الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عبد الرحمن الشرقاوى أضاء «الأرض» بـ«نور الكلمات»






لويس جريس
 
فى البداية يقول الكاتب لويس جريس رئيس تحرير مجلة صباح الخير الأسبق: عبدالرحمن الشرقاوى تولى مؤسسة «روزاليوسف» بعد أن رفض أحمد بهاء الدين اختيار السادات له لكى يصبح رئيسًا لمجلس إدارة «روزاليوسف»، اختار السادات عبدالرحمن الشرقاوى لكى يرأس المؤسسة وظننا فى بداية الأمر أن عبدالرحمن الشرقاوى لن يضيف جديدًا للمؤسسة، بالفعل هو شاعر وروائى وكاتب مسرحى وكاتب قصة قصيرة إلا أننا لم نكن نرى أنه أيضًا إدارى من الطراز الأول.
قام بتعيين فتحى غانم وصلاح حافظ رؤساء لتحرير «روزاليوسف» و«حسن فؤاد» ولويس جريس رؤساء لتحرير لـ«صباح الخير».
بعد تولينا لرئاسة التحرير بدأ يمارس أعماله كرئيس مجلس الإدارة وكان مدير المؤسسة وعضو المنتدب عبدالغنى عبدالفتاح الذى كان فى نهاية كل شهر يشكو من خلو المؤسسة من المال وهنا كان الصدام وبدأ الشرقاوى يفكر فى استبدال عبدالفتاح بآخر وكانت معه فى هذه الرحلات البحثية عن البديل التى استصعبت لاتهام «روزاليوسف» أنها شيوعية وهو ما استفزنى بشدة من هنا اقترحت عليه أن أتولى أنا هذا المنصب واندهش الشرقاوى لطلبى لأننى بذلك سأترك الصحافة لكنه بعد تفكير عيننى أمينًا عامًا للمؤسسة إضافة لعملى كرئيس تحرير صباح الخير فى 15 أكتوبر 1972.
وكان منصب «الأمين العام» غير متداول بالمؤسسة لهذا جمعت إداريى «روزاليوسف» لأعرض عليهم رحلة البحث ورفض المرشحين مما دعانى لمنحى فرصة بدافع أن أرشح أحدهم لتولى المنصب وكان هناك عدد كبير من القيادات بالمؤسسة والذين امتنعوا آنذاك بفكرتى وتعاونوا معى فى العمل، كان أهم ما يشغل الشرقاوى والذى طالبنى به تطبيق العدالة الاجتماعية فى أى قرار أصدره، فضحكت لهذا الطلب لأن موضوع العدالة الاجتماعية غير موجود بأرض الواقع، وهو ما استفز الشرقاوى منى وفهمت أنه مصر.. وتساءلت: كيف سأطبقها؟!
شاءت الصدفة أن وجدت عاملاً بقسم التجليد يقف بباب مكتبى ليطلب منى 50 «سلف» فأخرجتها من جيبى لكنه انتفض بشدة وقال أنا أريدها من راتبى فقلت له: «مش مشكلة» خذها الآن وردها عند القبض ثم بعدها بأسبوع طلب نفس المبلغ كسلفة فأقرضته بشكل رسمى من راتبه، وبعد أسبوع آخر تكرر نفس الموضوع فبدأت أتساءل لماذا نفس المبلغ بعد نفس الموعد فطالبت إحدى الموظفات وهى اخصائية اجتماعية لدراسة حالة هذا العامل ــ محمود عبدالرحمن ــ الاجتماعية بعد يومين وجدت التقرير الذى يفيد أنه يعيش بغرفة واحدة ينام على كنبة وأبنائه على الأرض والحمام مشترك لشقة مكونة من خمس غرف كل غرفة بها أسرة، وراتب هذا العامل 11 جنيه شهريًا ففكرت كيف يمكن رفع راتبه إلى 30 جنيهًا شهريًا وبالبحث عرفت أن خبير الطباعة الأستاذ رزق بالمطابع الأميرية هو من سيفيدنى فى ذلك وتناقشنا معه وتفقد المطابع وبعد أسبوع قدم لى الحل فى أن يتم تشغيل هذا العامل ورديتين إضافة إلى أننى طالبته بزيادة إنتاجيته فى التجليد وبذلك وصل راتبه إلى 30 جنيهًا.
