بريد روزا
مشاعر راسية بقلوب خاطئة
يكتبه: أحمد عاطف آدم
تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد...
أنا سيدى الفاضل فتاة أعيش بإحدى المدن الجديدة، وأدرس بسنة البكالوريوس، والدى يعمل خارج مصر بدولة عربية، بينما والدتى هى مهندسة موظفة،، لى ثلاثة أشقاء أصغر منى بمراحل التعليم قبل الجامعي، يعود إلينا والدى سنويًا فى إجازته لمدة شهرين، كما أنه دائم الاتصال والاطمئنان على أخبارنا، علاقتى بوالدتى رائعة والحمدلله، حيث أُشركها بكل خصوصياتى دون تعمد منها، تتركنى اختار الوقت والموضوع المناسب الذى أُفضل إثارته واستشارتها فيه،، وبطبيعتى أعشق الثقافة بكل أشكالها، أتابع «بريد روزا» منذ أكثر من عام، كما تأتى على رأس اهتماماتى قراءة صفحات الجرائد الالكترونية الشهيرة، وكذلك الاشتراك فى «جروبات» التواصل الاجتماعى الدولية لمواطنى الدول العربية، بسبب عمل والدى هناك، وحكاياته بشغف كبير عن تشابه واختلاف بعض عادات منطقة الخليج العربى اليومية عن عاداتنا، هذا ما جعلنى أسعى لتكوين صداقات كثيرة مع أشقاء عرب، وكانت أكثر الصداقات تأثيرًا بوجداني، تلك التى تحولت لحالة حب ومشاعر عاطفية مثيرة للجدل، بطلها شاب عربى تعرفت عليه من «جروبات» الفيس بوك، ليس مسلمًا سنيًا بل يتبع طائفة مسلمة أخرى، مع العلم بأن الاختلافات بيننا وبينهم ليست كبيرة كما أبلغني، وهو تاجر تمور معروف، والده رجل أعمال كبير بدولتهم، تبادلنا التعارف بشكل خاص عبر أحد التطبيقات وبمنتهى الاحترام،، فوجدته شابًا دمث الخلق، وقور، ووسيم، يحبنى من كل قلبه رغم تواضع جمالى فى الشكل مقارنة بمظهره الأنيق، ومن شدة إعجابه بى سافر إلى والدى بالدولة التى يعمل بها وطلب يدى منه، حيث أكد لى مسبقًا بأنه يستطيع الحصول على موافقته من أول مقابلة - لكن والدى صدمه بالرفض القاطع، معللًا ذلك بأنه وافق على تقدم ابن عمى لخطبتى، وهو طبيب يعمل باحدى المستشفيات الخاصة، كنت رفضت فكرة ارتباطنا منذ شهرين، بعد أن أخبرنى والدى بالأمر واستطلع رأيى فيه، لعدم شعورى بأى انجذاب تجاهه، وعندما ظهر هذا الشاب العربى فى حياتى وزار والدي، اتصل بى الأخير وأخبرنى بضرورة تذكر أنه رجل صعيدى يعيش بالقاهرة له عاداته وتقاليده، ولن يوافق أو يقبل على الإطلاق بزواج ابنته من رجل لا يعرفه، ينتمى لمذهب آخر غير مذهبنا - بل وقام بتهديدى بسحب كل الثقة التى منحنى إياها، كإبنة كانت مدللة عند أبيها بشكل مبالغ فيه، وبأنه سوف ينهى ارتباطه بالغربة وسيعود لبدء مشروعه الخاص، الذى كان يخطط له منذ فترة، وتصويب حساباته المغلوطة فى أشياء كثيرة،، كذلك قاطعتنى والدتي، لم تعد كما كانت أما وصديقة لى، بل تحولت لعدوة متنمرة بكل تصرفاتى وناقدة لها، وأنا أحب هذا الشاب بجنون، لا أتخيل حياتى بدونه أستاذ أحمد، وعدنى بأنه لن ييأس من محاولة إقناع أسرتى،، لكن تلك الموجة الشديدة من الرفض القاطع، أوصلتنى لقمة اليأس لدرجة التفكير فى الهروب من بيتى أو الانتحار،، فبماذا تنصحنى!؟
إمضاء ه. ع
عزيزتى ه. ع تحية طيبة وبعد...
