الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أفكار (وي - وي) !




حين بدأ الزعيم الصيني الكبير‮ "‬وينج زياو بنج‮" ‬قبل ثلاثين عاماً‮ ‬عملية الإصلاح الكبري التي قادت الصين إلي ما هي عليه اليوم‮.. ‬كواحدة من أكبر اقتصاديات العالم‮.. ‬بعد أن كان لها اقتصاد‮ (‬محطم ومتضعضع‮).. ‬فإنه قال لكي يبرر التحول الاقتصادي في ظل الحكم الشيوعي إلي رأسمالية السوق‮: (‬ليس مهما ما هو لون القط ولكن المهم أن يأكل الفار‮).‬

‮ ‬لقد أعجبت هذه العبارة الكثيرين،‮ ‬وقبلوا بها منهاجًا لتحول دراماتيكي في الصين‮.. ‬ولكن الكثيرين في الغرب والولايات المتحدة ينسون أن نفس العبارة تنطبق علي المقاييس التي يستخدمونها حين يطبقون علي الصين معايير الديمقراطية الغربية‮.. ‬ويتهمونها بأنها‮ ‬غير ديمقراطية وتقف ضد حقوق الإنسان‮.‬

‮ ‬الصين بعدد سكانها المهول تركب الآن صاروخاً‮ ‬بسرعة الضوء‮.. ‬وقد أدهشني الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار حين عاد من زيارة إلي هناك قبل أيام ليقول إن الصين التي كانت في عام‮ ‬2006‮ - ‬موعد آخر زيارة للصين قام بها السيد الوزير‮.. ‬وبالصدفة كنت موجوداً‮ ‬خلالها‮ - ‬تختلف كثيراً‮ ‬عما هي عليه الآن‮.. ‬تنطلق بسرعة مذهلة‮.‬

‮ ‬علي الهامش هنا أذكر أن بيننا وبين الصين تعاوناً‮ ‬وثيقاً‮ ‬يبدو أنه ينمو‮.. ‬ومحمود محيي الدين نفسه يتولي ملفاً‮ ‬مهماً‮ ‬بخصوص عمليات تنمية الاستثمار بالتعاون مع الصين في منطقة شمال‮ ‬غرب خليج السويس‮.. ‬وسيكون بيننا نشاط كبير في نوفمبر المقبل حين يزور رئيسها مصر في رحلة رسمية‮.. ‬قبل أن تنعقد في القاهرة وقائع مؤتمر الصين‮- ‬أفريقيا الذي تستضيفه مصر‮.. ‬وفق ما هو مقرر في زيارة قام بها الرئيس مبارك إلي بكين قبل ثلاث سنوات وحضر المؤتمر الأول للصين وأفريقيا‮.‬

‮ ‬نعود إلي الغرض الأساسي‮.. ‬وهو أن هناك لغزاً‮ ‬كبيراً‮ ‬يلاحق عقول العالم يريدون به أن يفسروا كيف تحقق الصين كل هذا التطور‮ - ‬مع العلم بأنها تصف نفسها حتي الآن بأنها دولة نامية‮ - ‬وتلك معضلة يناقشها الكتَّاب والمفكرون إلي أن دخل علي الخط قبل أيام في مقال بجريدة الهيرالد تربيون مفكر صيني اسمه تشانج وي وي‮ - ‬ليس هناك خطأ‮: ‬وي ـــ وي‮ .‬

‮ (‬وي ــــ وي‮) ‬كتب عن ثماني أفكار كبيرة تؤمن بها الصين‮.. ‬قال إنها سر تقدمها المدهش الآن‮.. ‬وحين قرأتها ــــ أي تلك الأفكار ـــ فإنني شعرت كما لو أنني أقرأ أمراًً‮ ‬يخص مصر أو يجب أن يخصها‮.. ‬وهي كما يلي‮: ‬ 

- ‬الواقعية قبل الأيديولوجيا‮.. ‬أي الإيمان بقدرة حقائق الواقع علي أن تشكل التغيير ومبرراته‮.. ‬وبحيث تكون أقوي من أي شعار‮. ‬ومن ثم فإن تلك الواقعية هي التي حددت طرق التنمية اعتماداً‮ ‬علي التحديث والمحاسبة‮.. ‬قبل أي برنامج سياسي مقيد‮.‬ 

- ‬المهم الشعب‮.. ‬أي تلبية احتياجاته بأي طريقة‮.. ‬وبكل السبل‮.. ‬وهذا هو السبب الذي يري‮ (‬وي وي‮) ‬أنه أدي إلي نقل‮ ‬400‮ ‬مليون نسمة من الفقر إلي التشبع الاجتماعي‮.. ‬طبعاً‮ ‬الصين تصر علي أن لديها‮ ‬600‮ ‬مليون فقير آخرين‮.. ‬يجعلونها بين الدول النامية حتي الآن‮ . ‬ومن ثم تروج الصين لمعني مختلف لحقوق الإنسان‮.. ‬لا يقتصر علي الحقوق المدنية والسياسية وإنما التركيز علي الحقوق الاجتماعية‮ .‬ 

- ‬التفكير الشامل وتحديد الأولويات من خلال هذا التفكير‮ .‬ 

- ‬الحكومة ضرورة ودورها أساسي‮.. ‬ولا يمكن الاستغناء عن سلطتها‮.. ‬فالصين لم تهدم الدولة فانهارت جغرافيتها كما فعل جورباتشوف في الاتحاد السوفيتي وهي لا تري أن الدولة شر لابد منه كما تؤمن الولايات المتحدة‮.. ‬هذه الدولة الصينية القوية هي التي تفرض برامج التحديث علي كل الأقاليم‮ .‬ 

- ‬الإدارة الجيدة أهم من الديمقراطية في صورتها الغربية‮.. ‬المهم أن تتحقق الأهداف‮.. ‬وجوهر الحكم الصالح هو تحقيق التطور‮.‬

‮- ‬تطبيق معايير الأداء علي النخبة السياسية‮.. ‬والتحقق من أنها تقوم بدورين أساسيين الأول هو معالجة مشكلة الفقر والثاني تحقيق النمو‮.. ‬بخلاف المحافظة علي البيئة‮ .‬ 

- ‬التعليم الانتقائي الذي يحقق أهداف المجتمع خصوصاً‮ ‬فيما يتعلق بالتطوير التكنولوجي وإتمام عمليات التحديث‮.‬

‮- ‬التنوع المنسجم القادر علي استيعاب كل تلك القوميات والعرقيات في مختلف أقاليم الصين وبحيث تحافظ الدولة علي وحدتها باعتبارها دولة هائلة جغرافياً‮ ‬واقتصادياً‮ ‬وسكانياً‮.
‬ أعتقد أن هذا كلام ضروري لنا بدورنا‮.
‬ الموقع الإليكتروني‮:‬  www.abkamal.net
 البريد الإليكتروني‮:‬  [email protected]