الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«كلاش.. بعث رقمى» ينجح فى افتتاح «دى ـ كاف» بتقنية الواقع المعزز.. و«الصوان» مخيب للآمال

انطلقت فعاليات الدورة الحادية عشرة من مهرجان «دى ـ كاف» وسط البلد للفنون المعاصرة بساحة روابط بالعرض المسرحى المميز «كلاش.. بعث رقمى» يطرح هذا العمل الفنى شكلا مغايرا واستثنائيا فى تناول قضايا البعث والحياة والإنسانية بتقنية الواقع المعزز الذى يعرفه صناع العرض.. بأنه يختلف عن الواقع الافتراضى بإضافة صور رمزية «افاتارات» إلى العالم الحقيقى ضمن الواقع المعزز وبذلك يصبح الواقع مجسما على هيئة أشكال وأجسام مرئية غير حقيقية ولكنها بالنسبة للجمهور بقاعة العرض تبدو حقيقية.. تجربة مزجت بين الواقع والخيال وضعت الجمهور فى حالة أشبه بالحلم، مع بدء إشارة الدخول لقاعة المسرح يقف مجموعة من التقنيين المسئولين عن تشغيل النظارات السوداء التى سيتم ارتداؤها بتوجيه الجمهور حول كيفية استخدام تلك النظارة المزودة بتقينة «ثلاثية الأبعاد» وكيف يتم التحرك بها داخل قاعة العرض ثم يختار كل فرد اللغة التى يريد الاستماع لها العربية، الإنجليزية أو الألمانية، اختر لغتك وارتدى نظاراتك سوف تعيش خلال خمسة عشر دقيقة فى عالم افتراضى خيالى مع الاستماع لبعض الجمل الحوارية المتقطعة التى تبدأ فى ادخال الجمهور بحالة العرض أو تلخيص فكرته التى تتمحور حول أن البشر يموتون ليعودون أحياء من جديد، ليس بالمعنى الحرفى للكلمة ولكن بمعنى تكرار النماذج البشرية أو الإنسانية على مدار العصور بأشكال وأنماط مختلفة كل حسب العصر والزمن الذى ولد فيه، من خلال هذه النظارة يرى الجمهور ما يسمى «الماجيك ليب» وهو تطبيق خاص بالمؤثرات لإضافة حركة افاتارات جزئية باستخدام تقنية التقاط الحركة وقد صممت الكائنات لتتناسب مع أحداث المسرحية بحيث يتمكن كل زائر من اكتشاف المساحة المتاحة على المسرح بالسرعة التى تناسبه، تتميز الافاتارات بالتفاعلية بمعنى أنها تتجاوب مع حركات اليدين والعينين، يشدد المسئولين عن العرض بالتوصية على مواصلة تحريك اليدين والرأس للاستمتاع بالتجربة بشكل متكامل، يرى الجمهور أشكالا من الحضارة الفرعونية القديمة ثم مجموعات من البشر يتساقطون تباعا من أعلى وكأن الإنسانية تعيد افراز نفسها من جديد ومجموعة من الأشكال الرقمية وكأنك أصبحت داخل لعبة رقمية تنسجم وتندمج بالنظارة مع تلك الكائنات وكأنك فرد منهم.. نفذت هذه التقنية الدقيقة بمسرح روابط بحرفة فنية عالية، بعد تعرض الجمهور لهذه التجربة الرقمية يخرج من القاعة لتبدأ وقائع العرض المسرحى.



   يتناول العرض ثلاثة نماذج نسائية ناجحة كل منهن كانت لها نجاحات وصراعات فى عصرها مع المجتمع والسلطة الذكورية والحب بدأ العرض بإحياء هؤلاء النساء اللاتى التقين معا فى عالم مواز، وكأنهن يلتقين فى البرزخ لتروى كل منهن قصة نجاحها وصراعها وحبها تلتقى حتشبسوت بجاكلين كينيدى ثم تلتقى مرة أخرى بجان دارك التى لعبت دورا جوهريا فى حرب المائة عام بين إنجلترا وفرنسا، تدور بينهن حوارات حول الحياة والموت والبعث والحب ليحقق العمل بهذه اللقاءات فكرته الرئيسية القائمة على إمكانية البعث من جديد، بعث روح هذه النماذج النسائية الناجحة واحيائها فى عالم آخر وكأن هذه النماذج تفرز وتعيد نفسها فى عصور وأزمنة مختلفة، فى نقطة «كلاش» بين الواقع والخيال الاشتباك بين حقيقة الفناء وإمكانية البعث بالواقع المعزز فكرة مبتكرة نفذت بتقنية شديدة الدقة والإبهار لمخاطبة الوعى واللاوعى الجمعى الذى تفرزه البشرية بمرور العصور، العرض كتابة مشتركة بين نورا أمين وإيرينا كاسترينيديس وإخراج بيتر براشلار تمثيل ميريت بودامر وهدير مصطفى.

