القاهرة - أنقرة.. مركزا ثقل بالمنطقة يحققان السلم والاستقرار
صفحة جديدة فى العلاقات المصرية - التركية
أحمد إمبابى وأحمد قنديل
استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، نظيره التركى رجب طيب أردوغان فى قصر الاتحادية بالقاهرة، حيث أطلقت المدفعية 21 طلقة ترحيبًا بزيارة الرئيس التركي، فيما أقيمت مراسم الاستقبال الرسمية له، وعزفت الموسيقى العسكرية السلام الوطنى لكلا البلدين، واستعرض الزعيمان حرس الشرف الوطنى.
وعقب انتهاء مراسم الاستقبال، عقد الرئيس السيسى جلسة مباحثات موسعة مع نظيره التركى، لمناقشة خلالها العديد من الملفات والتحديات الإقليمية على رأسها ضرورة وقف إطلاق النار فى غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية لأهالى القطاع وسبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.
كما وقع الرئيس السيسى ونظيره التركى أردوغان، على الإعلان المشترك حول إعادة تشكيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجى رفيع المستوى بين مصر وتركيا.
وفى السياق ذاته، عقد الزعيمان مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا، حيث ألقى الرئيس السيسى كلمة رحب فى بدايتها بزيارة الرئيس التركى إلى مصر، قائلًا: «أود فى البداية أن أرحب بالرئيس «رجب طيب أردوغان» والوفد المرافق له، فى أول زيارة له إلى مصر منذ أكثر من 10 سنوات، لنفتح معًا صفحة جديدة بين بلدينا بما يثرى علاقاتنا الثنائية، ويضعها على مسارها الصحيح، وأؤكد اعتزازنا وتقديرنا لعلاقاتنا التاريخية مع تركيا والإرث الحضارى والثقافى المشترك بيننا».
وأضاف الرئيس: «ويهمنى هنا إبراز استمرار التواصل الشعبى خلال السنوات العشر الماضية، كما شهدت العلاقات التجارية والاستثمارية نموًا مضطردًا خلال تلك الفترة، فمصر حاليًا الشريك التجارى الأول لتركيا فى إفريقيا، كما أن تركيا تعد من أهم مقاصد الصادرات المصرية، وقد أثبتت التجربة الجدوى الكبيرة للعمل المشترك بين قطاعات الأعمال بالبلدين، وبالتالى سنسعى معًا إلى رفع التبادل التجارى إلى 15 مليار دولار خلال السنوات القليلة القادمة وتعزيز الاستثمارات المشتركة وفتح مجالات جديدة للتعاون».
وتابع: «أود أيضًا أن أشير إلى اهتمامنا بتعزيز التنسيق المشترك والاستفادة من موقع الدولتين كمركَزَيْ ثقل فى المنطقة، بما يسهم فى تحقيق السلم وتثبيت الاستقرار ويوفر بيئة مواتية لتحقيق الازدهار والرفاهية، حيث تواجه الدولتان العديد من التحديات المشتركة مثل خطر الإرهاب والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التى يفرضها علينا الواقع المضطرب فى المنطقة».
واستطرد: «وأعرب فى هذا السياق عن اعتزازنا بمستوى التعاون القائم بين مصر وتركيا من أجل النفاذ السريع لأكبر قدر ممكن من المساعدات الإنسانية إلى أهلنا فى قطاع غزة، أخذًا فى الاعتبار ما تمارسه السلطات الإسرائيلية من تضييق على دخول تلك المساعدات، مما يتسبب فى دخول شاحنات المساعدات بوتيرة بطيئة لا تتناسب مع احتياجات سكان القطاع»، مضيفًا: «ولقد توافقتُ والرئيس «أردوغان» خلال المباحثات على ضرورة وقف إطلاق النار فى القطاع بشكل فورى وتحقيق التهدئة بالضفة الغربية حتى يتسنى استئناف عملية السلام فى أقرب فرصة، وصولًا إلى إعلان الدولة الفلسطينية ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة».
وأردف: «كما أكدنا ضرورة تعزيز التشاور بين البلدين حول الملف الليبى بما يساعد على عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتوحيد المؤسسة العسكرية بالبلاد، ونقدر أن نجاحنا فى تحقيق الاستقرار الأمنى والسياسى فى ليبيا سيمثل نموذجًا يحتذى به، حيث إن دول المنطقة هى الأقدر على فهم تعقيداتها وسبل تسوية الخلافات القائمة فيها، ويهمنى كذلك الترحيب بالتهدئة الحالية فى منطقة شرق المتوسط ونتطلع للبناء عليها وصولًا إلى تسوية الخلافات القائمة بين الدول المتشاطئة بالمنطقة، ليتسنى لنا جميعًا التعاون لتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية المتاحة بها».
وفى ختام كلمته قال الرئيس: «كما أكدنا خلال المباحثات اهتمامنا المشترك بالتعاون فى إفريقيا والعمل على دعم مساعيها للتنمية وتحقيق الاستقرار والازدهار، علاوة على إننى أتطلع لتلبية دعوة الرئيس «أردوغان» لزيارة تركيا فى أبريل المقبل، لمواصة العمل على ترفيع علاقات البلدين فى شتى المجالات، بما يتناسب مع تاريخهما وإرثهما الحضارى المشترك».
