السبت 11 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

البغدادى.. عاش قاتلًا ومات كافرًا

البغدادى.. عاش قاتلًا ومات كافرًا
البغدادى.. عاش قاتلًا ومات كافرًا




أعد الملف - محمود محرم ومصطفى أمين

 

قتل البغدادى الإرهابى الذى قدم خدمات جليلة للولايات المتحدة الأمريكية وهو الآن فى عداد الموتى بعد أن أدى دوره على أكمل وجه فى بث الفوضى والعنف والانقسامات فى  دول مستقرة على رأسها العراق وسوريا وليبيا واليمن وهو الحلم الذى طالما راود الولايات المتحدة الأمريكية وفى المقابل وبالرغم من التحالف غير المكتوب بين واشنطن وأنقرة صفعت الأولى نظام أردوغان على وجهه بقتل رجلها الوظيفى أبو بكر البغدادى بعد أن كانت الأخيرة تتمنى بقاءه حتى تكمل احتلالها للشمال السورى.

شكل قتل البغدادى صفعة مدوية على وجه الرئيس التركى  أردوغان ونظامه بالرغم من أن القوة التى قتلت زعيم داعش خرجت من الأراضى التركية وتحديد من قاعدة انجرليك الجوية التركية بدون أن يعلم العثمانلى شيئاً عنها فلو علم لتغير مسار العملية لصالح البغدادى.
تركيا التى ارتبطت ارتباطا وثيقًا بداعش منذ سماحها بعبور أكثر من 13 ألف مقاتل أجنبى إلى سوريا للانضمام إلى اليها «داعش»  ثم تبعها الإفراج عن الرهائن الأتراك فى الموصل الذى كشف عن تنسيق وتفاهم مع أنقرة، وعمق هذا التفاهم بين الطرفين، والذى أكده ما أرسله القنصل التركى فى الموصل إلى وزارة الخارجية قبل 4 أيام من استيلاء داعش عليها، منبها من أن الأوضاع فى المدينة تتجه إلى الأسوأ، فى ظل الحديث عن تقدّم حثيث لتنظيم «داعش» بات يثير القلق، ولكن جواب الخارجية شكّل مفاجأة بقوله: إن داعش ليس خصما لنا.
المخابرات التركية كانت على علم بقرب استيلاء داعش على الموصل، وسمحت بالإفراج عن شندريم رمضانى القيادى البارز فى التنظيم الشيشانى، الذى يحمل جواز سفر سويسريا، وكان قد اعتقل فى أضنة بعد دخوله من سوريا وبحصول داعش على دبابات وذخائر عبر الأراضى التركية، بالإضافة إلى سماحها بمرور عشرات الشاحنات التى تحمل النفط السورى من سوريا والعراق إلى تركيا وأن من يشترى تلك الشحنات تجار أتراك.
تركيا غضت النظر عن  هجمات «داعش» على كوبانى، وشجعت الهجمات ضد المدينة لمنع نشوء كيان كردى مستقل فى سوريا، كما أنها سمحت لبعض مقاتلى داعش الحصول على العلاج فى المستشفيات التركية وممارسة أعمالاً تجارية خاصة به من الأموال التى جمعها التنظيم من تجارة النفط والسلاح والآثار، وتستخدم هذه المصادر لتمويل الأعمال الإرهابية للتنظيم.
كشفت الاعتقالات التى قامت بها الوحدات الكردية عندما استولت على بلدة الباغوز، آخر معاقل داعش شرقى الفرات عن أن  الكثير من مسلحى تنظيم داعش كان يحمل جوازات سفر تركية، عليها أختام أنقرة وبمقتل البغدادى  تكون تركيا قد خسرت زعيماً إرهابياً وفر لها العديد من الأسباب والذرائع للتدخل فى الشأن السورى بل واحتلاله أيضًا.

 

مقتل «السامرائى» صفعة على وجه تركيا

 

