الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

علماء: الاحتفال بـ«شم النسيم» فى رمضان لا يتعارض مع الدين فى شىء

للعام الثانى على التوالى يتصادف الاحتفال بأعياد الربيع «شم النسيم» خلال شهر رمضان المبارك، وهى مناسبة يستغلها أصحاب الأفكار الظلامية لطمس معالم احتفال المصريين بهذه المناسبة التى اعتادت الأسر على الاحتفاء بها كل عام عن طريق الخروج إلى المتنزهات وتناول الأسماك المملحة.



وفى كل عام تتجدد موجة هجوم السلفيين على كل من يحتفل بـ»شم النسيم»، على اعتبار أنه «حرام» وينافى دين الإسلام، وفى هذا العام تشتد دعوات تحريم الاحتفال بأعياد الربيع التى تتزامن مع العشر الأواخر من رمضان.

شم النسيم عادة مصرية ومناسبة اجتماعية ليس فيها شىء من الطقوس المخالفة للشرع، ولا ترتبط بأى معتقدٍ ينافى الثوابت الإسلامية، وإنما يحتفل المصريون جميعًا فى هذا الموسم بإهلال فصل الربيع؛ بالترويح عن النفوس، وصلة الأرحام، وزيارة المتنزهات، وممارسة بعض العادات المصرية القومية؛ كتلوين البيض، وأكل السمك، وكلها أمور مباحة شرعًا.

فبعضها مما حث عليه الشرع الشريف ورتب عليه الثواب الجزيل؛ كصلة الأرحام، وبعضها من المباحات التى يثاب الإنسان على النية الصالحة فيها؛ كالتمتع بالطيبات، والتوسعة على العيال، والاستعانة على العمل بالاستجمام.

هكذا تضمنت فتوى للأمانة العامة لدار الافتاء المصرية، مستشهدة بالصحابى الجليل عمرو بن العاص رضى الله عنه -والى مصر من قِبل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه- يخطب المصريين فى كل عام ويحضّهم على الخروج للربيع؛ وذلك فى نهاية فصل الشتاء وأول فصل الربيع؛ كما أخرجه ابن عبد الحكم فى «فتوح مصر والمغرب»، وابن زولاق فى «فضائل مصر وأخبارها»، والدارقطنى فى «المؤتلف والمختلف».

الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، فى فتوى له، أكد أن الأصل فى موسم «شم النسيم» أنه احتفال بدخول الربيع، والاحتفال بالربيع شأن إنسانى اجتماعى لا علاقة له بالأديان؛ فقد كان معروفًا عند الأمم القديمة بأسماء مختلفة وإن اتحد المسمَّى؛ فكما احتفل قدماء المصريين بشم النسيم باسم «عيد شموس» أو «بعث الحياة»: احتفل البابليون والآشوريون «بعيد ذبح الخروف»، واحتفل اليهود «بعيد الفصح» أو «الخروج»، واحتفل الرومان «بعيد القمر»، واحتفل الجرمان «بعيد إستر»، وهكذا.

ولم يكن من شأن المسلمين أن يتقصدوا مخالفة أعراف الناس فى البلدان التى دخلها الإسلام ما دامت لا تخالف الشريعة، وإنما سعوا إلى الجمع بين التعايش والاندماج مع أهل تلك البلاد، مع الحفاظ على الهوية الدينية.

ولَمّا كان الاعتدال الربيعى يوافق صوم المسيحيين، جرت عادة المصريين على أن يكون الاحتفال به فور انتهاء المسيحيين من صومهم؛ وذلك ترسيخًا لمعنًى مهم؛ يتلخص فى أن هذه المناسبة الاجتماعية إنما تكتمل فرحة الاحتفال بها بروح الجماعة الوطنية الواحدة.

وأما ما يقال من أن مناسبة «شم النسيم» لها أصولٌ مخالفةٌ للإسلام، فهذا كلامٌ غير صحيح ولا واقع له؛ إذ لا علاقة لهذه المناسبة بأى مبادئ أو عقائد دينية، لا فى أصل الاحتفال ولا فى مظاهره ولا فى وسائله، وإنما هو محض احتفال وطنى قومى بدخول الربيع؛ رُوعِى فيه مشاركة سائر أطياف الوطن.

وأكد الدكتور شوقى علام، أن الاحتفال بشم النسيم هو من العادات المصرية التى لا توجد فيها من الطقوس ما يخالف الشرع الشريف ومن المعروف، ومن المقرر أن العادات والأعراف طالما انها لا تخالف الشرع فهى جائزة ولا يلتفت لمن يقول إن هذا الاحتفال له من الجذور والأصول والمحتفلين فى هذا اليوم لا يلتفتون لمثل هذا الكلام.

وكشف الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حكم الاحتفال بعيد شم النسيم، قائلا: « الاحتفال بشم النسيم ليس كفرًا، وهو عبارة عن عيد قومى قديم»، مشيرَا إلى أن الدول الإسلامية فى وسط قارة آسيا مثل إيران وباكستان وطاجيكستان تحتفل بعيد النيروز «الربيع»، والعرب احتفلوا به فى أشعارهم.

وتابع «كريمة»: إن شم النسيم عيد مصرى قديم مذكور فى سورة «طه»، وسيدنا موسى عليه السلام احتفل به، وهذا واضح فى قوله تعالى:» قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ « لافتَا إلى أن يوم الزينة عند المصريين القدماء هو يوم شم النسيم.

ولفت إلى أن شم النسيم عادة من العادات، ويعتبر فلكورا قديما، مشيرا إلى أن هناك حناجر من السلفية تتحدث على أن الاحتفال بشم النسيم كفر وشرك على غير الحقيقية.

من جانبه، قال الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، إن عيد شم النسيم من الأعياد الخاصة بالمسيحيين، كما أن المسلمين تعودوا أن يشاركوهم فى أعيادهم، وذلك لأن المسلم والمسيحى نسيج واحد وكل منهما يعزى الآخر ويقف بجانبه فى الفرح والحزن.

وأضاف الأطرش فى تصريحات أن المسيحيين صيامهم يختلف عن صيام المسلمين، وحين يصوم المسيحيون فهم يمتنعون عن بعض الأكلات المعينة فقط، أما بالنسبة للمسلمين فهم يمتنعون عن جميع الطعام من طلوع الفجر إلى موعد أذان المغرب، ولا ينغى للمسلم أن يأكل مثلما يأكل المسيحيون، لأن الله سبحانه وتعالى قال: «لكم دينكم ولى دين».

 وتابع رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر: إنه لا مانع من أن يتنزه المسلم فى عيد شم النسيم أو يمشى فى الهواء الطلق، ولكن لا يجوز للمسلم أن يفطر متعمدا فى ذلك اليوم، أما بخصوص أكل الفسيخ فى شهر رمضان يوم شم النسيم فلا مانع من أكله لأنها عادة للمصريين وليس بغرض الاحتفال.