الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ضغوط على الأسواق العالمية

أثارت الرسوم الجمركية التى فرضتها إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب موجة من القلق فى أوساط المستثمرين حول تداعيات هذه الرسوم على اقتصادات الشرق الأوسط، خصوصًا فى ظل الترابط القوى مع الأسواق العالمية. 



العديد من دول الخليج، مثل الإمارات والبحرين، تُصدر منتجات مثل الألومنيوم والحديد إلى الولايات المتحدة، وهو ما يجعل هذه الصادرات معرضة لقيود مباشرة قد تؤثر على إيراداتها ونمو صناعاتها التحويلية.

كما أن أى تباطؤ فى الاقتصاد العالمى نتيجة لتلك الرسوم قد يؤدى إلى تراجع الطلب على النفط، ما يُشكل ضغطًا إضافيًا على موازنات الدول المنتجة للنفط فى المنطقة. إلى جانب ذلك، قد تشهد سلاسل التوريد الإقليمية اضطرابات بسبب القيود التجارية، خاصة فى ظل اعتماد بعض الصناعات فى الخليج على مكونات مستوردة تُعاد تصديرها بعد التصنيع.

أيضًا، قد يؤثر تراجع الدولار أو اضطراب الأسواق المالية العالمية على تدفقات رءوس الأموال والاستثمارات فى الشرق الأوسط. 

ومع أن بعض دول الخليج تحاول تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن النفط، فإن التوترات التجارية العالمية تضيف تحديات جديدة أمام هذه الخطط التنموية.

الأسهم الأمريكية

وعلى صعيد الأسهم الأمريكية، تعرضت لهزة عنيفة لتتجاوز خسائرها 6 تريليونات دولار مدفوعة برد الصين على فرض رسوم جمركية على المنتجات الأمريكية بنسبة 34%.

وقال صلاح حيدر، خبير أسواق المال، إن النظام التجارى العالمى يشهد حاليًا ما يمكن وصفه بـ«زلزال اقتصادى»، مع رفع الولايات المتحدة للرسوم الجمركية إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1909.

وأوضح حيدر أنه قد تجاوز متوسط الرسوم المفروضة على الواردات من مختلف الدول حاجز 24%، مع تفاوت النسب بين دولة وأخرى. هذا التصعيد من شأنه أن يُلقى بظلاله السلبية ليس فقط على الاقتصاد العالمي، بل أيضًا على الاقتصاد الأمريكى نفسه.

تشير التقديرات الأولية إلى أن ارتفاع الرسوم الجمركية قد يؤدى إلى انكماش الاقتصاد العالمى بنسبة تتراوح بين 1% و2%، إلى جانب تراجع كبير فى حجم التجارة العالمية. 

هذه الإجراءات تُعد صدمة للأسواق وللمشهد الاقتصادى الكلي، حيث بدأت مؤسسات مالية بارزة بالفعل فى تعديل توقعاتها بشأن أداء الاقتصاد الأمريكي، وتزايد الحديث عن احتمال الدخول فى حالة “ركود تضخمي. وقد يكون هذا أحد الأسباب وراء تردد رئيس الاحتياطى الفيدرالي، جيروم باول، فى خفض أسعار الفائدة، بسبب الغموض حول تأثير هذه الرسوم على معدلات التضخم.

تجدر الإشارة إلى أن هذه التعريفات الجمركية تمثل فى جوهرها ضرائب غير مباشرة على الاستهلاك، ما يعنى تأثيرًا مباشرًا على المستهلك الأمريكي، إضافة إلى سلاسل التوريد التى تعتمد بشكل كبير على السلع الوسيطة المستوردة، والتى تُستخدم فى الصناعات والخدمات داخل الولايات المتحدة. 

تداعيات على مصر

أكد إسلام عبدالعاطي، خبير مالي، أن الرسوم الجمركية الجديدة التى فرضتها الإدارة الأمريكية لن تُشكل تهديدًا كبيرًا للصادرات المصرية، نظرًا لأن نسبة الـ10% المفروضة على مصر تُعد من الأدنى مقارنة بدول منافسة فُرضت عليها رسوم تصل إلى 40%.