قتل الإرهابى الدموى يضع التنظيم أمام عدد من السيناريوهات القاتلة وعلى رأسها تنامى رغبته فى سفك المزيد من الدماء أو التقهقر إلى مواقع جديدة ربما تخدم سيدا جديدا أو تقوض من فرص بقائه فى المستقبل ليبقى شبح داعش ماثلا أمام الإنسانية حتى يظهر بغدادى جديد بثوب دموى آخر.
الخليفة صناعة أمريكية «عالية» الجودة
قتل البغدادى الذى تحكم فى مصير 7 ملايين شخص على امتداد أراض شاسعة فى سوريا، وما يقارب ثلث مساحة العراق،  قدم للولايات المتحدة الأمريكية خدمات لم تكون تحلم بها وعلى رأسها نشر قواتها بالشمال السورى ودعم المجموعات الانفصالية بها بالإضافة إلى تجريب كم هائل من أسلحتها المحرمة دوليًا على التراب السورى الشقيق، وبعد أن أدى دوره ترك مع من تبقى من مقاتليه مشتتين فى الصحارى السورية والعراقية.
إبراهيم عواد البدرى، أو الخليفة أبوبكر البغدادى، أو الإرهابى العراقى البغدادى، جميعها أسماء أطلقت على الرجل الأكثر خطورة ودموية على مدار تاريخ الجماعات الإرهابية فى العصر الحديث والذى قتل فى الساعات الأولى من فجر أمس بعد مطاردة استمرت 5 سنوات من قبل قوات التحالف الدولى وأعتى الأجهزة المخابرتية على مستوى العالم.
«الصيد الثمين» كما كان يطلق عليه الأمريكيون قتل بشكل دراماتيكى فى عملية للقوات الخاصة الأمريكية. بعد 10 محاولات سابقة تم الإعلان فيها عن قتله، فمنذ تأسيس تنظيم «داعش» عام 2014 لم يظهر سوى مرتين، الأولى فى فيديو مسجل عند إعلان تأسيس «خلافته» فى يوليو 2014 أثناء الصلاة فى جامع النورى الكبير غرب الموصل، حين أعلن «الخلافة» وقُدم نفسه كـ»أمير المؤمنين» وخليفة مزعوم والثانية فى فيديو آخر بعد نحو شهر من انتهاء «خلافته»  فى أبريل 2019م.  
واشنطن كان لها دور مباشر فى توفير البيئة الخصبة لنشأة البغدادى ورجاله فجميعهم كان رفاق سجنه فى سجن بوكا الواقع على بعد عشرات الكيلو مترات من الحدود العراقية الكويتية والذى تواجد به أكثر من 20 ألف معتقل، وكان تحت الحراسة والإشراف الأمريكى والذى شكل نقطة حاسمة فى حياته، فبعد أن  اعتقلوه  هناك تغاضوا عن تكوينه لمجموعته الجهادية التى كونت بعد ذلك تنظيم داعش، وأصبحت ذات تأثير كبير على كل التنظيمات الجهادية الأخرى، وخاصة القاعدة.

 

خبراء: أزمات وانقسامات داخلية تضرب التنظيم

 

