
عصام عبد الجواد
يوم النصر
أيام قليلة تفصلنا عن العاشر من رمضان، وهو يوم عظيم فى تاريخ الأمة الإسلامية والعربية، ففى هذا اليوم كان انتصار المسلمين فى أول موقعة إسلامية كانت بين الكفر والإيمان، انتصر فيها المسلمون فى غزوة بدر، والتى خلد فيها التاريخ الإسلامى عظمة وقوة واستبسال المسلمين على أعتى مجرمى الكفر والعصيان من سادة قريش وحقق فيها المسلمون أعظم هدف فى التاريخ، وهو بداية نشر الإسلام شرقًا وغربًا وبداية دين جديد سوف ينشر العدل والمساواة على ربوع الكرة الأرضية.
ويعد العاشر من رمضان أيضًا من أعظم انتصارات الأمة العربية فى تاريخها الحديث الذى جسد أصالة شعب مصر وقواته المسلحة وعظمة ولائهم للوطن، وأصبح هذا الانتصار نقطة تحول كبرى فى التاريخ ، ونقطة تحول أيضًا فى مسار الصراع العربى الإسرائيلى.
كذلك استطاعت مصر، تحطيم أسطورة أن جيش إسرائيل الذى لا يقهر والتى كان دائمًا وأبدًا يرددها القادة العسكريون فى إسرائيل، العاشر من رمضان هو اليوم الذى تمكن فيه الجيش من عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف أقوى خط دفاعى فى التاريخ الحديث، والذى يعتبره الخبراء العسكريون الغربيون أنه لا يمكن تدميره إلا إذا استخدمت فيه القنبلة الذرية إلا أن القوات المسلحة المصرية استطاعت بعزيمة أبنائها تدمير هذا الخط خلال ساعات قليلة وأفقدت العدو توازنه تمامًا من خلال ضرب جميع نقاط العدو المتمركزة شرق قناة السويس.
نصر العاشر من رمضان السادس من أكتوبر عام 1973 لم يكن نصرًا عاديًا بل كان نصرًا مؤزرًا استطاعت مصر فيه أن تعيد الكرامة والعزة للأمة العربية التى فقدتها فى حرب 1967 واستطاعت أن تقضى على مقولة :إن جيش إسرائيل هو الجيش الذى لا يقهر واستطاعت مصر أن تعيد التاريخ لهذه الأمة مرة أخرى فهى التى أوقفت التتار وقضت على جيوشه التى استطاعت أن تحتل الدول العربية والإسلامية وتقتل وتشرد كل من يقع تحت أيديهم واستطاعت مصر أن توقف الحروب الصليبية واستطاعت أن تساعد الدول الفقيرة والنامية من التخلص من الاستعمار فى إفريقيا وآسيا.
وها هى اليوم تعيد كتابة التاريخ مرة أخرى ، من خلال موقفها الثابت الذى لا يتغير ولن يتزحزح أبدًا بالوقوف فى وجه إسرائيل وأمريكا بمنع تهجير أهل غزة وفلسطين.
الحقيقة أن العرب بغير مصر وبغير جيش مصر العظيم كانوا قد انتهوا من زمن بعيد.
العاشر من رمضان ليس نصرًا عاديًا حتى نتذكره فقط بل علينا أن ندرسه للأجيال القادمة حتى تعرف تاريخ وعظمة مصر وتضحيات مصر من أجل هذا الوطن ومن أجل الأمة العربية والإسلامية وأن مصر ضحت ومازالت تضحى من أجل شرف الأمة وعزتها ومن أجل أن يعرف العالم كله قيمة هذا البلد العظيم وقيمة الأمة العربية.
رحم الله شهداء العاشر من رمضان، ورحم الله كل شهداء الوطن، ورحم الله أخى محيى الدين عبدالجواد الذى استشهد فى حرب العاشر من رمضان وهو الشاب الذى لم يكمل سن الثالث والعشرين من عمره بعد أن كان فى الخطوط الأمامية من المواجهة العظيمة.
حفظ الله مصر قيادة وشعبًا وجيشًا.