السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

توابع عودة اليمين المتطرف لـ «المشهد الأوروبى»

أثار صعود أحزاب اليمين المتطرف للواجهة الأوروبية، إثر تحقيق مكاسب جوهرية فى انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبى، عاصفة سياسية قد تعيد تشكيل خريطة التحالفات والتوازنات السياسية فى القارة البيضاء، التى قد تدخل فى حالة من الضبابية بالمستقبل القريب، تهدد باقتلاع جذور الاتحاد الأوروبى ذاته، فى ظل عالم مضطرب يشهد حروبًا على حدودها فى أوكرانيا وجنوبها فى الشرق الأوسط، وحشود اللاجئين التى تطرق أبوابها ومخاطر الاحترار العالمى.



وشارك فى الاقتراع أكثر من 180 مليون شخص فى جميع أنحاء أوروبا، فى الانتخابات لاختيار 720 عضوًا جديدًا فى البرلمان الأوروبى يمثلون 27 دولة أعضاء الاتحاد، وأظهرت النتائج النهائية تصدر كتلة حزب «الشعب الأوروبى»، التى تضم عدة أحزاب يمينية ومتطرفة، بحصولها على 191 مقعدًا بنسبة 26.3% تليها كتلة «التحالف التقدمى للاشتراكيين ويسار الوسط» بنسبة 18.8% بحصولها على 135 مقعدًا.

بينما حلت كتلة «تجديد أوروبا»، التى تضم حزب «النهضة» وهو حزب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى المركز الثالث بعدما حصلت على 82 مقعدًا، كما حلت فى المرتبة الرابعة كتلة «المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين»، التى تضم حزب «إخوة إيطاليا» بزعامة رئيسة الوزراء جورجيا ميلونى، وحصل اليمين المتطرف على 8.1% وحلّت أحزاب «البيئة» فى المركز قبل الأخير بنسبة 7.4%.

ورغم أن اليسار، لا يزال يحافظ على الأغلبية داخل البرلمان الأوروبى، إلا أن أحزاب اليمين بدأت بالصعود وحصلت على مكتسبات إيجابية مقارنة مع الاستحقاقات الأوروبية السابقة.

وتترجم النتائج عمليًا، باحتفاظ كتلة يمين الوسط بالصدارة بربع عدد المقاعد، وحلول الاشتراكيين بالمركز الثانى، فيما قدمت أحزاب «الخضر» المناصرة للبيئة والأحزاب الليبرالية أداء باهتًا إذ خسرت ثلث عدد مقاعدها بحصولها على 53 مقعدًا من 70 مقعدًا حاليًا.

وعلى مستوى أداء زعماء أوروبا، مثلت النتائج أقوى ضربة لأهم دولتين فى الاتحاد، وهما فرنسا وألمانيا إذ تعرضت أحزاب الرئيس إيمانويل ماكرون والمستشار الألمانى أولاف شولتز، لهزيمة من الناخبين الذين اختاروا أحزاب المعارضة اليمينية، فقد فاز حزب «التجمع الوطنى» الفرنسى بنسبة 31.5% من الأصوات، أى على ضعف الأصوات التى حصل عليها حزب «النهضة» الذى يتزعمه ماكرون الذى فاز بـ15.2% فقط، ليقتنص الحزب المتطرف 31 مقعدًا من 81 مقعدًا فرنسيًا فى البرلمان الأوروبى.

ما دفع «ماكرون»، إلى حل الجمعية الوطنية «البرلمان»، داعيًا إلى انتخابات مبكرة خلال الشهر الجارى فى خطوة اعتبرها البعض مقامرة سياسية خطيرة، قد تعزز من شعبية اليمين المتطرف فى فرنسا، وتأتى له برئيس وزراء من التجمع الوطنى، وهو زعيم الحزب الشاب جوردان بارديلا.

كما وصل حزب ( ريكونكويست) الفرنسي النازي بزعامة إريك زمور لمقاعد البرلمان مع ما يحمله ذلك من مخاوف من عودة تأثير الجماعات القومية المتشددة والنازية على أوروبا.

كما احتل حزب «البديل من أجل ألمانيا» المتطرف، المركز الثانى بنسبة 16.5% متقدمًا بفارق كبير على حزبى الائتلاف الحاكم «الاشتراكيين الديمقراطيين» 14%، و»الخضر» 12%، في المقابل حققت أحزاب جيورجيا ميلونى، رئيسة وزراء إيطاليا، ودونالد تاسك رئيس بولندا نتائج متوقعة الأمر الذى يعزز من شعبيتهما. 

وفى تعليقها، حذرت مجلة «فورين بوليسى» أن نتائج الاقتراع تحمل فى دلالاتها عودة تاريخية لليمين المتطرف والنازيين الجدد على ساحة أوروبا بعد عقود طويلة بعد خفوت تأثيرها عقب الحرب العالمية الثانية ما قد يثير مخاوف بتصفية حساباتها السابقة.

ورغم هذه النتائج فإن الطريق ليس مفروشًا بالورود أمام أحزاب اليمين ومناصريه إذ إن اليمين المتطرف منقسم إلى كتلتين لا يزال تقاربهما غير مؤكد بسبب خلافات كبيرة بينهما، خاصة فى ما يتعلق بروسيا وتمجيد القومية البيضاء وسياسات الهجرة والعداء للمسلمين والعرب.

فى المقابل يتوقع تجمع أحزاب اليسار والوسط فى ائتلاف أكبر، بحيث يضم حزب «الشعب الأوروبى» و«الاشتراكيين الديمقراطيين والليبراليين»، ما يشكل كتلة تصويتية تتجاوز اليمين، وقد يعرقل مساعى اليمين لإصدار تشريعات ضد الوحدة الأوروبية أو ضد المهاجرين.

ومن المتوقع أن تتغير سياسة الاتحاد الأوروبى، تجاه المهاجرين والمسلمين خاصة فى ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا.

كما قد يتعرض المهاجرون بالفعل للضغوط على مستوى الحقوق الخاصة بممارسة الشعائر الدينية، أو على مستوى الحقوق القانونية المرتبطة مثلًا بالإقامة والحصول على الجنسية أو أيضًا على مستوى الحقوق المادية.