« روزاليوسف » مع ملوك التاريخ داخل المتحف المصرى الكبير

شهدت السنوات الأخيرة زيادة حجم الإنجاز فى مشروع المتحف المصرى الكبير، والذى بات محورًا مهمًا ورئيسيًا فى معادلة المشروعات القومية فى مصر، خاصة أنه أحدث حالة رواج ثقافى خلال الشهور الماضية رغم أنه لم يفتتح بعد، والرواج جاء من منطقة الخدمات فى المتحف والتى بدأت فى التشغيل التجريبى منذ عدة أشهر، حيث باتت تستضيف فعاليات ومعارض ثقافية وفنية كبري، وذلك حتى الافتتاح الرسمى الذى لم يحدد بعد، ولأننا مثل كل المصريين والعالم كله ننتظر افتتاح المتحف بمنتهى الشغف، فقد قررنا فى «روز اليوسف» القيام بجولة فى المتحف، وتحديدا منطقة المسلة المعلقة والبهو الذى يقف فيه تمثال رمسيس الثانى شامخا طبقًا للمسموح به، حيث إن المتحف لم يفتتح بعد والعمل جار فيه حاليًا ووصل لمستويات متقدمة جدًا ، وفقط منطقة الخدمات هى التى بدأ التشغيل التجريبى لها، وهناك تجد فى الساحة الأمامية للمتحف المسلة المعلقة شامخة بطريقة عرض رائعة، حيث ترتكز على 4 أعمدة بطريقة تسمح للزوار برؤية خرطوش الملك فى قاعدتها بالأسفل.
وفى البهو شعرنا بعظمة المكان، خاصة مع رؤيتنا للقطع الأثرية الضخمة، فها هنا تمثال الملك العظيم رمسيس الثانى يستقبل الزوار عند الافتتاح إن شاء الله، وعلى بعد خطوات منه عمود مرنبتاح الذى يعد من أروع كنوز الحضارة المصرية، وهناك أيضًا تمثالان ضخمان لملك بطلمى وملكة بطلمية، واللذان يقفان بشموخ فى مواجهة الدرج العظيم على الناحية الأخرى، والذى تصطف عليه تماثيل رائعة لملوك وشخصيات مصرية قديمة وعددها 87 تمثالًا.
جولتنا فى المكان أشعرتنا أنه بالفعل قد بات قريبًا تحقيق الحلم الذى بدأ فى فبراير عام 2002، حيث تم حينها وضع حجر الأساس لمشروع المتحف، ومع مرور السنوات ولظروف مختلفة وخارجة عن إرادة الجميع تأرجح معدل العمل دون أن يسير على وتيرة ثابتة، حتى قررت الدولة منذ حوالى 7 سنوات دعم عدد من المشروعات القومية الكبرى التى كانت مهددة بالتوقف بسبب أحداث 25 يناير 2011 وما بعدها، ومنها المتحف المصرى الكبير، والذى يتميز بفريق إدارة متميز، ويقود هذا الفريق اللواء عاطف مفتاح المشرف العام على مشروع المتحف المصرى الكبير والمنطقة المحيطة.
وسار العمل فى المتحف بخطى ثابتة، وخاصة عمليات نقل الآثار وترميمها والأعمال الإنشائية، حيث إن تنفيذ المشروع تم على 3 مراحل، انتهت اثنتان، والمرحلة الثالثة تشييد مبنى المتحف الرئيسي، وهى المرحلة الحالية التى يتم العمل بها وشهدت انجازات كبيرة جدًا فى المشروع، حيث تم الانتهاء من 99.5% من إجمالى إنجاز الأعمال بالموقع بشكل عام، وانتهاء 100% من الهيكل الإنشائى، ووصلت نسب الإنجاز بمتحف مراكب خوفو إلى 100% بالنسبة للواجهات الخارجية، كما تم الانتهاء بنسبة 100% من البهو الداخلى و 99,9 % من قاعة توت عنخ آمون و 99% من عملية وضع القطع الأثرية.
