الخميس 23 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

النصب باسم حركة «6» إبريل علي دول أوروبا الشرقية






روزاليوسف اليومية : 25 - 07 - 2011


صدر تقرير عن المخابرات الأمريكية في بداية مايو الماضي تحت عنوان: "حصان طروادة عملية نفذت ضد 6 إبريل المصرية" ويحذر التقرير من وجود مجموعة تنتحل صفة حركة 6 إبريل المصرية منذ نهاية فبراير 2011 وأنها تجوب دول أوروبا الشرقية وقد نجحت بالفعل في النصب باسم 6 إبريل وحصل أفرادها علي مزايا عديدة منها التدريب العسكري والمال في مقابل وعود وهمية قدموها للأجهزة وللدول التي تعاملوا معها، وأن الأجهزة والدول التي اتفقت معهم أبلغت في نشرات دولية عن تعرضها للنصب باسم 6 إبريل .
وحذرت النشرات من أن المجموعة التي قامت بعملية النصب لا يمكن أن تكون جماعة عادية حيث لديهم تجهيزات لوجستية حديثة أبرزها جوازات سفر مصرية مزورة تحرك بها هؤلاء المزورون، وفي 21 يوليو الحالي طالبت صحف عالمية عديدة تل أبيب بالكف عن استغلال جوازات سفر الدول الأخري في عمليات وقعت مؤخرا غير أن الأخبار لا تنشر عملية واحدة بعينها وفي التقرير الأمريكي نجد أوصافاً محددة لا يمكن أن تنطبق سوي علي عملاء الموساد الإسراءئيلي.
وإذا اتبعنا علاقات 6 أبريل نجد أن لها علاقة وحيدة مع دولة أجنبية هي أمريكا، محددة ، حيث تحدثت 21 وثيقة من ويكيليكس مباشرة عن حقيقة الاتصالات الأمريكية السرية بحركة 6 إبريل منذ عام 2008 ولنبدأ من 30 ديسمبر 2008 والوثيقة رقم 08 القاهرة 2572 التي أفرج عنها في 31 يناير نجد السيدة "كاثرين هيل هيرندون" مديرة مكتب الصحة الدولية والدفاع البيولوجي في وزارة الخارجية وعضو لجنة الخدمات الخارجية العليا والملحق الاقتصادي والسياسي في السفارة الأمريكية في مصر والحاصلة علي الماجستير في الدراسات الإستراتيجية من كلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي تحكي عن لقاء تم في 23 ديسمبر 2008 بين حركة 6 إبريل وقد حجبوا في الوثيقة اسماء أو اسم ممثلي الحركة ووضعوا مكانها علامات (إكس) لحماية أصحابها من نظام مبارك علي ما يبدو.. وفي الجلسة يبدأ ممثلو الحركة في إبداء سعادتهم من التمكن من حضور اجتماع (تحالف حركات الشباب) الذي عقد في الفترة من 3 إلي 5 ديسمبر 2008 وأن الحركة في هذا التوقيت التقت سرا في أمريكا مع ممثلين عن الحكومة الأمريكية في كابيتول هيل بواشنطن وقد حكي ممثل الحركة كيف أن أمن الدولة المصري احتجزه في مطار القاهرة عقب عودته لمصر ثم يحكي ممثل حركة 6 إبريل أنه أخبر الأمريكيين بأن الحكومة المصرية لن تقوم بعمل أي إصلاحات وأن الحركة تحتاج لتغيير النظام الديكتاتوري بنظام ديمقراطي برلماني.
وفي اللقاء - كما سجلت كاثرين أعلن ممثل الحركة المصرية أن هناك أحزابا وحركات وتيارات مصرية عديدة وافقت علي تلك الخطة غير المكتوبة للتحول الديمقراطي بداية من عام 2011 .
ويحكي الناشط السياسي عن أن الأمن المصري عندما أفرج عن عضوين ناشطين بالحركة كان قد اعتقل ثلاثة آخرين بدلا منهما وحث الناشط الإدارة الأمريكية لتتدخل لإطلاق سراح هؤلاء الثلاثة معلنا بوضوح أن الحركة هدفها الوحيد هو تغيير النظام بنظام ديمقراطي منتخب.