شدد العديد من الخبراء على أن قتل البغدادى سيزيد من أزمات التنظيم وستتأثر ولاياته بالانقسامات الداخلية  وأنه  سيضع تركيا فى موقف سيئ أمام التنظيمات الإرهابية الأخرى بسبب عجزها عن حمايتهم  وأن  البغدادى ليس القائد الأوحد لداعش ومقتله لا يعنى زوال التنظيم لأنه ليس القائد الوحيد لداعش كما أن مقتله انتصار رمزى لترامب  بعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا قال باهر عبدالعظيم، الباحث فى شئون الحركات الأصولية: إن مقتل البغدادى سيزيد أزمات التنظيم الإرهابى، الذى فقد العديد من المناطق التى كان يسيطر عليها، مشيرُا إلى أنه من المرجح أن تتأثر العديد من أفرع التنظيم فى الدول المختلفة خاصة التى تعتمد بشكل رئيس على التنظيم الأم فى توفير الموارد المالية والتسليح»، محذرًا من موجة انتقامية ربما تشهدها العديد من الدول سواء العربية أو الأوروبية كرد فعل عن مقتل البغدادي.
وواصل أنه لم يصدر بياناً خلال الفترة الأخيرة  عن الشخصية التى تخلف البغدادى، والمسمى بـ «خليفة البغدادي»، والذى لا بد أن يكون قردشيًا، موضحًا أن التقارير التى سمت شخصاً يدعى (عبدالله قرداش) ليست رسمية، ولم تصدر عن التنظيم، إذ إن المتبع فى مثل هذه الأمور أن يصدر بيان من التنظيم يوضح قيام مجلسى الشورى والعسكرى بتسمية شخص، ليكون خليفة البغدادى، على أن تعط له البيعة لاحقًا.
وأضاف اللواء عبدالحميد خيرت، الخبير الأمنى، أن مقتل البغدادى لا يعنى نهاية التنظيم، فلم ينتهى تنظيم القاعدة بعد قتل أسامة بن لادن، مشيرًا إلى أن توقيت قتل البغدادى هو نفس توقيت اغتيال  ابن لادن ، قبل الاستحقاق الثانى لانتخابات الرئاسة الأمريكية،  كما أن الاغتيال تم فى مدينة إدلب السورية التى تقع على الحدود التركية السورية، والتى تخضع للنفوذ الروسى الكامل، ما يشير إلى قوة الشراكة الأمريكية الروسية.
وأكد أن مقتل البغدادى هى صفقة أمريكية تركية بمباركة روسية، متابعًا أن الوضع الحالى لتنظيم داعش إما تولى قيادة جديدة شئون التنظيم، وهذا هو الأرجح، أو إندماج قواعدة وقياداته فى  تنظيم القاعدة  وستشهد الساحة المحلية والإقليمية والدولية فى الفترة المقبلة عمليات إرهابية عنيفة، ردًا على مقتل زعيم التنظيم أبوبكر البغدادى.
وأكد  اللواء فؤاد علام، عضو المجلس القومى لمكافحة الإرهاب، أن  مقتل أبوبكر البغداد ضربة قاسمة ونهاية للتنظيم الإرهابى، كما أن مقتله لا يعنى زوال التنظيم لأنه ليس القائد الوحيد لداعش، موضحًا أن هناك 3 قادة بخلاف البغدادى يمثلون بديلًا لقيادة التنظيم، ويوجد 12 قائدًا ممثلا لربط العمليات وتنظيمها، مؤكدًا أن أى تنظيم إرهابي يضع فى اعتباره سيناريو موت القائد ووضع البديل لاستمرار التنظيم.
 واستكمل: التنظيمات السرية دائما تكون معدة البدائل عندما يقتل أحد فإنه معروف من يخلفه مباشرة كما أنه يكون لها رد فعل على القواعد لكن التنيظم  يتوقف على القيادة التى تليه هل هو قادر على أن يلم شمله ويتخطى الموقف أم لا، موضحًا أن  فى مثل هذه الظروف التنظيمات الإرهابية ترد بعمليات عنيفة وتحقيق العمليات الإرهابية التى يكون لها تأثير، مشيرًا إلى أن انتهاء داعش فى العراق وسوريا ليست تاكيدًا لنهاية التنظيم لأن الخريطة السياسية الإرهابية الآن مختلفة.
 وأوضح هشام النجار، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، أن إعلان مقتل البغدادى يعتبر انتصارا رمزيا يهم بالدرجة الأولى الرئيس ترامب والولايات المتحدة التى تبحث عن انتصار رمزى يعيد لها بعض الهيبة المفتقدة خاصة بعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.
 مؤكدًا أنه على مستوى التأثير الفعلى فإن تنظيم داعش أصبح الآن بدون قائد وسيبدأ عمله بفكرة حرب العصابات وكتائب وذلك من خلال هجمات مشتتة مثل الذى تحدث فى سيناء، مشيرًا إلى أن الزعماء الذين يتولون هذه العمليات بديلًا عن قائدها أبوبكر البغدادى سيكونون قادة عسكريين مدنيين للتنسيق بين العمليات الإرهابية المتفرقة.

 

خليفة البغدادى

قرداش وزير «التفخيخ والانتحاريين»

 

ولد عام 1976 فى تل عفر غرب الموصل عام 2003 حيث شغل منصب «شرعى عام» لتنظيم القاعدة الإرهابى.
بعد مقتل أبوبكر البغدادى، زعيم تنظيم داعش الإرهابى يعتبر عبدالله قرداش القيادى الداعشى هو أمير محمد سعيد عبدالرحمن محمد المولى الملقب «عبد الله قرداش» مسئول التنظيم فى العراق وإدارة أحوال وشئون التنظيم ولد عام 1976 فى تل عفر غرب الموصل، وهو تركمانى الأصل متعصب متطرف.
تلقى العلوم الشرعية على يد كبار قادة تنظيم داعش من بينهم تركى بن على، وأبوعلاء العفرى الملقب بـ»أبى على الأنباري» الذى قتل بضربة جوية للتحالف الدولى على الحدود العراقية السورية باتجاه دير الزور.
قرداش متزوج وأحد أشقائه قتل بمعارك ضد القوات الأمريكية عند مداهمة منزله فى حى المثنى بمدينة الموصل عام 2007 وشقيقه الآخر عادل كان من ضمن المطلوبين للقوات العراقية وهو وينتمى لعائلة متشددة للغاية من الناحية الدينية.
حصل قرادش على بكالوريوس فى الشريعة من كلية الإمام الأعظم فى الموصل، كان معتقلا فى سجن بوكا فى مدينة البصرة، حيث التقى البغدادى وبزغ نجمه فى أوساط التنظيمات الإرهابية منذ عام 2003 حيث شغل منصب «شرعى عام» لتنظيم القاعدة الإرهابى ثم تولى منصب أمير «ديوان الأمن العام» فى سوريا والعراق، وتمتد علاقته بزعيم داعش لأكثر من 16 عامًا.