التاريخ الدموى للأخوان
محمود محرم
أكد خبراء فى شئون الحركات الإسلامية والإرهابية، أن تاريخ جماعة الإخوان الإرهابية، كُتب بدماء الأبرياء الذين اغتالتهم والتى سالت فى سبيل شيطانهم الأكبر «المرشد» حيث ارتبط تاريخها الطويل بسياسة الاغتيالات وأعمال العنف الممنهجة التى استهدفت رموز الدولة والشخصيات العامة، وذلك منذ اغتيال رئيس وزراء مصر محمود فهمى النقراشى فى عام 1948 حتى اغتيال النائب العام هشام بركات عام 2015، إذ اعتمد التنظيم على تصفية الخصوم كوسيلة لإثارة الفوضى وزعزعة الاستقرار، خاصة أن التأصيل الفكرى للعنف فى أدبيات التنظيم يعكس نزعة عدائية للمجتمع والدولة، حيث برر التنظيم استخدام القوة لتحقيق أهدافه السياسية تحت غطاء دينى مشوه، ما تتطلب مواجهة شاملة فكريًا وأمنيًا لهذه الأفكار المتطرفة.
قال الكاتب والمفكر السياسى ثروت الخرباوي، إن تنظيم الإخوان يمتلك تاريخًا كبيرًا من العنف والارهاب المنظم، وهو ما يؤكد أن العنف عند التنظيم جزء أصيل ومتأصل فى فكره وأدواته منذ نشأته، مشيرا إلى أن سياسة الاغتيالات التى انتهجتها الجماعة ضد رموز الدولة والمجتمع، بدءًا من اغتيال النقراشى باشا عام 1948، ووصولا إلى استهداف النائب العام هشام بركات عام 2015 ، تكشف عن منهجية متكررة لتصفية الخصوم وإثارة الفوضى كوسيلة لتحقيق أهدافه السياسية.
وأوضح “الخرباوي”، أن الجماعة أسست التنظيم السرى والذى أطلق عليه فيما بعد “التنظيم الخاص” والدعاية التى أطلقوها فى فترة السبعينيات والثمانينيات، والجرائم التى ارتكبوها فى العقود الأخيرة تجعلهم نموذجًا واضحًا للإرهاب المنظم، حيث اعتمدوا على استهداف مؤسسات الدولة والشخصيات الوطنية التى كانت تقف عقبة أمام مخططاتهم، وأظهر التنظيم عداءً واضحًا للشعب المصري، وسعى دائما لتفكيك مؤسسات الدولة وضرب استقرارها لتحقيق أهدافه.
وتابع:”التأصيل الفكرى للعنف لدى الإخوان يظهر بوضوح فى أدبياتهم التى تروج لفكرة استخدام القوة عندما تعجز السبل الأخرى عن تحقيق أهدافهم، واعتبار أن المجتمع هو مجتمع جاهلى وكانت أولى جرائم التنظيم اغتيال رئيس وزراء مصر أحمد ماهر عام 1944، حيث اختاروه كهدف انتقامى بعد أن اتهموه بالضلوع فى خسارة حسن البنا لانتخابات البرلمان فى الإسماعيلية، وبقى هذا الاغتيال طى الكتمان لفترة طويلة حتى اعترفت بعض قيادات الجماعة كالباقورى وسيد سابق بدور التنظيم فيه.
وأضاف “الخرباوي”، أن عام 1948 شهد تصاعدا فى أعمال العنف، حيث اغتال التنظيم المستشار أحمد الخازندار، رئيس محكمة جنايات القاهرة، قبل أن يصدر حكمًا فى قضية كانت تشمل أحد أعضاء الجماعة وفى نهاية العام نفسه، اغتالوا النقراشى باشا، ضمن سلسلة من العمليات الدموية، لافتا إلى أن التنظيم لم يكتف بالاغتيالات، بل نفذ أعمالًا تخريبية مثل تفجير أقسام الشرطة فى القاهرة عام 1947، وتفجير محكمة استئناف القاهرة فى يناير1949، عندما حاولوا طمس أدلة قضية السيارة الجيب، والتى كشفت عن مخطط إرهابى ضخم أعدته الجماعة.
