الخميس 18 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«ثورة يوليو».. حلم «عبد الناصر» الذى حققه «السيسى» فى «30 يونيو»

«لقد استطاعت ثورة يوليو أن تغير وجه الحياة فى مصر على نحو جذرى وقدمت لشعبها العديد من الإنجازات الضخمة، كما أحدثت تحولا عميقًا فى تاريخ مصر المعاصر  مهد الطريق أمام مرحلة جديدة، وهذه الثورة العظيمة لم يقتصر تأثيرها على الداخل المصرى فحسب، بل امتد صداها للشعوب الأخرى، التى كانت تتطلع للحرية والاستقلال»، تلك الكلمات التى وصف بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ثورة 23 يوليو المجيدة منذ عدة سنوات، والتى يحتفل بها المصريون هذا العام، فى ظل إنجازات اقتصادية وتنموية كبيرة، يمهد الطريق أمام الجمهورية الجديدة، بعدما مهدت ثورة 23 يوليو 1952 للجمهورية الأولى.



ثورة 23 يوليو إحدى أهم الثورات التى قامت ضد الفقر والجهل والفساد، وإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية وطرد الاحتلال البريطاني، قام بها ضباط مصريون، وضعوا مصلحة الوطن أولاً وباعوا أرواحهم فدءًا لبلدهم، وكانت جموع الشعب خلفهم تساندهم.

وكانت حرب 1948 التى أدت لاحتلال فلسطين، دافعًا لظهور تنظيم الضباط الأحرار فى الجيش المصرى بقيادة جمال عبدالناصر، بعد ما لمسوه من فساد أدى للهزيمة فى تلك الحرب، وفى 23 يوليو 1952 نجح الضباط الأحرار فى السيطرة على زمام الأمور، وأذاع الرئيس الراحل محمد أنور السادات البيان الأول للثورة، وأجبرت الثورة الملك فاروق، على التنازل عن العرش لولى عهده الأمير أحمد فؤاد ومغادرة البلاد فى 26 يوليو 1952، حيث أدار مجلس قيادة الثورة المشكل من 13 ضابطًا برئاسة اللواء محمد نجيب، شئون البلاد، وفى 18 يونيو 1953 ألغيت الملكية وأعلنت الجمهورية فى مصر.

ونجحت الثورة، فى تغيير أوضاع مصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية تغييرًا جذريًا، فكانت لصالح الأغلبية العددية من المصريين، حيث دعمت المصريين وخاصةً الطبقة التى عانت من الظلم والحرمان والعدالة الاجتماعية، لذلك حظيت بتأييد شعبى واسع.

وحققـت ثــورة 23 يوليــو الكثيــر من المشـروعات الكبـرى والإنجـازات القوميــة، مثل زيادة الرقعة الزراعية عن طريق استصلاحها فكانت مشروعات استصلاح الأراضى الصحراوية فى مشروعين كبيرين هما، مشروع مديرية التحرير ومشروع الوادى الجديد اللذان أضافا إلى مصر مساحات مزروعة إلى مساحتها التقليدية فى الوادى والدلتا.

وقادت ثورة يوليو مجالات التصنيع من منطلق أن الصناعة هى الطريق نحو تحقيق النهضة، فكانت المشروعات الصناعية العملاقة فى مجال صناعة الحديد والصلب والكيماويات والدواء والإنتاج الحربى، فتحققت لمصر قاعدة صناعية مكنتها من الوفاء باحتياجاتها المتزايدة من الإنتاج، كما تم الاهتمام بصناعات التعدين والبتروكيماويات. ونفذت ثورة يوليو مشروع السد العالى كأحد أهم المشروعات القومية العملاقة فى تاريخ مصر الحديث، بهدف توفير المياه لزيادة الرقعة الزراعية، علاوة على حرصها على توفير الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية لأهل الريف، فأنشأت الوحدات المجمعة بالريف لرفع الوعى العام بين الفلاحين.

كما تم تأميم قناة السويس، واسترداد الكرامة والاستقلال والحرية المفقودة على أيدى المستعمر المعتدي، وتم توقيع «اتفاقية الجلاء» بعد أكثر من سبعين عامًا من الاحتلال، كما تم إنشاء الهيئة العامة لقصور الثقافة، والمراكز الثقافية لتحقيق توزيع ديمقراطى عادل للثقافة، وتعويض مناطق طال حرمانها من ثمرات الإبداع الذى احتكرته مدينة القاهرة، وإنشاء أكاديمية تضم المعاهد العليا للمسرح والسينما والنقد والباليه والأوبرا والموسيقى والفنون الشعبية، ورعاية الآثار والمتاحف ودعم المؤسسات الثقافية التى أنشأها النظام السابق، وسمحت الثورة بإنتاج أفلام من قصص الأدب المصرى الأصيل بعد أن كانت تعتمد على الاقتباس من القصص والأفلام الأجنبية.

