د.عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان لـ«روزاليوسف»: الأسرة .. خط الدفاع الأول لحماية أبنائها من المخدرات
عبد الوكيل أبوالقاسم
يستعد صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى لاستقبال العام الدراسى الجديد من خلال برنامج وقائى ضخم يستهدف 10 آلاف مدرسة فى جميع محافظات الجمهورية، بحسب الدكتور عمرو عثمان، مدير الصندوق.
وقال “عثمان” فى حوار لـ”روزاليوسف”: إن حملات الكشف عن المخدرات تستهدف سائقى الحافلات المدرسية، بجانب تفاصيل أخرى كشف عنها فى الحوار التالي:
■ كيف استعد الصندوق للعام الدراسى الجديد لتوعية الطلاب بخطورة تعاطى المخدرات؟
- هناك ثلاثة محاور للوقاية من المخدرات، وهى الأسرة والمدرسة والإعلام، والآن نستعد ببرنامج وقائى ضخم يستهدف 10 آلاف مدرسة فى كل محافظات الجمهورية يضم المراحل التعليمية الإعدادية والثانوية، ولدينا آلاف من الشباب المتطوعين للعمل على هذا البرنامج فى المدارس المحددة بالمحافظات، كما أن لدينا رابطة بها 30 ألف شاب متطوع، وعندنا ما يقرب من 4 آلاف شاب متطوع مدرب على برنامج المدارس، هذا بالإضافة إلى الكشف عن المخدرات بين سائقى أتوبيسات المدارس، وفى 2017 كانت نسب التعاطى بين سائقى الحافلات المدرسية 12%، والآن أصبحت 0.5%، ونأمل أن تختفى نهائيًا.
■ ما موعد إجراء المسح القومى الشامل لظاهرة تعاطى وإدمان المخدرات؟
- مصر تتبع أسلوب المكاشفة والشفافية فى رصد مشكلة المخدرات، وبالتالى نحن عندنا مسح قومى شامل كل خمس سنوات، يتم إجراؤه بالتعاون مع المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية والأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة والسكان، ونستعد الآن لإجراء المسح الشامل.
وفى أمريكا عام 2023 تم إعلان ما يقرب من 130 ألف حالة وفاة جراء الجرعات الزائدة من المخدرات التخليقية، فهذا مؤشر لـ«غول» يهدد العالم.
وخطة المسح تستهدف رصد حجم وأبعاد مشكلة تعاطى وإدمان المواد المخدرة والمواد المؤثرة فى الحالة النفسية فى المجتمع المصرى، مما يساعد متخذ القرار على تطوير سياسات المواجهة وتنفيذ تدخلات وقائية ناجحة للحد من هذه الظاهرة.
ومن المهم توحيد البيانات الوطنية والجهود المبذولة فى مجال خفض الطلب على تعاطى المخدرات وفقًا للمعايير الدولية التى تشير إلى ضرورة تتبع الظاهرة ورصد حجمها والتغيرات التى تطرأ عليها كل 5 سنوات.
■ ما أهم الحملات التوعوية التى قام بها الصندوق خلال الفترة الأخيرة؟
- لدينا طريقتان فى عملية التوعية، أولًا: طريقة الاتصال الجماهيرى، من خلال حملات جماهيرية أو حملات إعلامية، وذلك من خلال الاتصال الجماهيرى فى المدارس والجامعات.
ونعتمد فى الاتصالا الجماهيرى على كل النقاط التى بها تجمعات للتواجد فيها، وكان لدينا على سبيل المثال معرض مهم فى مدينة العلمين الجديدة، ولدينا نقاط فى 6 محطات مترو أنفاق كبرى.
وتواجدنا أيضًا خلال الأيام القليلة الماضية فى معسكر حلايب وشلاتين لإعداد القيادات التطوعية للشباب من أبناء المناطق تحت عنوان “قوتنا فى شبابنا” لمناهضة تعاطى المواد المخدرة وحماية الشباب من الإدمان، وتنفيذ الأنشطة وتوصيل رسائل التوعية التى تتماشى مع المراحل العمرية المختلفة.