واستطرد: عام 1954، حاول الإخوان اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر فى ميدان المنشية، ثم أعادوا الكرة فى الستينيات عبر تنظيم سيد قطب، الذى خطط لتفجير المنشآت وإحداث فوضى شاملة، كما كان لهم الدور الأكبر فى اغتيال الرئيس السادات عام 1981، وقبلها اغتالوا وزير الأوقاف الدكتور محمد حسين الذهبى عام 1977، مشيرا إلى أن محاولات الجماعة لم تتوقف لضرب الدولة المصرية، حيث حاولت السيطرة على الكلية الفنية العسكرية عام 1974، وفشلت فى تنفيذ انقلاب على الحكم وبعد ثورة 30 يونيو، انكشف وجهها الإرهابى بشكل كامل، إذ قاموا بحرق الكنائس، وقتل المدنيين الآمنين، وتفجير مديريات الأمن فى القاهرة والمنصورة، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم، وصولا إلى اغتيال النائب العام الشهيد هشام بركات عام 2015 والذى يمثل واحدة من أكثر جرائم الإخوان دموية فى العصر الحديث، حيث أثبتت التحقيقات تورط الجماعة بشكل مباشر فى التخطيط والتنفيذ حيث تم استهداف “بركات” لأنه كان رمزا للعدالة، ولأن الجماعة أرادت إرسال رسالة تخويف إلى القضاء المصرى.
وأكد “الخرباوي”، أن هذا التاريخ الدموى يجعل من الضرورى على الباحثين والمؤرخين توثيق جرائم الجماعة، حتى تكون عبرة للأجيال المقبلة، وتظل مصر متيقظة أمام مخططات هذا التنظيم وأفكاره التى تؤصل للعنف والإرهاب والتى تصلح أن تكون ضمن مؤلفات كثيرة يكون عنوانها “جرائم الاخوان من نشأتها إلى الآن”، وسنجد أنهم ارتكبوا العديد من الجرائم الاغتيالات دون أن يكون هناك مبرر، وكانوا يعادون الشعب ويقفون ضده ويرغبون فى القضاء على مصر كلها، ولم يكن أمامهم إلا ضرب المؤسسات الصلبة فى مصر واغتيال الشخصيات التى تقف أمامهم.
قال ماهر فرغلي، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن جماعة الإخوان منذ تأسيسها على يد حسن البنا عام 1928 تبنت فكرًا متطرفًا حيث تعتبر الدولة “كافرة” وهو ما يبرر لهم الخروج على الدولة واستخدام العنف والإرهاب ضدها، وبناء على ذلك فإن العنف والارهاب متجذر عند هذه الجماعة التى أباحت تنفيذ العمليات الإرهابية والاغتيالات انطلاقًا من مفهوم معين للدولة، وتختلف فيما بينها حول توصيفها، إذا ما كانت دولة إسلامية أو غير إسلامية.
وأوضح “فرغلي”، أن الفكر القُطبى الذى هيمن على التنظيم منذ ستينيات القرن الماضى اعتبر المجتمع جاهليًا والدولة كافرة، وبرر استهداف أى شخص أو مؤسسة تتعارض مع رؤية التنظيم، وهذه الأفكار رسخت نهج العنف باسم الدين، وشرعنة القتل تحت غطاء إقامة الدولة الإسلامية المزعومة، مستشهدين بأحداث تاريخية مختلقة أو مشوهة من حياة النبى صلى الله عليه وسلم، لتبرير عملياتهم الإرهابية، زاعمين أن الاغتيالات كانت جزءا من سنة النبى فى التعامل مع أعدائه.
وأكد، أن الإخوان لجأت إلى الاغتيالات كوسيلة لإرباك الدولة وإضعافها منذ نشأتها، وبدأ ذلك باغتيال “النقراشي”، ومرورًا بعمليات إرهابية استهدفت رموز الدولة والشخصيات العامة خلال العقود التالية، مشيرا إلى أنها لم تتوقف عند استهداف الشخصيات السياسية فقط، بل امتدت عملياتها إلى ضرب استقرار المجتمع بأسره من خلال أعمال العنف العشوائية، وهو ما تجلى بوضوح فى موجات الإرهاب التى شهدتها مصر فى التسعينيات وصولا الى اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، فى محاولة لإرهاب الدولة وزعزعة مؤسساتها وكل هذه الأحداث تؤكد الفكر الدموى والتنظير للعنف الذى تبنته الجماعة منذ نشأتها.
وشدد على أن هذا التاريخ الدموى يكشف عن استراتيجية ثابتة لدى الجماعة الإرهابية، تقوم على استهداف رموز الدولة والشخصيات العامة، بهدف بث الفوضى وإرباك النظام السياسي، مشيرا إلى أن مواجهة هذا الفكر المتطرف تحتاج إلى استراتيجيات متكاملة تشمل المواجهة الأمنية الصارمة، بجانب جهود فكرية وثقافية لدحض الأسس الأيديولوجية لهذه التنظيمات وتفنيد مزاعمها.