واهتمت الثورة بالتعليم لأهميته فى بناء الوطن، وقامت سياسة الثورة فى التعليم على الجمع بين التربية والتعليم لإعداد المواطن إعدادًا سليمًا والأخذ بمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين فى التعليم بعد أن جعلته مجانيًا، كما أنشأت حكومة الثورة وزارة للتعليم العالى عام 1961، كما اهتمت بتحقيق التعاون الثقافى مع البلدان العربية الأخرى ومن مظاهر ذلك إنشاء جامعة القاهرة فرعًا لها بالخرطوم بدأ العمل به فى أكتوبر 1955.

ونظراً لأهمية البحث العلمى فى تحقيق مسيرة النهضة أنشئت لأول مرة فى مصر وزارة البحث العلمى لتنسيق الجهود بين مختلف المعاهد والهيئات ومراكز البحوث العلمية، كما تأسس المركز القومى للبحوث الذى صدر به قانون رقم 243 لسنة 1956، وأنشئ فى عام 1956 أيضاً المجلس الأعلى للعلوم، ويكفى أن حكومة الثورة قد خصصت لأول مرة فى تاريخ الشرق العربى عيدًا للعلم.

واهتمت ثورة يوليو بالثقافة اهتماما بارزاً، فتم إنشاء وزارة الثقافة والإرشاد القومى عام 1958 والتى حرصت على الاهتمام بميادين التأليف والترجمة والنشر، ونشر دور الثقافة والمكتبات العامة، كما عملت وزارة الثقافة على رعاية النهضة الفكرية بتشجيع المجلات الأدبية والعلمية، فضلًا عن تشجيع الفرق المسرحية والفنون الشعبية.

وتولت وزارة الثقافة والإرشاد القومى أيضاً الإشراف على الإعلام وأجهزته المختلفة، وتم افتتاح التليفزيون المصرى يوم 21 يوليو 1960، كما اهتمت الثورة بالصحف وأصدرت الصحف التى تحمل فكر الثورة مثل مجلة التحرير وجريدة الجمهورية، كما أنشأت وكالة أنباء الشرق الأوسط التى بدأت عملها الإخبارى فى 28 فبراير 1956 كأول وكالة إقليمية فى منطقة الشرق الأوسط، واستندت ثورة يوليو إلى الهيئة العامة للاستعلامات كجهاز إعلامى منذ إنشائها عام 1954 من أجل تنفيذ مهام سياسية محددة توسعت بعد ذلك لتشمل مهامًا وقضايا اجتماعية كتنظيم الأسرة ومحو الأمية ورعاية الطفل والتنمية، هذا فضلًا عن الأدوار التى تقوم بها مكاتب الهيئة الداخلية والخارجية. 

ومن بين إنجازات ثورة 23 يوليو، توحيد الجهود وحشد الطاقات العربية لصالح حركات التحرر العربية، حيث أكدت للأمة العربية من الخليج إلى المحيط أن قوة العرب فى وحدتهم، يجمعهم تاريخ واحد ولغة مشتركة ووجدان واحد، وكانت تجربة الوحدة العربية بين مصر وسوريا فى فبراير 1958 نموذجًا للكيان المنشود. 

وكان لمصر دور رائد سجله التاريخ فى السعى وراء تحقيق التلاحم الثورى الشعبى وتوحيد صفوف القوى الوطنية وحركات التحرر فى الدول المحتلة لتحقيق الاستقلال فى أعقاب اندلاع ثورة 23 يوليو 1952، وارتبطت الثورة فى الأذهان بصورة الرئيس الراحل الزعيم جمال عبد الناصر الذى بات رمزًا لدعم حركات التحرر فى مواجهة الاحتلال واستمرت الصورة هكذا حتى يومنا هذا بعد مرور 69 عامًا على قيام الثورة.

ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻤﺼﺮ ﺩﻭﺭ ﺑﺎﺭﺯ ﻭﻣﺴﺘﻤﺮ ﻓﻰ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄينية ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺃﻳﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻰ ﻭﺣﺚ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻓﻰ ﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ، ﻭﺃﻳﻀﺎً ﻛﺎﻥ ﻟﻤﺼﺮ ﺍﻟﺴﺒﻖ ﻓﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﻫﻴﺌﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻰ ﻭﺗﺠﺴﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺍﺗﺨﺬﺗﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻋﺎﻡ 1974 ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻔﻠﺴطينيين، ﻭﺍﻟﻤﺘﻀﻤﻨﺔ ﺩﻋﻮﺓ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑاﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻣﻤﺜﻼً ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻰ ﻹﺭﺳﺎﻝ ﻭﻓﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﻓﻰ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﻖ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺩﻳﺎﺭﻫﻢ ﻭﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬﻢ، ﻭإﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻰ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﻌﻘﺪ ﺗﺤﺖ إﺷﺮﺍﻑ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺑﺮﺯﺕ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺪﻭﻟﻰ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻰ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺘﻰ ﺍﻛﺘﺴﺒﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪﺭًﺍً كبيرًا ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ.