قائمة الملوك
من أروع الأشياء التى رأيناها فى منطقة البهو لوحة حجرية وأمامها معلومات تتضمن خراطيش بأسماء وألقاب التتويج لأهم الحكام فى التاريخ المصري، منذ بداية عصر الأسرات حتى الإمبراطورية الرومانية، مكتوبة بالعلامات الهيروغليفية، وبالطريقة التى يعتقد الباحثون الجدد أنها دقيقة تاريخيًا .
حامية البحارة
عثر على هذا التمثال لملكة بطلمية «ربما أرسينوى الثانية» فى قاع البحر المتوسط، حيث كان للملكات خلال هذه الفترة أدوار سياسية ودينية مهمة، وقد أقيمت تماثيل للملوك والملكات فى معظم المعابد فى جميع أنحاء مصر، وتم تقديس بعض الملكات البطلميات بعد وفاتهن، مثل الملكة أرسينوى التى عرفت بأنها حامية البحارة.
عمود النصر
على بعد خطوات تجد عمود مرنبتاح وهو أثر رائع ومهم جدا، حيث إنه بعد وفاة الملك رمسيس الثانى خلفه على العرش ابنه الملك مرنبتاح، والذى خاض الحروب فى مواجهة أعداء البلاد، من القبائل الليبية وشعوب البحر، وسجلت أخبار تلك الحروب على اللوحات والأعمدة المنقوشة والتى كانت تسمي» كتابات للأبدية»، وفى النصوص المسجلة على هذا العمود تخاطب المعبودة عنات الملك مرنبتاح قائلة«خذ مقمعتك لكى تهلك المعتدين».
ملك بطلمى
عثر على هذا التمثال لملك بطلمي «ربما بطليموس الثاني» فى قاع البحر المتوسط، حيث تنحدر الأسرة البطلمية من أحد القادة اليونانيين للإسكندر الأكبر، والذى أصبح فيما بعد بطليموس الأول، وغالبًا ما كان الملوك البطالمة يصورون أنفسهم كحكام مصريين وذلك على جدران المعابد المصرية، بالإضافة إلى عبادتهم للمعبودات المحلية، وقد اكتشفت هذه التماثيل الضخمة بالقرب من المعبد الكبير لآمون فى مدينة هيراكليون.
محبوب بتاح
عند دخولك للبهو تجد أمامك هذا التمثال الضخم للملك رمسيس الثانى والذى يظهر مدى قوة وثراء صاحبه، وكان التمثال فى الأصل قائمًا خارج المعبد الرئيس للمعبود بتاح بمدينة منف العاصمة القديمة للبلاد، حيث كان الغرض من تمثيل الملك بتلك الهيئة المهيبة أن يجعل رمسيس كحارس لحرم ذلك المعبد المقدس، ولسنوات عديدة عبد هذا التمثال نفسه كمعبود، حيث أقام له الأفراد الطقوس الدينية من تقديم القرابين وتلاوة الصلوات، ويوجد خلف ساقى الملك نقش يجسد اثنين من أبنائه وهما خع ام واست والأميرة بنت عنات.
وانتهت عملية النقل الأولى للتمثال عام 1955 م وتم وضعه فى ميدان باب الحديد وسط القاهرة، وظل هناك لأكثر من 50 عامًا ، وتعرض خلالها للعديد من عوامل التلوث البيئى الضارة، والناجمة عن عوادم السيارات والإهتزازات الأرضية التى تسببها حركة قطارات الأنفاق تحت الأرض، ولذلك فقد أعلن عام 2002 م أنه سيتم نقل هذا التمثال الهائل إلى موقع آخر جديد، وإستغرق تنفيذ هذا الأمر عدة سنوات، وقد أجريت خلالها عملية نقل تجريبية لنسخة بنفس حجم التمثال الأصلي، وفى أغسطس 2006 م غادر رمسيس الثانى ميدانه ليتوجه إلى مقره الجديد بموقع المتحف المصرى الكبير، وفى يناير 2018 م تم نقل التمثال إلى داخل البهو العظيم بالمتحف.