الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

الحكمة جوهرها الصبر لا التسرع

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد...



أنا سيدى الفاضل رجل متزوج أبلغ من العمر ٢٨ عامًا، جذورى صعيدية، وأعيش بالقاهرة مع أسرتي، حاصل على مؤهل عالٍ، ووالدى تاجر كبير بمجال العقارات، لى ثلاث شقيقات غيرى بمراحل التعليم المختلفة، أتمتع بخبرات لا بأس بها فى الحياة، رغم أننى الولد الوحيد، حيث تعرضت لتجارب عديدة، وعملت مع والدى وأعمامى لسنوات،، الخلفية السابقة عني، تمثل أهمية كبيرة بمعطيات مشكلتي، التى أرسلها لبريد روزا باحثًا عن حل، وهى قد تبدو عقدة اجتماعية عادية بالنسبة لكم - لكنها تمثل حقائق مؤثرة فى حياتى وعلاقتى بزوجتي.. تعرفت عليها فى حفل زفاف أحد الأصدقاء وهى من أسرة متوسطة، ليست فائقة الجمال بل عادية، إنسانة طيبة وعلى خلق، هذا ما جذبنى إليها - لم ألتفت لأى شيء آخر بعد ذلك، بل استطعتُ إقناع أسرتى بالموافقة والتقدم لخطبتها فى وقت قياسي، بعد اعتراضهم على مستواهم الاجتماعى غير المتكافئ معنا،، يعمل شقيقها بشركة خاصة محدودة ووالدها متوفى، بينما والدتها سيدة ريفية بسيطة، تزوجنا منذ عام واحد ببيت مستقل خاص بي، وهى حامل فى مولودنا الأول،، المشكلة بدأت بمشادة كلامية مع زوجتي، بسبب تأخرى عن العودة من عملى لظروف العرض والطلب، ووقت فراغ البائع والمشترى بسوقنا المتقلب، سرعان ما تطورت تلك المشادة لصفعى لها على وجهها، وهى المرة الأولى التى أتصرف خلالها بتلك الطريقة مع أى انسان، حاولت تطييب خاطرها بشتى الطرق، إلا أنها أصرت على الخروج والذهاب لبيت أهلها، وأنا مع فداحة تصرفى وشعورى بالندم، تركتها تغادر، مضت الليلة الأولى عليَّ بدونها وكأنها عام كامل، أعض أصابع الندم على فعلتي،، وفى اليوم التالى حضرت بصحبة شقيقها، وإذ به يسألنى عن سبب الصفعة وأثرها الواضح على وجه شقيقته، وما إن بدأت فى شرح الموقف، وإذ به يباغتنى بلكمة شديدة فى أنفي، طرحتنى أرضًا، ثم ركلنى عدة ركلات لتدور بى الدنيا، نزف أنفى بسبب لكمته، ثم جذبنى بعنف للنهوض وطلب من شقيقته رد الصفعة، فبكت بشدة وصرخت فى وجه أخيها مستنكرة ما حدث، خرج مسرعًا وهو متأفف منها وتركنا، بينما طلبتُ أنا منها الخروج معه، وألا تعود حتى تصلها ورقة طلاقها، وهى لم تمانع ونفذت لى ما أردت،، لم أخبر أحدًا بما حدث وفضلت التفكير بهدوء، حتى أرتب أوراق كرامتى المبعثرة،، بعد عدة أيام من تلك الأحداث وهدوء عاصفة غضبى وجدت والدة زوجتى تتصل بي، وهى تبكى وتبدى أشد الندم على فعلة ابنها، وتعترف بخطأ الجميع فى حقي، وأنها ستصطحبه لترضيتى بالطريقة التى تناسبني، وستُحضر ابنتها لتقبيل قدمى إذا أردتُ، لأنها لا تتوقف عن البكاء هى الأخرى وتخشى خراب بيتها- لكننى أغلقت هاتفى فى وجه أمها بعد سلام مقتضب، ومرور ثقيل لشريط تلك الواقعة أمامي، بشكل بشع، واستدعاء مدمر لهذا الإحساس البغيض، من إهانة وتنكيل لرجولتى- رغم تمتعى بصحة كانت كفيلة برد العدوان، إلا أن إرادة الله حالت دون قتل أحدنا للآخر، وأكرر كلامى أستاذ أحمد بأننى أخطأت فى حق زوجتي، لكننى أصبحت لا أقبل العيش معها تحت سقف واحد، وأفكر الآن فى إعطائها كل حقوقها، وإنهاء علاقتنا فى أسرع وقت ممكن، مع اعترافى بأنها ليست بهذا السوء، لكننى لا أطيق هذا القهر الذى تعرضتُ له بسببها، وكيف أقيم وجهى بعد اليوم فى وجه خال طفلى القادم، بعد أن أوسعنى ضربًا فى بيتى، من جهة أخرى لا تغيب عن بالى فكرة استقبال مولودى بعد أيام، محرومًا من أحضانى كل لحظة، وبأنه سيكون بمكان وأنا بآخر، فبماذا تنصحنى لتحقيق تلك المعادلة الصعبة، وهى الحفاظ على كيان أسرتي، واستعادة كرامتى المهدرة؟

إمضاء ى. خ

عزيزى ى. خ تحية طيبة وبعد...