الصوان

 «الصوان» فكرة مغرية لإقامة عمل مسرحى لافت للانتباه تدور أحداثه داخل صوان حقيقي، سرادق عزاء افترش قاعة مسرح روابط وهو ما يؤهلك لحضور تجربة مختلفة وربما غير مطروقة بالمسرح كثيرا أن يعتمد الديكور على سرادق عزاء حقيقى تدور داخله أحداث العرض، زود هذا السرادق بكشافات إضاءة متدلية مجموعة تستخدم فى العزاء وأخرى فى الاحتفال بالإفراح، لكن للأسف جاءت التجربة مخيبة للآمال وأقل كثيرا من التوقعات، ضم العمل أبطالا متمرسين فى عالم التمثيل على رأسهم أحمد مالك، محمد حاتم، وناندا محمد التى كانت الأكثر حيوية وانطلاقا فى أداء دورها من الجميع، أسس عرض «الصوان» لفكرة جيدة حول ما نعيشه من تناقض بالحياة بين الفرح والحزن، ففى هذا السرادق المنصوب والذى يظل قائما يستقبل فيه أفراد العائلة أحداث الحياة المتلاحقة بين فقدان الأحبة أو الاحتفال بزواج الأبناء، يتحول نفس المكان من ساحة لاستقبال العزاء إلى فراشة أفراح تستقبل المدعوين، وهكذا تتلاحق وتتغير الأحداث بمرور السنين، رغم أن الفكرة مادة خام لكتابة مسرحية جيدة إلا أن المؤلف والمخرج لم يحسن استغلالها مسرحيا سواء على مستوى النص أو على مستوى المواهب التى اتيحت له لإقامة هذا العرض المسرحي، مهما امتلك الممثل من موهبة إلا أنه لا يزال فى حاجة إلى مخرج متمكن من إبراز ورسم ملامح تلك الموهبة، الإطار الفنى الذى يوضع فيه الممثل يشكل عاملا كبيرا فى اظهار ما يمتلكه، فالموهبة وحدها لا تكفى لإنقاذ نص مفتت غير مكتمل الملامح، تدور بين الأبطال سواء فى العزاء أو الفرح بعض الأحاديث المتكررة أو المتلاحقة عن مشاكلهم العائلية علاقة الابن بأبيه والأخ بأخيه والأخت بالإخوة الذكور ثم علاقتها مع نفسها ووالديها وهكذا حلقة مفرغة من الحوارات المرسلة والمتكررة فى مشاهد طويلة دون وضعها فى إطار فنى أو درامى، وبالتالى لم تتحقق المتعة أو الغاية من منطق الفضفضة والبوح العائلى الذى اتخذه العرض مسارا لاستعراض مكنون كل فرد تجاه الآخر، ثم حالة الصراع الضبابى بين الإخوة الذكور الذى جاء مفاجئا وغير مفهوم إلا من مشهد المصارعة الذى لاعباه معا بخفة ومهارة تعود لتمرسهم بمهنة التمثيل كل من أحمد مالك ومحمد حاتم لكن يبقى الصراع بينهما مبهما، كما أن العمل فى مجمله محبطا ومخيبا للآمال بسبب شدة الملل من هذه الحوارات المرسلة المتكررة، وبطء الإيقاع والتفاوت الكبير بين ممثلين محترفين وآخرين ليس لديهم خبرة تذكر بعالم التمثيل، مما تسبب فى فجوة كبيرة بين أبطال العرض حتى أن هؤلاء المحترفين لم يظهروا فى أفضل حالتهم الفنية على الإطلاق خاصة أحمد مالك الذى كان أداؤه أقل من المتوقع فى المنهج الذى اتبعه بإلقاء الكلام والحوارات المطولة التى كانت تتطلب المزيد من الدقة والوضوح بضبط إيقاع النفس والكلام لكنه تعامل بمنهج السينما داخل قاعة المسرح، ربما الوحيدة التى حافظت على ايقاعها وأنقذت إيقاع العرض أحيانا ناندا محمد التى كانت أفضلهم أداء تمثيليا وصوت وإلقاء يأتى من خبرة مسرحية طويلة وذكاء فى محاولة لتفادى عيوب النص والإخراج الكبيرة التى تسببت فى هبوط الإيقاع وخروج الأداء التمثيلى فى صورة باهتة بدا معه العمل وكأنه أحد البرامج التليفزيونية لاستعراض وحل مشاكل عائلية كل فرد يأخذ دوره فى الحكى عن نفسه وعن علاقته بالآخرين، أو كأنها إحدى جلسات العلاج النفسى الجماعى بينما لا يمكن تصنيفه عملا مسرحيا مكتمل الأركان، العرض إخراج بسكال رمبرت وبطولة أحمد مالك، محمد حاتم، ناندا محمد، سارة عبدالرحمن، مجدى عطوان، ونهى الخولى.  

وضمن فعاليات «الملتقى الدولى للفنون العربية المعاصرة» يستقبل مسرح السامر بالهيئة العامة لقصور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة المصرية عرض «إذا هوى» من لبنان، حيث انضم مؤخرًا ضمن المسارح التى تم افتتاحها بالقاهرة عقب تجديدها فى يوليو الماضى، كما يستضيف بيت السنارى التابع لمكتبة الإسكندرية عروضا من فلسطين، المغرب، فرنسا، ضمن برنامج عروض «شاعرات»، كما يستضيف إطلاق مشروع «المسرح المترجم - المسرح الأوروبى المعاصر بالعربية»، والذى تطلقه شركة المشرق للإنتاج الفنى ضمن فعاليات المهرجان لترجمة نصوص مسرحية أوروبية للغة العربية.