الخميس 26 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تغيير الاستراتيجيات وتطوير الجيش المصرى

تغيير الاستراتيجيات وتطوير الجيش المصرى

لم تكن ثورة 30 يونيو مجرد انتفاضة شعبية ضد جماعة حاولت اختطاف الوطن، بل كانت لحظة فاصلة فى تاريخ الدولة المصرية الحديثة، فقد جسدت هذه الثورة إرادة المصريين فى استعادة دولتهم وهويتهم، والانطلاق نحو بناء وطن قوى وآمن يليق بتضحيات شعبه وتاريخه العريق.



قاد المصريون ثورتهم فى 30 يونيو بقيادة وطنية مخلصة، واضعين مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، مستندين إلى دعم جيشهم الوطنى الباسل وأجهزتهم الأمنية والمعلوماتية، خاصة شبابهم الذى يمثل ذخيرة الأمة. وقد واجهت مصر بعد الثورة تحديات جسامًا، لكنها تخطّتها برؤية استراتيجية متكاملة، وبنهج وطنى شامل، هدفه بناء جمهورية جديدة راسخة وقادرة على مواجهة المتغيرات الإقليمية والدولية.

تعيش مصر منذ 30 يونيو فى محيط إقليمى ودولى شديد الاضطراب، تحكمه أزمات مفتعلة وتهديدات متداخلة، من بينها:

1- الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية والجيوسياسية.

2- التحول فى بنية النظام العالمى من أحادى القطبية إلى متعدد الأقطاب.

3- تداعيات أزمة كورونا وتأثيرها على بنية الدولة والمجتمع.

4- تنامى دور الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة.

5- تفاقم الأزمات فى دول الجوار (ليبيا، السودان، سوريا، اليمن، غزة…).

6- تصاعد التهديدات فى الأراضى الفلسطينية ومحاولات التهجير القسري.

7- الصراع الإسرائيلي- الإيرانى وتدخل الولايات المتحدة.

8- أزمة سد النهضة وتهديد الأمن المائى المصري.

9- تزايد التدخلات الإقليمية من دول غير عربية (تركيا، إيران، إسرائيل).

10- تصاعد دور التنظيمات المسلحة مثل داعش والقاعدة وحزب الله والحوثيين.

11- محاولات تصفية القضية الفلسطينية ودفع اللاجئين نحو سيناء والأردن.

12- أزمة اللاجئين فى مصر (ما يقارب 10 ملايين لاجئ من الإقليم).

13- تعطيل الملاحة بالبحر الأحمر وتأثيره على قناة السويس والاقتصاد.

14- الارتفاع العالمى لأسعار الطاقة والغذاء وانعكاسه على الداخل المصري.

فى ظل هذه التحديات، أصبح من الضرورى إعادة صياغة الاستراتيجيات الوطنية، وتطوير بنية الجيش المصرى بشكل غير مسبوق، بما يضمن القدرة على الردع والحماية، ويواكب التطور التكنولوجى والعسكرى فى العالم.

منذ ثورة 30 يونيو، شرعت مصر فى تنفيذ رؤية استراتيجية لتطوير قواتها المسلحة، شملت المجالات التالية:

1- توطين الصناعات الدفاعية: تصنيع الدبابات، العربات المدرعة، أنظمة الاتصالات، الصواريخ، بناء السفن الحربية، تطوير الطائرات، الدفاع الجوي، والذخائر محليًا.

2- تحديث البنية التحتية العسكرية: تطوير القواعد والمنشآت العسكرية مثل محمد نجيب وبرنيس وجرجوب، وإنشاء “الأوكتاجون” كقيادة استراتيجية متكاملة.

3- تعزيز الوجود البحري: إنشاء أسطولين بحريين؛ أحدهما فى البحر المتوسط، والآخر فى البحر الأحمر.

4- تطوير القوات الخاصة: تحديث وحدات الصاعقة والمظلات وتزويدها بأحدث المعدات والأساليب القتالية.

5- دعم التعليم العسكري: رفع كفاءة الأكاديميات العسكرية وتوسيع برامج الدراسات العليا والتخصصات الأمنية والاستراتيجية.

6- تحسين منظومة التدريب: إنشاء ميادين تدريب إلكترونية، وتطوير نظم المحاكاة والقيادة والسيطرة.

7- المشاركة الدولية: تكثيف المناورات المشتركة مع الدول الكبرى والإقليمية، وإيفاد البعثات التعليمية للخارج.

8- بناء المقاتل المصري: تنمية كفاءته القتالية، وتحصينه نفسيًا ومعنويًا، وزيادة وعيه الوطني.

9- التطور التكنولوجي: إدخال الذكاء الاصطناعي، وتعزيز قدرات الحرب الإلكترونية، ومجابهة التهديدات السيبرانية.

10- إعادة هيكلة القوات المسلحة: إدخال نظم حديثة فى التنظيم والإدارة والعمليات.

11- المساهمة فى التنمية الوطنية: عبر الهيئة الهندسية، شارك الجيش فى بناء مشروعات البنية التحتية والمرافق الأساسية للدولة.

12- تعزيز الأمن الغذائى والصناعي: من خلال جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، الذى أسهم فى تأمين السلع الاستراتيجية ومنع الاحتكار.

13- نشر الوعى الوطني: تنظيم زيارات ميدانية للطلاب، وتقديم برامج توعية وطنية.

14- تعزيز التعليم الاستراتيجي: فى الأكاديمية العسكرية والأكاديمية العليا، لتخريج قادة عسكريين ومدنيين مؤهلين.

15- العمل الإنسانى والمجتمعي: تقديم المساعدات للمناطق الأكثر احتياجًا داخل مصر.

لقد أعادت ثورة 30 يونيو تعريف دور الدولة المصرية فى محيطها الإقليمى والدولي، ورسّخت أهمية امتلاك القوة الشاملة – عسكريًا واقتصاديًا وأمنيًا – لمواجهة التحديات المعاصرة والمستقبلية.

وقد أثبتت القوات المسلحة المصرية أنها درع الوطن وسيفه، وقاطرة البناء والتحديث، الحامية لحدوده وكرامته، والمشاركة الفاعلة فى نهضة الجمهورية الجديدة.

إن ما تحقق منذ 30 يونيو هو نموذج متكامل لإرادة أمة قررت أن تنهض وتبنى وتواجه، ولن تعود إلى الوراء.