سلوى محمد أحمد أم الشهيد مصطفى خضر سليم: لبست ملابس بيضاء وزغردت يوم جنازته لأزفه للحور العين

«ابنى كان الضهر والسند والعائل الوحيد لنا بعد مرض والده، وكان نفسى يفرح معانا بعد استقرار أمورنا المادية بعد سنوات الشقاء والتعب التي عاشها معنا».. بهذه الكلمات بدأت سلوى محمد أحمد على، أم الشهيد مصطفى خضر سليم، حديثها لـ«روزاليوسف» وهى تبكى بحرقة: «ابنى مات عريس وارتديت الملابس البيضاء فى جنازته كما وعدته بأن أرتديها ليلة زفافه».
وقالت: مصطفى أول فرحتى فهو ابنى الكبير من مواليد ٢ مارس ١٩٩٣، ولم أر فى جماله منذ ولادته، فقد كان وجهه مثل القمر فى تمام كماله، وكنت أخشى عليه الحسد، وكنت أهتم به اهتمامًا كبيرًا منذ الصغر فأدخلته مدارس خاصة، وكان يتمنى أن يصبح طبيبا صيدليا، وبدأ يخطط لهذا فحصل على المراكز الأولى فى المرحلتين الابتدائية والإعدادية، ما يؤهله للدخول للمرحلة الثانوية العامة أسوة بأبناء عمومته الذين يحتلون مناصب عليا، لكن حدث ما لم يخطر على البال، مرض والده الذي كان العائل الوحيد لنا.
وتابعت: بدأت رحلة الكفاح الحقيقية لابنى فلذة كبدى، الذي لم يستمتع بطفولته مثل باقى الأطفال كان أمرا مرهقا جدًا على طفل فى سنه أن يتحمل العمل بـ 3 وظائف فى وقت واحد، نهارًا فى الاستثمار، وبعد الظهر كان يعمل فى محل أحذية، وفى المساء يعمل فى تصوير الحفلات، وساعدنى كثيرًا على سداد مصاريف عملية والده.
وأشارت إلى أنه عندما أتم عامه الـ 19، قام بتقديم أوراقه للجيش لأداء واجبه الوطني، وفى هذا اليوم التقى جميع أصدقائه، وقال لهم: أنا بحب مصر ونفسى أموت شهيد، فظلوا يمزحون معه، قائلين: أنت بتتمنى الشهادة وأنت لسه أول يوم»، منوهة إلى أن قلبها كان منقبضا قبل استشهاده بأسبوعين إثر رؤية شاهدتها، حيث قالت لى جارتى بأن ابنى نور تاه، فقلت لها لا ابنى مصطفى مات، فظللت أصرخ فى الحلم لدرجة أننى عندما استيقظت كانت آثار الصراخ على الأحبال الصوتية وكأنه حقيقة.
وتابعت: حانت اللحظات الأخيرة من الأجازة فقد قمت بتجهيز جميع المأكولات التي يعشقها وأثناء توديعه عرضت عليه أموالًا، فقال لى: «يا سوسو أنا معايا ١٠٠ جنيه، وسألنى: راضية عنى؟ أنا ماشى بدعواتك يا أمى»، وكانت عيناه مليئة بالدموع، فقلت له: «قلبى وربى راضيين عليك يابن بطني» فظل يضمنى وكأنه يكسر ضلوعى ويقبلنى من جبهتى ورقبتى وخدى فارتعش قلبى وشعرت بأن هذا هو اللقاء الأخير.
وتتذكر الساعات الأخيرة للشهيد، حيث اتصل بها قبل المأمورية وأوصاها على نفسها ووالده وإخوته، وكان قد مر 9 أشهر على مصطفى فى الخدمة العسكرية، وكان ملتزما وحسن الخلق بين زملائه لسمعته الطيبة، وكلفه قائده بقيادة سيارته، والانتقال به أثناء تحركاته، ولم يكن مُرتبًا لمصطفى أن يخرج هو فى المأمورية التي استُشهد فيها، حيث كان مكلفًا بها مجند آخر من زملائه، لكنه مرض، فتم تكليف ابنى فذهب برفقة 5 شهداء آخرين - ضابط وأربعة من زملائه المجندين - لإحضار تعيين الكتيبة، وهم لا يعلمون أنهم على موعد مع القدر العظيم والمكانة العالية من رب العالمين.
وكان مصطفى هو السائق، وفى طريق أبوصوير بالإسماعيلية، هجمت عليهم عدة سيارات خاصة بالجماعات الإرهابية، فأطلق التكفيريون وابلًا من الرصاص تجاه المأمورية لإجبار مصطفى على التوقف، فأصيب مصطفى، ورغم إصابته ظل ملتزمًا بتوجيهات الضابط المرافق له ورفض التوقف، واستمر فى المناورة بالسيارة رغم النزيف الشديد حتى تمكن التكفيريون من إيقافهم، فاستشهدت المجموعة بالكامل، وفاضت أرواحهم الطاهرة إلى بارئها بعد أن غدر بهم المتطرفون.