5 محاور لبناء جيل جامعى واعٍ
شيماء عدلى
يواجه قطاع التعليم العالى تحديًا متزايدًا يتمثل فى انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة بين الطلاب وأولياء الأمور، فى ظل قاعدة طلابية تبلغ نحو 4 ملايين طالب، حيث يمثل طلاب الجامعات الحكومية منهم أكثر من 66%، ما يضاعف من خطورة تأثير أى معلومة غير دقيقة على مستقبلهم التعليمي.
وتتزايد وتيرة الشائعات بوضوح مع بداية كل عام دراسي، وخلال فترات تنسيق القبول بالجامعات، حيث تنتشر أخبار غير صحيحة حول تأجيل الدراسة، وإلغاء مجانية التعليم الجامعي، والتلاعب فى تنسيق القبول، أو إلغاء مكتب التنسيق، مستفيدة من الاعتماد الواسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وضعف قدرة بعض الطلاب على التحقق من مصادر المعلومات وتحليلها بشكل نقدي.
«بناء العقل»
من هنا، أدركت وزارة التعليم العالى والبحث العلمى خطورة الظاهرة، وتعاملت معها باعتبارها تحديًا معرفيًا وثقافيًا، وليس مجرد أزمة معلومات، فوضعت خطة متكاملة تستهدف بناء عقل نقدى واع لدى الطلاب، وتسليحهم بأدوات التفكير العلمي، والتحقق المنهجى من المعلومات.
وترتكز هذه الخطة على عدة محاور رئيسية، من أبرزها تطوير المناهج الجامعية، ودعم الأنشطة الطلابية الهادفة، وإنشاء وحدات لرصد ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والرد الفورى على الأخبار المغلوطة، إلى جانب التصدى للكيانات الوهمية التى تروج لشهادات غير معتمدة، وتستهدف الطلاب بالاحتيال.
«ربط المناهج بالتفكير النقدى»
وفى هذا الإطار، تتبنى الجامعات المصرية إدماج مهارات التفكير النقدى ومحو الأمية الإعلامية ضمن المقررات الدراسية، مع تدريب الطلاب على تحليل المحتوى، والتحقق من صحة الأخبار قبل تداولها، بما يسهم فى بناء وعى طويل المدى قائم على المنهج العلمي، لا الانطباعات السريعة.
«البحث العلمى خط دفاع أساسي»
لم يغب البحث العلمى عن استراتيجية المواجهة، حيث تعمل وزارة التعليم العالى من خلال المجلس الأعلى للجامعات على تعزيز دور البحث العلمى كأداة لبناء التفكير المنهجى القائم على الدليل، وتشجيع الطلاب على المشاركة فى مشروعات بحثية، ومراكز تميز، وقواعد بيانات علمية موثوقة، بما يعزز ثقافة السؤال والتحقق، ويضعف قابلية الانسياق وراء الشائعات، فضلًا عن إسهام المكتبات الرقمية وقواعد النشر العلمى فى إتاحة مصادر موثوقة للطلاب، وتدريبهم على استخدام المراجع المعتمدة، بدلًا من الاعتماد على مصادر غير موثقة عبر الإنترنت.
«الأنشطة الطلابية»
تهتم الجامعات بخريطة الأنشطة الطلابية، من خلال النوادى العلمية، وورش العمل، والمسابقات التطبيقية التى تركز على كشف الشائعات وتحليل الأخبار، بما يتيح للطلاب ممارسة مهارات التحقق عمليًا داخل الحرم الجامعي.
«تأهيل أعضاء هيئة التدريس»
أيضًا، يعمل المجلس الأعلى للجامعات على تأهيل أعضاء هيئة التدريس ليكونوا مصدرًا موثوقًا للوعى داخل الجامعة، عبر تدريبهم على توجيه الطلاب نحو التفكير النقدي، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، ومواجهة الشائعات داخل القاعات الدراسية وخارجها، وهو ما أكده الدكتور عادل عبدالغفار، المتحدث الرسمى لوزارة التعليم العالي، مشيرًا إلى أن ذلك يتزامن مع حرص الوزارة والجامعات على نشر بيانات دقيقة ومحدثة عبر المواقع الرسمية، وتنظيم ندوات توعوية للطلاب، إلى جانب إصدار قوائم بالكيانات التعليمية الوهمية، حيث تم ضبط والإعلان عن أكثر من 400 كيان وهمى خلال السنوات الماضية.
كما شمل التحول الرقمى استخدام المنصات التعليمية والمكتبات الإلكترونية، واستغلال أدوات الذكاء الاصطناعى بشكل مسؤول لدعم التحقق من المعلومات، والتنسيق مع وسائل الإعلام لنشر محتوى علمى مبسط وموثوق.
ولم تعد مواجهة الشائعات فى التعليم العالى تقتصر على البيانات الرسمية أو الحملات المؤقتة، بل أصبحت جزءًا من استراتيجية متكاملة تشمل تطوير المناهج، ودعم البحث العلمي، وتأهيل الأساتذة، وتنمية الأنشطة الطلابية، والتحول الرقمي، والتعاون الإعلامي، بهدف بناء جيل جامعى واعٍ، قادر على التمييز بين الحقيقة والتضليل، وحماية مستقبله الأكاديمى فى مراحل حاسمة من حياته.






