
اشرف ابو الريش
الشهداء.. سعداء الدنيا والآخرة
يأتى الاحتفال بيوم الشهيد هذا العام ونحن فى أيام مباركة تتنزل فيها الرحمات من السماوات على أهل الارض.
جاء شهر رمضان المبارك ليحرك فينا مشاعر الرحمة والإنسانية وذكريات غالية فى تاريخ الإسلام وتاريخ هذا الوطن العظيم، حيث يصل الحاضر بالماضى رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ضحوا بأرواحهم ودمائهم فى سبيل رفعة دينهم وأوطانهم.
هذا هو سيدنا حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أيقونة الشهداء فى العصر الأول من النبوة، استشهد دفاعا عن دينه وأرضه فكان نموذجا من أروع ما ذكره التاريخ الإسلامى عبر العصور، وقد قال فيه النبى يوم استشهاده، «خَيْرُ إِخْوَتِى عَلِيٌّ، وَخَيْرُ أَعْمَامِى حَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا»، كما لقب حمزة بسيد الشهداء، وأسد الله وأسد رسوله.
هنا فى مصر نحتفل بيوم الشهيد فى التاسع من مارس ذكرى استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض أحد قادة حروب الاستنزاف قبل حرب أكتوبر المجيدة، ومن السنن الحميدة فى بلدنا أن تقوم الدولة والقيادة السياسية بتكريم شهداء الوطن، الذين ضحوا بالروح والدم دفاعا عن أرضنا فى سيناء وفى العمليات العسكرية، وفى مكافحة الإرهاب وحماية الأعراض والممتلكات لهذا الشعب العظيم.
تضحيات رجال القوات المسلحة ورجال الشرطة على مدار سنوات طويلة كانت ومازالت عنوانا للبطولة والفداء، وما نشاهده من إقبال كبير لشباب مصر الذين يريدون الانضمام إلى عرين الأبطال فى الكليات العسكرية خير دليل على أن راية الوطن تظل مرفوعة إلى عنان السماء، بفضل رجالها من الشهداء وأبنائهم الذين يحملون الراية من بعدهم، ولا عجب أن نشاهد أبناء الشهداء يلتحقون بالقوات المسلحة وجهاز الشرطة لينالوا شرف الدفاع عن الوطن.
ونحن نحتفل بيوم الشهيد بعد أيام قليلة دار هذا الحديث بين جابر بن عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - وحضرة النبى صلى الله عليه وسلم.. قال جابر: لَقِيَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِى: يَا جَابِرُ مَا لِى أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، قَالَ: أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ؟ قَالَ: قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ فَقَالَ: يَا عَبْدِى تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ.. قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِى فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً. قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّى أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ قال: يا رب فأبلغ من ورائي، فنزلت هَذِهِ الآية: «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ».
ما أعظم رجل يصبح شهيدا فى الدنيا والآخرة، يُقتل فى سبيل الله مقبلًا غير مدبر، مخلصًا النية لله تعالى لا لمصلحة من مصالح الدنيا.
الدولة الآن تقدم كل الرعاية إلى أسر الشهداء، وتوجيهات القيادة السياسية فى هذا الشأن واضحة إلى الحكومة، ومهما قدمنا لهذه الأسر الكريمة من دعم مادى ومعنوى لن نفى عظمة وتضحية شهدائهم الأبرار.
تحية عطرة فى شهر رمضان المبارك إلى شهداء مصر الأخيار، وتحية إلى روح الشهيد الرئيس أنور السادات وإلى روح الفريق عبد المنعم رياض وإلى المنسى ورفاقه وعمر القاضى وغيرهم المئات من شهدائنا وإلى كل شهداء مصر من رجال الجيش والشرطة، وكل عام ومصرنا وشعبنا والقيادة السياسية بخير وسلام.. تحيا مصر.