وزير خارجية السودان يوسف أحمد الشريف لـروزاليوسف:
القارة الإفريقية تواجه استعمارًا جديدًا.. وتدفع فاتورة الصراع بين القوى الكبرى
فريدة محمد
حذر السفير الدكتور على يوسف أحمد الشريف، وزير خارجية السودان، من المخاطر التى تتعرض لها دول القارة الإفريقية بسبب ما وصفه بالاستعمار الجديد، الذى يتخذ شكلًا جديدًا لنهب ثروات دول القارة عبر أجندات خارجية، منوهًا إلى أن القارة الإفريقية تواجه خطر الاستعمار الجديد، وتدفع أيضًا فاتورة الصراع بين القوى الكبرى.
أكد وزير الخارجية السوداني، فى حواره لـ «روزاليوسف»، أن السودان يعانى بسبب المخططات الاستعمارية، لذا يسعى جاهدًا للحفاظ على سيادته ومصالحه، عبر رفضه لمخططات تستهدف التدخل العسكرى الدولى تحت مسمى حماية المدنيين السودانيين، موضحا أن الجيش يسعى لضرب الميليشيا المتمردة للحفاظ على الدولة، فى الوقت الذى تقوم فيه الدولة المصرية بجهود وتحركات سياسية للتوصل لحل سلمى لإنهاء الحرب، وإلى تفاصيل الحوار..
■ بداية.. كيف تقرأ سيناريوهات الحل فى ظل تعقد الوضع داخل السودان ودخول أطراف متعددة على خط الأزمة؟
- السودان يشهد ظروفًا غاية فى التعقيد والخطورة، والسيناريو الأول «السيناريو العسكري» حيث يتمكن الجيش من ضرب الميليشيا المتمردة للحفاظ على الدولة وهو ما يجرى الآن خلال العمليات التى تتم على الأرض حاليًا، والقوات المسلحة السودانية تسعى للحفاظ على وحدة الدولة واستقرارها، والمواجهة العسكرية تسعى لإزالة أثر الميليشيا من الحياة السياسة والعسكرية السودانية، ولا شك أن الدولة سعت لهذا التحرك من خلال الحلول السلمية أيضًا.
فهناك جهود سياسية للتوصل لحل سلمى واتفاق ينهى الحرب وأى حرب يجب أن تنتهى على مائدة المفاوضات وندعم الاتجاه للحل، وهدفنا الرئيسى هو إنهاء الحرب والاتجاه نحو المسار السياسى الذى لا يمكن أن يبنى إلا على أساس اتفاق جدة الموقع فى 11 مايو 2023 الذى أبرم بعد الوساطة السعودية الأمريكية «إعلان جدة».
السودان يقوم بتحركات سياسية واتصالات سياسية متنوعة مع دول الجوار وعدد من دول العالم، لتأكيد أن ما يحدث ليس خطرًا فقط على السودان، إنما على دول الجوار أيضًا، والسودان يجب أن يعود إلى موقعه بالاتحاد الإفريقى ويجب التعامل مع القضية السودانية بصورة إيجابية ونتحدث مع المسئولين بخصوص هذا الأمر.
■ ماذا عن اليوم التالى للحرب؟
- لا بد من التأسيس لدولة مدنية ديمقراطية والشعب يقرر من يحكم بالانتخابات، ونحتاج فترة انتقالية لتجاوز المرحلة الحالية ثم نترك المجال للمنافسة بين القوى السياسية فى الانتخابات ويختار الشعب وقتها من يريد.
■ كيف ترى الأسباب التى وصلت بالسودان لما عليه الآن؟
- الاطماع فى الموارد وصلت بالسودان إلى ما هو عليه الآن، فهناك أطماع مرتبطة بالثروات وموقعه الاستراتيجى وقربه من البحر الأحمر ووجوده فى قلب إفريقيا، والأطماع كبيرة تجاهه وتزيد الأمر تعقيدًا، لكننا نتحرك للحفاظ على سيادته ومصالحه.
