية 1947، ومنحه أنور وجدى أدوارا فى أغلب أفلامه منها: عنبر، قلبى دليلي، غزل البنات وغيرها. وفى الخمسينيات قدم أدوارا متنوعة، جادة وهزلية، شريرة وطيبة مثل أفلام: الأستاذة فاطمة، الماضى المجهول، وبطولة مسرحيتين: البخيل، ومريض بالوهم، كما خرج مسرحيتى «الناس اللى تحت»، وحركة ترقيات».

 

سمير ولى الدين

 

ارتبط عند الجمهور بدورين فى المسرحيتين الأكثر شهرة «مدرسة المشاغبين» ودورة الشاويش جابر، وفى «شاهد ما شافش حاجة» كان العسكرى حسين وساهمت الإفيهات فى ترسيخ صورته مع اسمه فى تفاعل تلقائى على المسرح حين طالبة المحقق عمر الحريري: «اكتب باحسين اكتب اللى يقوله واللى ما بيقولوش»، و«دى هاتكتبها أزاى يا حسين». وشارك بمسلسلات: أحلام الفتى الطائر، هارب من الأيام وغيرها.

هو الممثل سمير ولى الدين (1938-1978) اكتشفه الكاتب عبد الرحمن الخميسى وقدم أدوارا بسيطة فى مسرحية: أصل وصورة، شفيقة القبطية، اشتهر أن معظم أدواره شخصية الصعيدى بملامح ولمسات كوميدية لم يحصل أبدا على البطولة المطلقة، أداء بسيط حضور مميز بالذات على المسرح لكن ابنه علاء ولى الدين حقق شهرة أكبر وكان امتدادا لأبيه 

 

عبد الغنى النجدى

 

عبد الغنى النجدى «عوكل» صاحب أشهر مغازله غرامية لحبيطة فواكه (خيرية أحمد)، يتصل بها تلفونيا: «فواكه مشتاجين جوى جوى يادميل» الساعى بفيلم «الفانوس السحرى». انحصر فى الأدوار المساعدة ولعب أفضل أدوار الصعيدى وهو بالفعل من أسيوط (1915-1980) ولا يخلو فيلم لإسماعيل يس من وجوده. وكان يقال إنه كان يكتب افيهات الأفلام بل كان يكتب ويبيع النكات، وفى دور المتطوع الذى يفهم فى «الطبابير والغواويص» ويؤمن بأنه «فوق كل ذى علم عليم». النجدى موهبة فطرية جعل من أدواره القصيرة علامات لا تنسى..

 

فرحات عمر

 

« قولى يا ابنى هو أنا تعشيت ولا لسه» هذا هو حال دكتور «شديد» الدائم النسيان صاحب أشهر دعاء بالسينما المصرية «يارب ياخويا يارب «، هو محمد فرحات عمر (1931-1997) الحاصل على دكتوراه فى الفلسفة ومؤلف كتاب عن المسرح، عمل فى هيئة الكتاب، كما عمل لسنوات بهيئة الإذاعة البريطانية.

عشق التمثيل انضم إلى برنامج «ساعة لقلبك» ليدشن شخصيته التى اشتهر بها وبتركيبتها الغريبة بداياته بمسرحية «30 يوم بالسجن» بدور «أمشير» لكن شهرته الأفضل كانت بأفلام إسماعيل يس مثل أدوراه فى مستشفى المجانين، والمجانين فى نعيم، خفة ظل وحضور، ومشاهد لا تنسى فى «عروس النيل»، و «إشاعة حب»، الأول كان طيب نفسانى يحاول السيطرة على رشدى أباظة «ما أبدعك ما أجملك»، والثانى كان دور ممثل وفؤجئ بلخبطة على المسرح: الله يخرب بيتوكم نستونا الحوار».

وذكر عنه «عبد الشكور»: «شخصية الدكتور شديد حصرت موهبته فى إطار ضيق لم يستطع الخروج منه. لكنها كانت وراء بقائه فى الذاكرة وأتمنى أن يتم تكريمه «يارب يا خويا يارب».

 

ماهر تيخه 

 

ممثل خفيف وظريف رغم وزنه الثقيل «أحمد ماهر تيخه» رفيق مشوار عادل إمام وسعيد صالح، وظل أقرب أصدقاء عادل رغم هجرته لأمريكا فى بداية السبعينيات. له حضور كبير حتى لو ظهر فى مشهد واحد فلا بد أن نتذكره.

أشهر أدوراه السينمائية مشهد يتيم بفيلم «مطاردة غرامية» كان عريس أقرب إلى الطفل البدين مع عروس مجرية لعبت دورها زوزو شكيب، واتصل بالوالدته: «ماما ماما تعالى خذينى يا ماما»، وبـ «هاللو شلبى» كان سعيد صالح يدحرجه على المسرح مثل البرميل وسط إضحاك الجمهور.

ويستجيب تيخه برشاقة عجيبة. وفى «أنا وهو وهى» عامل الفندق «حنفى» الذى يتبع الخواجة مدير الفندق ويقول له «ورايا يا حنفى»

قال عنه «عبد الشكور»: موهبة عظيمة فقدناها لديه قدرة هائلة على الحركة المرنة رغم البدانة وربما لو كان استمر لكان له شأن كبير إلا أن هاجر، نفد بجلده فتغير مصيره تماما».