ووقتها طالبت الشرقاوى بأن تعمل المؤسسة 3 ورديات ووافق واستطعت تفعيل العمل ليغطى الـ3 ورديات وفى خلال شهرين دارت العجلة.
وفى عام 1973 وبعد نجاح الميزانية الربع سنوية لعام 1972 أردنا أن نبحث كيفية زيادة توزيع المجلات، وقتها طلب منى الشرقاوى أن أرسل أحد الصحفيين «المطقطقين» للتحقيق فى واقعة سقوط عروسة فى حفرة واختفت بالإسكندرية وبالفعل أرسلت مفيد فوزى الذى كتب تسعة موضوعات مذهلة وهنا طلب زوجها من الشرقاوى وكان مصورًا صحفيًا بالإسكندرية لأنها ستدمر حياته واستجاب الشرقاوى لطلبه، بعد أن كنا وصلنا إلى 45 ألف نسخة.
 

عبد الحليم حافظ
 
فى مارس 1973 اقترح منير عامر نشر مذكرات عبدالحليم حافظ وكانت فكرة مميزة وبدأنا العمل مع عبدالحليم وأعلنا فى أحد الأعداد عن انفرادنا بنشر مذكراته وفوجئنا بعدها أن تعلن الكواكب عن انفرادها بالنشر؟!
فأوقفت الفكرة تمامًا وبدأت الكواكب فى النشر لكنها لم تحقق المطلوب منها وهو ما لم يعجب عبدالحليم فعاد وبإلحاح شديد لنشر مذكراته فاشترطت عليه أن تكون المذكرات بقلمه هو وأن يظهر بالتليفزيون ليعلن عن نشر مذكراته بيده بصباح الخير إضافة للتنويه بالصحف وبالفعل فعل ذلك عبدالحليم وزاد توزيع المجلة إلى أكثر من 50 ألف نسخة.
بدأنا نهتم بعدها بـ«روزاليوسف» ووقتها تقدم ضياء الدين بيبرس وهو أحد الصحفيين بنشر مذكرات محمد أحمد الجيار سكرتير جمال عبدالناصر التى رفعت التوزيع إلى 100 ألف نسخة ووصلنا فيما بعد إلى 165 ألف نسخة وازدهر التوزيع تمامًا فى ذلك الوقت برغم الحرب وانتصار 1973م.
ومن هنا نستطيع أن نقول إن عبدالرحمن الشرقاوى كان أول من حرص على تطبيق العدالة الاجتماعية بين العاملين فى «روزاليوسف» بحيث إنهم عندما انتهت فترته حل مكانه مرسى الشافعى كان ذلك نتيجة لقاء بين الرئيس الراحل أنور السادات وعبدالرحمن الشرقاوى حيث قال السادات للشرقاوى: يا عبدالرحمن «روزاليوسف» بقت حزب وانت حاتمشى وحاتسيب موقعك وحاجيب واحد بعدك يخلينى ماقراش لا «روزاليوسف» ولا «صباح الخير» وفعلا جاء الأستاذ مرسى الشافعى رئيسًا للتحرير ولمجلس الإدارة والأستاذ عبدالعزيز خميس مديرًا لتحرير المجلتين وهبط توزيع «روزاليوسف» من 165 ألف نسخة إلى 9 آلاف فى خلال شهرين وهبط توزيع صباح الخير من 155 ألفًا إلى 18 ألفًا ومن هذا يتضح أن «روزاليوسف» تزدهر عندما يكون لرئيس تحريرها موقف معروف، كما حدث فى عهد عبدالرحمن الشرقاوى ومن قبله إحسان عبدالقدوس.
يقول الكاتب الصحفى رءوف توفيق رئيس تحرير مجلة صباح الأسبق:  كانت أجمل أيام أيام الشرقاوى بـ«روزاليوسف» سواء رئيس مجلس إدارة أو تحرير كان رجلاً يحمل الكلمة ويدافع عن شرفها إلى أقصى حد فأنا عاصرته صحفيًا وإنسانًا، فكنت مدير تحرير صباح وهو رئيس مجلس إدارة فى نفس الوقت مع مجموعة أخرى من الزملاء كنا نلتقى يوميًا بالشرقاوى وكان يعرض علينا الأحداث فى هذه الفترة كان فيه نوع من تصفية الحسابات مع القيادات الصحفية فهناك عدد منهم تم نقله إلى مؤسسات أخرى كالدواجن وغيرها وليست لها أى علاقة بالصحافة.
