الخميس 23 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الصعود الإفريقى.. سباق الشرق والغرب على اقتصاد إفريقيا

على مدار الأسابيع الماضية، كانت القارة الإفريقية حاضرة بقوة على أجندة كبرى التجمعات الاقتصادية فى العالم، كمشاركة وكهدف تسعى الدول الكبرى اقتصاديا لتعزيز شراكتها مع اقتصاديات دول القارة الإفريقية، بفضل ما تمتلكه من معدلات نمو متزايدة وقدرات اقتصادية يمكن استثمارها فى ظل التحديات والصعوبات الاقتصادية التى يواجهها العالم أجمع فى الفترة الأخيرة.



الاقتصاد الإفريقى كان هدفًا للتجمعات الاقتصادية الكبرى فى الشرق والغرب منذ الشهر الماضي، بداية من اجتماعات مجموعة بريكس الخامسة عشر فى جنوب إفريقيا، ثم اجتماعات مجموعة العشرين الثامنة عشر فى الهند، وقبلهما المنتدى الروسى الإفريقى فى سان بطرس برج، بما يعكس صعودًا للقارة الإفريقية كرقم مؤثر على الساحة الدولية اقتصاديا وسياسيا.

ولا يمكن أن نفصل هذا الصعود الإفريقي، عن السباق الدولى خصوصا من القوى الكبرى من التواجد فى الساحة الإفريقية، والذى بدت مشاهده فى عديد من الأحداث وفعاليات الشراكة الإفريقية مع القوى الدولية، بداية من الحضور الأمريكى والصينى والروسى والأوروبى خصوصا من فرنسا، فضلا عن دول إقليمية أخرى مثل الهند ودول عربية وخليجية، خصوصا أن تلك الدول تنظر للقارة بأنها سوقا واعدة فى مجالات عديدة نظرًا لما تمتلكه من قدرات وموارد فى الطاقة والزراعة والمياه والمعادن، تجعلها مناخًا جاذبًا للاستثمار.

من هذا المنطلق نستطيع أن ننظر إلى فعاليات القمة الثامنة عشر لمجموعة العشرين، التى عقدت فى الهند هذا الأسبوع، واتخذت قرارا تاريخيا بانضمام الاتحاد الإفريقى كعضو بالمجموعة، بنفس وضعية الاتحاد الأوروبى الذى يملك عضوية كاملة أيضا فى مجموعة العشرين، وهو ما يكلل الجهود الدبلوماسية الإفريقية لتعزيز عضوية ومشاركة الاتحاد الإفريقى فى المنظمات الدولية، والدفع نحو إصلاح المؤسسات العالمية لتكون أكثر إنصافًا وعدالة.

وكان من ثمارها إعلان قادة الدول الكبرى دعم عضوية القارة الإفريقية فى مجموعة العشرين، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكى بايدن ديسمبر الماضي، والرئيس الروسى بوتين فى فبراير ويوليو الماضيين، والرئيس الصينى فى نوفمبر الماضي.

وسبق دعوة رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودي، للاتحاد الإفريقى لعضوية مجموعة العشرين، دعوة أيضا من تجمع بريكس لعدد من الدول الإفريقية لعضوية هذا التجمع الاقتصادى أيضا، وذلك خلال اجتماعات التجمع الخامسة عشر فى جنوب إفريقيا نهاية أغسطس الماضي، حيث تم توجيه الدعوة لمصر وإثيوبيا لعضوية تجمع بريكس، لتضاف إلى جنوب إفريقيا فى هذا التجمع.

فرص تعاون اقتصادى

وتشكل عضوية الاتحاد الإفريقى فى قمة العشرين، فرصًا اقتصادية عديدة أمام دول القارة، خصوصا أنها تعزز التعاونين الاستثمارى والاقتصادى مع أكبر تجمع اقتصادى عالمي، وأكثر دول العالم فى معدلات النمو الاقتصادي، حيث تمثل مجموعة دول العشرين 85% من الناتج المحلى الإجمالى العالمي، وأكثر من 75% من التجارة العالمية، ويمثل سكانها نحو ثلثى سكان العالم.

