السبت 27 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بوابة عبور ثورة 23 يوليو

لعبت الإذاعة المصرية دورًا محوريًا فى ثورة 23 يوليو، حيث شهدت بث أول بيان للثورة بصوت الرئيس الراحل أنور السادات، والذى كان وقتها أحد الضباط الأحرار، إيذانًا ببدء عهد جديد يمهد لقيام الجمهورية وسقوط الملكية وزوال الاستعمار الإنجليزى، وفى هذا الإطار حرصت «روزاليوسف» على التحدث مع عدد من رواد الإذاعة المصرية الذين عاصروا ثورة 23 يوليو.



كان الإذاعى الكبير فهمى عمر، رئيس الإذاعة المصرية الأسبق، أول مذيع يستقبل بيان ثورة 23 يوليو.

ذهب «عمر» إلى مبنى الإذاعة صباح يوم الأربعاء عام 1952 ليبدأ فترة مناوبته وفقًا لجدول المذيعين، وهناك وجد ضباطًا وعساكر مصريين يحيطون بالضابط البكباشى أنور السادات.

سألوه عن هويته فأخبرهم أنه مذيع وسمحوا له بالدخول، صعد إلى الاستديو وقدم «السادات» ليلقى بيان الثورة فى تمام السابعة والنصف صباحًا.

أكد «عمر» أن السادات كان اختيارًا موفقا لإلقاء بيان الثورة، فلم يكن شخصًا عاديًا بل كان معروفًا لدى ضباط الجيش. وقال: «كان كل همنا أن نقول يسقط الاستعمار وننادى بخروج الإنجليز من مصر»، لافتا إلى أنها كانت فترة كلها كفاح للشعب المصرى، من عمال وطلاب وفلاحين وموظفين، فالكل كان يريد رحيل الاستعمار، وجاءت الثورة فحققت هذا الهدف الذى كان يجيش فى قلوبنا جميعًا، ولولا ثورة 23 يوليو ما خرج الاستعمار.

وأكد «عمر» أن الإذاعة كانت المصدر الأول والرئيسى للمواطن فى تزويده بالمعلومات والأخبار، من خلال جهاز الراديو الذى كان يعمل بالبطارية فى ذلك التوقيت، وكانت الإذاعة تقدم مختلف الموضوعات لكل فئات المجتمع، فالمرأة تجد برامج تخصها، والتلاميذ يجدون برامج تعليمية ودروسًا بها، لقد علمت الإذاعة الفلاح الزراعة، وعلمت العامل كى يجيد فى صنعته من خلال ركن العمال.

وتابع: «الإذاعة مصدر الثقافة وحينما انطلقت عام 1934 اتخذت لنفسها مكانا متميزًا، من خلال مذيعيها المجيدين للغة عربية صحيحة، وبرامجها، فلا تقدم أى كلمة مبتذلة أو أغنيه تافهة».

ونفى الإذاعى الكبير هجوم الإنجليز على مبنى الإذاعة وقت الثورة، مؤكدا أن هذا الأمر لم يحدث مطلقًا.

صوت العرب

قال الإذاعى الكبير محمد مرعى، رئيس شبكة صوت العرب الأسبق: إن شبكة صوت العرب كانت بمثابة الذراع الإعلامية لثورة 23 يوليو، وابنة الثورة المصرية.

وأضاف «مرعى» أن «صوت العرب» كانت مشروع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر شخصيًا الذى أمر به، فهو كان يخطط بأن يكون هناك صوت إذاعى يعبر عن ثورة مصر وأهدافها، وناطق باسم الثورة المصرية.

وأضاف «مرعى»، أن الدليل على أن صوت العرب مشروع الرئيس الراحل عبد الناصر، أنه كان يتابع باستمرار أعمال اللجان التى أطلقت لتأسيس إذاعة صوت العرب موجهة للعالم العربى، وظل الأمر على هذا النحو حتى أبلغوه بانتهائهم من العمل وأنهم جاهزون لإطلاقها فلم ينتظر عبد الناصر لإعلان هذا الإنجاز الإعلامى الكبير وقت الاحتفال بعيد الثورة وأطلق صوت العرب يوم 4 يوليو 1953 قبل الذكرى الأولى للثورة بثلاثة أسابيع.

وأشار إلى أن «صوت العرب»، مناصرة لشعوب وثورات الأمة العربية التى تناضل من أجل القضاء على الاستعمار، لأن فى الوقت الذى قامت فيه الثورة المصرية فى 23 يوليو، كانت المنطقة العربية كلها خاضعة للاستعمار الإنجليزى والفرنسى والإيطالى.

ولفت إلى أننا كنا فى حاجة إلى صوت إعلامى يعكس هذا المبدأ وهو مناصرة الشعوب العربية، ودعمها إعلاميًا من خلال الأخبار والبرامج المختلفة.

