الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مصطفى أمين وروزاليوسف والسمك الكبير!

مصطفى أمين وروزاليوسف والسمك الكبير!

وجدت بين أوراقى مقالًا نادرًا كتبه الأستاذ الكبير «مصطفى أمين»، شدنى عنوان المقال وهو «لولا روزاليوسف لأكلنى السمك الكبير»!! والمقال كتبه مصطفى أمين «خصيصًا» بمناسبة عيد ميلاد مجلة «روزاليوسف» الذى كان واحدًا من أهم تلاميذها فى بداية مشواره الصحفى وذلك باعتراف السيدة «روزاليوسف» نفسها فى مذكراتها. كتب الأستاذ «مصطفى أمين» يقول: «قصتى مع روزاليوسف بدأت مع العدد الأول، وقد لعب هذا العدد دورًا خطيرًا فى حياتى، كان والدى يعرف السيدة «روزاليوسف»، وكان قد اشترك بخمسين قرشًا قبل صدور العدد  الأول تشجيعًا للمجلة التى لم تولد بعد، ووقع هذا العدد فى أيدى واعترف أنه لم يعجبنى، كانت فيه مقالات للعقاد والمازنى ولطفى جمعة، وكان عمرى يومها  عشر سنوات، ولم أكن أستطيع أن أهضم أسلوبهم العالى الرفيع، ولكن صفحة واحدة استهوتنى فى المجلة كلها كانت صفحة اسمها طورلى». وطورلى هو اسم طبق أحبه وهو مجموعة مختلفة من الخضروات! ولم يكن سبب إعجابى أننى أحب هذا الصنف ولكن الأسلوب البسيط اللذيذ، وعرفت بعد ذلك بعدة سنوات أن صاحب هذا الأسلوب هو الأستاذ «محمد التابعى»!! وبعد ذلك بخمس سنوات اشتغلت محررًا فى مجلة «روزاليوسف» ولكن محررًا من باطن محرر آخر! كنت أكتب وهو يقبض، كنت أحصل على السبق الصحفى ويوقعه، كنت أبذل العرق والدموع وأحرق دمى وأعصابى وكان هو يتلقى التهانى، ومع ذلك كنت سعيدًا بهذا الشقاء!! ولم تكن السيدة «روزاليوسف» أو الأستاذ «التابعى» أو أحد فى المجلة يعرف اسمى أو يعرف أننى أكتب فى المجلة الأخبار السياسية وأضع أفكار الصور الكاريكاتورية وأترجم المقالات وأقوم بأحاديث مع الشخصيات الكبيرة وغير الكبيرة! وبعد سنوات تعرفت بالتابعى، تقدمت إليه بصفتى صحفيا مبتدئا وبهرته عندما تقدمت إليه بمجهودى الصحفى! تصور «التابعى» أن هذا هو مجهودى البكر، بينما الواقع أننى كنت أعمل معه عدة سنوات بغير أن يعلم!! ثم تعرفت بالسيدة «روزاليوسف» وأعجبنى فيها إيمانها وتصميمها وعنادها وإصرارها على النجاح، كانت امرأة غريبة تشعر فى الأزمات أنها تحولت إلى رجل أو على الأصح عدة رجال! وتراها على المسرح تمثل «غادة الكاميليا» فتعتقد أنها أجمل فتاة فى العالم! وشجعتنى السيدة «روزاليوسف» فى عالم اعتاد فيه السمك الكبير أن يأكل السمك الصغير، وكنت فى تلك الأيام لا أزيد على «سردينة صغيرة» أو «سمكة بسارية» على أكثر تقدير! وكانت السيدة «روزاليوسف» أول من أعطانى مرتبا فى الصحافة، بعد عدة سنوات أمضيتها أعمل بلا أجر وكان أول مرتب دفعته لى هو ثمانية جنيهات، يذهب نصفها مرتبا لسائق رئيس الوزراء الذى كان يجئ لنا بالأخبار، وأقتسم الأربعة جنيهات الباقية مع «على أمين» الذى كان يومها طالبا فى انجلترا ويقوم بعمل مراسل» روزاليوسف» فى لندن!! وعندما كان عمرى 17 سنة قفزت إلى منصب نائب رئيس تحرير» روزاليوسف» وكانت أكبر مجلة سياسية فى الشرق الأوسط، وكانت السيدة روزاليوسف تملأنى ثقة بنفسى، وكان للأستاذ «التابعى» الفضل فى أننى لم أفرقع من الغرور فى هذه السن الصغيرة! وأنا مدين للاثنين معا». وللحكاية بقية!