وتضم مجموعة العشرين، فى عضويتها أيضا مجموعة دول البريكس، وهو التجمع الصاعد اقتصاديا، حيث تشكل «بريكس» 25% من الناتج المحلى الإجمالي، ويساهم بحوالى 16% من التجارة العالمية، ويمثل سكانها نحو 40% من سكان العالم بنحو 3.25 مليار نسمة.

فى حين تمثل القارة الإفريقية سوقا واعدة من الناحية الاقتصادية، حيث يتجاوز سكان القارة 1.3 مليار نسمة، ما يعادل 27% من سكان العالم معظمهم من الشباب، ويصل الناتج المحلى الإجمالى للقارة 3 تريليونات دولار، بواقع 3%، تمثل إفريقيا 2 فى المائة من التجارة العالمية، بواقع نحو 1016 مليار دولار.

وتمتلك دول إفريقيا نحو 30% من الثروات المعدنية فى العالم و12% من الاحتياطى العالمى للنفط و43% من مصادر الذهب العالمى و50% من مصادر الماس فى العالم و67% من الأراضى الزراعية غير المستغلة.

دلالات ومكاسب 

خلال فعاليات قمة مجموعة العشرين فى الهند، شارك رئيس جزر القمر غزالى عثمان بصفته الرئيس الحالى للاتحاد الإفريقي، والرئيس عبد الفتاح السيسى الذى شارك كضيف شرف بالقمة وكرئيس لجنة الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا «نيباد»، ومع الإعلان عن عضوية الاتحاد الافريقى بمجموعة العشرين، كانت هناك مجموعة من الدلالات والمكاسب التى يمكن تنفيدها فى النقاط التالية:

1- تعزيز مكانة القارة الإفريقية على الساحة الدولية وللعب دور أكثر أهمية على المسرح العالمي، وتعطى فرصة أوسع للدول الإفريقية فى المشاركة فى صنع القرارات التى يقوم عليها الاقتصاد العالمي.

2- تمثل عضوية الاتحاد الإفريقى فى قمة العشرين، ومن قبلها زيادة تمثيل القارة فى تجمع «بريكس»، اعترافًا دوليا بأهمية إفريقيا على المسرح العالمي، ودورها الاقتصادى والسياسى المتنامى والصاعد، لقارة تمثل ربع سكان العالم، ومن المتوقع أن يتضاعف سكانها بحلول 2050.

3- تعزيز التعاون التجارى بين الدول الإفريقية ودول مجموعة العشرين، ولعب دور أكبر فى صياغة اتفاقيات تجارية أكثر عدالة وإنصافًا من دول القارة بوصفها شريكًا تجاريًا حقيقيًا وليست مصدرًا للمواد الخام فقط، واستثمار اتفاق التجارة الحرة الإفريقية لتعزيز وزيادة معدلات مشاركة إفريقيا فى التجارة العالمية.

4- تسعى إفريقيا على نحو متزايد إلى جذب مزيد من الاستثمارات فى المجالات ذات الأولوية بالنسبة للقارة وفقًا لأجندة إفريقيا 2063، ويسمح الوجود الإفريقى الأوسع فى مجموعة العشرين بتوجيه الاستثمارات إلى المجالات ذات الأولوية.

5- تعزيز مشاركة إفريقيا فى صناعة القرارات الدولية تجاه عدد من القضايا المهمة ذات التأثير المباشر على الدول الإفريقية، بما فى ذلك التغير المناخي، والهجرة، والأمن الغذائي، والطاقة، فضلًا عن القضايا المتعلقة بمنح مزيد من القروض للدول النامية من قبل المؤسسات المالية الدولية وأزمة الديون التى تعانى منها العديد من الدول الإفريقية.