الإثنين 22 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كشف جرائم الاحتلال وفظائعه

أدب المقاومة.. خط الدفاع عن الهوية الفلسطينية

بين سطور الكتب وصفحاتها صراع وتاريخ وحيوات لم تعشها على أرض الواقع، لم تحفظها ذاكرة عينيك إلّا من خلال كلماتها وما تحمله من أنين، حزن، فزع، أنقاض ودماء وأسماء لشخصيات أُحرقت أوراق حياتها على أشجارها فى محاولة بائسة لطمس تاريخها وحضارتها وهويتها.. فخرجت كلماتها من رحم المعاناة وجعلت من فلسطين قضية كل عربى.



نجحت الرواية العربية فى دعم أدب المقاومة ولعبت دورًا مهمًا فى الحفاظ على الهوية الثقافية العربية لفلسطين التى لا يمل المغتصب الصهيونى من محاولة طمس تاريخها ومحو جرائمه بالحرق والقتل والإبادة، وفيما يلى نستعرض مجموعة من أبرز الروايات التى تناولت القضية الفلسطينية.

باب الشمس 

تُعَدُّ رواية «باب الشمس» واحدة من أبرز الروايات التى تناولت القضية الفلسطينية، وقد صُنِّفت ضمن أفضل مئة رواية عربية فى القرن العشرين وفقًا لقائمة اتحاد الكتاب العرب، كما قدمها المخرج المصرى يسرى نصر الله فى فيلم سينمائى من جزءين.

تناول الكاتب إلياس خورى الفترة ما بين أحداث الثورة العربية الكبرى عام 1936، وحتى أوائل تسعينيات القرن الماضي، مرورًا بأحداث النكبة والشتات، وأحداث الحرب الأهلية اللبنانية ومذبحة صبرا وشاتيلا، وذلك فى بناء ينتقل فيه عبر الزمن ما بين الحاضر والماضى. 

وقد اعتمد إلياس خورى فى روايته على عدد ضخم من الشهادات التى جمعها من المخيمات، فجاءت الرواية حيّة، بشخصيات من لحم ودم تحفل بعشرات القصص التى تشبه قطع فسيفساء فى لوحة كبيرة تضج بالألم.

سوناتا لأشباح القدس

تدور أحداث هذه الرواية للكاتب الجزائرى واسينى الأعرج حول «مى» وهى فنانة فلسطينية غادرت أرضها الأولى فى 1948 وعمرها ثمانى سنوات، فى ظرف قاهر، باسم غير اسمها وبهوية مزورة باتجاه العالم الحر بحثًا عن أرض أكثر رحمة وحبًا. فى نيويورك، تفرض نفسها كفنانة تشكيلية أمريكية الطراز العالى، وعندما يباغتها سرطان الرئة، تستيقظ فيها تربتها الأولى وأشباحها الخفية، فتتمنى أن تعود إلى القدس، لون طفولتها المسروقة، لتموت هناك، ولكن، هل يمكن أن نعود إلى الأرض نفسها بعد نصف قرن من الغياب؟ ماذا تعنى العودة عندما يقضى الفلسطينى العمر كله فى الدوران خارج نظام المجرات؟

الطنطورية 

لن يغفر التاريخ أبدًا تلك الليلة الدامية من ليالى مايو 1948، التى أقبلت تحمل مأساة جديدة بعد مرور نحو شهر من مذبحة دير ياسين، هذه المرة فى قرية الطنطورة الفلسطينية، لكنها تختلف فى كونها حدثت على أيدى رجال جيش دولة الاحتلال الوليدة، لا عصاباتها، وبعد نحو أسبوع واحد من إعلان قيامها.

 راح ضحية تلك الليلة ما يقرب من ثلاثمائة شخص، قُتلوا ودُفنوا فى مقابر جماعية، تقع الآن تحت موقف سيارات ما يُعرف بـ«شاطئ موشاف دور».

فى روايتها المنشورة فى دار الشروق عام 2010، تستعرض رضوى عاشور الحكاية على لسان راويتها «رقية» الناجية من تلك المذبحة، التى فقدت فيها أمها وشقيقيها، تستعرض الأحداث الأشهر القليلة التى سبقت النكبة، والحياة اليومية فى ظل المقاومة، والترقب الخائف، مرورًا بأحداث مذبحة الطنطورة، ثم خروج رقية من قريتها إلى مرحلة الشتات ما بين حياتها فى لبنان، وأحداث الحرب الأهلية ومذبحة صابرا وشاتيلا، والاجتياح الإسرائيلى للبنان عام 1982، وتنتقل بنا الراوية مستعرضة أزمة الوجود الفلسطينى فى الشتات، فى رحلة امتدت عبر ثلاثة أجيال.