إن مصر فى أعقاب ثورة 23 يوليو امتد دورها بشكل كبير فى إفريقيا والمنطقة العربية، حيث لاقت جميع حركات التحرر التى انطلقت فى أعقابها الدعم المادى والمعنوى من مصر، حيث نجحت القاهرة فى دعم حركات التحرر فى عدن وخرجت بريطانيا منها بعد إنشائها قاعدة عسكرية فيها.

ودعمت ثورة 23 يوليو ﻭﻗﻴﺎﺩﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﺎﺿﻠﻴﻦ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻳﻴﻦ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺗﻤﺜﻞ ﺩﻋﻤًﺎ ﺇﻋﻼﻣﻴًﺎ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻳﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﺸﺌﺖ ﻓﻰ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ﺳﻨﺔ 1955 إﺫﺍﻋﺔ ﺳﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺗﺬﻳﻊ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ، وﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﺧﻴﺮ ﻋﻮﻥ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻨﺸﺮ ﺃﺧﺒﺎﺭﻫﺎ ﻭﺍﻟﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺗﻬﺎ، ﻭﺃﻧﺸﺌﺖ ﺃﻭﻝ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻨﻔﻰ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻘﺮﻫﺎ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺳﻨﺔ 1958، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل استمرت الثورة فى ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﺣﺘﻰ ﺍﻧﺘﺼﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻰ ﻭﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ ﺳﻨﺔ 1962، ﻭﻇﻠﺖ ﻣﺼﺮ ﺗﺪﻋﻢ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً ﻭﻋﺴﻜﺮﻳﺎً ﻭﻣﺎﺩﻳﺎً ﻭﻓﻨﻴﺎً ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻷﻋﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﺣﺘﻰ ﺗﻌﻴﺪ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.

فى 23 يوليو عام 1970 «أعلن الرئيس جمال عبد الناصر خلال الاحتفال بثورة 23 عام 1970 وفى الذكرى الثامنة عشرة للثورة، انتهاء العمل ببناء السد العالى قائلًا: «لقد انتهى العمل بالسد العالى المشروع العظيم على أكمل وجه»، وأضاف: «هذا الشعب بنى وسيبني، وقدم وسيقدم الكثير». 

وقال عبد الناصر للشعب المصري: «إننا نعمل فى السياسة ولا ينبغى أن تغيب عنا الحقيقة، وهى أنه ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، والثورة حققت ما كان يبدو خيالًا».

واذا تتبعنا الفترة الزمنية مابين ثورة 23 يوليو حتى الآن سنتوقف عند ملامح معينة عكستها ثورة 30 يونيو وربطت بين أهدافها ومكتسباتها وأهداف ثورة 23 يوليو. على الرغم من اختلاف التوقيت والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية ليس على الصعيد الداخلى فحسب ولكن أيضًا على الصعيد الإقليمى والدولى فها هى ثورة 30 يونيو تعظم أهداف 23 يوليو بل وتبنى عليها، حيث كان الإصلاح الاقتصادى هو الهدف الذى سعت إليه الحكومة المصرية، وإن اختلفت الطرق والأساليب، بحكم اختلاف المعطيات الاقتصادية فى تلك المرحلة، عن المرحلة الراهنة، فكان تطوير البنية الأساسية وتطوير الوضع الاقتصادى، وجذب الاستثمارات الأجنبية هو السبيل لتحقيق ذلك، وهو الأمر الذى دفع إلى طفرة كبيرة فى مستويات النمو الاقتصادى، بشهادة قطاع كبير من المؤسسات الدولية والمنظمات الاقتصادية العالمية خلال السنوات الماضية.

كما شهدت البلاد نهضة واسعة وسلسلة من المشروعات القومية العملاقة فى مختلف القطاعات لاسيما مشروعات البنية التحتية، ومن بينها شبكة الطرق والكبارى الواسعة.

وتتجلى الإنجازات من خلال أدوار مصر الإقليمية وعلاقاتها الدولية، بما ينعكس على وضع ومكانة مصر على الصعيدين الإقليمى والدولي، فقد استعادت مصر جزءًا كبيرًا من تواجدها فى إفريقيا، خاصة فى ظل توجهات السياسة الخارجية المصرية التى تعظم من تدعيم العلاقات المصرية الإفريقية فى طريقها للتأهل لاستعادة الدور الكبير الذى كانت تلعبه بالقارة من دعم اقتصاديات الدول الضعيفة ودعم حركات التحرر فى مواجهة الاستعمار وتوفير منح دراسية وتوفير الخدمات الطبية التى يقدمها أطباء مصريون فى عدد من الدول الإفريقية.

