الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أسطورة «روزاليوسف»

أسطورة «روزاليوسف»
أسطورة «روزاليوسف»




عن سلسلة «تراث روزاليوسف» صدر مؤخراً بمناسبة مئوية الكاتب «إحسان عبد القدوس» كتاب «إحسان عبد القدوس أسطورة روزاليوسف» للكاتب الصحفى ورئيس تحرير مجلة «صباح الخير» الأسبق «رشاد كامل»، يضم الكتاب مقالات «إحسان» المنسية والمجهولة والمهمة وخواطره وآراءه، والتى سبق ونشرها إحسان على صفحات مجلة «روز اليوسف» ومجلة « صباح الخير» على مدار ثلاثين عاماً، يقع الكتاب فى 300 صفحة مرفقة بمجموعة كبيرة من الرسوم الصحفية ينقسم الكتاب الى تسعة أقسام.
أشار «كامل» فى مقدمة الكتاب إلى أنه أعاد قراءة المقالات وقرر استبعاد كل ما كان مرتبطا عند نشره وقتها بظرف أو حدث فات وانتهى زمنه، وهى مقالات بالمئات، وقسم المقالات حسب نوعية وموضوع المقال، كل ما كتبه من ذكريات ومواقف شخصية عن «روزاليوسف» السيدة والمجلة قسم منفرداً، وذكريات «إحسان» مع مشاهير السياسة ونجومها خصص لها قسم آخر، ومع نجوم الصحافة وأساتذته قسم، أما خواطره المنتوعة خصصت لها قسمان، أما القسم التاسع الاخير فقد خصصه لمقالات السيدة « فاطمة اليوسف» عن ابنها «إحسان» نظرا لأهميته الصحفية والإنسانية.
مبادئ إحسان فى العمل الصحفى
عن مبادئ وقواعد «إحسان» فى العمل الصحفى أنه مؤمن بالتنوع الفكرى، وان دوره كرئيس تحرير اخضاع المجلة لرسالة الكتاب وليس العكس، ويكره القالب الفكرى الواحد. وعن اضخم عملية انقاذ فى تاريخ الصحافة المصرية قدمها «إحسان «لروزاليوسف» ورفض ان ينسبها لنفسه إلا ان التاريخ وثقها وذكرها الكاتب «صلاح حافظ» تحت عنوان «عملية إحسان» انه وفر اقلاما تمتع القراء وشباباً مميزين يواكبون العصر ويملكون الافق المتحررة واستيعاب الجديد.

«إحسان عبد القدوس» سجين رأى
تعرض «إحسان» للاغتيال اربع مرات، وسجن ثلاث مرات، الاولى بسبب مقالة بعنوان «الرجل الذى يجب أن يذهب» بتاريخ 9 أغسطس 1945 فى زمن الملك فاروق حيث طالب بطرده، وتم سجنه 96 ساعة وعند خروجه من السجن كتب مقالة بعنوان «96 ساعة مع الحريات الاربع « وحكى فيها مشاعره وخواطره فترة السجن فى زنزانة رقم (6) قال:» فى الزنزانة حرية الرأى مكفولة للجميع تقول ما تشاء ولن يمنعك أحد حتى حراس الزنزانة».
والمقالة الثانية بعنوان «الجمعية السرية التى تحكم مصر» بتاريخ 22 مارس 1954 فى زمن جمال عبد الناصر حين هاجمه وانتقد طريقة حكم مصر وتم سجنه95 يوما لانه دافع عن الدايمقراطية والدستور.
وتساءل «إحسان» فى مقالته» من يحكم مصر منذ قيام حركة الجيش»، واذا كان الحكام هم أعضاء مجلس الثورة، فهم ليسوا إلا جماعة سرية تعمل تحت الارض، كما كانوا قبل الثورة، لا يعلم أحد عما يتحدثون وماذا يقررون، وهذا هو الخطأ الاكبرالذى وقعوا فيه. وان جمال عبد الناصر الرجل الثانى فى الثورة بعد محمد نجيب، كما اقترح إحسان فى مقالته كخطوة أولى إنشاء حزب يمثل الثورة ويضم المدنيين فقط من أفراد الشعب، وإذا أراد أحد من العسكريين أو القادة الانضمام للحزب عليه أن يستقيل من الجيش اولاً. حتى تنقل الثورة من ثورة عسكرية الى ثورة شعبية.
- الفترة الاصعب والاطول للسجن كانت بعد قيام ثورة يوليو 1952، سجن عام ونصف العام فى السجن الحربى فى زنزانة رقم (9) وجهت له تهمة قلب نظام الحكم، لم تنشر السيدة روز اليوسف سبب غياب ابنها بل قاطعت كل اخبار ثورة يوليو وقادتها. كان إحسان» شاهدا ومشاركا فى احداثها الاولى لثورة يوليو حيث كانت «روزاليوسف» مقرا لكل الوطنيين والكثيرين من الضبابط الاحرار.
- وبعد عامين من الثورة كتب إحسان عن عبد الناصر بعد تأميم قناة السويس مقالته « بعنوان «هذا الرجل هو الشعب» تضامن مع عبد الناصر فى التأميم وانه حق من حقوق السيادة والتخلص من الرأسمالية العالمية، وكتب مقالة «لن أرشح نفسي» دعا فيها النواب قبل الترشيح للانتخابات التخلص من الانانية والاطماع الشخصية واحذروا حساب الشعب اقصى حساب.

