الأربعاء 14 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 مكى الكبير.. وكوميديا مربوحة

مكى الكبير.. وكوميديا مربوحة

 راهن النجم أحمد مكى العام الماضى على الربح بضخ دماء جديدة إلى عالمه «الكبير»..



باكتشاف مجموعة من الكوميديانات الجدد عن طريق البحث والمشاهدة دون اللجوء إلى ترشيحات مكررة؛ ومن خلال بحثه الدؤوب عثر على مجموعة من الشباب الذين لمعوا بمسرح الجامعة مثل رحمة أحمد فرج؛ حاتم صلاح؛ مصطفى غريب ثم بدأ فى صياغة ورسم شخصيات مبتكرة انضمت إلى الجزء السادس من مسلسله الأشهر والأنجح على مدار سنوات؛ كسب مكى الرهان بامتياز ونجح «الكبير أوي» العام الماضى باكتساح وعلى عكس ما توقع الجميع أصبحت «مربوحة».. ورقته الرابحة فى كسب الرهان؛ حيث أثبتت التجربة أن الكوميديا عالم رحب يتسع لجميع الأنماط والأشكال المتعددة طالما توفرت الموهبة.

فازت مربوحة أو «رحمة أحمد» بتصدر ما اصطلح عليه فى عالم السوشيال ميديا بـ«الترند» العام الماضى؛ ولسبب آخر لا يعلمه إلا الله قرر البعض إسقاطها فى الموسم السابع من نفس العمل من هذا «الترند» منذ الحلقات الأولى؛ ومن ثم إقصائها ككوميديانة صاحبة موهبة استثنائية من عالم «الكبير» وكأنها لم تكن من قبل؛ وعلل بعضهم هذا السقوط أن «رحمة» أصبحت منفعلة.. صوتها مرتفع ومبالغة فى أدائها للشخصية فقدت بريقها بالحلقات الأولى.. فاستحقت السقوط من هذا الترند وإذا سقط الممثل من الترند لن يستحق الرجوع إليه!

منطق ظالم وحكم أجوف؛ يبخس مصطلح «الترند» المرتبط ارتباطا وثيقا بعالم السوشيال ميديا هؤلاء الموهوبين حقهم فى التمتع بنمو ورسوخ موهبتهم؛ لا تقاس الموهبة بمدى قدرتها على ركوب الترند بينما تقاس بتراكم الخبرات والتجارب والسنوات بناء على أعمال جيدة أو متوسطة الجودة؛ تمتد جذور هذه الموهبة وتثمر مع مرور السنوات أشجارها الوارفة؛ ويبقى اسم الفنان مقرونا بحجم قدرته على التنوع والابتكار على مدار أعماله؛ بينما يمثل «الترند» شراء المواهب بثمن بخس لأيام معدودات؛ يعد حبس الفنان فى هذا الإطار من التقييم السنوى إساءة لموهبته والتعامل معه مثل الأكلات السريعة أو فقاعات الصابون سريعة الزوال؛ تمتلك رحمة أحمد على صغر سنها موهبة مع اكتمال الخبرة ونحت التجربة ستضاهى بالمستقبل كوميديانات كبار.. وبالتالى تستحق التقدير والاعتبار لأسباب عدة..أولها جرأتها فى خوض تحد شاق بعد فنانة بحجم دنيا سمير غانم والمجازفة بالمقارنة معها فى أولى تجاربها بالبطولة المطلقة والاحتكاك المباشر ..بل والامتحان الأصعب أمام جمهور غفير عشق دنيا وشخصية «هدية» لسنوات طوال...!؛ ثانيا انطلاقها باللعب بشجاعة وإقدام أمام نجم بحجم أحمد مكى رغم صغر سنها وحداثة عهدها؛ ثم قدرتها على تجاوز كل هذه الصعاب وتحقيق نجاح يليق بحجم موهبتها التى ما زالت تتحسس طريقها فى النمو والاكتمال.    