■ هل تنفذون حملات فى قرى حياة كريمة؟
- نحن متواجدون فى 750 قرية من قرى حياة كريمة بأنشطة توعوية مستدامة، وكذلك فى مراكز الشباب والمدارس والجامعات خلال فترة الدراسة، وأيضًا فى الأحياء البديلة للعشوائيات فى 9 مناطق. لدينا 9 عيادات مجتمعية تقدم المشورة وخدمات علاج الإدمان داخل المناطق المطورة. خلال الفترة الماضية، تم تنفيذ ما يقرب من 170 ألف زيارة لطرق الأبواب من خلال متطوعين من هذه المناطق.
فيما يتعلق بالحملات الإعلامية، نحن فخورون بحملاتنا التى تأتى بنتائج متميزة.
رأس الحربة لهذه الحملات هو الكابتن محمد صلاح، وقد حقق أهدافًا كبيرة جدًا. هذه الحملات أسهمت فى زيادة الاتصالات على الخط الساخن بمعدل حوالى أربعة أضعاف.
على سبيل المثال، الحملة التى نُفذت فى رمضان الماضى حققت ما يقرب من 76 مليون مشاهدة على وسائل التواصل الاجتماعى، مما يؤكد حجم التفاعل مع الحملات.
■ كيفية الاكتشاف المبكر للإدمان؟
- الأسرة هى خط الدفاع الأول، خاصة فى المجتمع المصرى والعربي. فهى العنصر الأهم فى مواجهة مشكلة المخدرات بين أبنائها.
المشكلة الكبرى تكمن فى أن 58% من المدمنين يعيشون مع الأب والأم، وهذا يعنى أن فكرة الانفصال أو سفر الأب أو الأم ليست هى المشكلة الرئيسية فى الإدمان، بل التواصل والتوعية وحماية الأبناء هى الأساس.. بداية حماية الأبناء تكون من خلال الحوار والتواصل معهم ومعرفة مؤشرات الاكتشاف المبكر، مثل العزلة، العصبية، الكذب، المراوغة، تغير نمط السلوك، تغييرات فى النوم، وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والتحصيل الدراسى.
هذه كلها إشارات سلوكية تعتبر إنذارًا للأسرة. بعض الأسر تأتى لنا لتقول: إن ابنهم أو بنتهم قد دخلوا دائرة المخدرات منذ سنوات ولم يكونوا على علم بذلك، ولذلك من الضرورى أن يكون لدى الأسر الوعى الكامل بكيفية الاكتشاف المبكر.
من خلال حملات طرق الأبواب التى يقوم بها الصندوق، نستهدف بشكل خاص توعية الأسر، وخاصة الأمهات.
■ كيف يتم الكشف عن المخدرات؟
- لدينا عدة محاور للكشف عن المخدرات. بدأنا بالكشف على العاملين فى الجهاز الإدارى للدولة، ونحن الآن قد انتهينا من الكشف على 800 ألف موظف، واستطعنا تقليل نسبة التعاطى من 8% فى عام 2019 إلى 1% حاليًا.
لا يوجد موظف فى الدولة اليوم إلا ويخضع للكشف عن المخدرات عند ترقيته أو ندبه أو من خلال الحملات المفاجئة.
هناك أيضًا حملات للكشف على سائقى المهن، بالتعاون مع الإدارة العامة للمرور، حيث يتم الكشف سنويًا على حوالى 90 ألف سائق، وكذلك يتم إجراء تحاليل المخدرات لسائقى الحافلات المدرسية.
■ حدثنا عن آخر التطورات فى تعاطى المخدرات؟
- كل المواد المخدرة خطرة، حتى الحشيش الذى يتم الآن خلطه بمواد كيميائية. فكرة أن الحشيش نقى ومادة طبيعية غير صحيحة، حيث يتم خلطه بمواد تزيد أعراض الإدمان.
أما بالنسبة للمواد الاصطناعية، فقد كانت تشكل حوالى 8% من المترددين على صندوق الإدمان فى عام 2019، ولكن الآن حوالى 30% من المتقدمين للعلاج لديهم مشكلة فى إدمان المواد التخليقية، مما يشير إلى تزايد هذه المشكلة.