الوقائع الغريبة لاختفاء سعيد أبى النحس

تقع هذه الرواية للكاتب إميل حبيبى موقعًا مختلفًا ومميزًا بين مختلف الروايات التى تناولت أحداث القضية الفلسطينية، سواء من حيث البنية التى تمزج بين الفانتازيا الحداثية، والحكايات الشعبية الفلسطينية واستلهام التراث العربى الشفاهى والمكتوب، أو على مستوى التناول، حيث ركزت على أوضاع الفلسطينيين الذين اضطروا للتعايش داخل حدود دولة الاحتلال.

تدور أحداث الرواية على لسان سعيد أبى النحس المتشائم، التى هى لفظة تمتزج فيها لفظتا المتشائم والمتفائل تمامًا كما تمتزج المشاعر والأحداث والتناقضات فى الحياة اليومية للفلسطينى، تتسلسل الأحداث على لسان الراوى بأسلوب الرسائل المنفصلة، متتبعة حياته فى ثلاثة أقسام تحمل أسماء النساء الثلاث فى حياته، يعاد وباقية ويعاد الثانية، فى رمزية واضحة لمفاهيم العودة والبقاء فى الأرض.

رجال فى الشمس

«لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟».. سؤال طرحه الكاتب والشاعر الفلسطينى غسان كنفانى فى روايته القصيرة «رجال فى الشمس» التى أصبحت واحدة من أشهر وأبرز الروايات التى تتناول القضية الفلسطينية، وهى أيضًا واحدة من بين أبرز روايات مشروعه الذى تدور أغلب أعماله فى سياق فن المقاومة، ما بين روايات وقصص وقصائد ومقالات ولوحات تشكيلية ودراسات نقدية، وهو مشروع يستحق التوقف عنده طويلًا على الرغم من استشهاد غسان كنفانى فى عمر مبكر، حيث اغتالته المخابرات الإسرائيلية فى يوليو عام 1972.

 من بين أبرز أعماله «عائد إلى حيفا»، و«أم سعد» و«أرض البرتقال الحزين»، و«رجال فى الشمس».

ربيع حار

فى روايتها «ربيع حار» الصادرة عام 2004، تستكشف الروائية الفلسطينية سحر خليفة تحولات المجتمع الفلسطينى مع الانتفاضة الثانية، من خلال رصد عائلة من أبناء الجيل الثانى من أجيال الشتات الفلسطينى، وتتناول الرواية نضال النساء فى المجتمع الفلسطينى، وتغيرات المجتمع فيما بعد اتفاقية أوسلو وانشغال الساسة عن الشعب بطموحاتهم الخاصة، والجانب الإنسانى الدقيق للعلاقات التى تنشأ بين الفلسطينيين والمستوطنين، التى سرعان ما يجهضها الواقع القاسى، تُرجمت الرواية إلى عدد من اللغات ونجحت فى تحقيق صدى كبير خارج الوطن العربى وداخله.

الملهاة الفلسطينية 

لا يمكننا التطرق إلى الروايات التى تتناول القضية الفلسطينية دون التوقف عند مشروع الروائى والشاعر الفلسطينى إبراهيم نصر الله، والمعروف بـ«الملهاة الفلسطينية»، وهو المشروع الذى بدأ الكاتب فى العمل عليه منذ عام 1985، وامتد بنيانه الروائى ليغطى أكثر من قرنين ونصف قرن من التاريخ الفلسطينى، لا يحتاج القارئ إلى تتبع الروايات وقراءتها بترتيبها الزمنى أو بترتيب نشرها، فكل رواية منها مستقلة بأحداثها وشخصياتها والزمن الذى تتناوله وبنيتها السردية، ومن بين أبرز روايات الملهاة الفلسطينية ومن أهمها «قناديل ملك الجليل» وفيها يتكئ إبراهيم نصر الله على التاريخ، لكنه يسكب فيه من خياله ليُحوِّل الشخصيات التاريخية إلى شخصيات من لحم ودم، يستعيد من خلالها جذور الهوية الممتدة فى عمق التاريخ، بلغة شاعرية وبنية تتماس مع التاريخ والأسطورة وسير الأبطال.

أما رواية «زمن الخيول البيضاء» وتدور أحداثها على مدار نحو 130 عامًا فتمتد من نهايات القرن التاسع عشر وحتى النكبة، فى رواية ملحمية للوجود الفلسطينى التاريخى المرتبط بالأرض، يؤرخ من خلالها الكاتب للوضع الفلسطينى من زمن العثمانيين وحتى النكبة، من خلال سرد محكم بديع دفع العديد من النقاد إلى تسميتها بـ«الإلياذة الفلسطينية».