الأحد 6 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شهادة ميلاد لمشروعات عملاقة

بعد أن دقّت أجراس التغيير فى 30 يونيو، وارتفعت رايات الإرادة الشعبية، عقب قرار 3 يوليو، لم تكن الثورة مجرد حراك سياسى، بل كانت بداية حقيقية لعهد جديد، عنوانه البناء والتنمية، من قلب لحظة الانتصار الوطنى، انطلقت مشروعات عملاقة لم تعرفها مصر من قبل، لتمنح الوطن شهادة ميلاد جديدة، وتخط ملامح جمهورية مختلفة، تؤمن بالعلم، وتستثمر فى الإنسان، وتراهن على المستقبل.



العاصمة الإدارية والمدن الجديدة.. حلم أصبح واقعًا

قبل 30 يونيو، كانت القاهرة الكبرى تختنق بالزحام، والبنية التحتية تئن تحت وطأة الزمن، لكن الثورة لم تكن مجرد تغيير سياسى، بل انطلقت منها رؤية جذرية لإعادة هندسة العمران فى مصر.

وجاءت العاصمة الإدارية الجديدة، لتكون النموذج الأبرز، حيث بُنيت مدينة ذكية من الصفر، تضم أول حى حكومى رقمى، وبرج «الأيقونة» الأعلى فى إفريقيا، ومركزًا ماليًا واقتصاديًا يضع مصر على خريطة الاستثمار العالمى.

ولم تقف الرؤية عند حدود العاصمة، بل ولدت مدن الجيل الرابع مثل العلمين الجديدة والمنصورة الجديدة وأسوان الجديدة، كمدن مستدامة حديثة تتسع لطموحات أجيال قادمة.

الصناعة.. قاطرة التنمية وجذب الاستثمارات الأجنبية

قطعت الدولة شوطًا كبيرًا فى ملف الصناعة، إلى أن بلغت مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى بنحو 17% فى الوقت الحالى، وتتطلع الدولة إلى رفع تلك النسبة إلى 20% بحلول 2027، كما يبلغ الإنتاج الصناعى الحالى نحو 76 مليار دولار عن عام 2024، ويستهدف القطاع الوصول إلى ما يقرب من 170 مليار دولار بحلول عام 2030، مقارنة بمساهمة الصناعة فى الناتج المحلى بنحو 357.3 مليار جنيه خلال العام المالى 2013/2014.

وزاد عدد المصانع المسجلة رسميًا بإصدار موافقات لإنشاء 10 آلاف منشأة صناعية بالقطاع الخاص وفقًا لتقرير هيئة التنمية الصناعية لعام 2019، إضافة إلى أنه منذ يوم 3 يوليو 2024 تم إنشاء 4.382 مصنع بنسبة نمو 6.4%، حيث وفرت هذه المصانع 230 ألف فرصة عمل مباشرة ومستهدف الوصول إلى 100 ألف مصنع بحلول 2030، إضافة إلى وصول حجم تمويل جهاز تنمية المشروعات فى الفترة من 2014 وحتى 2021 لـ35 مليار جنيه منها 16.2 مليار للمشروعات متناهية الصغر و18.8 مليار للمشروعات الصغيرة.

كما ارتفاع عدد المناطق الصناعية فى مصر من 121 عام 2014 إلى 177 منطقة صناعية فى 26 محافظة بالوقت الحالى، إضافة إلى أنه منذ عام 2014 وحتى صدور قانون 15 لسنة 2017 لتيسير إجراءات منح التراخيص منحت الدولة تراخيص لإنشاء مصانع جديدة بلغت 6223 منشأة صناعية وفرت 370 ألف فرصة عمل، إضافة إلى أنه بعد القانون وحتى شهر إبريل 2022 تم إصدار 61253 رخصة تشغيل و 4946 رخصة بناء و40087 شهادة سجل صناعى وفقا لإحصائيات وزارة التجارة والصناعة.

تحقيق الأمن المائى لمواجهة التحديات المتزايدة

تبنت الدولة استراتيجية وطنية، تستهدف تعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه، وتحقيق الأمن المائى فى ظل التحديات المتزايدة، وتجلت هذه الجهود فى حزمة واسعة من المشروعات الكبرى، والتحولات الرقمية، والتطورات التقنية التى نفذتها وزارة الموارد المائية والرى، التى شكلت ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة فى الزراعة والصناعة والمجتمعات العمرانية الجديدة.

«الوزارة»، نجحت فى تنفيذ مشروعات ضخمة لمعالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى بطاقة سنوية بلغت 4.8 مليار متر مكعب، من خلال محطات بحر البقر والدلتا الجديدة والمحسمة، أسهمت فى استصلاح مئات الآلاف من الأفدنة، وتقليل الفاقد، وفتح آفاق جديدة أمام التوسع الزراعى، مع دراسة تحلية المياه كمورد استراتيجى فى المستقبل.

وضمن جهود تحسين كفاءة نقل المياه وتقليل الفاقد، نفذت الوزارة أحد أضخم مشروعاتها فى العقد الأخير، وهو مشروع تأهيل وتبطين الترع، إذ نجحت فى الانتهاء من تأهيل نحو 7700 كم من الترع، ويجرى العمل على استكمال 1700 كم أخرى، مما أسهم فى تحسين كفاءة توصيل المياه للزراعات، وتقليل نسبة الفاقد، والحد من التعديات، وتحسين نوعية المياه وجودة البيئة المحيطة. كما أسهم المشروع فى رفع كفاءة الرى الحقلى، وتقليل استخدام الوقود والعمالة، وتوفير فرص تشغيل خلال التنفيذ، ما يجعله مشروعًا تنمويًا وبيئيًا واقتصاديًا فى آنٍ واحد.