دائمًا أقول: إن أكبر خطر فى هذا الإدمان هو عندما يعتقد الشاب أنه يمكنه التجربة دون الانخراط فى التعاطى، ولكن هذا التفكير خطأ، حيث يدخل الشخص فى دائرة الإدمان بشكل مخيف.
السواد الأعظم من الذين يتعاطون المواد التخليقية يعانون اضطرابات نفسية حادة، وبالتالى يتم علاجهم من الإدمان وأيضًا من الأمراض والاضطرابات النفسية التى تنتج عن تعاطى هذه الأنواع.
■ ما أخطر أنواع المخدرات؟
- من واقع المترددين على العلاج، نجد أن الحشيش هو الأكثر شيوعًا، وما يُقال عن أنه ليس إدمانًا هو كلام خاطئ، فالحشيش يعتبر إدمانًا فعليًا، والدليل على ذلك أن 50% من المترددين على مراكز العلاج، البالغ عددهم 170 ألف مريض سنويًا، يتعاطون الحشيش.
يأتى بعده الهيروين ثم الترامادول والمواد التخليقية. وقد ظهر نمط جديد هو التعاطى المتعدد، حيث يتعاطى المريض أكثر من مادة مخدرة فى نفس الوقت، وهذا يشكل كارثة كبيرة لأن التداعيات الصحية والنفسية تكون وخيمة جدًا.
■ كم يبلغ عدد المراكز العلاجية على مستوى الجمهورية؟
- نجحنا فى توسيع التغطية الجغرافية لخدمات علاج الإدمان لتشمل جميع المحافظات.
كانت الخدمة فى عام 2014 تقتصر على 12 مركزًا علاجيًا فى 9 محافظات، والآن لدينا 33 مركزًا فى 19 محافظة، تتعامل مع 170 ألف حالة سنويًا.
نحن نقدم العلاج مجانًا وفى سرية تامة، على الرغم من الضغوط الاقتصادية.
قريبًا سيتم افتتاح 6 مراكز علاجية جديدة فى محافظات أسوان، سوهاج، الجيزة، الشرقية، دمياط، والغربية، ما يعد تطورًا كبيرًا فى البنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك، تطوير البرامج العلاجية أصبح غاية فى الأهمية.
■ حدثنا عن تفاصيل الدراسة التى أعدها الصندوق؟
- تم إطلاق نتائج الدراسة التى أعدها الصندوق حول تطبيق برامج الدمج المجتمعى للمتعافين من الإدمان وأثرها على تحسين جودة حياتهم، تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء.
فكرة العلاج لا تقتصر على العلاج الطبى فقط، بل تشمل التأهيل النفسى المتكامل، والدمج المجتمعي، والإرشاد الأسرى.
نقدم اليوم أنشطة ثقافية ورياضية ومجتمعية، والجديد هو التمكين الاقتصادى. فى العام الماضى، استفاد حوالى 14 ألف متعافٍ من التدريب المهنى، حيث يتم تدريبهم على مهن يحتاجها سوق العمل.
المراكز الآن تُدار بسواعد المتعافين من الإدمان، ونحن نوفر لهم قروضًا بالتعاون مع بنك ناصر الاجتماعى، حيث تصل قيمة القروض إلى حوالى 100 ألف جنيه للمتعافى.
■ كم تبلغ نسبة الإناث بين المتعاطين للمواد المخدرة؟
- هناك من ٥ إلى ٦ %من المترددين للعلاج من الإناث ولدينا أقسام متخصصة لعلاج الإناث، كما أن لدينا أقسامًا لعلاج المراهقين وهناك برامج مخصصة لهم، وهناك برامج وعلاج موجهة للسيدات الحوامل.
■ حدثنا عن استفادة الدول الأخرى من التجربة المصرية فى مكافحة وعلاج الإدمان؟
- لدينا معرض للتجربة المصرية فى مؤتمر الأمم المتحدة الذى يعقد سنويًا، وتجربتنا تكون منبرًا داخل الأمم المتحدة، أيضًا مصر أصبحت بيت خبرة للدول العربية ونساعدهم بشكل كبير.
