كيف يستعيد العرب فاعلية جامعة الدول العربية؟

محمد سعيد هاشم
80 عامًا من التعاون العربى تحت مظلة الجامعة العربية ولا يزال التحدى الأكبر هو تحقيق التكامل والتعاون الفعّال وتوحيد الرؤى تجاه قضايا المنطقة ولم الشمل بين الدول العربية.
ففى مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية المتزايدة، يبقى السؤال قائمًا: هل نجحت جامعة الدول العربية فى تعزيز الوحدة العربية وتحقيق المصالح المشتركة؟، وكيف يمكن للعرب استعادة فاعلية الجامعة وتحقيق الأهداف المشتركة وتلبية آمال الشعوب العربية وطموحاتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية؟.. فى هذه السطور نستطلع آراء خبراء الدبلوماسية العربية عن احتياجات الشعوب من الجامعة العربية فى ظل أزمات تستهدف تفكيك ما تبقى من تحالفات بين الدول العربية..
مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير صلاح حليمة، قال: إن التعاون العربى على مدى الثمانين عامًا الماضية لم يحقق طموحات وآمال شعوب الدول الإفريقية والعربية.
وأشار فى تصريحات خاصة لـ”روزاليوسف” إلى أن طموحات الشعوب العربية تتجاوز بكثير ما تم إنجازه حتى الآن، وهناك ضرورة لتطوير جامعة الدول العربية وتفعيل دورها لتصبح أكثر فاعلية وتأثيرًا وإيجابية فى ما يتعلق بالوضع العربى والعمل العربى المشترك.
وأضاف حليمة أن هناك حاجة إلى إصلاح وتطوير جامعة الدول العربية، ويجب أن يكون ذلك فى إطار علاقة الجامعة مع الدول الأعضاء على نحو يمكن أن يجعل العمل العربى المشترك أكثر فاعلية.
ولفت إلى أن هناك مسارات واضحة للجميع، مثل المسار الاقتصادى، الذى يجب أن يتضمن مزيدًا من التعاون نحو إقامة السوق العربية المشتركة، والتى يمكن أن تكون أساسًا للتكامل بين الدول العربية.
وفيما يتعلق بالمسار الأمنى، أشار حليمة إلى أن اتفاقية الدفاع العربى المشترك لم تُفعل فى أى مرحلة من المراحل، وهذا يعود إلى عدم وجود رؤية موحدة فيما يتعلق بالمخاطر والتحديات التى تواجه المنطقة العربية. وأكد أن هناك حاجة إلى آلية داخل الجامعة العربية لتنقية الأجواء العربية ومعالجة القضايا العربية، حتى لا يكون هناك خلاف فى المواقف أو تنافس أو صدام بين الدول.
وأوضح حليمة أن هناك حاجة إلى تطوير علاقة الجامعة العربية بالعديد من المنظمات الإقليمية والدولية، حتى تكون ذات فاعلية على المستوى الإقليمى. وأشار إلى أن هناك حاجة إلى تفعيل دور الجامعة العربية فى التعاون مع الاتحاد الإفريقى، وتفعيل مجلس الدول العربية والإفريقية المتشاطئة على البحر الأحمر.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أشار حليمة إلى أن هناك تباينًا فى مواقف الدول العربية، وهذا الأمر يحتاج إلى رؤية موحدة لاتخاذ إجراءات من جانب بعض الدول ذات الوزن والتأثير، والضغط على الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لوقف إطلاق النار وسرعة إدخال المساعدات.
وأكد وجود تباين فى مواقف كثير من الدول اتجاه الدول العربية، سواء فى المنطقة العربية أو فى القارة الإفريقية، من أزمات وتحديات، إذ يوجد ما يقرب من عشر دول عربية إفريقية موجودة فى القارة الإفريقية، وهذا التداخل العربى الإفريقى له تأثير على الأمن القومى العربى والأمن القومى الإفريقى والأمن فى منطقة البحر الأحمر بصفة خاصة.
ويوجد العديد من القضايا أمام الجامعة العربية فى القرن الإفريقى، مثل ما يحدث فى السودان، والأمن المائى، والأمن الغذائى، وأمن الطاقة، بجانب أزمة الصومال، وما يحدث فى ليبيا، وتطورات الأوضاع ما بين الجزائر والمغرب وتونس ودول الجوار، كل هذه القضايا تحتاج إلى رؤية ومواقف مشتركة موحدة من الجميع.
فيما تساءل السفير رخا أحمد مساعد وزير الخارجية الأسبق ما إذا كان حقا أعضاء الجامعة العربية يريدون أن يكون للجامعة تأثير ولها فاعلية ويكون لها دور فى تسوية الأزمات ودور فى الدبلوماسية الوقائية أم لا؟!