الناحية الإنسانية كان بيننا مشروع فيه مشترك نكتب السيناريو له وقال لى وقتها أى ساكن بمصر الجديدة وهو ساكن بحلول واقترح أخذ غرفة بفندق السلام حتى تنتهى كتابة السيناريو تم تسليمه للمنتج وهذه كانت فرصة ذهبية للحديث فى البناء الدرامى للمجتمع المصرى ومناقشة قطاعات مختلفة من المجتمع المصرى.
أتذكر له أنه قد حضر زفافى وكل انتقادات صباح الخير كان موجودًا قلبًا وقالب فكان يحترم الجميع والصحافة حتى بعد ذهابه للأهرام ظلت مصداقتنا باقية.
يقول الكاتب رشاد كامل رئيس تحرير مجلة صباح الخير الأسبق:
كنت سكرتير تحرير مجلة صباح الخير عندما جئت لمؤسسة روزا للتدريب بصباح الخير التى كان يرأس تحريرها الكاتب الكبير الشرقاوى وكان رئيس تحريرها حسن فؤاد ويرأس روزا صلاح حافظ وفتحى غانم بعد أسابيع قليلة من تواجدى فى صباح الخير كلفنى د.حسن فؤاد أن أصبح سكرتيرا للتحرير ولم يكن قد مضى على تدريبى بالمجلة سوى شهرين أو ثلاثة على ما أذكر، وكان ينشر لى تحقيقات صحفية اجتماعية وينشر الاسم فى نهاية الموضوع ببنط صغير لا يكاد يقرأ وفى إحدى المرات عندما وصلت للمبنى فوجئت برجل بالاستعلامات عم أبوطالب رحمه الله يقول لى أن الأستاذ سأل عنى: توجست خيفة من الأمر هل أخطأت فى شىء هل أسأت التصرف وتوجهت لمكتبه وعرفت السكرتارية باسم ودخلت وأنا خائف بالفعل.. قال لى أ.الشرقاوى أنت رشاد كامل فقلت نعم قال أجلس قال لى لقد قرأت موضوعك المنشور اليوم وهو موضوع جيد وأنا أهنئك عليه وانصرفت!
 فرح الدنيا انتابنى فى تلك اللحظة وأخبرت حسن فؤاد بهذا الموقف العظيم وهنأنى وقال هذه شهادة من كاتب كبير وليس من شخص عادى واستجمعت شجاعتى لأسأل أ.حسن فؤاد هل يعنى هذه الشهادة أننى سأتعين قريبا ضحك أ.حسن وقال ليس لدينا تعليمات فالتعيينات أمرها متروك للمستقبل ربما بعد سنة أو أكثر وقال لى الجملة التى غيرت مجرى حياتى لا تشغل نفسك بالتعيين اشغل نفسك بما سوف تكتب.
وفيما يتعلق بالأستاذ عبدالرحمن الشرقاوى فقد حكى لى أ.صلاح حافظ مايسترو الصحافة العربية فى مذكراته التى نشرتها فى مجلة صباح الخير وكان رئيس التحرير وقتها أ.لويس جريس وحكى لى حافظ أنه بعد مظاهرات 18 و19 يناير قد اتخذت روزاليوسف موقفا سياسيا واجتماعيا واضحا من هذه المظاهرات وأطلقت عليها انتفاضة شعبية بينما كان الرئيس السادات مصرا أن يطلق عليها انتفاضة حرامية ونشرت روزاليوسف تحقيقا صحفيا موسعا كان عنوانه الحكومة اشعلت الحقيقة والسادات أطفأها وغضب السادات غضبا شديدا من موقف روزا عامة ومن موقف الأستاذ الشرقاوى خاصة لأنه صديق للسادات وتحملت روزا ثمن هذا الموقف السياسى الشجاع وتقرر إعفاء عبدالرحمن الشرقاوى وصلاح حافظ وفتحى غانم من مسئوليات المجلة.
