الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب» يعيد قراءة التيارات الفكرية الكبرى

«لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب» يعيد قراءة التيارات الفكرية الكبرى
«لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب» يعيد قراءة التيارات الفكرية الكبرى




كتبت - رانيا هلال


عن الدار المصرية اللبنانية، صدر مؤخرا كتاب «لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب» للمؤرخ الدكتور خالد زيادة، سفير لبنان بالقاهرة والمندوب الدائم لها فى جامعة الدول العربية، يتناول فيه تاريخ هذه العلاقة الإشكالية بين العرب وأوروبا، ويستعيد الجوار الفريد فى التاريخ والجغرافيا الذى وضع العالم العربي، وبالتالى الإسلامى، على تماس مباشر بأوروبا، مركزاً على الإشكالية التى نمت وتجذرت بين العرب من جهة وأوروبا والغرب من جهة، حتى بات أغلب الإنتاج الثقافى العربى هو تعبير عن هذه الإشكالية التى تحكم أوروبا والغرب.
ويأتى كتاب «لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب» ضمن مشروع بحثى ضخم، يتناول إحدى المسائل المركزية التى يثيرها الوعى العربى المسلم على حد سواء، وهى العلاقة مع الغرب تلك العلاقة المغرقة فى القدم والتى هى حصيلة الجوار الفريد، وقد أصبحت مصدرا للقلق الذى طبع الأفكار منذ أن صارت أوروبا مركز الحداثة فى العالم.
استهل زيادة مشروعه الكبير بـ «تطور النظرة الإسلامية إلى أوروبا» و«المسلمون والحداثة الأوروبية»، وصولا إلى «لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب»، وعنى فيه مؤلفه بالتركيز على إعادة قراءة العلاقات الإسلامية الأوروبية أو بمعنى أدق اكتشاف الحداثة الأوروبية، وتبنى أجزاء منها هنا وأجزاء أخرى هناك، بما يزيد من فهمنا لمسائل التطور التاريخى والمشكلات الحاضرة، وهو الأمر الذى نحتاج إليه، فالمجتمعات تحت ضغط المتطلبات تغفل جذور الأزمات، وتفقد سيرورة التاريخ فى تواصل حلقاتها وتأثير بعضها على البعض الآخر.
إذن تواكب هذه الإشكالية «العلاقة مع الغرب» هذا الكتاب الأخير فى كل فصوله، ويستعرض زيادة تاريخ هذه العلاقة بكل مراحلها، فضلا عن المقدمة، يقع الكتاب فى ثمانية فصول تناولت موضوعات: «الجوار»، «التحديث»، النهضة»، «الإصلاحية الإسلامية»، «الثورة»، «الأيديولوجية»، «الدولة»، «الأصولية»، وخاتمة تتناول المراحل التاريخية للعلاقة وتفاعلها بدءاً من الجغرافيا مع أوروبا، وانتهاء بربيعنا العربي، وملحق يشتمل على فهرس للأعلام.
«لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب»، بحسب مؤلفه الدكتور خالد زيادة، هو تقاطع بين مسارين تاريخيين. يقول زيادة «حين شرعت فى كتابته قبل سنوات، كانت الفكرة الرئيسة هى إعادة قراءة التيارات الفكرية الكبرى منذ أواسط القرن التاسع عشر، وأثر أوروبا فى تبلورها، وكيف تلاشى هذا التأثير خلال العقود القليلة الأخيرة، الأمر الذى أدى من جملة أمور إلى بروز التيارات الأصولية».
ويوضح زيادة أنه من جهة ثانية، فإن الثورات العربية التى قامت العام 2011، والتى لم يكن أحد ليتوقعها على النحو الذى جرت فيه، جاءت لتؤكد الفكرة الأولى، وهى أنه لا أفكار كبرى تقود هذه الثورات، على غرار الثورات التى عرفها العرب منذ مطلع القرن العشرين، والتى حركتها أفكار الحرية والوطنية والاستقلال، كالثورة العربية العام 1916، والثورة المصرية العام 1919، والثورة الجزائرية فى خمسينات القرن الماضي. وغياب الأفكار الكبرى يفسر جانباً مهماً من جوانب التعثر الذى شهدته الثورات العربية.