وأردف الإذاعى الكبير: «لقد أسهمت صوت العرب فى تحرير الدول العربية، وثورة الجزائر أكبر دليل، حيث إن صوت العرب دعمتها وعبرت عنها وكان أبطال الثورة الجزائرية يأتون للإذاعة ولهم برامج لدينا يخاطبون بها العالم العربى ويتحدثون عن الاستعمار الفرنسى».

وأوضح أن شبكة صوت العرب لم تكن سياسية فقط وإنما كانت متنوعة تقدم الجزء السياسى على يد المذيع الكبير أحمد سعيد مؤسسها، والجزء الفنى والمنوعات على يد المذيعة نادية توفيق، وبخاصة أن الإذاعة بدأت بنصف ساعة فقط.

وعن ذكرياته مع الثورة، كشف عن أن علاقته مع ثورة 23يوليو بدأت وكان وقتها تلميذًا فى مرحلة الثقافة «الإعدادى» حاليًا بعد الابتدائى، وكان فى مدرسة فى مسقط رأسه بالمحلة الكبرى عام 1953، نفس عام انطلاق صوت العرب، ولاحظ مع زملائه من التلاميذ أن المدرسة متهالكة وتكاد تسقط على رءوسهم، فقرر السفر إلى القاهرة لمقابلة عبدالناصر والشكوى له، وفعلًا سافروا بالقطار وكانت لديهم مذكرة صغيرة كتبوها تضمنت شكواهم، وحينما وصلوا القاهرة سأل التلاميذ عن مقر قيادة الثورة وعرفوا أنها فى العباسية وذهبوا إلى هناك.

وتابع: خرج لنا ضابط من مكتب عبد الناصر وسألنا عن سبب تواجدنا وعرف الشكوى وأخبرنا بأن نعود إلى المنزل وأن المشكلة سيتم حلها، وبعدها بأسبوع فقط فوجئنا بأن لجنة برتب عسكرية جاءت إلى المدرسة وأجرت معاينة للجدران، وتم اتخاذ قرار بنقلنا إلى مبنى مؤقت وبناء مدرسة جديدة فى أسرع وقت.

وكشف «مرعى» عن أن علاقته مع الإذاعة  بدأت فى عام 1956، أثناء العدوان الثلاثى على مصر بعد إعلان تأميم قناة السويس، وكان وقتها طالبًا فى الجامعة، والإدارة أخبرتهم بأن الجامعة ستغلق مؤقتًا لحين مواجهة العدوان، وفى ذات الوقت،العدوان ضرب محطات إرسال الإذاعة  المصرية فى أبو زعبل.

وتابع: الثورة عملت ما يسمى بهيئة التحرير تشبه الحزب وكان الفرع الخاص بها فى المحلة الكبرى طلب بعض الشباب الجامعى، ليقوم بعمل محطة إرسال بدائية بديلة للإذاعة لتوصيل الأخبار وانتصارات شعب بورسعيد ضد الإنجليز والمعتدين.

وأوضح أن المحطة كانت عبارة عن عربة حنطور يجرها حصان وميكرفون نقول فيه الأخبار للناس كبديل للراديو.

مصدر للمعلومات

الإذاعى الكبير حازم طه قال: إن الإذاعة دورها تاريخى فى دعم الثورة، ووقت عيد الثورة كنا مثل أى بيت مصرى ينتظر خطاب الرئيس الراحل عبد الناصر فى الإذاعة، فالبلد كلها يترقب هذا الخطاب، لافتًا إلى أن الاعتماد كان كليًا على الإذاعة  فلم يكن هناك وقتها تليفزيون.

وأضاف «طه»، أن الراديو كان يحتفل بالثورة من خلال الحفلات التى كانت تقام كل عام وتقدم أغانى الثورة التى يقدمها كبار المطربين مثل عبد الحليم حافظ ونجاة وشادية.

وتابع أن الإذاعة  كانت مصدرًا مهمًا للمعلومات والثقافة، وكانت تحتفل على مدار أسبوع كامل بالثورة من خلال برامجها وتقديم الأغانى الوطنية.

وأشار إلى أنه من ضمن مظاهر الاحتفال بالثورة، كان هناك وزارة الإرشاد القومى قبل إنشاء وزارة الإعلام، وكانت تقوم بمهام وزارتى الثقافة والإعلام، وكانت تقيم احتفالات فى مختلف محافظات الجمهورية عن طريق عربات تنزل الشوارع تقدم عروضًا غنائية ومسرحية واسكتشات، كانت بمثابة مسرح متجول.

 

فهمى عمر: قدمت السادات لإلقاء أول بيان للثورة من داخل الاستديو 

 

 

محمد مرعى: عبدالناصر أطلق «صوت العرب» لتكون الذراع الإعلامية للثورة

 

 

 

حــــازم طه: الإذاعة كانت مصدرًا مهمًا للمعلومات قبل ظهور التليفزيون