كان أجمل ما فى الشرقاوى أنه صاحب العبارة البليغة والجميلة «شرف الكلمة» كان يؤمن أن للكلمة شرفا وأن الكتابة مسئولية وأن الإنسان موقف وبعد أن غادر الشرقاوى روزا ذهب للأهرام ليصبح واحدا من فرسانها الكبار وظل الشرقاوى فى كتاباته للأهرام كما كان فى روزا مخلصا لمبادئه ومعتقداته التى دافع عنها طوال حياته. أما الناقد والشاعر شعبان يوسف فيتذكر: عبد الرحمن الشرقاوى :أعتقد أنه  الأب الروحى لأكثر من جيل الستينيات والسبعينيات والخمسينيات أيضًا من أول قصائده  فى الأربعينيات وقصيدته رسالة للرئيس الأمريكى 1951 والتى أراها رائدة فى الشعر الحر قبل صلاح عبد الصبور فكان لها أهمية شريرة من حيث المنحى السياسى والفنى والوجدانى وكسرت الرومانسية فى ذاك الوقت.
الشرقاوى أسس مجلة «الغد» مع فهمى حسين وحسن فؤاد وكانت من أهم المجلات الطليعية ونشر للعديد من الشعراء وكان يكتب أيضًا فى مصر اليوم كما انه كتب رسالة لطه حسين يعارضه فيها وفى عام 1951 سافر لمدة عام بفرنسا وكان يراسل مجلة الكاتب ليوسف حلمى التى كانت تدعو للسلام مع صلاح جاهين ويوسف ادريس وحداد وكان يمضى بـ«ش.» فيما بعد انتمى الشرقاوى لروزاليوسف وكان ينشر روايته الأرض مسلسلة فى جريدة المصرى وكان يرسمها زهدى والتى اثارت جدلًا  كبيرًا فى ذلك حيث رآها د. عبد العظيم أنيس تطورًا لنجيب محفوظ وانتصار قوى للواقعية بينما أنور المعداوى رآها مجرد ريبورتاج صحفى عن الريف، كما ان الشرقاوى يعتبر أحد رواد المسرح الحديث ومسرحيته «مأساة جميلة» و«عرابى زعيم الفلاحين» وكان من المسرح الشعرى قبل صلاح عبد الصبور وعبد المنعم بسيس وكانت له مجموعات قصصية إضافة لروايات أخرى غير الأرض وكان له كتاب مهم صدر فى 1956 عن مؤتمر باندونج.
«الأرض» ترجمت للفرنسية والروسية وكانت تدرس فى السوربون ودعى إلى هناك فى أوائل الستينيات. عندما كتاب «محمد» الذي كان بداية  مشروعه فى الكتابة الإسلامية فكان مدرسة فى الصحافة وخاض معارك عديدة فالمعادل الفكرى له هو عبد الرحمن معارك وحين ترأس روزاليوسف اختلف كثيرًا مع السادات وقبل رحيله مباشرة كان قد رشح فاروق حسنى للوزارة وله العديد من الكتابات مثل قصص قصيرة فأول مجموعاته لم تنشر لاستيلاء المباحث عليها إضافة للعديد من الاشعار التى لم تنشر فدائمًاً ما كانت أعماله تثير جدلاً مثل الفتى مهران الذى اختلف معه فيها محمود أمين العالم التى رآها محرضة وضد النظام الحاكم لكن تظل الحسين ثائرًا ولـ«حسين شهيداً» هى المشكلة الحقيقية فى أعمال الشرقاوى ورغم ان كرم مطاوع ومصطفى عبد الغنى قد قدما عرضاً خاصًا لها بمعالجة مسرحية جديدة إلا انها رفضت ومنعت من العرض كما توقعوا.
ونأمل ان يفرج عنها في العهد الجديد.
 
 
 
                                                             
 
 
 
سيرته الذاتية
 
وﻟﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺸﺮﻗﺎوى ﻓﻲ ﻗﺮﯾﺔ اﻟﺪﻻﺗﻮن ﻣﺮﻛﺰ ﺷﺒﯿﻦ اﻟﻜﻮم، ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ اﻟﻤﻨﻮﻓﯿﺔ ﻓﻲ دﻟﺘﺎ ﻣﺼﺮ ﯾﻮم ١٠ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ١٩٢٠.
اﻟﺘﺤﻖ ﺑﺎﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻷوﻟﯿﺔ ﻓﻲ ﻗﺮﯾﺔ ﻣﺠﺎورة ﻟﻘﺮيتى «ﺷﺒﺮا ﺧﻠﻔﻮن»، ﺛﻢ اﻟﺘﺤﻖ ﺑﻤﺪرﺳﺔ «ﺷﺒﯿﻦ اﻟﻜﻮم اﻻﺑﺘﺪاﺋﯿﺔ اﻷﻣﯿﺮﯾﺔ» ﻋﺎم ١٩٢٨، اﻧﺘﻘﻞ ﺑﻌدها إﻟﻰ اﻟﻘﺎهرة ﻟﯿﻌﯿﺶ ﻓﻲ ﺣﻰ اﻟﺴﯿﺪة زﯾﻨﺐ. أﺗﻢ دراﺳته ﻟﻠﺤﻘﻮق فى ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻓﺆاد اﻷول.