من الواضح أن تلك العلاقة الرائعة التى جمعتك بوالدتك، كانت ترتكز على أساس متين من الثقة، وهذا ما دفعها لعدم فرض قيود عليكِ، أو موضوع بعينه للنقاش، حيث تركتك تطرحين ما تريدين وقتما شئتى - لكننى ألومها هنا على تلك الاستراتيجية غير الدقيقة، التى توقعت من خلالها ثقلك ذاتيًا بمزيد من الخبرات المكتسبة، عن طريق الاحتكاك المباشر دون توجيه أو متابعة قريبة، وهذا خطأ كبير فى إدارة شئونك بأصعب فترات حياتك على الإطلاق، وهى مرحلة المراهقة وما بعدها، حيث تدفق المشاعر العاطفية المركبة عند الأبناء بكل الاتجاهات، على سبيل المثال لا الحصر عواطفهم تجاه آبائهم وأمهاتهم وأقاربهم وأصدقائهم... إلخ،، مما يستوجب ضبط لواقع تلك الأحاسيس المختلطة، وخير دليل على ذلك هو ظهور هذا الشاب العربى الذى مال إليه قلبك، من بعيد لبعيد، دون مقابلة وجهًا لوجه، وافتقادك إلى «عقل العاطفة» إن جاز تدشين هذا المصطلح فلسفيًا، لتوضيح طريقة تفكيرك كفتاة مثقفة خانتها مشاعرها العاطفية أو «الفيسبوكية»، فى غياب وازع الضمير تجاه دينك، مع وجود اختلافات طائفية وصفتيها نقلًا عن قناعات هذا الشاب بالمحدودة، وهى ربما تكون مغلوطة أو خداعة لنيل مراده بالزواج منكِ بأى ثمن، وهنا أعود لأكرر الحديث مرارًا وتكرارًا على شبابنا، بأنه لا يجب على الإطلاق أن يقودنا الشغف بالانفتاح على العالم من بوابة هلامية وغير واقعية - مثل مواقع التواصل الاجتماعى وأخباره، وأنه مهما أخذنا ولع التبحر الاتصالى والمعرفي، لابد أن يكون مجدافنا فيه هى عين تطلع بحذر، وأخرى مغمضة تفكر وتنتقى المحتوى، وعقل يحلل قبل السماح لمشاعرنا بالغرق،، فى العموم أدعوكم أعزائى رواد «السوشيال ميديا» بأن تكونوا مستقبلين نشطين لا مغيبين وتائهين،،، لذا أدعوكِ صغيرتى القارئة الفاضلة بالعودة عن الاستمرار فى تدعيم مشاعر هذا الشاب، أو الميل فى اتجاهه، لأنها مشاعر راسية بقلوب خاطئة، عاداته وقناعاته الدينية غير متوافقة معكِ أو مناسبة لكِ، تلك الاختلافات حتمًا ستكون محل صراع دائم بينكم وغير مقبولة من الجميع، وربما تورث لأبنائكم تشويشًا اجتماعيًا ونفسيًا انتما فى غنى عنه.. وعطفًا على الثقة المتبادلة بيننا، أنصحكِ بالابتعاد والهجر بعض الوقت لمواقع التواصل بأكملها، وتغيير عادات الإطلاع مؤقتًا، لتكون الكتب الورقية والالكترونية مثلًا هى الروافد المعرفية المطروحة فى الوقت الحالي، لنسيان هذا الشاب نهائيًا،، وثقى بأن الله سبحانه وتعالى سيعوضك خيرًا بمشيئة الله بزوج مناسب وصالح يرضيكِ ويرضى أسرتك.
دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا ه. ع