الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ثورة يناير والنوبة فى معرض نجوى العشرى.. «التعبير لحظة»




 
 
عندما يكون الواقع هو مضمون التعبير فى الأعمال الفنية هذا أمر معتاد فى الفنون التشكيلية التسجيلية، لكن أن يكون التعبير الفنى مزيجاً بين الواقع والخيال والهوية الذاتية للفنان، فهذا بالتأكيد سوف يطرح إعمالا فنياً مختلفة الرؤية والمعالجة، من هذا المفهوم جاءت الاعمال التصويرية للفنانة التشكيلية والناقدة نجوى العشرى فى معرضها الجديد المقام بقاعة مركز الجزيرة للفنون فى الزمالك.
 
 عرضت الفنانة مجموعه من اعمالها التصويرية تحت عنوان «التعبير لحظة»، تنوعت فى الفلسفة التشكيلية والموضوع الفنى والمعالجة والتوليف التقنى والمعالجة السطحية، فمن جانب التكوينات فى اللوحات بصفة عامة تعددت اللقطات وزوايا والابعاد والرؤية غير المعتادة للعناصر مما يجعل المتلقى ينجذب نحو الاعمال لما فيها من حداثية المعالجة، اما الموضوعات الفنية فهى ترجمة للنصوص الإنسانية، فمنها موضوعات عن أحداث ثورة 25 يناير، وموضوعات تعبر عن المشهد المكانى للنوبة بجماليتها وأصالتها وتراثها، ومشاهد ولقطات من رحلتها إلى فينسيا، اختارت الفنانة ما يناسب أدواتها الوجدانية والحسية وما يخدم الموضوع الفنى من أساليب واتجاهات تشكيلية، ورغم أن الاعمال تميل الى الاتجاه الواقعى والاتجاه التعبيرى الواعى فى اختزال التفاصيل مع حفاظها على تماسك وعمق العناصر، إلا أنها لم تربط بمذهب فنى واحد، بل اتبعت منطق تعددت المذاهب الفنية وبحر الفن واحد.
 
 
ولأن الفنانة بطبعها رومانسية الحس وشاركت فى كل احداث الثورة وتألمت على كل شهدائنا، وقادرة على ترجمة مشاعرها الى مجموعة لونية خاصة، فقد عبرت فى مجموعة من الأعمال عن لقطات ومشاهد مؤثرة من ثورة يناير، فيها تداخل تشكيلى وانسانى، وصرخة ونداء واستغاثة من شهداء الثورة يطالبون بالحرية، نجد هذا متحققاً فى لوحة وضعت فيها الشخصيات مرفوعة الايدى فى لحظة الهتاف بمطالب الثورة، واستخدمت الألوان القاتمة ما بين الأسود والأزرق السماوى وصبغتهم بصبغة درامية تراجيدية تناسب الحدث، واضافت الفنانة اللون الرمادى المائل الى الأبيض على الشخصيات فى بعض لوحات الثورة، مما جعل الشخصيات تظهر بشكل ضبابي، هذه الاضافة للون الابيض والرمادى هى رؤية خاصة للفنانة ان الثورة ومصر تمران بفترة ضبابية وغير محددة المسار، كما جاءت مجموعة آخرى من اللوحات تحمل قدراً كبيراً من التفاؤل والفرحة فيما حققته الثورة من كسر حاجز الخوف للمصريين ومطالباتهم بحقوقهم، هذه المجموعة تميزت بصفاء الألوان وشفافية التعبير ونقل لحظة انفعالية وتفاعلية بالثورة بكل ما فيها من معانى.
 
 كما قدمت مجموعة أخرى من اللوحات استلهمتها من واقع عشقها للمشهد المكاني، ومن خبراتها البصرية للنوبة بما فيها من طبيعية وتراث وأصالة، السماء الصافية والبيوت التى تحتضن آثار الزمن وتحكى تاريخ وحضارة، لم تتبع الفنانة الرؤية المعتادة للمكان، وإنما أخذت من عناصر المكان عنصر لتحوله الى رؤية مغايرة للمشهد الواقعي، ففى أحد اللوحات نجد أنها استخدمت النخيل كعنصر منفرد يرتفع ليعانق السماء ومستقل بذاته، ومع ذلك نشعر بجذوره فى الأرض رغم وجوده منفصلاً عن المكان، جاء النخيل فى حالة تطاير وحركة مستمرة رغم ثبوت اللقطة، ومن منظور جديد للرؤية ومن عدة اتجاهات بعضها كان مسقط رأسى ليس بسهل على الفنان ان يحدث منه إبداعا، تداعب وتناغم لونى متنوع بين اللون الأخضر بدرجاته والبنى الهادئ، وخطوط ومساحات لونية حرة ومتشابكة تعد هذه المجموعه مزيجاً بين الواقع والخيال تتمثل فى ضربات فرشاة فى حركة إيجابية الفنانة خرجت عن المألوف لتصل بنا إلى رؤية إبداعية.