ويكمل الناشط، كما سجلت كاثرين، بأن الحركة سعيدة بما انتهت إليه جلسات مؤتمر كابيتول هيل وأنه لدي عودته في 18 ديسمبر من واشنطن وجدت السلطات في حقيبته وثيقتين تثبتان أنه منتمٍ لحركة 6 إبريل وفيها بيانات المؤتمر الداعي للديمقراطية في مصر وأنهم طلبوا منه كتابة تقرير عن رحلته وفتحوا له ملفا بأمن الدولة.
وفي الوثيقة تحكي كاثرين عن مقابلة ناشط 6 إبريل مع عدد من المسئولين الأمريكيين ولأول مرة تحدد أسماء هؤلاء المسئولين من خلال اسمائهم الأولي فقط في إشارة غريبة عن خلفياتهم الأمنية ومنهم شخص يدعي "إدوارد رويس" و"روس ليتينين" وشخص يدعي "وولف" وعضوان من مجلس النواب الأمريكي وأن الناشط المصري دعي للشهادة في يناير 2011 أمام لجنة حرية الأديان والسياسة رقم 1303 التي ستحقق في الأحداث في مصر وفي الجلسة يعلن الناشط أنه غير متأكد من إمكانية مشاركته بسبب عدم وجود الإمكانيات المالية لديه ويطلب الناشط من الإدارة الأمريكية أن تبدأ في تجميد أصول الديكتاتور المصري حسني مبارك - علي حد تعبير ما سجلته كاثرين في الجلسة - ويشرح لهم الناشط عن حقيقة مبارك وأنه لن يقدم أي إصلاحات ويسجل ذلك الناشط في الجلسة أن أحزاب الوفد والكرامة والناصري والتجمع وحركة كفاية والإخوان المسلمين والحركة الثورية وافقوا فيما بينهم علي خطة غير مكتوبة تنفذ في 2011، ويشرح الناشط أنها لم تسجل لخطورتها وتمني الناشط أن يحصل النشطاء علي دعم الجيش والشرطة المصرية لتنفيذ الخطة، ويحكي أن السلطات المصرية قبضت علي (إكس) وتخفي الوثيقة اسمه و(إكس) آخر من الحركة وأن السلطات المصرية تطارد أعضاء الحركة بشكل عام.
وتنتهي الوثيقة لتؤكد حقائق معينة أولها أن الاتصال بين الإدارة الأمريكية وبين 6 إبريل كان حقيقة وأن 6 إبريل كانت تسعي من دوافع وطنية بريئة خالصة للحرية والديمقراطية في مصر وأن الإدارة الأمريكية تداخلت علي الموقف لاستغلاله لصالحها، ولم تذكر الوثيقة أي تجاوز لحركة 6 إبريل أو أي دور مشبوه قامت به.
أما الوثيقة الثانية التي أفرج عنها في 16 فبراير الماضي فهي من تاريخ 17 نوفمبر 2009 ورقمها هو 09 القاهرة 2155 وجاءت بعنوان (6 إبريل تقيم مؤتمرا موازيا لمؤتمر الحزب الوطني الديمقراطي المصري بالرغم من حظر السلطات المصرية) وفي الوثيقة يسجل الوزير المستشار السياسي الأمريكي "دونالد ايه بلوم" بروتوكول الجلسة ويحكي أن حركة 6 إبريل أخطرت الولايات المتحدة الأمريكية في 8 نوفمبر 2009 أنهم نجحوا في عقد مؤتمر موازي في 30 أكتوبر ولمدة ثلاثة أيام علي الإنترنت حضره الناشط السياسي أيمن نور عن حزب الغد والمرشد العام للإخوان المسلمين مهدي عاكف، ويشير إلي أن الأجهزة الأمنية هاجمت موقع الحركة ما قلص حجم المشاركة في المؤتمر بنسبة 90% ويؤكد أن السيد أنور عصمت السادات قد استضاف بعضا من شباب الحركة في مقر حزب الإصلاح والتطوير.
ويسجل دونالد بلوم أن 6 إبريل أخطرت الولايات المتحدة أن اليوم الثالث للاجتماعات قد شهد خطابات لأيمن نور ولجورج اسحق وأن هناك 400 ناشط قد حضروا الجلسة علي الإنترنت.
