الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مشايخ وقساوسه على خط النار

كتب-  د.عمرعلم الدين 



على أرض الكنانة وقف مليون و٢٠٠ ألف بطل على جبهة القتال لعودة أمة من اليأس إلى الرجاء ولتحرير أرض من عدو باطش إلى أهلها أصحاب الطيبة والحضارة والتاريخ،  فمصر أم الدنيا وهى أرض القوة والقدرة، وقد حباها الله بنيل يرويها وجيش يحميها، جنوده وقياداته من مدن وقرى مصر دون تمييز.. وفى صفحات ناصعة كتبت بماء الذهب، سيسجل التاريخ بكل فخر وإعزاز ما قام به أبطالنا على الجبهة محققين نصرًا انتظرته أمة بأسرها، وكان من بين الأبطال رجال دين مسلمين ومسيحيين تركوا مساجدهم وكنائسهم وجامعاتهم ليلبوا نداء وطن ترسخت وحدته منذ قرون لا تفرق فيه بين المسلم وأخوه المسيحى إلا فى محراب العبادة، وعلى الجبهة امتزجت قصص البطولات. 

د.محمود مهنا: السادات أرسل لى جواب تعيينى بالأزهر على الجبهة 

جاء من الصعيد حالمًا بالنصر والتحق بصفوف القوات المسلحة جنديًا بعد أن كان ترتيبه الأول على كليته إنه الدكتور محمود مهنا نائب رئيس جامعة الأزهر السابق وعضو هيئة كبار العلماء.

والذى يقول الوطنية وحب البلد متجذر فى كل مصرى ولذلك لا يمكن الحديث عن بطولة منفردة فكل من كان على الجبهة أبطال، وخلال حرب أكتوبر كان شيوخ الأزهر يجوبون الجبهة وكتائب ووحدات القوات المسلحة المختلفة يحدثون الجنود والضباط على فضل الشهادة، وكنا أثناء التدريب لرفع المعنويات نقوم بقراءة القرآن وكنت أخطب الجمعة ونقوم بصلاتها أثناء الحرب والطيران فوق رؤسنا وكان أول من يسأل عنى عند الغياب أصدقائى المسيحيين ورغم تعرضنا للحصار لعدة أيام إلا أن البسالة والتضحيات كانت عنوان المرحلة حتى تحقق الانتصار ولم نكن نشعر بالقلق لأننا ندرك قول رسول الله إذا فتح الله عليكم مصر بعدى فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا، فذلك الجند خير أجناد الأرض» فقال له أبو بكر: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: «لأنهم فى رباط إلى يوم القيامة».

وقد كان بجوارى الجندى عبد التواب صاحب البطولات فى مواجهة العدو وغيره وغيره، وبعد انتهاء الحرب وتحقيق النصر تم تعيين زملائى معيدين بالكلية فأرسلت للرئيس السادات وأنا على الجبهة أطالب بحقى لأنى الأول على دفعتى، فأرسل لى الرئيس قرار تعيينى معيدًا بالجامعة وقال لى: كمل دورك ومكانك منتظرك وبالفعل استلمت عملى بعد انتهاء الخدمة عام ١٩٧٥.

وقال عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر أن شباب مصر هم أعظم شباب ولكن عليهم أن يدركوا اليوم حجم المخاطر والتحديات فالحروب الدائرة فى المنطقة تريد مصر ولكننا نقول إن مصر هى كنانة الله فى أرضه محفوظة بأمر الله، من أرادها بشر قسمه الله وأذله فمصر هى أمان العرب والإسلام. 

البابا شنودة: تعلمت فى الجيش النظام والجدية

 فى الحياة وخدمة الإنسان لنفسه

على الجبهة يقف شاب يملك مواهب شعرية، وروح الفكاهة التى اشتهر بها بين زملائه، 

كان قويًا رغم يتمه المبكر فقد ماتت أمه دون أن يرضع منها حتى قال فى قصيدته أمى «أحقًا كان لى أمٌ فماتت.. أم إنى قد خُلقتُ بغير أم.. رمانى الله فى الدنيا غريبًا.. أحلق فى فضاءٍ مُدلهم».

  ولكنه كان صلبًا قويًا بقوة الصعيد الذى جاء منه 

 إنه البابا شنودة الثالث الذى التحق بكلية الضباط الاحتياط، والذى قال فى كتابه «كنت أول دفعتى، فترة الجيش علمتنا أشياء كثيرة، منها النظام والجدية فى الحياة وخدمة الإنسان لنفسه إلى ما فيها من فوائد صحية أيضًا يتميز بها كل ضباط الجيش، وكنت جادًا جدًا فى عسكريتى وكنت محبوبًا من زملائى، ومن الضباط أساتذتى».

 وعندما خرج من الجيش قبل الحرب تولى المنصب الدينى المسيحى الأهم وهو كرسى البابوية لم يتوقف عن زيارة الجبهة فقد زار البابا شنودة الثالث، الجبهة بعد توليه مسئولية الكنيسة، لعدة مرات قبل حرب أكتوبر ١٩٧٣، لتقوية وتشجيع الجنود المصرية لمواجهة العدو. 

وألقى البابا مُحاضرة فى نقابة الصحفيين بعد انتصارات أكتوبر، أشاد فيها بقواتنا المسلحة فى مُواجهتها ضد العدو  الإسرائيلى، وشدد على عدم دخول الأراضى الفلسطينية من قبل المسيحيين لإتمام الحج بزيارة الأراضى المقدسة فى القدس، إلا بعد انتهاء الاحتلال الإسرائيلى بها.

أمر البابا شنودة، الكنائس بأن تدق أجراسها فى يوم 6 أكتوبر 1974 فى جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، احتفالًا بالنصر العظيم، بالإضافة إلى إقامة القداسات الإلهية فى هذا اليوم، على أرواح شهداء الوطن الأبرار.