ﺗﻮﻟﻰ ﺑﻌﺪ ﻗﯿﺎم ﺛﻮرة ﯾﻮﻟيو ﻋﺪًدا ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ واﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﻘﯿﺎدﯾﺔ فى ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻨﺸﺮ. ﺣﯿﺚ اﻟﺘﺤﻖ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﺆﺳﺴﺔ روزاﻟﯿﻮﺳﻒ رﺋﯿًﺴﺎ ﻟﻤﺠﻠﺲ اﻹدارة ورﺋﯿًﺴﺎ ﻟﻠﺘﺤﺮﯾﺮ ﻣﻦ ٤ ﻣﺎرس ١٩٧٢ ﺣﺘﻰ أول ﻣﺎﯾﻮ ﻋﺎم ١٩٧٧، إذ ﺻﺪر ﻗﺮار ﺟمهورى ﺑتعيينه ﺳﻜﺮﺗﯿًﺮا ﻋﺎًﻣﺎ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻷعلى ﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻟﻔﻨﻮن واﻵداب واﻟﻌﻠﻮم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ ٢٣ إﺑﺮﯾﻞ ﻋﺎم ١٩٧٧.
ﺗﻌﺘﺒﺮ رواﯾته «اﻷرض» ﻣﻦ أشهر اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﻮرت ﺷﻘﺎء اﻟﻔﻼح اﻟﻤﺼﺮى وﺣبه ﻟﻸرض، ﻛﻤﺎ ﻋﺎﻟﺞ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪه وﻣﺴﺮﺣﯿﺎته اﻟﺸﻌﺮﯾﺔ ﻗﻀﺎﯾﺎ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮة، وﻟﻮ أن ﺑﻌضها اﺗﺨﺬ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺨﻲ، وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺴﺮﺣﯿﺎته اﻟﻤﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ.
أﺛﺎرت رواﯾﺎته واﻟﺴﯿﺮ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯾﻜﺘبها ﻋﻦ اﻷﺋﻤﺔ ﺿﺠﺔ وﻋﺪم رضا ﺑﯿﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ، ﻻﻧﺤﯿﺎزه إﻟﻰ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﯿﺴﺎرﯾﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﯿﺔ؛ إذ ﯾﻘﻮل رﺟﺎء اﻟﻨﻘﺎش ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ ﻋنه: «اﻟﺸﺮﻗﺎوى ﻛﺎن ﺻﺎﺣﺐ ﻓﻜﺮ ﯾﺴﺎرى، ﯾﺪﻋﻮ إﻟﻰ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ وﯾﺆﻣﻦ به. ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔسه ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﺪﻗﯿﻘﺔ، وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺮر أن ﯾﺨﻮض ﻣﺤﺎوﻟﺔ، أو ﻣﻐﺎﻣﺮة ﻛﺒﺮى ﻟﻠﺘﻮﻓﯿﻖ ﺑﯿﻦ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﯿﺴﺎرى واﻟﺴﻠﻄﺔ… لهذا ﻛﺎن اﻟﺸﺮﻗﺎوى ﻣﻦ أﻋﻼم اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺨﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﻔﻜﺮي، وهى اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ وﺗﺤﺮص ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺎهم ﻣﻊ اﻟﺴﻠﻄﺔ» وﺧﻠﻖ اﻟﺠﺬور ﻣعها، ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺘﻌﺮض ﻓﻜﺮه ﻟﻠﻘﻤﻊ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ اﻟﺬى ﯾﺆدى به ﻓﻲ اﻟنهاﯾﺔ إﻟﻰ ﻋﺪم اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺘﺎج واﻹﻧﺠﺎز ﻋﻠﻰ أنه ﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻊ أن ﯾﻨﺠﻮ ﺑﻨﻔسه ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻌﻮاﺻﻒ، رﻏﻢ جهوده اﻟﻜﺒﯿﺮة اﻟﺘﻲ ﺑﺬلها ﻟﻠﺘﻮﻓﯿﻖ ﺑﯿﻦ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﯿﺴﺎرى واﻟﺴﻠﻄﺔ.
