الأحد 27 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«سينما يوليو».. شاهد على تأسيس الجمهورية الأولى

كان الفن شاهدًا حقيقيًا على أحد أهم اللحظات الفارقة فى تاريخ مصر، حيث نجح فى توثيق ثورة 23 يوليو فى وجدان الشعب المصرى والأجيال المتعاقبة، وجعل منها مصدر إلهام للسينما لعقود طويلة، فمنذ اللحظة الأولى، سعى الفن السابع والشاشة الصغيرة إلى تناول تفاصيل الثورة، خاصة فى بداية الخمسينيات والستينيات، إذ ظهر العديد من الأعمال التى تعبر عن المبادئ الأساسية التى قامت عليها الثورة أبرزها فيلم «فى بيتنا رجل» و«رد قلبى»،



 رغم أن السينما كانت الأكثر حضورًا فى التعبير عن ثورة ٢٣ يوليو مقارنة بالدراما التلفزيونية، ظلت تلك الأعمال الفنية علامة بارزة فى تاريخ السينما المصرية. فى هذا الملف، نستعرض أبرز الأعمال الفنية التى تناولت ثورة 23 يوليو، بالإضافة إلى آراء النقاد حول هذه الأعمال.

فى البداية يرى عدد من النقاد أن هناك أعمالًا فنية تناولت ثورة ٢٣ يوليو بشكل جيد، إذ يقول الناقد طارق الشناوى، إن فيلم «رد قلبى» من أبرز الأفلام التى تناولت الثورة، موضحا أن أهميته تكمن فى احتوائه على العديد من الجوانب والرموز المهمة فى المجتمع المصرى. 

«الشناوى»، أكد أن قصة الفيلم مستوحاة من رواية يوسف السباعى، الذى كان ضابطًا فى الأساس، كما أن مخرج العمل عز الدين ذو الفقار كان أيضًا ضابطًا، مما منح العمل مصداقية كبيرة وجعله واحدا من أبرز الأعمال السينمائية التى عبرت عن الثورة.

حنان شومان، الناقدة الفنية، أشارت إلى أن هناك مجموعة من الأفلام التى تناولت ثورة 23 يوليو، بعضها جيد بالفعل، لكنها لم تكن كافية لتوثيق حدث قومى بهذه الأهمية، مضيفة:» على الرغم من أن الحروب والثورات الكبرى فى العالم عادة ما تنتج عنها أعمال فنية تستمر لعقود طويلة، فإن إنتاج الأفلام عن ثورة 23 يوليو كان محدودًا بفترة قصيرة بعد حدوثها، ثم توقف تمامًا».

 وحول أفضل الأعمال الوطنية التى تناولت الثورة، تقول شومان:» فيلم «فى بيتنا رجل»، إلى جانب فيلم «رد قلبى» الذى وصفته بأنه «فيلم عميق»، معربة عن أملها فى أن تُنتج أعمال فنية حديثة تتناول الثورة برؤية معاصرة، خاصة أن معظم الأعمال التى تناولتها كانت من إنتاج الخمسينيات فقط، وبمستوى فنى جيد جدًا، لكنها توقفت عند هذا الحد.

الناقد الفنى محمود قاسم، قال: «السينما المصرية لعبت دورا أساسيا فى توثيق ثورة 23 يوليو 1952، حيث استطاعت أن تعكس ملامح المجتمع المصرى قبل الثورة وبعدها من خلال مجموعة من الأفلام البارزة التى صدرت فى تلك الفترة»، موضحًا أن هذه الأعمال تميزت بقيمتها الفنية العالية، حيث اجتمعت فيها جميع مقومات النجاح، بدءًا من القصص الأدبية القوية، مرورًا بالإنتاج المتقن وطاقم التمثيل المتميز، وانتهاءً بإبداع كبار المخرجين أبرزهم أحمد بدرخان وعز الدين ذو الفقار. 

«قاسم»، لفت إلى أن هناك أعمالًا فنية حجزت مكانه ضمن قائمة أفضل 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية، أبرزها فيلم «رد قلبى» و»فى بيتنا رجل» للكاتب إحسان عبدالقدوس، وهو مأخوذ عن قصة واقعية، وأيضا العديدة من الأعمال الإيجابية أهمها «القاهرة 30» و»غروب وشروق»، و»الباب المفتوح»، «والله معنا»، مشيرًا إلى أن هذه الأفلام لعبت دورًا كبيرًا فى إيصال صورة الثورة للجمهور، حيث عرضت التغيرات السياسية والاجتماعية التى تلتها، ونجحت فى تقديم أبطالها ورموزها بشكل إنسانى قريب من الناس، فضلًا عن أن هناك أيضا عملًا كوميديًا بعنوان «عفريت عم عبده»، نجد إشارات ضمن الأحداث تتعلق بالثورة، حين يقرأ البطل الطالع ويخبر بأن هناك حدثا عظيما سيحدث فى مصر يوم 23 يوليو، وكأنها نبوءة غير مباشرة للثورة.

الناقد الفنى، أشار إلى أن ثورة 23 يوليو قدمت دعمًا كبيرًا للسينما من خلال تأسيس مؤسسات إنتاجية، ساهمت فى إنتاج أفلام جيدة لا تزال تحتفظ بمكانتها كعلامات فنية وتاريخية حتى اليوم، مشددًا على أن السينما لم تكن مجرد رواية أو حكايات لأحداث الثورة، بل كانت أيضًا شريكة لها فى حمل رسالتها ونقلها إلى شاشات العرض، لتظل هذه الأفلام شاهدا حيا على أهمية هذه الفترة فى تاريخ مصر بما رسخته من قيم لا تزال حاضرة فى وجداننا حتى اليوم.