«إحسان» مع روايته الأديبة
 أولهما رواية «أنا حرة» التى - تختلف تماما عن الفيلم السينمائى رغم وجود خلاف فى الرأى بينه وبين السيدة فاطمة اليوسف فيما يخص حرية المرأة فى شخصية الرواية، إلا أنه رفض حذف سطور منها او تعديل النهاية وفضل ان تبقى رواية «أنا حرة» حرة فى اختياراتها. وفى مقالته بعد اصدار الرواية عدل عن رأيه فيما يخص الحرية المطلقة قال:»اكثرنا حرية هو عبد للمبادئ التى يؤمن بها، وللغرض الذى يسعى إليه، واننا نطالب بالحرية لنضعها فى خدمة اغراضنا قبل أن تطالب بحريتك، اسأل نفسك لاى غرض ستهبها».

الجيل الحائر والبحث عن الشخصية
من مقالة إحسان عبد القدوس بعنوان «جيل حائر» 21 مايو 1947 روزاليوسف كتب: «نحن جيل حائر بين الشرق والغرب، بين القديم والحديث، بين المادة والروح، بين الخير والشر، جيل معلق بين السماء والأرض نرفع أيدينا الى الله، ونسلم أرجلنا للشيطان، ونتوجه بضمائرنا وقلوبنا نحو الحق، وعيوننا وعقولنا تجرى وراء الباطل، نحن جيل ليست له شخصية يفرضها على نفسه، اوجدوا الشخصية المصرية وافرضوها على الدنيا».

حوار قصير بين توفيق الحكيم وإحسان عن قيمة القلم للكاتب
كتب إحسان عن توفيق الحكيم انه قال له: «لقد ضاع قلمى الذى أكتب به، ولم اشتر غيره، فإن القلم بالنسبة لى كالكلبش ولن أضع يدى فى الكلبشات بمحض ارادتى، وادفع ثمنها أيضا «. وجاء رد «إحسان» عليه: وانا ايضا لا اشترى قلماً إذا ضاع منى قلمى، فالقلم بالنسبة لى كالفتاة التى احبها، والفتاة والحب لا يشتريان بالمال ولايبحث عنهما، انما يوجدان مصادفة فى حياة الرجل، وكل الاقلام التى كتبت بها جاءتنى مصادفة وكل الفتيات ايضا».
إحسان وسبب تأخر منصب رئيس التحرير
خشيت والدته من حصوله على منصب رئيس تحرير مبكراً، ومر «إحسان» بأزمات نفسية وشعر انه مضطهد ولم ينل ما يستحقه من والدته صاحبة المجلة، وبعد خروجه من السجن حصل على المنصب وكتب عنها: «ضحت للاحتفاظ باستقلال روز اليوسف واستقلالها، أم كافحت وهى تعلم اولادها كيف يكافحون، أم ضحت وهى تعلم اولادها كيف يضحون، أم احتقرت الدنيا فى سبيل رأيها وهى تعلم اولادها كيف يحتقرون الدنيا، أم عنيدة وهى تعلم اولادها العناد أم انتصرت وهى تعلم اولادها كيف ينتصرون».
 
«كيف عرفت» سلسلة مقالات نشرها عام 1939 حتى عام 1955
هى سلسلة طريفة من المقالات يحكى فيها حكايات ومفارقات اللقاء بينه وبين بعض زعماء مصر «الملك فؤاد»، وايضا تقابل مع رؤساء وزارة امثال مصطفى النحاس، مكرم عبيد، احمد ماهر، محمد محمود باشا، النقراشى باشا والشيخ «البنا»، وتحقيق صحفى عقب اغتيال جماعة الاخوان المسلمين للنقراشى بعنوان «لماذا قتل النقراشى باشا»، وايضا لقطة طريفة مع انور السادات.