كما تم البناء على هدف ثورة 23 يوليو وهو تحقيق العدالة الاجتماعية ولعل القضاء على العشوائيات ذلك الحلم الذى تحقق فى عصر الرئيس عبدالفتاح السيسى يأتى على رأس المشروعات المهمة للمواطن المصرى وشبكة الطرق الحديثة والعملاقة، فضلًا عن مشروعات توفير الرعاية الصحية والاجتماعية للمواطن المصرى وتوفير احتياجاته من الغذاء والدواء وقد مرت أسوأ أزمة صحية فى العالم (الكورونا) ولم تؤثر على الاحتياجات الأساسية للمواطنين.

كما أحيت القيادة المصرية حلم تحقيق هدف بناء جيش وطنى قوى ليصبح فى مكانة متقدمة بين جيوش العالم وذلك امتدادًا لحلم ثورة 23 من حيث تسليحه وتدريبه على أحدث وسائل القتال، بالإضافة لتوفير البنية التحتية اللازمة له من حيث إنشاء القواعد العسكرية اللازمة له وللمستقبل.

كما كان هدف ثورة 23 يوليو تحقيق حياة ديمقراطية سليمة فتم إعادة الثقة لكل مؤسسات الدولة مع الدستور الجديد وعودة الحياة النيابية بمجلسيها النواب والشيوخ، ودشنت حربًا مستمرة ضد الفساد، والقضاء على الإرهاب وفلوله وإعادة الدولة المصرية إلى موقعها الريادى على المستوى الإقليمى والدولى وحماية الأمن القومى المصرى والدفاع عنه داخل حدود الدولة المصرية وخارجها.

وامتدادًا لأهداف ثورة يوليو فى إقامة نهضة تنموية فى مختلف بقاع الدولة فإن التطور الذى حدث هو معجزة بمختلف المقاييس العلمية والمحايدة، متمثلة فى مشروعات بناء مدن جديدة عملاقة وتتميز بمواكبة التطور والتنمية الحقيقية المنشودة فى الجمهورية الجديدة ومن بين هذه المدن العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة والجلالة والمنصورة الجديدة وغيرها.

وبالرغم من وجود عدد من الأزمات الاقتصادية التى تمر بها مصر ومحاولات مستميتة من بعض الجماعات المتطرفة والإرهابية الممولة ممن يريدون السيطرة على مصر إلا أن الشعب دائمًا يتحلى بالصبر والثبات خلف القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية رئيس الجمهورية والأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة بخلاف الحب الجارف والثقة فى القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية.

هذا هو شعب مصر العظيم الذى استضاف معظم الأنبياء والمرسلين وعمل على حمايتهم وأمنهم حتى ذكرت بلاده مصر فى معظم الكتب السماوية وكلم الله نبيه موسى فوق أرضها ومر المسيح عيسى وأمه مريم سيدة نساء العالمين فى رحلة العائلة المقدسة بين طرق مصر العظيمة، وبشر النبى العظيم محمد وهو نور الله إلى كل العالمين بفتح مصر ودعا لأهلها وأمر أصحابه أن يستوصوا بأهلها خير، مؤكداً أنهم خير أجناد الأرض وأنهم فى رباط إلى يوم القيامة.

وعندما نتذكر ثورة 23 يوليو فنحن نعيش إنجازات الحاضر مع ذكريات الماضى وكلنا ثقة فى قواتنا المسلحة وجيش مصر أنهم بين الماضى والحاضر أقوى وأكثر تدريبًا للحفاظ على مقدرات الوطن.

تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر وتسلم الأيادى.

 

بيان الثورة

 

نص البيان: «من اللواء محمد نجيب إلى الشعب المصرى اجتازت مصر فترة عصيبة فى تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون المغرضون فى هزيمتنا فى حرب فلسطين».

وأما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش وتولى أمرهم إما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولى أمرنا فى داخل الجيش رجال نثق فى قدرتهم وفى خلقهم وفى وطنيتهم ولابد أن مصر كلها ستلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب أما عن رأينا فى اعتقال رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر وسيطلق سراحهم فى الوقت المناسب وإننى أؤكد للجيش المصرى أن الجيش كله أصبح يعمل لصالح الوطن فى ظل الدستور مجردًا من أى غاية وأنتهز هذه الفرصة وأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف لأن هذا ليس فى صالح مصر وأن أى عمل من هذا القبيل يقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله جزاء الخائن فى الحال وسيقوم الجيش بواجبه هذا، متعاونا مع البوليس وإنى أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويعتبر الجيش نفسه مسئولا عنهم والله ولى التوفيق».