الثلاثاء 3 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كنوز مصر المخفية

كنوز مصر المخفية

مصر بلد عظيم وعريق ليس لها مثيل على وجه الكرة الأرضية لما تمتاز به من جو بديع وطبيعة ساحرة وموقع جغرافى فريد من نوعه وحضارة تمتد لأكثر من 7 آلاف سنة عبر التاريخ، وكأن الله سبحانه وتعالى قد خلق مصر ثم جاء بعدها التاريخ فهى منبع الحضارات الإنسانية على مر العصور وهى مهبط الديانات السماوية وكل عظماء وملوك العالم كان هدفهم الأول والآخر الوصول إلى مصر والاستقرار على أرضها.



فكل قطعة فى مصر لها قصة ولها تاريخ عظيم لا يتخيله عقل من كثرة ما تفاجئ به من معلومات مذهلة .. ففى الأيام الماضية وقع بين يدى كتاب الدكتورة سعاد ماهر محمد رحمها الله أستاذة الآثار الإسلامية  «مساجد مصر وأولياؤها الصالحون»  وما قرأته فى هذا الكتاب الذى ينقل لنا دراسة عن أهم مساجد مصر كان مفاجأة حقيقية لى ولأمثالى لكن لفت نظرى فى هذا الكتاب العظيم ما كتبته الدكتورة سعاد عن جبل المقطم وما به من كنوز وآثار عظيمة وأيضا تاريخ طويل حافل بالإثارة والتشويق عن أصل هذا الجبل وأهميته ولن أدخل هنا فى تفاصيل تكوين جبل المقطم من الناحية الجيولوجية أو مواصفاته لكن عن طبيعة وأصل هذا الجبل.

فالدكتورة سعاد ماهر تنقل لنا من كتب التاريخ أن الوالى عمرو بن العاص عندما دخل مصر وانتصر على الرومان رفض القائد الرومانى أن يسلمه جبل المقطم وطلب شراءه لو بوزنه ذهب على أن يكون هذا المكان مخصص لدفن موتاهم وعندما سأله عمرو بن العاص رضى الله عنه عن السبب فرد عليه بأنه فى كتبهم أن هذا الجبل غرس من غراس الجنة فكتب عمرو بن العاص إلى الخليفة عمر بن الخطاب بذلك فرد عليه خليفة المسلمين بأننا أولى بهذا الجبل من غيرنا وسمح أن يكون الجبل للأديان الثلاثة الإسلامية والمسيحية واليهودية وأن تخصص أماكن لإقامة مقابر فى هذا المكان ولإقامة دور عبادة للأديان الثلاثة أيضا وهو ما يظهر حتى الآن من وجود مقابر ومعابد مسيحية ويهودية بجانب المقابر والمساجد الإسلامية، بالإضافة إلى أن الجبل به وادى يسمى وادى المستضعفين وهو أحد أهم الأودية التى تقول عنها الدكتورة سعاد ماهر أنه كان أحد الأماكن التى كان نبى الله موسى عليه السلام يتعبد فيها هو وقومه هربًا من بطش فرعون وجنوده ومع مرور الوقت أقام على مقربة من هذا الوادى الإمام ابن الفارض أحد أهم أئمة التصوف فى هذا الزمان.

والذى كان يذهب إلى وادى المستضعفين فى خلوته التى قد تطول فى كل مرة لتصل لأكثر من شهر وعندما سئل عن سبب انقطاعه فى هذا المكان أجاب أنه أقرب مكان يناجى فيه الله ويشعر بالاستجابة فيه ويتأكد أنه قريب من الله عز وجل.

بالإضافة إلى أن هذا المكان العظيم به العشرات من مقامات أولياء الله الصالحين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقاموا فى مصر وعند موتهم أوصوا أن يدفنوا فى هذا المكان المبارك منهم عقبة بن عامر الصحابى الجليل الذى كان يقود فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم عبدالله بن عمرو بن العاص، وغيرهم من الصحابة وفى هذا المكان أيضا كنيسة أبو سرجة أو كنيسة الكهف الأثرية التى أقام بها السيد المسيح عندما جاء مع أمه السيدة مريم العذراء ومكثا فى هذا المكان فترة داخل هذه الكنيسة التى تعد من أقدم الأماكن المسيحية فى مصر وغيرها من الأماكن والآثار للأديان الثلاثة.

هذا المكان يحتاج الآن إلى أن يصبح مكانا سياحيا مفتوحا ويحتاج أن يسلط الضوء عليه كأحد أهم وأعظم الأماكن الدينية والسياحية والأثرية وليس فقط أحد أهم الأماكن السكنية كما يظن البعض الآن، ففى الحقيقة مصر بلد جميلة كل يوم تكتشف أنها بالفعل هى أم الدنيا وأنها لا مثيل لها وعلينا أن نعيد اكتشافها وتقديمها للعالم من جديد كأحد أهم بقاع الأرض.

حفظ الله مصر شعبًا وقيادة.