كان هناك من قريب دعم لدولة العراق وقريبًا سيكون هناك دعم لدول مجلس الدول الخليجى فى دعم إعداد الخطة الخليجية.
وضعنا الخطة العربية فى مجال خفض الطلب على المخدرات التى تم إطلاقها فى مارس ٢٠٢٣ وهى نبراس أو دليل لكل الدول العربية التى تقوم بتطوير سياساتها فى مجال مكافحة الإدمان.
■ كم عدد الخدمات المقدمة من الخط الساخن خلال عام 2023؟
- منذ بداية عام 2023 وحتى شهر أغسطس قدم الخط الساخن للصندوق “16023” خدمات لعدد 107 آلاف و931 مريضًا “جديد ومتابعة”، منهم 15179 مريضًا من أبناء المناطق المطورة “بديلة العشوائيات” مثل الأسمرات، والمحروسة، وروضة السودان، وروضة السيدة، وأهالينا، وإسطبل عنتر، والخيالة، بشايرالخير، وحدائق أكتوبر”.
وتنوعت الخدمات ما بين مكالمات للمتابعة والمشورة والعلاج والتأهيل والدمج المجتمعى، وأن الخدمات العلاجية تقدم للمرضى مجانًا ووفقًا للمعايير الدولية.
وبلغت نسبة الذكور من هذه الخدمات 96% بينما بلغت نسبة الإناث 4%، حيث تردد المرضى على المراكز العلاجية التابعة للصندوق والشريكة مع الخط الساخن رقم “16023” وعددها 33 مركزًا بـ 19 محافظة حتى الآن.
وحول ترتيب المحافظات، تأتى محافظة القاهرة فى المرتبة الأولى طبقًا لأكثر المكالمات الواردة للخط الساخن بنسبة 29%، تليها محافظة الجيزة بنسبة 16%، ويرجع ذلك إلى الكثافة السكانية للمحافظتين ووجود العديد من المراكز العلاجية التابعة والشريكة مع الصندوق.
وفيما يتعلق بمصدر معرفة الخط الساخن لعلاج الإدمان “16023” جاء الإنترنت فى الصدارة، ويأتى ذلك انعكاسًا للمجهودات التوعوية الإلكترونية للصندوق.. ووفقًا لتحليل بيانات المستفيدين من الخدمات العلاجية خلال أول 8 أشهر من عام 2024، تبين أن أكثر المواد المخدرة انتشارًا “الحشيش والهيروين والمخدرات الاصطناعية، الأستروكس والفودو والبودر والشابو، والتعاطى المتعدد، “تعاطى أكثر من مادة مخدرة “.
مصادر الاتصالات كانت المريض نفسه بنسبة 28% يليه الأشقاء (أخ-أخت) بنسبة 27% ثم الأم بنسبة 12%، مما يدل على تزايد الثقة فى خدمات الخط الساخن من قبل المرضى وأسرهم.
■ ما العوامل الدافعة للتعاطى؟
- العوامل الدافعة للتعاطى وفقًا لنتائج الخط الساخن جاءت فى المقدمة حب الاستطلاع بنسبة ٥٣٪ تليها أصدقاء السوء بنسبة ٣٣٪.
وفيما يتعلق بالعوامل الدافعة للعلاج وفقًا لنتائج الخط الساخن جاءت فى المقدمة عدم القدرة المادية بنسبة ٣٥٪ تليها المشاكل الصحية الجسدية والنفسية بنسبة 26٪ ثم المشاكل فى العمل والخوف من الفصل وتطبيق القانون عليه بنسبة 7٪.. ونحن مستمرون فى الخط الساخن لعلاج الإدمان “16023” أيضًا فى تلقى الاتصالات من أى موظف يتعاطى المواد المخدرة، حيث يتم توفير الخدمات العلاجية مجانًا وفى سرية تامة طالما أنه تقدم طواعية للعلاج، دون أى مساءلة قانونية قبل نزول حملات الكشف إلى مكان عمله وخضوعه لتحليل الكشف عن التعاطى، ومن دون ذلك يتم اتخاذ الإجراءات القانونية.