وتستمر الوثائق في سرد الاتصالات والتقارب بين واشنطن والحركة حيث نجد كل الوثائق تحكي عن معلومات تحصل عليها الإدارة الأمريكية عما يدور في الساحة المصرية من الحركة دون أن يذكر ولو لمرة واحدة أي حوافز أمريكية حصلت عليها الحركة من الولايات المتحدة سوي تأشيرة السفر لأمريكا، لنخرج من الوثيقتين وباقي الوثائق بشكل عام بأن هناك اتصالا دائما كان بين الحركة والإدارة الأمريكية وأن هذا التقارب كان من أجل البحث - من وجهة نظر الحركة -عن مخرج للحرية والديمقراطية المصرية المنشودة.
غير أنه من واقع مستندات استخباراتية أخري لدول أوروبية شرقية نجد معلومات تؤكد أن أعضاء بالحركة توجهوا إلي دول شرقية أخري وتلقوا بعض التدريبات هناك ومن واقع مستندات وأخبار أوروبية نجد تأكيدات لاتصال الحركة بعدد آخر من الإدارات الأوربية وتكشف المعلومات عن حقائق مهمة أولها أن هؤلاء النشطاء الذين سجلتهم الجلسات لا يمكن أن يكونوا منتمين للحركة حيث بدأ في تلك الجلسات الشرقية تظهر طلبات للحصول علي التمويل الخارجي وبالفعل تقوم بعض الجهات بالتمويل.
كما صدر بداية مايو الماضي تقرير عن المخابرات المركزية الأمريكية ليؤكد الجدال مؤكدا أن الإدارة الأمريكية قد رصدت قيام أشخاص يتحركون عبر العالم منتحلين صفة حركة 6 إبريل وأن هؤلاء نجحوا في لقاء عدد من أجهزة المخابرات بالعالم من بين تلك المهتمة بما يجري من أحداث في مصر سواء المعادية أو الصديقة، وأنهم حصلوا عقب تلك اللقاءات علي مساعدات خاصة منها تحويلات مالية كبيرة تسلموها باليد وعندما بحثت عنهم الأجهزة التي قابلتهم لم تجد لهم أثرا وكأنهم تبخروا، وأكد التقرير الأمريكي أنه لأول مرة في التاريخ يقوم أشخاص عاديون بالنصب علي أجهزة مخابرات دول كبري وإدارات سياسية رسمية منتحلين صفة حركة سياسية شريفة هي 6 إبريل المصرية.
الخطير أن 6 إبريل المزورة كان لها نشاطات غريبة فمثلا طلبت الحركة المزورة من بعض الدول التدريب العسكري وحصلت عليه بل طلبت تجهيزات لوجستية وحصلت عليها ناهيك عن التمويل المادي وهو أساسي في كل واقعة وأن الدول التي تعرضت لذلك النوع الفريد من النصب قد دفعت بالفعل دون تفكير حيث قدم الأعضاء المزيفون وعودا غير حقيقية لتلك الدول، تعد من قبل المصالح.
يستمر التقرير الأمريكي في كشف قيام الأعضاء المزورين بالتعاون مع الجهات الخارجية بشكل يهدد الأمن القومي المصري لمدد تراوحت بين شهر و45 يوما وأنهم كانوا ينقلون معلومات خاطئة عن الأحداث المصرية في مقابل استكمال التحويلات في كل مرة وما إن يتحصلوا عليها حتي يختفوا تماما ولا تتمكن الدول والأجهزة التي اعتقدت أنها جندتهم في التوصل لشخصياتهم والمحصلة النهائية أن 6 إبريل هي التي قامت بالفعل الشنيع.
الأخطر أن التقرير الأمريكي ذكر أن نقطة ضعف الأجهزة الأوروبية التي وقعت ضحية النصب باسم 6 إبريل كانت في حتمية السرية ومن وجهة نظر الأجهزة الأوروبية حيث لم يكن مهما لحد بعيد توثيق الانتماء للحركة لأنها من الأساس حركة سرية غير معروفة بشكل كلي حتي للأجهزة المصرية وأن كل ما جمع من معلومات عقب التأكد من التعرض للنصب هو بيانات جوازات السفر لهؤلاء المزورين عندما دخلوا حدود تلك الدول التي تقاربوا معها.