وتابع: لو نظرنا لتكوين جامعة الدول العربية، سنجد أن نظام التصويت كان من قبل بالإجماع وبعد ذلك أصبح بالأغلبية، ولكن هذا النظام معيب، ليس من المنطقى أن من يصوت لصالح القرار بالأغلبية هم الملزمون به، ومن لم يصوت عليه فهو غير ملزم. هذا ليس موجودًا فى أى منظمة، عندما يصدر قرار بالأغلبية فهو ملزم لغير الموافقين قبل الموافقين.
ولفت إلى أن التمويل بالكاد يكفى موظفى الجامعة العربية فقط، وغير متاح لديها أنها تعمل مبادرات معينة وتتولاها وتنفذها كما فى الاتحاد الأوروبى، ولا لها سلطة على تنفيذ قرارات القمة العربية.
وأوضح أنه لكى تستعيد جامعة الدول العربية فاعليتها، يجب علينا:
- تعديل نظام التصويت: إذ يجب أن تكون القرارات التى تتخذ بالأغلبية ملزمة للجميع، بما فى ذلك الدول التى لم توافق على القرار، هذا من شأنه أن يعزز من فاعلية الجامعة وقدرتها على اتخاذ قرارات حاسمة.
- دور الجامعة فى مراقبة تنفيذ القرارات: يجب أن يكون للجامعة دور فى مراقبة تنفيذ القرارات ومتابعتها، لضمان أن الدول العربية تلتزم بالقرارات التى تتخذها الجامعة.
كما يجب أن يكون للجامعة دور فى المساعى الحميدة والوساطة فى الأزمات العربية، وأن تكون مفوضة من الدول العربية لتقوم بهذا الدور.
وكذلك يجب دعم ميزانية الجامعة حتى تستطيع أن تمارس نشاطًا فعالًا فى الدبلوماسية الوقائية واحتواء الأزمات قبل انفجارها وتحولها إلى صراع مسلح.
مع عقد قمة عربية فى أسرع وقت ممكن يكون جدول أعمالها هو تنقية الأجواء العربية ولم الشمل العربى لمواجهة إسرائيل التى أصبحت خطرا على الدول العربية بعد أن ادعت أنها ستعيد رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد.
وأكد رخا أن العرب يستطيعون تفعيل خطة السلام ووقف إطلاق النار فى غزة عندما يتخذون قرارًا بمعاقبة إسرائيل، بدون اتخاذ أى قرار بعقوبات على إسرائيل، لم تعطِ إسرائيل أى اهتمام بأى قرار يتخذ من الدول العربية فى جامعة الدول العربية.
وتابع بقوله: السند القانونى لمعاقبة إسرائيل موجود، مثل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التى توقف القتال وتدخل المساعدات، وقرارات محكمة العدل الدولية بوقف القتال وإدخال مساعدات وعدم القيام بأعمال يُشتبه فى أنها أعمال إبادة جماعية، وقرارات المحكمة الجنائية الدولية، وقرارات الاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية. كل هذا سند قانونى لمعاقبة إسرائيل، مثل ما تم مع روسيا. فلا بد من عقابها حتى ترتدع.
من جانبه قال السفير جمال بيومى مساعد وزير الخارجية الأسبق إن الجامعة العربية نجحت فى الملف الاقتصادى ويجب أن تركز عليه لتحرز تقدما أكثر فى هذا المجال وتبنى على ما أنجز، لدينا منطقة تجارة حرة بين جميع الدول العربية بعد إلغاء الجمارك عام 95 ولدينا اتفاقية لحماية وتشجيع الاستثمارات البينية وهناك محكمة لفض المنازعات التى تنجم عن الاستثمارات فى جامعة الدول العربية وبها قضاة من مصر وتونس وأتمنى أن تركز الجامعة العربية على الملف الاقتصادى العربى وأن تكون أكثر فاعلية من خلال اتفاقات بين الدول العربية وتزويد التجارة بيننا وضرورة تعزيز التعاون الاقتصادى بين الدول العربية وتطوير الصناعات المحلية، على الإنتاج لدينا نقص فى مجالات كثيرة مثل صناعة الآلات وعلى الرغم أننا أكبر مصدر بترول فى العالم ولكن لا تصنع ناقلة بترول.
وأضاف: ملف الغذاء يجب الاهتمام به، العالم العربى يستورد بـ 60 مليار دولار لسد حاجته من الغذاء فيجب أن تتدخل الجامعة العربية لسد احتياجات العالم العربى ولدينا الإمكانيات فى بلاد النهرين فى العراق مع إمكانيات السودان التى من الممكن أن تكون مزرعة للعالم العربى كله كما أتمنى أن يتحرك أى مواطن داخل العالم العربى بحرية مثل أوروبا.
وتابع بقوله إنه على الجامعة العربية أن تركز على الاقتصاد فهو المفتاح لتحقيق تقدم فى المنطقة لأن السياسة لم تقدم أى جديد والسبب اختلاف الرؤى وعدم التوافق بين الدول العربية.