السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر تعيد اكتشاف إفريقيا

مصر تعيد اكتشاف إفريقيا
مصر تعيد اكتشاف إفريقيا




رسميًا ستتسلم الدولة المصرية رئاسة الإتحاد الإفريقى لهذا العام 2019، يوم الأحد المقبل تكليلا لجهد مصرى دءوب على مدار السنوات الخمس الماضية من أجل استعادة مكانة مصر لمحيطها الإفريقى وتأثيرها بالقارة السمراء بعد مرحلة من الجمود وصلت فى بعض الأحيان للعزلة.
تلك هى المرة الثالثة التى سترأس فيها مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى وبعد مرور 25 عاما على أخر رئاسة مصرية لقمة منظمة الاتحاد الافريقى، والتى تأتى فى توقيت مهم تتبنى فيه الدولة المصرية مسارا تنمويا بخطة استراتجية تستهدف الاستفادة من قدرات السوق الإفريقية والمشاركة مع الأشقاء فى قارة الذهب والمستقبل.
رئاسة الاتحاد الإفريقى هى نتيجة لجهد استراتيجى تبنته الدولة المصرية لترميم ما خلفته تركة سياسات الإخوان وعهد مبارك من أزمات تسببت فى عزلة حقيقة لمصر إفريقيًا، للحد الذى وصل فيه الأمر إلى تجميد عضوية مصر بالاتحاد الإفريقى والبرلمان الإفريقى وصدام محتدم مع دول حوض النيل دفعها لإبرام اتفاقية منفردة بخصوص الحقوق المائية لدول الحوض من نهر النيل بعيدا عن مصر.
تلك كانت التركة والمشهد والصورة فى عام 2014، قبل أن تتبنى الدولة المصرية استراتيجية شاملة تضع العلاقات مع الاشقاء الافارقة وشواغل واهتمامات دول القارة السمراء أولوية فى سياسة مصر الخارجية، وتتبنى سياسة الانفتاح نحو القارة .
ترجم هذه الاستراتيجية تحركات عدة أهم ما يميزها استخدام الرئيس السيسى الدبلوماسية الرئاسية ( رفعية المستوى ) للتواصل مع زعماء دول القارة الافريقية ، حيث قام خلال أربع سنوات بنحو 23 زيارة بإفريقيا، كما حرص دائما على تمثيل مصر فى اجتماعات الاتحاد الافريقى ليصل إجمالى مشاركته فى ست قمم إفريقية، فضلا عن مشاركاته الدولية فى مختلف الفعاليات التى تخص إفريقيا وشواغلها.
من هنا كان من المهم أن نتوقف كثيرا مع ما حدث .. كيف استعادة مصر تأثيرها وتواجدها الإفريقى، من العزلة للتأثير، تفاصيل كثيرة تكشفها السطور التالية.

 

العلاقات الإفريقية فى عهد السيسى: مـــــــــصـــــــــر تســتعيد تأثيرها بالقارة السمراء

 

 

أملا فى إصلاح ما أفسده الإخوان من علاقات مع الأشقاء الأفارقة، ورغبة فى استعادة التأثير المصرى إفريقيا، احتلت العلاقات المصرية الإفريقية وشواغل واهتمامات دول القارة السمراء أولوية كبرى فى سياسة مصر الخارجية منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى المسئولية كرئيس للجمهورية فى يونيو 2014، فى إطار سياسة عامة تقوم على التنوع والتوازن فى علاقات مصر الخارجية.

قامت استراتيجية الدولة على عدة محاور سواء دبلوماسية وأمنية أو اقتصادية وتنموية، نجحت مصر من خلالها تحقيق مكاسب عديدة لعل أبرزها تولى مصر لرئاسة الاتحاد الإفريقى هذا العام.
ترجم هذه الاستراتيجية تحركات عدة أهم ما يميزها استخدام الرئيس السيسى الدبلوماسية الرئاسية «رفيعة المستوى» للتواصل مع زعماء دول القارة الافريقية، وحرصه على المشاركة فى مختلف الفعاليات والاجتماعات التى تتناول قضايا الدول الافريقية.
الرسالة كانت واضحة من اليوم الأول، فبعد 17 يوما فقط من تولى الرئيس السيسى مهمته رسميا كرئيس للجمهورية يونيو 2014، كانت زيارته الخارجية الأولى واختار أن تكون لإفريقيا، ومشاركته فى قمة الاتحاد الافريقى بغينيا الإستوائية، ومنذ تلك الجولة ظلت قضايا إفريقيا، ومصالح الدولة المصرية بالقارة السمراء أولوية فى السياسة الخارجية للدولة المصرية، وحتى تتضح الصورة بشكل أكبر نسرد بلغة الأرقام أبرز محطات الرئيس وزياراته لإفريقيا خلال السنوات الاخيرة.

