الأعاصير المناخية والسياسية تحدد حاكم «البيت لأبيض»

على مدار التاريخ السياسى الأمريكى، حمل شهر أكتوبر دائما مفاجآت غيرت مسار الانتخابات الرئاسية التى تجرى عادة فى الثلاثاء الأول من نوفمبر، إذ أدى تكرار الأحداث غير المتوقعة فى هذا الشهر، والتى تؤثر بشكل جذرى على نتائج السباق إلى صياغة مصطلح «مفاجأة أكتوبر» المخيف بالنسبة لحملات المرشحين.

وتأتى «مفاجأة أكتوبر» فى صورة تطور دبلوماسى مفاجئ على الساحة الدولية، أو فضيحة سياسية قديمة يتم تسليط الضوء عليها عبر تسريبات صوتية أو مقاطع فيديو أو حتى من خلال تقارير ووثائق، أو حدث محلى كبير مثل كارثة طبيعية، أو جائحة، أو تحقيق جنائى جديد، أو إضرابات واحتجاجات.

ومنذ بداية السباق الانتخابى للرئاسة الأمريكية، حدث العديد من التقلبات السياسية الصادمة، إذ نجا أحد المرشحين من محاولتى اغتيال، وأدين بارتكاب جريمة، أما المرشح السابق جو بايدن، فقد اضطر إلى الانسحاب من السباق، تاركا المجال لنائبته، لكن عندما تأتى المفاجآت فى أكتوبر لا يكون للمرشح ما يكفى من الوقت لاسترجاع طاقته بعد أى هفوة أو تعثر، ونتذكر مثالا على ذلك، عندما حصل «ترامب» على الرسائل الإلكترونية التى بعثت بها هيلارى كلينتون فى 2016.

ووقعت فى الجزء الأول من هذا الشهر عواصف سياسية كفيلة بإشعال السباق بين الحملتين،  فلا تزال ست ولايات أمريكية تعانى من إعصار هيلين، وأغلقت الموانئ بسبب إضراب 45 ألف عامل، والشرق الأوسط على صفيح ساخن، وقضايا «ترامب» الجنائية تعود للساحة مجددًا.

الخلاف حول «هيلين»

العاصفة السياسية الأولى، هى عاصفة حقيقية، إذ اجتاح إعصار «هيلين» مقاطعتين انتخابيتين أساسيتين، هما جيورجيا وكارولينا الشمالية، وأصبح الإعصار قضية سياسية حازت على تركيز الحملة الانتخابية بالولايتين، وتعهدت «هاريس» بمساعدة طويلة الأمد للمنطقتين، لكن «ترامب» زعم أن الأمريكيين لا يجدون أموال المساعدة فى حالات الطوارئ، لأنها أنفقت على المهاجرين، واتهمت إدارة «بايدن» الجمهوريين بنشر «الأكاذيب» بشأن تمويل التكفل بالمتضررين من الكوارث الطبيعية.

الشرق الأوسط

الحرب فى غزة، تنذر بتفجير نزاع إقليمى شامل، بعد أن توغلت القوات الإسرائيلية فى لبنان، وأطلقت إيران مئات الصواريخ على إسرائيل، وتبخرت كل الآمال فى التوصل لوقف لإطلاق النار بغزة قبل الانتخابات، إلا أن البيت الأبيض يسعى حاليًا إلى ضمان ألا يتحول الرد الإسرائيلى الحتمى على الهجمات الإيرانية إلى حرب شاملة.

وسبب التزام «هاريس» بتزويد إسرائيل بالأسلحة مشكلة للمرشحة الرئاسية مع وجود مكونين اثنين بين الناخبين الديمقراطيين، هما العرب الأمريكيون فى ولاية ميشيجان التى تسعى للفوز فيها، والناخبون الشباب فى الجامعات، حيث يُحتمل أن تعود الاحتجاجات المناهضة للحرب إلى نشاطها، وتختبر الأحداث الجارية أين تنتهى «هاريس» نائبة الرئيس وأين تبدأ هاريس المرشحة؟   

كما أثار النزاع فى الشرق الأوسط مخاوف مالية فى العالم، فقد تسببت إشارة «بايدن» إلى إمكانية أن تضرب إسرائيل المصافى الإيرانية فى ارتفاع أسعار النفط بنسبة تزيد على 5%، وأكثر ما يشغل بال المستهلك الأمريكى هو ارتفاع سعر الوقود.

وتعتبر المواجهة بين إيران وإسرائيل أكبر احتمال لقلب الأمور فى عام 2024، فإذا شنت إسرائيل هجومًا على القدرات النووية الإيرانية، فمن المحتمل أن يفيد ذلك ترامب، لأنه ليس ملزمًا باتخاذ أى إجراء، وسيكون بإمكانه انتقاد كيفية تعامل بايدن ونائبته.