من جانبه، أكد الرئيس التركى، أن بلاده تتقاسم مع مصر تاريخا مشتركا يزيد على ألف عام، معربا عن أمله فى الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى لائق.
وأضاف أردوغان، أن بلاده ترى أن الإرادة موجودة لدى الجانب المصرى للارتقاء بالتعاون مع تركيا، مشيرا إلى أنه تم رفع مستوى التعاون بين مصر وتركيا إلى مستوى مجلس التعاون الاستراتيجى رفيع المستوى.
وأشار إلى أنه ينتظر زيارة الرئيس السيسى إلى أنقرة من أجل عقد الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجى رفيع المستوى والذى سيكون بمثابة مرحلة جديدة فى العلاقات الثنائية بين البلدين، معربًا عن سعادته بتواجده فى القاهرة بعد 12 عاما، متقدما بالشكر والتقدير للرئيس السيسى ولجميع المصريين على حسن وحفاوة الاستقبال.
وأوضح أردوغان، أن محادثاته مع الرئيس السيسى تضمنت وضع هدف للوصول إلى حد التبادل التجارى ليصل إلى 15 مليار دولار فى أقرب وقت، مؤكدا عزم بلاده على زيادة حجم الاستثمارات التركية فى مصر بحدود 3 مليارات دولار، مضيفا أنه تم تبادل الآراء فى إمكانية اتخاذ تدابير إضافية من أجل زيادة التعاون التجارى والاقتصادى وفى مجال الطاقة، بالإضافة لتعزيز التعاون فى مجال الصناعات العسكرية والدفاعية والذى أثبتت تركيا قوتها فيه، وذلك بناء على الطاقات الكامنة بين البلدين.
أكد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان سعى بلاده لتعزيز الروابط مع مصر فى المجالات السياحية والتعليمية والثقافية، موضحا أن معهد «يونس أمره» فى القاهرة يعد أكبر فرع للمعهد فى العالم من حيث الإقبال لتعلم اللغة التركية، وفى السنة الماضية تم تسجيل 22 ألف طالب مصرى فى هذا المعهد لتعلم اللغة التركية، ما يبعث على السرور.
وحول أزمة غزة، قال أردوغان: إن ما يحدث فى غزة من مأساة إنسانية كان قد تصدر جدولة أعمالنا، حيث تسببت الهجمات الإسرائيلية فى استشهاد أكثر من 28 ألف فلسطينى كما أصيب 70 ألف فلسطينى، وقد تم استهداف المساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات ومبانٍ تابعة للأمم المتحدة وإن إدارة نتنياهو مستمرة فى سياسة الاحتلال والقتل وارتكاب المجازر، رغم ردود الفعل العالمية أيضا.
وشدد الرئيس التركى على أن إيصال المساعدات إلى سكان غزة على رأس أولوياتهم، حيث أرسلت تركيا ما يزيد على 31 ألف طن من المساعدات الإنسانية، مشيدا بالجهود المصرية المبذولة لإيصال المساعدات إلى سكان القطاع وجهود الهلال الأحمر المصرى ووزارة الصحة المصرية وجميع الجهات المصرية.
وأشار أردوغان إلى أن بلاده نقلت أكثر من 700 مصاب فلسطينى مع المرافقين إلى تركيا، ويجرى البحث لإنشاء مستشفى ميدانى فى غزة، وبتعاون ودعم المصريين فى القريب العاجل.
وأعرب الرئيس التركى عن رفضه لمبادرات تهجير سكان قطاع غزة، مؤكدًا أنهم لن يقبلوا أبدًا بتطهير غزة من سكانها، معبرًا عن تقديره لموقف مصر فى هذا الأمر أيضًا.
وطالب أردوغان، رئيس الوزراء الإسرائيلى بوقف مجازره بحق سكان غزة، وألا تمتد تلك المجازر إلى مدينة رفح أيضًا، داعيًا المجتمع الدولى للتدخل وعدم السماح بهذا التصرف الجنونى، مؤكدا أنه من أجل وقف إراقة الدماء فى غزة سيظلون على تعاون مستمر مع مصر، لافتًا إلى أن إعادة إعمار غزة يتطلب العمل المشترك ونحن جاهزون للعمل مع مصر فى هذا الشأن أيضًا.
وأوضح أردوغان أنه خلال لقائه مع الرئيس السيسى تطرق إلى الملف الليبى والصومال والسودان، مؤكدا حرصه على الوحدة العربية لهذه الدول الثلاثة وأمنها واستقرارها، مشيرًا إلى عزمهم استمرار التنسيق والتعاون مع مصر فى تناول وبحث كل هذه المسائل والقضايا العالمية.
وفى نهاية كلمته، جدد شكره إلى الرئيس السيسى، معربًا عن تمنيه بأن تكون هذه الزيارة وسيلة خير للبلدين وللمنطقة والعالم برمته.