■ كيف يمكن قراءة ما تتعرض له دول القارة الإفريقية من تحدٍ؟
- بعض الدول تسعى لاستهداف مصر وما يحدث فى السودان شكل من أشكال الاستهداف غير المباشر لمصر، وهنا أذكر أن الأمن المائى أحد الملفات المهمة وهناك استهداف واضح لمصر فى هذا السياق، والدول التى تحاول التأثير على ملف المياه فى مصر بدرجة كبيرة تعلم أن هذا يشكل خطرًا يهدد الحياة، ويضر بالشعب المصرى ونتوقع جهودا لحلحلة المشاكل فى هذا الاتجاه فهناك توتر كبير بعد محاولة إثيوبيا النفاذ إلى البحر الأحمر عبر «أرض الصومال».
■ ما سبب اشتعال الأوضاع فى القارة الإفريقية وسبب التصعيد فى عدد من الاتجاهات؟
- سبب أزمة إفريقيا الاستعمار الجديد أو الحديث فالقارة تواجه شكلًا جديدًا من الاستعمار الذى يقوم على مساعدة من داخل الدول نفسها لنهب الخيرات والثروات «استعمار اقتصادي»، بمساعدة أطراف داخلية، وهنا أتحدث عن اختلاط الأجندات الوطنية مع الأجندات الاستعمارية الخارجية من أصحاب المصالح والأطماع فى الثروات.
وأكرر هنا أن الأخطر فى هذه المخططات أن أبناء بعض الدول يساهمون فى تنفيذ هذه المخططات بما يهدد الدول الوطنية بشكل مباشر، وأذكر هنا ما تقوم به ميليشيا الدعم السريع بدعم خارجى أحد أبرز الأمثلة للتحديات التى تواجه الدولة السودانية.
■ من وجهة نظرك متى بدأ هذا المخطط الذى يستهدف السودان؟
- المخطط الذى يواجهه السودان قديم وبدأ منذ انفصال الجنوب مرورًا بما حدث فى منطقة دارفور وصولًا إلى الوضع الحالي، والسودان يحاول الخروج من هذه الدائرة المفرغة التى دخل فيها وكلما حاول الخروج منها عاد إليها مجددًا كما يحاول مواجهة التحديات.
■ هل الانقسام بين القوى السياسية السبب فى هذه الدائرة المفرغة التى تتحدث عنها؟
- الانقسام لا شك أنه تسبب فى تعقيد الأزمات الداخلية للدولة، وأسهم فى عدم التوصل للحلول المأمولة.
■ حدثنا عن سيناريوهات الحلول السياسية فى السودان؟
- سيناريوهات الحلول السياسية المطروحة تقوم على ضرورة وقف الحرب أولًا وستتطلب المصالحة الوطنية الشاملة والمحاكمة العادلة لمن ارتكبوا جرائم فى حق أبناء الشعب السودانى، وهناك بعض الأفكار لمبادرات تستهدف تحقيق السلم الاجتماعى، ولا بد من التوقف عن فكرة حمل السلاح داخل المجتمع بما يحقق السلم الاجتماعى المستدام، وللوصول لمرحلة الاستقرار الكامل نحتاج لفترة انتقالية لمواجهة الآثار الناتجة عن الحرب التى تركت أثارًا سلبية داخل المجتمع السودانى ولا شك فى ذلك.
■ تحدثت عن الاستعمار الجديد وصراع الأجندات الخارجية التى تنعكس على إفريقيا.. هل هناك صراع بين القوى الكبرى على القارة؟
- إفريقيا تدفع فاتورة الصراع والتنافس بين كلٍ من المعسكر«الأمريكى الأوروبي» من جهة والمعسكر» الروسى الصيني» من جهة أخرى وكل ذلك ينعكس على المنطقة.
