الجمعة 20 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فى ذكرى 30 يونيو.. شكرًا فخامة الرئيس

فى ذكرى 30 يونيو.. شكرًا فخامة الرئيس

فى لحظةٍ من لحظات التاريخ الفاصلة، حين تعبت الأرض من أقدام الضالين، واغتربت الحقيقة فى وطنٍ يعرف طريقها جيدًا، هبّت مصرُ من نومها الثقيل، مثل أمٍ أفاقت على صرخة رضيعها، لا تخطئها البصيرة. كانت الأرض تهتز تحت أقدامنا، والسماء تقترب من الشك، وكانت مصر مهددة بأن تصبح غريبةً عن ذاتها.



وفى ذلك الظرف العصيب، كان لا بد من رجلٍ، لا يُفتن ببريق السلطة، ولا يُرهب من وعورة الطريق، ولا يرجف قلبه إذا ما صرخ الوطن صرخته الأولى. رجلٌ تخرج من رحم المؤسسة التى تعرف كيف تحفظ القسم، وتخزن دماء الشهداء فى صفحاتها، وتعلم متى تصمت، ومتى تتكلم. وكان هو... عبد الفتاح السيسي.

شكرًا لأنك لم تخف من الكلمة، ولا من الفعل، ولا من ثمن الفعل. حين خرجت إلى الناس، لم تكن تسعى إلى سلطة، بل كنت تُعيد السلطة إلى أصلها.. إرادة الشعب. لم ترتجف، لم تساوم، لم تخدع. كان بيانك واضحًا، وخطوتك صلبة، وخصومك كُثُرًا، يحيكون المؤامرات فى الخارج، ويُدبّرون الفتنة فى الداخل. ومع ذلك، سرت وحدك على جمر اللحظة، وقدت البلاد من هاوية الإخوان إلى ضوء الجمهورية.

شكرًا لأنك أدركت أن البناء أصعب من الثورة، وأن الحرب الاقتصادية أشد من صوت البنادق . كانت البلاد بحاجة إلى قلاع لا شعارات. فبدأت بما هو أصعب: إصلاح بلا مهادنة، قرارات شجاعة، وأثمان فادحة. قلت لنا إن الجنيه سيتغير، وإن الدعم لن يبقى كما هو، وإن مصر الجديدة تحتاج إلى الصبر لا التصفيق. وسرت فى الطريق، رغم موجات الغلاء، رغم الهمسات الغاضبة، رغم الجراح المفتوحة فى البيوت.

شكرًا لأنك لم تترك سيناء وحدها تقاتل. فى لحظات نسى فيها البعض أن للبلاد أطرافًا تنزف، كنت هناك. طهرت الأرض شبراً شبراً، بدماء رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، رجال لم تضحّ بهم، بل قادتهم إلى معركة شريفة، واضحة الأهداف. ولم تكن الحرب على الإرهاب بندًا فى خطاب، بل كانت صراع بقاء، خضته حتى النهاية.

شكرًا لأنك فى زمن التردد اخترت الحسم. لم تختر أن تبقى على حافة الموقف، بل أنشأت قناة، وبنيت عاصمة، وأقمت طرقًا، وأحييت مدنًا كانت نائمة تحت الرمال. لم تكن الأفعال للزينة، بل لإعادة صياغة وجه الوطن. لم تكن تبحث عن بطولات شخصية، بل عن دولة تليق بشعبها، وأحلامه، وتاريخه.

شكرًا لأنك لم تطلب من الناس أناشيد، بل دعوتهم إلى العمل، إلى الصبر، إلى الانتماء العميق. لم تتحدث كثيرًا، لكن حين نطقت، قلت ما يُكتب فى الذاكرة: «أنا مش سياسي... أنا بنى آدم خايف على بلده.» جملة واحدة تلخص الحالة كلها: رجلٌ لا يمثل مؤسسة فقط، بل يحمل على كتفيه خوفًا دفينًا على وطنٍ لو سقط، لسقط الجميع.

شكرًا لأنك احترمت أوجاع الفقراء، حتى وأنت تقسو عليهم باسم الإصلاح. لم تكن قاسى القلب، بل صلب الإرادة. كنت تعلم أن الجراح ضرورية أحيانًا لتنجو البلاد. لم تبنِ طبقة على أخرى، بل حاولت أن تعيد كتابة السطر الأول من الحلم المصري.

شكرًا لأنك قلت «لا» حين أرادوا لنا أن نقول «نعم» فقط لأنهم الأقوى. قلت «لا» فى ملف سد النهضة، وفى خرائط الهيمنة الإقليمية، وفى ملفات المعونة والسلاح، وفى علاقات مصر الخارجية التى حاولوا تطويعها. رفضت أن تتحول مصر إلى رقم فى معادلات الغير، أو ورقة فى أيدى صناع الخرائط.

شكرًا لأنك ما زلت واقفًا، رغم كل ما مر. فى بلد لا تهدأ فيه العواصف، ولا تتوقّف فيه المطامع، ما زلت ممسكًا بالمقود. تحمل على عاتقك تاريخًا من التحدي، ومستقبلًا من الاحتمالات. والتاريخ، كما نعرفه، لا ينسى من وقف وحيدًا حين احتمى الجميع بالظل.

فى ذكرى الثلاثين من يونيو، نرفع رؤوسنا لا فخرًا بحدثٍ عابر، بل امتنانًا لمسيرةٍ كُتبت بالوجع وبالصبر. مسيرة رجلٍ لم يخشَ فى حب الوطن لومة لائم، ولم يبحث عن المجد فى صور، بل فى أثرٍ باقٍ على الأرض.

فخامة الرئيس، يا من لم تبكِ حين انهارت جدران الأمل، بل زرعت من وسط الأنقاض بذور الرجاء.

يا من علمتنا أن الوطن لا يُمنح، بل يُنتزع من أنياب اليأس.

يا من جعلت للمجد طابعًا مصريًا خالصًا، يشبه طمى النيل، وعزم البناء الأول.

من قلب مصر، من ترابها الذى يشهد ويُقسم، من كل جنديٍ عرف أنك القائد، ومن كل طفلٍ فتح عينيه على مدرسة جديدة، ومن كل أمٍ عادت إلى بيتها مرفوعة الرأس، نقول لك:

نحن لا نمنحك شكرًا عابرًا، بل نمنحك امتنان وطن، واعتزاز شعب، ودعاء أمةٍ أنجيتها من التيه.