اسمح لى أن أشكرك بشدة على تفكيرك بمصير طفلك، القادم قريبًا إلى الحياة بمشيئة الله، وكذلك الأخذ بعين الاعتبار ضرورة الحفاظ على لُحمة أسرتك، رغم الخلاف القائم مع زوجتك، وهذا هو المطلوب من أى زوج ورب أسرة- أن يظل قائدًا فى تصرفاته وتقديره للأمور بمسئولية،، ومما لا شك فيه أنك أخطأت فى تهورك مع زوجتك بصفعها، وأنت من اخترتها بمحض إرادتك، بعد قناعة تامة بشخصيتها، وتمتعها بصفات تجعلها جديرة بسعيك لهذا الارتباط، مثل طيبتها وخُلقها كما ذكرت،، أما الخلافات الزوجية فلا يخلو منها بيت- الأهم هو خلق بيئة صالحة للتفاهم والانسجام، والتغلب على كل المعوقات بهدوء، وهذا ما لم يحدث للأسف الشديد- بعد إهانتك لكرامتها، واضطرارها لمغادرة عش الزوجية والتنفيس مع الشخص الخطأ- بشكواها لشقيقها، ثم مبالغته هو الآخر معك إلى أن تفاقمت الأمور- كما لا يمكننا إغفال حقه فى رد اعتبار شقيقته بطريقة مقبولة.. وتلك النقطة تحديدًا أراها بالغة الأهمية، ومحور رئيسيى لمشكلة بريد هذا الأسبوع - وهى أن الحكمة فى التصرف جوهرها الصبر، وليس التسرع،، لذا كنا نجد زوجات الزمن الجميل، حتى غير المتعلمات منهن، يلجأن لا إراديًا لأمهاتهن، إذا شعرن بالضعف أو الاستضعاف من قبل أزواجهن، فلا يشتكين لآبائهن أو أشقائهن مباشرة- إلا إذا فقدت الأم السيطرة والقدرة على حل مشكلة ابنتها الزوجية، بلينها وكياستها وخبرتها المعهودة فى احتواء الطرفين،، وهذا بالتبعية يكون دافعًا قويًا للزوج نفسه، على الشعور بالخجل، وتدارك هفواته وعدم تكرارها- بل لا يتردد فى القيام بالمثل، والتوجه لحماته إذا ضاق ذرعًا من زوجته،،، تبادل فطرى حميمى للأدوار داخل الأُسر، وانتقاء مؤثر للعناصر الداعمة لأفرادها اجتماعيًا ونفسيًا، يكون له فعل السحر فى الخروج بأقل الخسائر.. حيث لا يرتكز فن إنهاء الخلافات الأسرية على مجرد تغليب طرف على حساب الآخر، بالقوة الغاشمة، أو إعادة الحقوق المهدرة، بالصوت العالى وفرض السيطرة - ولكن بقراءة حكيمة للموقف، من كل جوانبه وتحليل ردود أفعال أطراف الصراع، والدوافع والضغوط المحيطة بالمعتدي، وتوضيحها للمعتدى عليه، واستمالة الأخير لقبول العفو عن طيب خاطر، وترسيخ دوافع الندم عند الطرف الأول، ليكون محركًا لإرادة عدم التكرار، والإصرار على ترضية رفيق الدرب وشريك العمر.. وعلى ذكر ما سبق من قيم العطاء والعفو عند المقدرة، التى تميز الرجال الأقوياء، أدعوك عزيزى للإمساك بدفة قيادتك من جديد، لا تشغل بالك بوساوس الشيطان، وهو يُقلب الأحداث فى رأسك، فيقلب لك الحق باطل، ويقنعك أن أضعف الرجال من أمتلك نفسه عند الغضب، بينما العكس هو الصحيح، فعن أبى هريرة رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ»، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذا أدعوك لقبول عرض حماتك التى هى فى مقام والدتك،، ارحم ضعف أم تخشى على خراب حال ابنتها، وارضى بالصلح يرضى الله عنك، واعتبر شقيق زوجتك هو شقيقك الذى أخطأ فى حقك وتمادى، التمس له العذر، واجمع شملك بزوجتك، أحسن عشرتها من جديد، واستعد لاستقبال مولودك الجميل بلا عقد أو تعقيد. 

دمت سعيدًا وموفقًا دائمًأ ي. خ