وأوضح عبدالعاطى أن نحو 50% من الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة هى من الصناعات النسيجية، وهى تتمتع بميزة تنافسية كبيرة، خصوصًا أن الرسوم المفروضة على منافسى مصر فى هذا القطاع كانت أعلى بكثير.

ولفت عبدالعاطى إلى أنه “على صعيد آخر، فإن أسعار الذهب شهدت تراجعًا مفاجئًا رغم التوترات، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى اضطرار صناديق التحوط لبيع الذهب بعد أن كانت قد راهنت على تحسن الأوضاع الاقتصادية فى حال فوز ترامب. إلا أن التطورات جاءت بعكس التوقعات، ما دفع هذه الصناديق لإعادة تموضعها وبيع أصولها، ومنها الذهب”.

فيما يخص المنطقة العربية، قال عبدالعاطى إن هناك تأثيرًا مباشرًا على صادرات الألمنيوم والحديد، خصوصًا من دول مثل الإمارات والبحرين. ولكن التأثير الأعمق قد يظهر من خلال أسعار النفط، إذ أن أى تراجع فى الاقتصاد العالمى سيقود حتمًا إلى انخفاض فى الطلب على النفط، ما سينعكس سلبًا على أسعاره. كما أن تراجع الدولار قد يؤثر على عائدات صادرات النفط والغاز.

أما بالنسبة للصين، فرغم أن الولايات المتحدة ليست الشريك التجارى الأول لها، إلا أن أى تراجع عالمى سيؤثر على شركائها الرئيسيين فى آسيا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، وبالتالى فإن الأثر السلبى سيكون واسع النطاق.

وأوضح أنه لا يمكن إغفال الطابع التفاوضى لسياسات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى يستعد لزيارات قريبة إلى السعودية.

 ورغم أن فرض الرسوم يتم بشكل أحادي، فإن بعض الزيادات مثل الـ10% الجديدة تبدو مرشحة لأن تكون دائمة، ما قد يُحدث تحولًا جذريًا فى قواعد التجارة العالمية خلال المرحلة المقبلة.

وقال خبير الأسواق المالية أحمد عبدالتواب: إن الأحد هو أول يوم للتداول بعد إجازة عيد الفطر المبارك، وتم فرض الرسوم والتعريفة الجديدة يوم الخميس الماضي، وردت عليها مباشرة الصين وفرضت رسومًا على السلع المتوجهة إلى السوق الأمريكية، ما أدى إلى تراجع فى الأسواق الأمريكية يومى الخميس والجمعة، بينما كانت الأسواق فى البورصة المصرية وأسواق الخليج مغلقة.

وأشار إلى انخفاض مستويات أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ 3 سنوات تقريبًا، وانعكست هذه الأمور جميعها على جلسات التداول فى الأيام السابقة التى استوعبت المتغيرات التى حدثت فى آخر 3 أيام عمل من فرض الزيادة فى التعرفة الجمركية الأمريكية والرد عليها من الصين.

وأضاف عبدالتواب أن الفوضى الحاصلة حاليًا بعد الرسوم التى فرضتها إدارة ترامب على الاتحاد الأوروبى والصين وغيرها من الدول أثرت سلبًا على الأسواق الأمريكية بأكثر من 8% خلال أسبوع وبأكثر من 10% على النفط، وبالتالى بطبيعة الحال هناك مخاوف ووضع ضبابى من الصعب جدًا أن يكون أى مستثمر متفائلًا بالأوضاع الحالية، لأن الآثار غير معلومة، ولكن من الصعب أيضًا التفاؤل.

وتابع أن المحافظ أو الصناديق أو المستثمرين الأجانب أو غيرهم تركز استثماراتهم فى البنوك الكويتية، لأنها الأفضل بطبيعة الحال من بين الشركات المدرجة، وما يحدث من تراجعات فى قطاع البنوك ببورصة الكويت اليوم ناتج عن أن المحافظ أو الصناديق أو المستثمرين يخفضون ملكياتهم.

وأكد أن التراجع فى سوق الأسهم جاء نتيجة مجموعة من العوامل العالمية، أبرزها الانخفاض الكبير فى الأسواق الأمريكية بعد فرض تعريفات جمركية على أكثر من 180 دولة، إلى جانب انخفاض أسعار النفط بسبب زيادة إنتاج “أوبك بلس” وتشاؤم المحللين تجاه النمو العالمى فى 2025.