الإثنين 25 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الأستاذ والتلميذة» و20 سنه «روزا»

فاجأنى الأخ والصديق أيمن عبد المجيد رئيس تحرير جريدة روزاليوسف بأن الجريدة قد مر على صدورها ٢٠ عاما، وبما أننى من الجيل الأول الذى عمل  بالجريدة فقد طلب منى أن أشارك فى هذا العدد التذكاري، ولكن للحديث عن تجربتى مع المكان الذى جمعنى بقدرى الجميل وأستاذى طارق حسن الذى كان وقتها مديرا للتحرير  فى هذا الصرح وله بصمته فيه.  



وبمجرد أن أنهى الصديق أيمن عبد المجيد المكالمة استرجعت شريط الذكريات والبدايات الجميلة كما يقول الهضبة عمرو دياب « حلوة البدايات كلها حكايات » وأولى تلك الحكايات كانت حكايتى مع الأستاذ الذى كان يحسدنى عليه الجميع وكنت أشعر بالفخر لأننى فزت بقلبه فى النهاية وأصبحت شريكة حياته. 

ذهبت بخيالى إلى طرقات الجريدة وتذكرت طارق -الذى لم أنساه لحظة - وسهم كيوبيد الذى رشق فى قلبى بمجرد أن شاهدته. 

كان الأستاذ طارق حسن مدير تحرير “عبقري”، كنت أعتقد أنه فيلسوف نظرا لتشابه منطقه مع تفكير الفلاسفة، فهو لا يكتفى بالحقيقة الواضحة ويسعى وراء جميع الحقائق ولا يكتفى بالمسلمات البديهية، ولديه فراسة تمكنه من قراءة  ما بين السطور وما وراء الخبر،  كما أنه محلل سياسى بارع وله نظرة ثاقبة. 

كنا أصحاب خبرات صغيرة ومحدودة وكنا نتعلم منه وكان لا يمل أو يبخل فى تقديم أى معلومة أو مساعدة إلينا.

 كان ملك الانفرادات، وكان يجبرنا على تقديمها، فقد شارك فى أعظم انتصارات وانفرادات الجريدة فى تلك الفترة.

كان مهذبا مع الجميع، كنت أراقبه ، وأسمع أغنية لطيفة وهى تقول «لما يجيبوا سيرتك يحلو الكلام « ولكن هذا لم يكفنى فكنت أراقبه فى الظهور إعلاميا على شاشات التليفزيون  فكان  ضيفا دائم الظهور بشكل  شبه يومى فى برنامج « البيت بيتك « وله واقعة شهيرة فى برنامج «العاشرة مساء» مع المذيعة منى الشاذلى كانت حديث الجريدة فى اليوم التالى للقائه معها.

كان طارق واحدا من أشطر صحفيى جريدة الأهرام،  من خلال عمله مراسلا صحفيا  من قطاع غزة لجريدة الأهرام ، وكان طارق له دور كبير فى كثير من الأحداث فقد كان شريكا ووسيطا مهما فيها، بشهادة الكثير من الأخوة الفلسطينيين. 

الحديث عن طارق حسن يحتاج الى مجلدات وليس مقال فهو الصحفى المجتهد الذى يمتلك أدواته من الثقافة والقراءة والغيرة الصحفية، والوصول للأفضل.

تأثرت كثيرا عندما غادر روزاليوسف  بعد أن أصبح رئيس تحرير الأهرام المسائي،  ومع الوقت أصبحت أشعر بالغيرة من مبنى الأهرام بسبب عشقه لهذا المكان وانتمائه الشديد لكل ما هو أهرامي. 

وعلى الرغم من أنه كان يعشق التحدى ويعشق الصعاب ولم يفشل يوما لكنه فشل فى مواجهة السرطان ولم ينجح فى هزيمته ليتغلب عليه المرض ويرحل طارق عن عالمنا فى عام ٢٠١٨ تاركا سيرة طيبة وتاريخا مشرفا. 

لم يأب طارق أن يرحل بدون أن يترك لى أنا شخصيا كنزا وهو أغلى ما أملك فى حياتي، رحل طارق  ولكنه ترك « يحيى ويوسف» النسخة المصغرة منه فى الشبه وطريقة الكلام  والرد الدبلوماسى وخفة الدم. 

ربما رحل طارق بجسده ولكنه لم يرحل بأثره وسيرته التى حاولت أن أسرد قليل القليل منها وربما يكون للحديث بقية.

الكاتبة الصحيفة بروزاليوسف

وزوجة الكاتب الصحفى الراحل طارق حسن