 إحسان ونجوم الصحافة والأدب
اتيح لإحسان وهو طفل وشاب ثم رئيساً للتحرير أن يكون قريبا من النجوم وكتب عنهم منهم مع احمد شوقى «طلعت حرب باشا» والصحفى أحمد حلمى، وعن الكاتب محمد التابعى وسر خروجه من «روزاليوسف»، رغم أن التابعى هجر روزاليوسف لكن روزاليوسف لم تسقط كما توقع البعض، لانها عنيدة، استمرت وصدرت جريدة روزاليوسف اليومية تحدياً لكل من حاول القضاء على مجلة روزاليوسف بخروج التابعى منها.

إحسان يكتب عن الاستاذ والفنان التشكيلى «جمال كامل»
بتاريخ 26 نوفمبر1987 بمجلة «صباح الخير» ذكر فى مقالته عن الفنان الاستاذ، قال: «إنه قد يكون الإنسان فناناً، ولكن ليس معنى هذا أنه «أستاذ»، وقد يكون كاتباً أو رساماً أو ممثلاً او موسيقياً، ولكنه ليس دائما أستاذا، الاستاذ هو صاحب المدرسة، فلا يكفى ان تجيد الرسم بل يجب ان تصنع فى رسمك شيئا جديدا، وان تشق طريقا جديداً، وتكتشف ميداناً لم يتحرك فيه احد قبلك إن اردت ان تكون استاذا».
وأن احد القلائل الذين يحملون لقب استاذ هو الفنان التشكيلى «جمال كامل» نجم روزاليوسف، رغم ان «جمال « نفسه لا يعترف انه استاذ، واذا ناداه احد بلقب استاذ لا يلتفت إليه، عمل فى روز اليوسف وكان اول رسام استطاع ان يجعل من اللون الواحد فناً له جمهور كبير يفوق رسوم الالوان المتعددة، واصبح جمال كامل طابعا مميزا لروزاليوسف، رسم بشكل مستقل بعيدا عن الرسوم المصاحبة للقصص صفحة بعنوان «لوحة الاسبوع».

إحسان يكتب عن الناقد الأدبى
فى عام 1944 بدأ إحسان يكتب بابه بعنوان «الاسبوع حوداث وخواطر» يعلق على الاحداث بمقال واحيانا يكتب قصة قصيرة وملاحظات عامة ويكتب قراءة سريعة عن بعض الكتب، مثل كتاب «التاريخ السرى لاحتلال إنجلترا لمصر، وكتاب للدكتور زكى نجيب محمود، ويكتب عن «الرأى العام» وعن المسرح والسينما.
وكتب إحسان بعنوان «النقد الأدبى فى مصر» أن نقاد الادب متواجدون إلا أن تأثيرهم مقتصر على الوسط الادبى، الناقد قاض والقاضى يحكم بميزان العدالة ولا يهاجم الفنان بل يحاول البحث عن جماليات فى العمل.
عن الغناء كتب «إحسان» عن صوت أم كلثوم: انها صوت لم يتغير، لان الله لا يتغير، وصوتها شىء من الله، تغنى كأنها أوتارعود يهزها لحن عبقرى، وانها اقدر فنانة على مواجهة الجمهوربالموهبة، إلا ان العالم تغير واصبح البعض لأن يحتمل سماع اغنية واحدة لمدة ساعة ونصف.

رأى إحسان فى الرقص الشرقى
قال عنه: لا يوجد فن بلا معنى، ولا يوجد رقص فى العالم بلا معنى، ما الرقص الشرقى «هز البطن» لذا طالبت بإنشاء مدرسة للرقص الشرقى وأصوله ومدرسة لتعلم الباليه كفن راق، واما ان يكون للرقص معنى وإلا تحرموه.

وعن الفن والإنتاج الفنى والمال
بتاريخ 4 اكتوبر 1954 كتب إحسان فى روزاليوسف مقالته بعنوان «الفن والمال» ذكر أن الفقر هو الذى يطمس الفن فى مصر، المسرح يحتاج ميزانيات والسينما أيضا، وثراء الفنانين لا يعنى ثراء الفن، الفنان كالجوهرة تحتاج من يصونها ويصقلها وكل هذا يحتاج إلى مال، والتساؤل كيف نحصل للفن على المال؟ يتطلب تآلفا من كبار الفنانين الذين يملكون ثروات، تآلف من اتحاد الشركات الفنية القائمة،وتآلف رؤوس أموال جديدة تدخل المجال بقصد الاستثمار، وبهذا سوف يقضى على الانتاج الضعيف الهزيل، ربما تقولوا عنى انى رأسمالى رجعى وانا افضل أن أكون رأسمالياً من أن أرى الفن يذبح أمام عينى».