بيانات التقرير الأمريكي أشارت لمعلومة غريبة أكدت أن في معظم الحالات وجدت الأجهزة الأوروبية التي تعرضت للاحتيال أنه حتي بيانات جوازات السفر التي اعتقدوا أنها حقيقية لم تكن سوي جوازات مصرية مزورة أي أن الأعضاء المزورين قد اختفوا تماما بعدما فعلوا فعلتهم علي مستويين الأول هو تشويه سمعة الحركة عالميا والثاني هو ما وصلت إليه الأمور بين المجلس العسكري المصري والحركة.
وبتحليل المعلومات تؤكد الحقائق أن هناك جهازاً ما يملك الإمكانات اللوجستية والمعلومات الكافية عن 6 إبريل هو من قام بتلك العملية التي تعد من عمليات المخابرات المتكاملة الشخصية.
غير أن عامل مباحث أمن الدولة المنحل يسقط بالقطع، حيث إن ضباط جهاز أمن الدولة لم يتحركوا لخارج البلاد في الفترة التي سجلها التقرير الأمريكي فالجهة التي لعبت دور حصان طروادة لو صح التعبير لم تكن أمن الدولة وهنا يبقي التساؤل الذي يتم التحقيق فيه حاليا وتحديدا منذ ساعات قليلة وعلي أعلي مستوي بحثا عمن قام بتلك الخدعة الدنيئة التي أدت للوقيعة بين 6 إبريل والمجلس العسكري.
لكن الحقيقة المؤكدة أن المعلومات عندما تصل دولة ما من عدة جهات عن واقعة واحدة فإن المعلومات تصبح في عداد المؤكدة من الناحية المهنية وهو ما حدث مع 6 إبريل ومن التقرير المعلوماتي الأمريكي السري نتفهم أن من لعبها قام بها في عدة دول بالفعل، بمعني أنه أيضا درس الموضوع من الناحية المهنية ما يؤكد أن جهاز مخابرات أجنبيا هو من لعب الدور في الأساس لأن حتي النصاب المحترف لا يمكنه التوصل لمثل ذلك التفكير حيث تعدي هنا سعيه للمصلحة الشخصية بل إن عنصر الاستفادة المادية قد سقط من الحسابات لنجد أنفسنا كما قالت المخابرات الأمريكية أمام جهاز مخابرات جند مقدراته ضد 6 إبريل المصرية.
التقرير الأمريكي في الواقع لم يقف علي كشف السر بل دعا 6 إبريل الحقيقية لأن تبدأ في عمل إجراءات رسمية لممثليها مثل كارنيه خاص أو مستندات رسمية خاصة بها أو علامات تعارف دولية حتي تتعرف الدول علي نشطائها الفعليين والمهم أنهم عندما يتحركون يكون من حولهم متأكدا من هوياتهم.
وفي واقعة لها دلالتها فالتقرير الأمريكي بصراحة كاد يكشف الموساد الإسرائيلي ففي أوصاف الأشخاص الذين انتحلوا صفة 6 إبريل حددتهم المخابرات الأمريكية بلفظ (شرقيين) ولأنهم يعرفون تمام المعرفة لهجات الدول العربية فلا يطلق لفظ شرقيون في المخابرات صراحة إلا علي دول محددة وهي (ليبيا - مصر- لبنان- سوريا - إسرائيل) ولو طرحنا معظمهم تتبقي لدينا إسرائيل ولو تابعنا الموقف العالمي في قضايا تتماشي مع قضية انتحال صفة 6 إبريل نجد حقيقة صارخة نتوصل إليها ففي 21 يوليو الماضي وفي معظم صحف العالم نجد خبرا يكاد يكون متطابقا دعت فيه دول عديدة حول العالم ومنها نيوزيلاند وبريطانيا وأمريكا الموساد الإسرائيلي للكف عن اللعب بجوازات سفر الدول الأخري، وإذا علمنا بشكل أكيد أنه لم تسجل الوقائع علي الأرض أي عملية مخابرات معلن عنها في ذلك التاريخ وأن الموساد لم يستعمل جوازات سفر مزورة في تلك الدول في عملية خاصة به نجد أنفسنا نقف أمام استخدام جوازات سفر مصرية مزورة ظهر بها الأعضاء المزورون ل6 إبريل في دول العالم. وبعد طرح كل الشوائب مع حقيقة واحدة أن التقرير الأمريكي تحدث عن عملية إسرائيلية نفذت ضد 6 إبريل مباشرة في عدة دول شرقية بالعالم ما أوصل بالمعلومات المغلوطة عن الحركة وعليه حدث ما حدث بشكل مبدئي.