بفضل أصوات الأئمة
كيف تتنافس المساجد لرفع شعار «كامل العدد» فى صلاة التراويح؟
عمر حسن
صوتُ تسمعه بقلبك وآخر تبغضه أذنك، هكذا هو الحال مع أئمة صلاة التراويح، تلك السُنة التى يحرص المسلمون على أدائها فى المساجد خلال رمضان من كل عام، والتى قد يصل عدد ركعاتها إلى عشرين ركعة، وهو ما يتطلب تقديم أصحاب الأصوات الندية لإمامة المُصلين.
فى بعض المساجد التى لا تتبع وزارة الأوقاف قد نجد أئمة لا يحملون أى مقومات لإمامة الناس ومع ذلك يُصرون على ذلك فى صلاة التراويح، وهو الأمر الذى قد يدفع إلى ترك الناس المسجد وبحثهم عن آخر للاستمتاع بالصلاة خلف إمام آخر يأسر صوته القلب.
ولعل ذلك ما يبعث حضورا عقليا صافيا للمأمومين الذين يأنسون أثناء العبادة بصوت الإمام ويجعلهم أكثر تدبرا وفكرا وتأملا فيما يقرأه من آيات الذكر الحكيم التى تقع على الأسماع وقعا يخاطب الوجدان والعقل، بخلاف أصوات أخرى تقرأ دون أن يكون لها ذات الأثر المهم فى النفس والعقل.
«يجوز للمسجد أن يستأجر إمامًا للتراويح فى رمضان خاصة وإن كان الإمام الدائم للمسجد طوال العام من ذوى الأصوات المتواضعة أو من غير الحافظين لكتاب الله، فطبيعة صلاة التراويح تختلف عن الفروض من حيث المدة التى يقف فيها المُصلى خلف الإمام»، على حد قول الشيخ شوقى عبداللطيف، وكيل أول وزارة الأوقاف سابقًا.
أما عن حصول الإمام على نسبة من التبرعات التى يجمعها المسجد خلال شهر رمضان، فقال الشيخ شوقى عبداللطيف: «يجوز ذلك إن كان ينطبق على الإمام ما يُشترط فى مصارف الزكاة والصدقات، فجيب أن يكون الإمام محتاجًا لهذا المال ولا يتخذه على سبيل المتاجرة، فى هذه الحالة يحصل على نسبة نظير الوقت الذى يستقطعه».
واشترط وكيل الأوقاف الأسبق ألا يتسبب ذلك فى حدوث فتنة داخل المسجد، مستشهدا بموقف حدث مع الإمام الغزالى حينما سُئل يومًا عن قوم اختلفوا فى عدد ركعات التراويح فقال من باب أولى إغلاق المسجد أفضل من وجود خلاف بين المصلين، وهذا يعنى أن الأمر يتم بالاتفاق والتراضى بين الطرفين وبلا شروط أو تحديد مبلغ معين.
من جانبه أكد الشيخ عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق، جواز اقتطاع جزء من أموال التبرعات لصالح الإمام، مثلما يتقاضى الخطيب أو المؤذن راتبًا من الدولة نظير ذلك العمل.
وتابع الأطرش فى تصريحاته لـ»روزاليوسف»: «كل من يخدم المسجد يحق له الأخذ من أموال التبرعات، وهذا يندرج تحت بند سد احتياجات المسجد، لكن دون اشتراط بلغ محدد، فهذا يأتى تبعًا لقدرة المسجد».
ولكن على العكس انتقد الأطرش تهافت إدارات المساجد على استئجار أئمة من ذوى الأصوات الحسنة، قائلا: «الصوت العذب ليس شرط إمامة الناس فى الصلاة، ويكفى أن يكون الإمام من الحافظين للقرآن والفاهمين لأحكام التجويد والتلاوة».
الدكتور مظهر شاهين، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وإمام وخطيب مسجد عمر مكرم، أكد أن استئجار إمام للمسجد خلال شهر رمضان يتم بالتنسيق مع وزارة الأوقاف وفق إجراءات قانونية، ويتم منح هذا الإمام مكافأة نظير وقته، وتحدد إدارة المسجد تلك المكافأة.
وأوضح «شاهين» أن الأوقاف تحرص على انتقاء الأئمة فى المساجد الكبرى ليكونوا من أصحاب الأصوات المتميزة، متابعا: «اشتراط الإمام مبلغ معين لأداء التراويح لا يتفق مع وقاره، ويحوّل الموضوع برمته إلى تجارة موسمية الهدف منها جنى المال».
ولفت إمام مسجد عمر مكرم إلى ضرورة أن يعلم المتبرع بحصول ذلك الإمام عن جزء من أموال التبرعات تحت بند إقامة الشعائر، ولكن لا يجوز استقطاع ذلك المبلغ من أموال الزكاة.
كما رفض «شاهين» أن يتحول الإمام صاحب الصوت الحسن إلى سلعة تتم المقايضة عليها فى رمضان لإمامة الناس مقابل آلاف الجنيهات.
ولفت «شاهين» إلى أن أحد الأئمة المشاهير يتقاضى نصف مليون جنيه فقط لإمامة المصلين فى التراويح خلال العشر الأواخر من رمضان، ويسافر إلى 5 دول طوال شهر رمضان بطائرة خاصة ومقابل آلاف الدولارات.
واستطرد «شاهين»: «أعرف رجال أعمال يقيمون موائد الإفطار فى رمضان ويدعون أحد الأئمة المشاهير لإمامة المدعوين فى صلاة التراويح، ويحصل على مكافأة تصل إلى مليون جنيه أو أكثر».