    توقع الجمهور مع بداية الموسم الجديد «للكبير أوى» منذ الحلقة الأولى أن تحقق الحلقة نفس القدر من الضحك الذى سبق وأن حدث بالعام السابق؛ بينما لعب المؤلفون هذه المرة لعبة أخرى مناقضة للموسم السادس الذى احتاج بالفعل إلى بداية قوية يرسخ بها أقدام شخصيته الجديدة «مربوحة»؛ لكنهم قرروا هذا الموسم أن يتم السير باتجاه معاكس الصعود بالضحك تدريجيا وهو ما حدث فى حلقات تالية بعد أن بدأ يتشبع العمل بأفكاره بتصاعد الخلاف بين الكبير وزوجته التى فشلت فى إرضائه مما دفعهم للبحث عن حل لرأب صدع هذا الخلاف واللجوء إلى مستشارة علاقات زوجية فاشلة أساسا بحياتها الخاصة وتدعى العكس؛ ثم تعرضهما لمغامرات أسهمت فى نمو مشاعر الحب بينهما؛ تم إضافة شخصيات جديدة كضيوف شرف بالحلقات تباعا مما أثرى شكل وأسلوب صياغة الضحك؛ الذى يعتمد فى صياغة الكوميديا بالأساس على الشخصيات الكاريكاتيورية الأقرب لعالم الكرتون؛ كل شخصية من شخصياته لها مواصفات كاريكاتيورية ولأزمات تحمل شيئا من المبالغة بدءا من الكبير نفسه ونهاية بأقل شخصية حتى ضيوف الشرف علاء مرسى؛ أوتاكا وآيتن عامر؛ تكمن حرفة وذكاء مؤلفيه محمد عز الدين ومصطفى صقر مع مشاركة سارة هجرس فى طريقة رسم تفاصيل شخصيات هذا المسلسل وصياغة كوميديا وإفيهات تناسب كل فرد ناتجة من ملامح الشخصية وتفاصيلها؛ رسمت كل شخصية بحرفة وذكاء كبير؛ كل منهم يقدم نمطا من الكوميديا يليق بالحالة الهزلية التى يجسدها خلال العمل؛ وإذا شئنا الحديث عن «مربوحة» وشخصيتها المبالغ فيها بصوتها المرتفع والانفعال العنيف كل هذا نتاج رعونتها؛ امرأة تخوض معركة أمام زوجها الذى يحقر من شأنها منذ اليوم الأول للقائه بها ومن هنا بدأ بناء الضحك تصاعديا بالموسمين السادس والسابع؛ إنسانة شديدة السذاجة والاندفاع؛ على قدر حجم سذاجتها تخوض معركة لإثبات الذات أمام زوجها وبالتالى تنتج عنها تصرفات منفعلة غير منطقية فهى مندفعة فى التعبير عن نفسها ورغباتها تتمتع بمحدودية فى التفكير وعدم القدرة على كسب حب زوجها أو جذب انتباهه كامرأة. 

نجح المخرج أحمد الجندى فى توجيه «رحمة» بإدراك ونمو وعيها بهذه الشخصية التى تنبع الكوميديا من ضحالة تفكيرها وسوء تصرفها وتقديرها للأمور؛ لا يمكن أن ينفصل أداء الممثل عن توجيه المخرج وتفاصيل وصف الشخصية التى يضعها المؤلف على الورق؛ قد تجود الموهبة بإضافة المزيد من اللمسات لملامح الشخصية بحسب مهارات الممثل الفردية بينما لا يتم أى شيء بمعزل عن المخرج وفريق العمل بالكامل؛ وبالتالى لم يفقد الكبير بريق بهجته هذا العام بل استطاع صناعه بتضافر عناصره خلق المزيد من الأفكار المتتابعة لصنع كوميديا تصاعد الضحك فيها مع تصاعد الأحداث وتفاقم الصراع بينهما بما يضمن لأبطاله رحمة أحمد أن تظل رابحة بكوميديا «مربوحة». 

وكذلك بقى مكى كبيرا بقدرته على الاستمرارية والابتكار بجهد مضن حتى أصبحت هذه الشخصيات بمفرادتها وهيئتها وإفيهاتها وملامحها الغريبة وتحوله من عمدة إلى شاب أجنبى «جونى» إلى آخر تافه «حزلقوم» حاضرة ولصيقة الصلة بخيال المتفرج؛ فإذا توقفت مواسمه إلى الأبد ستظل شخصياته بتفاصيلها الكرتونية حية فى ذاكرة وقلوب الجماهير!