ﻟﻢ ﯾﺼﻄﺪم ﻓﻘﻂ ﺑﻤﺸﻜﻠﺔ «اﻟﺴﻠﻄﺔ» اﻟﺘﻲ ﺣلها ﺑﻄﺮﯾﻘته، اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ والمهادنة، ﻓﻘﺪ اﺻﻄﺪم أﯾًﻀﺎ ﺑﻤﺸﻜﻠﺔ أﺧﺮى ﺧﻄﯿﺮة، هى ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ ﺑﯿﻦ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﯿﺴﺎرى واﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ، وﻗﺪ ﺟﺎءته هذه اﻟﻔﻜﺮة ﻣﻨﺬ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﺨﻤﺴﯿﻨﯿﺎت، وﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ أنه ﻛﺎن ﯾﺪرك أهمية هذه اﻟﻔﻜﺮة ﺑﻌﻤﻖ ﻣﻮهبته وﺧﺼﻮﺑﺔ ﺷﺎﻋﺮيته اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺘﺪ ﺑﺠﺬورها إﻟﻰ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﯾﻢ، ﺑﻤﺎ فيه ﻣﻦ ﺧﻄﺎﺑﺔ وﻗﻮة ﻣﻮﺳﯿﻘﯿﺔ ظاهرة وﻗﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺻﻒ واﻻﺳﺘﻄﺮاد.
 وﻟﻜﻦ ﻣﺤﺎولته «اﻟﺘﻮﻓﯿﻘﯿﺔ» ﺑﯿﻦ ﻓﻜﺮه اﻟﯿﺴﺎرى واﻟﺘﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺟﺮت عليه اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎرك اﻟﻌﻨﯿﻔﺔ، وﻛﺎن ﻣﻦ ﻣﻈﺎهر هذه اﻟﻤﻌﺎرك اﻟﻌﻨﯿﻔﺔ أن ﻣﺴﺮحيته «اﻟﺤﺴﯿﻦ ﺛﺎﺋًﺮا وشهيداً»، وهى ﻣﻦ ﺟﺰءﯾﻦ، ﻟﻢ ﺗﺮ اﻟﻨﻮر ﺣﺘﻰ اﻵن رﻏﻢ ظهورها ﻣﻨﺬ ﺣﻮاﻟﻲ ﻋﺸﺮﯾﻦ ﻋﺎﻣًﺎ، وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ اﻋﺘﺮاض اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺮﺣﯿﺔ ورفضهم لمنهج اﻟﺸﺮﻗﺎوى ﻓﻲ ﺗﺼﻮﯾﺮ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﺘﻌﺒﯿﺮ عنه.
ﻗﺪم ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺸﺮﻗﺎوى ﻟﻠﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت منها: اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ: الفقيه اﻟﻤﻌﺬب - اﻷرض - أﺋﻤﺔ الفقه اﻟﺘﺴﻌﺔ - اﻟﺤﺴﯿﻦ ﺛﺎﺋًﺮا: ﻣﺴﺮﺣﯿﺔ ﻓﻲ ١٣ ﻣﻨﻈًﺮا - اﻟﺤﺴﯿﻦ شهيدًا: ﻣﺴﺮﺣﯿﺔ ﺷﻌﺮﯾﺔ ﻓﻲ ٦ ﻣﻨﺎظﺮ - ﺧﺎﻣﺲ اﻟﺨﻠﻔﺎء: ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ - اﻟﺸﻮارع اﻟﺨﻠﻔﯿﺔ - اﻟﺼﺪﯾﻖ: أول اﻟﺨﻠﻔﺎء - ﺻﻼح اﻟﺪﯾﻦ: اﻟﻨﺴﺮ اﻷﺣﻤﺮ - ﻋﺮابى: زﻋﯿﻢ اﻟﻔﻼﺣﯿﻦ: ﻣﺴﺮﺣﯿﺔ ﺷﻌﺮﯾﺔ - اﻟﻔﺎروق ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب- اﻟﻔﺘﻰ مهران: ﻣﺴﺮﺣﯿﺔ ﺷﻌﺮﯾﺔ - اﻟﻔﻼح - ﻗﻠﻮب ﺧﺎﻟﯿﺔ - ﻣﺄﺳﺎة ﺟﻤﯿﻠﺔ - ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل اﻟﺤﺮﯾﺔ.