![على كل لون](/Userfiles/Writers/180.jpg)
عصام عبد الجواد
على كل لون
عالم التسول عالم غامض ملىء بالمفاجآت وأغلب الذين يقفون فى الشارع يحتاجون من يكتشف حيلهم وتمثيلهم فهم من أبرع ما يكون فى التمثيل على المواطنين وفى التصنع بأنهم من الفقراء والمحتاجين ورغم أن هذه الأيام أصبح عدد المتسولين فى الشارع أكثر من عدد المواطنين العاديين إلا أن هناك حيلا وأدوارا يؤديها كل واحد منهم بأشكال غريبة تجعلك لا تفكر أبدا بأن هؤلاء مقتدرون بل البعض منهم أغنياء ويمتلك أموالا فى البنوك فهم على كل لون حسب المكان فى الأسبوع الماضى قابلت أحد هؤلاء فى محافظة الجيزة رجل فى أوائل الستينيات من عمره يرتدى ثيابا بشكل شيك وله لحية بيضاء ويستطيع أن يفتعل بأنه كان من الأغنياء لكن الظروف جعلته يخسر كل أمواله ووظيفته ولم يجد غير التسول لكى يستطيع أن يطعم أولاده ويستطيع أن يحصل على قوت يومه وبعد أن حاولت أن أتعرف عليه وبعد أن اطمأن لى وجدته يحكى لى العجب العجاب فقد أكد لى من خلال إثبات شخصيته أنه من مدينة الإسكندرية التى هجرها إلى القاهرة منذ عشر سنوات من أجل التسول وأنه كان يعمل فى الإسكندرية فى التجارة لكن وجد أن احتياجاته للمال تفوق دخله من عمله فقرر ترك أسرته والسفر للقاهرة للعمل فى التسول بعد أن أخبر أولاده وزوجته أنه جاء للعمل فى القاهرة وأكد أن أسرته لا تعلم عنه فى القاهرة أى شيء خاصة أن أولاده وبناته فى جامعات خاصة يدفع لهم مصروفات الجامعة بمبالغ طائلة لا يستطيع دفعها إلا من التسول بالإضافة إلى إقامة أسرته على حد قوله فى مكان راق فى الإسكندرية وأكد أنه يعمل فى التسول ثمانى ساعات فقط فى اليوم يستطيع أن يجمع خلالها ما بين 500 إلى ألف جنيه فى الأيام العادية أما فى المناسبات الدينية فيستطيع أن يجمع ما بين ثلاثة إلى أربعة آلاف جنيه فى اليوم وقد تصل إلى خمسة آلاف فى بعض الأحيان وحتى لا يصاب بحالة ملل من عمله اليومى فإنه يحصل على يوم إجازة فى الأسبوع ولكنه يحصل على إجازته مجمعة 4 أيام كل شهر يسافر فيها إلى الإسكندرية ليلتقى مع أسرته.
هذا الرجل يمتلك صحة جيدة ويمتلك الكثير من الثقافة والفكر لكن يمتلك الكثيرمن الانحراف الدينى والإنسانى فهو لا يعتبر أبدا ما يحصل عليه من أموال سحتا وحراما لأنه بصحة جيدة ويستطيع أن يعمل ويكسب أموالا حلالا من أى عمل شريف نفس الأمر لسيدة فى الجيزة أيضا ترتدى النقاب وتصرخ فى المارة أنها جعانة لم تأكل من الأمس فيسارع المارة بدفع الأموال لها لشراء طعام أما إذا قمت بشراء وجبة طعام وأعطيتها لها ترفض تماما وتطلب أموالا فقط صاحب المحل الذى تقف أمامه أقسم لنا أن هذه السيدة لديها ثلاث شقق تمليك فى شارع فيصل تقوم بتأجيرها بمبلغ كبير مما يدر عليها دخلا كبيرا ولها أولاد خريجو جامعات ويعلمون أن والدتهم تعمل فى التسول.
مثل هذه القصص وغيرها كثير جدا فى الشارع المصرى لكن الحقيقة تقول إن هذه الأيام ظهر شكل جديد من المتسولين المحترفين يناسب المناطق الراقية فتجد رجلا ببدلة شيك يتقرب منك ويطلب مساعدة بحجة أن الحال تدهور به وعنده أولاد غير قادر على توفير احتياجاتهم وأحيانا أخرى تجد سيدة شكلها شيك ومعها بنتان فى العقد الثانى من العمر يرتدون أشيك الثياب وتستوقفك وتطلب منك أجرة السيارة الميكروباص فى شارع فيصل إلى مدينة نصر لها ولبنتها بعد أن ضاعت أموالها منها وعندما تحاول أن تستوقف لها وسيلة مواصلات لتركبها فيها مع ابنتها تجدها ترفض وتصر على الحصول على الأجرة فى يدها وتركب هى أى مواصلة أخرى.
هؤلاء وغيرهم يحتاجون إلى القبض عليهم ومحاكمات عاجلة لأنهم نصابون محتالون ليس لهم ضمير أو دين أو أخلاق هم يستغلون حالة الغلاء فى الأسواق ويحاولون أن يوهموا غيرهم بأنهم من الفقراء والمحتاجين وهذا غير حقيقى بالمرة وعلينا جميعا أن نقف بالمرصاد لمثل هؤلاء المحتالين ولا نعطيهم فرصة للحصول على أموالنا ومن يريد أن يتبرع لفقير أو محتاج فكل واحد منا فى منطقة يعرف فقراء ومحتاجين أهم من هؤلاء مائة مرة حفظنا الله جميعا من مثل هؤلاء المتسولين.