 

6 قمم إفريقية

 

شارك الرئيس عبد الفتاح السيسى فى 6 قمم باجتماعات القمة الإفريقية خلال السنوات الماضية، حيث حرص منذ توليه الرئاسة فى يونيو 2014، على المشاركة باستمرار فى اجتماعات الاتحاد الافريقى ومختلف الملتقيات الإفريقية.
وشارك الرئيس السيسى فى ست قمم للاتحاد الافريقى خلال السنوات الماضية، حيث كانت البداية بالمشاركة فى القمة 23 التى عقدت بغينيا الاستواية فى 26 يونيو 2014، وكانت ثانى مشاركة له فى القمة رقم 24 التى عقدت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا فى نهاية يناير 2015.
ثم شارك الرئيس فى القمة 26 التى عقدت أيضا فى نهاية يناير 2016، وشارك فى الاجتماع التالى رقم 27 التى عقدت فى رواندا يونيو 2016، ثم كانت المشاركة الخامسة فى نهاية يناير 2017 بالقمة رقم 28 التى عقدت بأديس أبابا، فيما كانت القمة السادسة فى نهاية يناير 2018.
وأناب الرئيس المهندس إبراهيم محلب لحضور اجتماعات القمة رقم 25 التى عقدت بجنوب إفريقيا فى يونيو 2015، وأنابه أيضا لحضور اجتماعات القمة 29 بأديس أبابا فى يونيو 2017، وأناب الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء لحضور القمة رقم 31 فى يونيو الماضى بنواكشوط بموريتانيا.
وتأتى مشاركة الرئيس السيسى فى قمة الاتحاد الافريقى المرتقبة 10 فبراير الجارى لتكون السابعة له على التوالى والتى ستكلل بتوليه رئاسة الاتحاد الافريقى خلال هذا العام.
وأهم ما يميز مشاركات الرئيس فى اجتماعات قمم الاتحاد الافريقى، المشاركة المصرية فيما يخص شواغل دول القارة الافريقية وحرصه على المشاركة فى مسار التنمية بالقارة وحشد دول القارة مع مصر فى مواجهة خطر الارهاب التى لم تعد بعيدة عن  دول إفريقيا، بجانب أنها فرصة لعقد سلسلة من اللقاءات والمباحثات مع عدد كبير من رؤساء  وزعماء الدول الافريقية المشاركين لدعم العلاقات الثنائية.

 

23 زيارة إفريقية

 