■ ماذا عن دور الأمم المتحدة؟
- هناك بعض الدول التى تنفذ أجندات من خلال «الدعم السريع» والأمم المتحدة تعلم ذلك وترصده جيدًا، والأمم المتحدة أول جهة أخرجت تقريرًا أن هناك أسلحة تخرج من مطار »جرس «للمتمردين فى السودان.
■ هناك مخططات تستهدف التدخل الخارجى فى السودان تحت مسمى حماية المدنيين وهذا أمر مرفوض بالنسبة للسودان .. من يقود هذا المخطط؟
- بعض الدول الغربية تسعى لتنفيذ هذا الأمر من خلال مشروع قرار داخل مجلس الأمن، لكن السودان يتحرك لإحباط هذا المشروع داخل الأمم المتحدة، وروسيا والصين لن يوافقا على هذا التصور.
■ كيف ترى الحل من وجهة نظرك لقضية سد النهضة؟
- مثل هذه الصراعات يتم القضاء عليها عبر المفاوضات المباشرة، والسودان يقدر الموقف المصرى ويسعى لاحتواء الأزمة الخاصة بقضية مياه سد النهضة من خلال التنسيق وبطرق سلمية ليكون هناك سلام فى المنطقة وتتحقق التنمية، لذا نؤكد أن حل التوترات والنزاعات بالطرق الدبلوماسية ضرورة لنصل لمرحلة السلام والوئام والاستقرار والتعاون، وهنا لا بد من الحديث عن تطبيق القانون الدولى لأن الممارسات الحالية تضر بمصر والسودان.
■ لكن هذا الملف خضع لمناقشات ومباحثات عديدة وفى كل مرة تثبت إثيوبيا أنها تتعامل بمنطق أو بسياسة الأمر الواقع فيما يتعلق بقضية سد النهضة.. هل تتوقع حلًا لتلك القضية الشائكة؟
■ الحل دائمًا فى مواصلة الحوار السلمي، والحرب لن تقود لمصلحة أي من دول المنطقة، ولا يجب اشتعال الحرب فى منطقة القرن الإفريقى والحلول السلمية ضرورة والتنسيق فى المواقف بين مصر والسودان فى هذه المرحلة يعتبر أمرًا مهمًا، وهناك تنسيق دائم مع مصر فى العديد من القضايا وفى ظل الظروف التى يمر بها السودان الذى ينسق مع دول الجوار للمشاركة فى التهدئة فى ظل التخوفات الناجمة عما تقوم به جارتنا العزيزة إثيوبيا.
■ برأيك.. هل يمكن التوصل لاتفاق؟
- يجب أن توضع آليات الإدارة المشتركة ولا شك أن الملء الخاص بالسد أخذ شوطا طويلا وإثيوبيا اتخذت قرارات أحادية ولم تراع مصر والسودان، والدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية دعت من قبل لحوار يؤدى لاتفاق لأن البديل خطير.
■ من وجهة نظرك لماذا وقعت جنوب السودان على اتفاقية عنتيبي؟
- هذه الخطوة تمت بالرغم من أن العلاقات بين مصر وجنوب السودان جيدة جدًا، وأرى أن جنوب السودان شعروا أن التوقيع على الاتفاقية يصب فى مصلحتهم ويرون أنهم أقرب للدول التى وقعت الاتفاقية وهذا أثر على الوضع، ولا شك أن جنوب السودان وقع على الاتفاقية فى وقت انشغلنا نحن فيه بما يجرى فى السودان ومصر مشغولة بما يحدث فى المنطقة.
■ ماذا عن التنسيق »المصرى السوداني« خلال المرحلة المقبلة؟
- التنسيق «المصرى السوداني» يتم بشكل دائم، وهو ضرورى فى ظل التحديات التى تشهدها المنطقة بوجه عام، وبالطبع ينعكس ذلك على المعادلة ويؤثر عليها، وهناك تطابق فى وجهات النظر »المصرية السودانية« فى الكثير من القضايا والملفات.