الخميس 18 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الدولة القوية .. بشعبها
كتب

الدولة القوية .. بشعبها




 


    

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 09 - 01 - 2011



رد الجميل دين في رقبة الحكومة
(1)
المصريون كانوا بحق حائط الصد الذي تحطمت عليه المؤامرة الإرهابية، ولكن ماذا بعد؟ كيف يمكن توظيف حماسهم وعزيمتهم لسد شروخ الوحدة الوطنية؟
هل ينتهي هذا الحماس العظيم بعد أيام أو أسابيع وتعود ريما لعادتها القديمة؟ وهل نضيع كعادتنا فرصة ذهبية لتطهير الأرض من الألغام الطائفية؟
تجاربنا السابقة تؤكد ذلك، فنحن أفضل من يجيد تضييع الفرص، وأفضل من يحب المظهر وليس الجوهر، ونلدغ من الجحر مرتين وثلاثاً وعشراً.
(2)
ظهرت الدولة المصرية قوية ومتماسكة، لأن الشعب المصري كان قوياً ومتماسكاً، وضرب أروع الأمثلة في المساندة والتلاحم وإدانة الجريمة.
في مواقف أخري كانت تحدث بعض الشماتة والتشفي، ولكن اختفت تلك الظواهر تماماً في جريمة الكنيسة، فلا شماتة في الموت.
موقف الشعب المصري الحضاري، جعل الدولة المصرية تظهر أمام العالم الخارجي في أحسن صورة، لأن وراءها شعبا يساندها ويؤيدها.
(3)
ماذا كان يحدث لو لم تكن الجبهة الداخلية متماسكة بهذه الصورة الرائعة التي أجهضت مخطط إثارة الفتنة كما كان مستهدفا من الحادث؟
وقوف الشعب وراء دولته هو الذي خفف حجم الضغوط الخارجية التي كان يمكن أن تواجهها البلاد في مثل هذه الحوادث الإرهابية الخطيرة.
أيدت معظم دول العالم مصر، وحتي الدول التي انتقدت موقفها فقد فعلت ذلك علي استحياء، وظلت ردود الأفعال هادئة، رغم ضخامة العمل الإرهابي.
(4)
في رقبة الحكومة دين لهذا الشعب الذي أثبت أنه أكبر من أي شيء، و أن الحادث لم يمس مخزون التسامح الاستراتيجي الذي يظهر في المحن.
دين يجب أن تبادر بسداده علي الفور دون تأخير أو مماطلة، حتي تمهد طريقه إلي المستقبل، بنزع كل ألغام التطرف التي تعكر صفو الحياة.
المصريون بطبيعتهم ضد العنف وضد التطرف، وآن الأوان أن تصدر الحكومة حزمة من القوانين والتشريعات التي تحقق هذه الرغبة المجتمعية.
(5)
لتكن البداية هي تفعيل النصوص الدستورية التي تقر حق المواطنة والمساواة التامة بين جميع المصريين في الحقوق والواجبات.
النصوص الدستورية لن تطبق نفسها، بدون تضمينها في قوانين، فيها عقوبات رادعة ضد كل من يهدد الوحدة الوطنية، أو يمس ثوابتها.
نصوص تجرم الخروقات أياً كان مرتكبها، وتحقق الردع بقوة وحسم، حتي تتولد لدي الناس ثقافة احترام القانون، وهي التحدي الصعب والخطير.
(6)
النقطة الأخري المهمة هي بطء العدالة، ومثل هذه القضايا لا يجب أبداً أن تظل في المحاكم سنوات، حتي يسود الإحساس بعدم جدوي العدالة.
الإشكالية هنا هي البحث عن تشريعات تفعل العدالة الناجزة أو السريعة، فقضايا الفتنة الطائفية ليست كغيرها من القضايا، ولا تحتمل التأجيل.
لجأت مصر إلي القضاء العسكري في التسعينيات لمواجهة الإرهاب، ولكن مثل هذا الخيار المر يجب أن يكون الأخير، إذا اقتضت الضرورة القصوي.
(7)
هل لدينا القدرة علي إعلان التعبئة العامة، وأن نبدأ خطة مواجهة شاملة علي جميع الأصعدة، وأن نقتحم حقول ألغام مسكوتاً عليها منذ سنوات طويلة؟
هل نستطيع أن نطهر الخطاب الديني المتطرف في المساجد والكنائس والفضائيات؟ ونرسخ قواعد المواطنة المنصوص عليها في الدستور؟
حماس الشعب وحده ليس كافياً إذا لم تكن الحكومة أشد حماساً، فهل ترتفع إلي نفس الموقف، أم تضيع الفرصة، كما نحن متعودون؟


E-Mail : [email protected]