قام الرئيس السيسى بمجموعة من الزيارات الثنائية مع دول القارة السمراء لتعزيز التعاون المشترك، خاصة مع دول حوض النيل، حيث قام الرئيس بحوالى 23 زيارة إفريقية خلال السنوات الأخيرة كان أكثرها للسودان وإثيوبيا، وهو ما يعكس استراتجية التعاون مع تلك الدول وأهميته بالنسبة لمصر.
حديث الارقام يشير إلى قيام الرئيس بحوالى 23 زيارة لعشرة دول إفريقية خلال السنوات الثلاثة الماضية، خريطة تلك الزيارات تعكس مدى الاهتمام المصرى وشواغلها في القارة السمراء وأيضا تأثيرها المتصاعد.
أكثر الدول الإفريقية زيارة للرئيس كانت السودان وإثيوبيا وهذا يترجمه المصالح المائية المصرية خاصة فيما يتعلق بآثار سد النهضة الاثيوبية والمفاوضات القائمة بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا بخصوص السد وتأثيره على حصة كل دولة من مياه النيل.
1- إثيوبيا: تعد زيارة الرئيس السيسى المرتقبة لاديس أبابا فى 10 فبراير 2019 هى السادسة له لإثيوبيا، حيث سبق وأن قام الرئيس 5 زيارات من قبل منها 4 مرات للمشاركة فى اجتماعات الاتحاد الافريقى بأديس أبابا.
لكن الزيارة الاهم والابرز التى قام بها الرئيس السيسى لأديس أبابا كانت فى مارس 2015، لأنها كانت أول زيارة ثنائية لرئيس مصر لإثيوبيا منذ 30 عاما، كما أنها جاءت عقب توقيع اتفاق المبادىء بشأن سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، وفيها تم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون المشترك بين البلدين.. وفيها خاطب الرئيس السيسى فى البرلمان الاثيوبى مخاطبا الشعب الاثيوبى وهى المرة التى يلقى فيها رئيس مصرى خطابا أمام البرلمان الاثيوبى.
فى المقابل كانت هناك زيارات مختلفة لرؤساء وزراء إثيوبيا للقاهرة سواء ديسالين أو الحالى آبى أحمد، بجانب لقاءاتهم المختلفة مع الرئيس السيسى على هامش الاجتماعات والفعاليات الدولية، حيث التقى الرئيس السيسى رئيس الوزراء الإثيوبى ديسالين نحو 10 لقاءات خلال 4 سنوات.
فى حين التقى الرئيس السيسى رئيس الوزراء الإثيوبى الحالى آبى أحمد مرتين، حيث كانت الأولى فى يونيو الماضى بالقاهرة، واللقاء الثانى كان فى شهر سبتمبر ببكين على هامش قمة الصين وإفريقيا التى عقدت وقتها ببكين، وتعكس تلك اللقاءات المستمرة حرص قيادة البلدين للتعاون المشترك والبناء.
2- السودان: أكثر الزيارات المتبادلة كانت مع السودان حيث قام الرئيس السيسى بست زيارات للخرطوم.. فى المقابل كانت هناك زيارات كثيرة للرئيس السودانى عمر البشير للقاهرة خلال السنوات الماضية، فضلا عن اللقاءات الثنائية على هامش الاجتماعات الدولية، حتى أن إجمالى لقاءات القمة التى جمعت الرئيس السيسى بنظيره السودانى 26 لقاء قمة حتى الأن وهو ما يعكس مدى التنسيق والتعاون الاستراتيجى بين البلدين.
3- أوغندا: قام الرئيس بزيارة أوغندا مرتين الاولى كانت فى 18 ديسمبر 2016 فى زيارة رسمية استغرقت يوما واحد، وكانت أول زيارة لرئيس مصرى لأوغندا، والثانية والاهم كانت فى 22 يونيو الماضى بدعوة من الرئيس الأوغندى للرئيس السيسى للمشاركة فى قمة دول حوض النيل، التى عقدت للمرة الأولى بحضور رؤساء دول حوض النيل.
4- غينيا الاستوائية: زار الرئيس السيسى غينيا الاستوائية مرتين، حيث كانت الاولى فى يونيو 2014 للمشاركة فى اجتماعات قمة الاتحاد الافريقى، وكانت الثانية فى 22 نوفمبر 2016 للمشاركة فى القمة الافريقية العربية التى عقدت هناك.
5- كينيا: حيث قام الرئيس بزيارة كينيا فى 17 فبراير 2017 استغرقت يوما واحدا استقبله فيها الرئيس الكينى أوهورو كينياتا، وعقد جلسة مباحثات حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية على جميع الأصعدة، وذلك فى إطار حرص مصر على التواصل والتنسيق المستمر مع أشقائها من القارة الأفريقية.
6 – رواندا: زار الرئيس السيسى رواندا مرتين الاولى فى 15 يوليو 2016 للمشاركة فى اجتماعات القمة الافريقية العادية، والثانية فى 15 اغسطس 2017 ضمن جولة إفريقية.
 7- تنزانيا: زار الرئيس تنزانيا فى 14 اغسطس 2017، فى مستهل جولة إفريقية، وهى الزيارة الأولى لرئيس مصرى منذ عام 1968 لدولة تنزانيا، وفيها أكد الرئيس على التعاون مع دول حوض النيل دون الاضرار بمصالح مصر المائية باعتبار أن قضية مياه النيل يعد مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر.
8 - الجابون : حيث قام الرئيس بزيارتها ضمن جولة إفريقية فى 16 اغسطس 2017، وفيها تم بحث عدد من القضايا المشتركة والافريقية، فى ضوء سياسة مصر للانفتاح على القارة الأفريقية واستعادة دور مصر النشط فيها، ودور الشركات المصرية وما تتمتع به من سمعة طيبة فى أفريقيا.
9- تشاد: وزارها الرئيس فى 17 اغسطس 2017، وهى الزيارة الأولى لرئيس مصرى لتشاد فى تاريخ العلاقات بين البلدين.. وفيها تمت مناقشة عدد من القضايا منها مكافحة الإرهاب فى منطقة الساحل الأفريقى والاوضاع فى ليبيا.
 10- الجزائر : كانت أول دولة إفريقية عربية يزورها الرئيس السيسى حيث كانت محطته الاولى فى جولته الخارجية الاولى وذلك فى 25 يونيو 2014 وأجرى خلالها مباحثات مع المسئولين فى الحكومة الجزائرية لتعزيز التعاون المشترك.
ويعكس هذا الحرص المصرى أهمية سياسة الانفتاح نحو إفريقيا والتى استخدمت فيه الدولة المصرية «الدبلوماسية الرئاسية»، وهى مستوى رفيع فى التعاون بين الدول، لتستعيد بها القاهرة تواجدها وتأثيرها فى القارة السمراء بعد أن افتقدت هذا الدور لعدة سنوات.

 

أبرز المكاسب المصرية

 

ولعل من أبرز المكاسب المشاركة المصرية فيما يخص شواغل دول القارة الافريقية، كانت رئاسة مصر للجنة الرؤساء الأفارقة المعنية بتغير المناخ، ومثلت مصر القارة الافريقية فى اكثر من محفل دولى سواء فى الامم المتحدة او مؤتمر تغير المناخ بباريس.
وكُللت الجهود المصرية بافريقيا بانتخاب مصر بعضوى مجلس الأمن لمدة عامين.. ويُعبر حصول مصر على العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن عن ثقة المجتمع الدولى فى قدرة مصر على المساهمة بفعالية فى اتخاذ القرار الدولى، واعترافاً منه بدورها المؤثر فى تعزيز السلام والاستقرار على الصعيدين الإقليمى والدولى.