الجامعات التكنولوجية.. مصانع العقول لمستقبل أفضل

من بين أبرز ملامح «الجمهورية الجديدة»، كان الاستثمار فى العنصر البشرى، فجاءت الجامعات التكنولوجية الجديدة - التى لم يكن لها وجود قبل 30 يونيو - لتسد فجوة مزمنة فى التعليم الفنى، وتربط بين الدراسة وسوق العمل الحديث.

وأُنشئت جامعات، مثل جامعة القاهرة التكنولوجية، وجامعة الدلتا التكنولوجية، لتخريج كوادر قادرة على قيادة الثورة الصناعية الرابعة، ولتتحول الورش والمصانع إلى بيئة إبداع وتكنولوجيا.

مركز المعلومات والحوسبة السحابية دولة تملك قرارها الرقمى

فى زمن تتسابق فيه الدول نحو السيادة الرقمية، قررت مصر أن لا تكون متأخرة، وجاء إنشاء مركز المعلومات والحوسبة السحابية فى ثوبه الجديد، وتدشين منظومة الحوسبة السحابية الحكومية كخطوة جريئة نحو الدولة الذكية.

فلم تعد القرارات تبنى على الحدس، بل على تحليل بيانات دقيقة لحظية، تديرها تقنيات الذكاء الاصطناعى والتعلم الآلى، إنه مشروع ولد بعد 30 يونيو، ويعد حجر الزاوية فى بناء «مصر الرقمية».

المشروعات الزراعية.. الطريق لتحقيق الأمن الغذائى

فى معركة استباقية مع ندرة المياه وتضخم السكان، انطلق مشروع الدلتا الجديدة، ليضيف ما يقرب من 2.2 مليون فدان إلى الرقعة الزراعية، من خلال استصلاح الأراضى باستخدام مياه المعالجة ثلاثية متطورة، ولم يكن هذا الحلم مطروحًا قبل 30 يونيو، لكنه أصبح واقعًا، يسد فجوة الغذاء، ويخلق مجتمعات زراعية وصناعية حديثة، ويرسخ مفهوم الأمن الغذائى المستدام.

القطاع الزراعى، على مدى أكثر من 11 عامًا شهد طفرة زراعية غير مسبوقة، من خلال قيادة سياسية حكيمة، وإرادة شعبية، تم إقامة العديد من المشروعات الزراعية العملاقة الناجحة، لتقضى على دعاوى الإرهابية وخفافيش الظلام، الذين يكرهون نهضة البلاد.

لغة الأرقام، أثبتت أن الدولة وضعت استراتيجية للتنمية الزراعية المستدامة ضمن إطار رؤية مصر 2030،  استهدفت من ناحية  الحفاظ على الموارد الاقتصادية الزراعية المتاحة وتنميتها وتحقيق قدر كبير من الأمن الغذائى.

من ناحية أخرى، دعمت الدولة القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية فى الأسواق المحلية والدولية، عبر زيادة الصادرات الزراعية الطازجة، وانعكس ذلك على ارتفاع مساحة الأراضى الزراعية فى مصر من 8.9 مليون فدان عام 2014 إلى أكثر من 10 ملايين فدان عام 2024 بنسبة نمو 12.4%، وتستهدف مصر إضافة 4 ملايين فدان جديدة من مشروعات ضخمة لاستصلاح الأراضى خلال العام الحالى.

كما حققت الدولة قفزة غير مسبوقة، وسجلت أعلى مستوى فى تاريخها، فى الصادرات الزراعية إذ وصلت إلى 8.6 مليون طن خلال العام الماضى 2024، بزيادة تتجاوز 1.2 مليون طن عن العام الأسبق 2023.

المجرى الملاحى الجديد لقناة السويس شريان مضاعف للاقتصاد العالمى

فى واحدة من أسرع المشروعات الهندسية فى العالم، وُلد المجرى الملاحى الجديد لقناة السويس فى عام واحد فقط، ليضاعف من قدرة القناة، ويجعلها أكثر تنافسية أمام الممرات البديلة.

هذا المشروع، لم يكن فقط توسعة مائية، بل اقتصادية وسياسية، عززت من مكانة مصر العالمية، ورسخت موقعها كمركز لوجستى عالمى فى قلب التجارة الدولية.

قفزة فى الصادرات وتراجع الواردات وتطور إيجابى لمؤشرات الميزان التجارى

حققت صادرات مصر السلعية غير البترولية، قفزت إلى 40.8 مليار دولار فى عام 2024، من 18.6 مليار دولار فى عام 2015، إضافة لتراجع الواردات وتحقيق تطور إيجابى فى مؤشرات الميزان التجارى لمصر مع دول العالم.

الدولة أعدت قائمة تحفيزية للنهوض بالصناعة وجذب المستثمرين بها نحو 100 إجراء تحفيزى منهم 58 إجراء قصير الأجل و33 متوسطا و9 إجراء طويل الأجل، كما دعمت الدولة المصدرين لزيادة حجم الصادرات المصرية حتى بلغت حجم المساندة التصديرية المسددة بالفعل للمصدرين 70 مليار جنيه لأكثر من 2800 شركة خلال الفترة من 2019 حتى 2024.

 وزاد الدعم المخصص لبرنامج رد أعباء الصادرات إلى نحو 45 مليار جنيه فى السنة المالية الجديدة، كما أطلقت الدولة فى السنوات الماضية خريطة متكاملة للاستثمار الصناعى تشمل 27 محافظة، والبرنامج القومى لتعميق التصنيع المحلى وتعظيم الصناعة الوطنية، بالإضافة إلى تمتع مصر بقاعدة صناعية متنوعة تشمل نحو 177 منطقة.