الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الفشل مصير «القرصان»

بات الفشل والانهزام مصير الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إزاء مغامرته الطامعة فى ثروات الليبيين، إذ جاء انسحاب قائد الجيش الوطنى الليبى المشير خليفة حفتر من اتفاق وقف إطلاق النار بموسكو ضربة قاصمة لطموحات ديكتاتور تركيا فى ليبيا، فقد كان أردوغان يضع آماله على هدنة يعيد فيها ترتيب أوراقه بعد سقوط عدد كبير من مرتزقته الذين زج بهم لدعم ميليشيات حكومة الوفاق الوطني، فقد منيت بهزائم عدة ومنها فقدانها السيطرة على مدينة سرت الساحلية التى تعتبر بوابة للبحر المتوسط وتحتل موقعا استراتيجيا لقربها من منطقة الهلال النفطى والموانئ النفطية الرئيسية. وبعد تعثر المفاوضات فى موسكو تزداد احتمالات فشل قمة برلين المقرر انعقادها يوم الأحد القادم، والتى سيشارك بها روسيا وأمريكا والصين وتركيا وإيطاليا وفرنسا والجزائر، بالإضافة إلى مشاركة مندوب الأمم المتحدة غسان سلامة، بينما لم توجه دعوة لتونس. وترجع احتمالات فشل مؤتمر برلين الذى دعت إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وفقا لأوساط سياسية ليبية إلى صراع المصالح وتقاسم النفوذ، إذ أن انسحاب حفتر لم يمنح أردوغان أى مكسب من مفاوضات موسكو، لذا سيتشبث أردوغان بدعمه لميليشيات السراج، وكذلك سيتمسك حفتر بمقاومته للتوغل التركى فى بلاده بدعم عربى وأممي، ولكن لن يصل الأمر لحد النزاع الإقليمى وإنما قد يقتصر على على سيناريو الحرب الباردة والكر والفر فى شوارع طرابلس، وقد يرضخ أردوغان أمام الضغط الدولى ويقلل نفوذه فى ليبيا تدريجيا. البرلمان العربى



أكد البرلمان العربى رفضه للتدخل العسكرى التركى فى ليبيا الذى يُزيد الأوضاع الليبية تعقيداً، ويزكى الفُرقة والخلاف بين الأطراف الليبية ويُسهم فى إطالة أمد الصراع ويقوض جهود السلام ويُعرقل الحل السياسى فيها ويزعزع الاستقرار فى المنطقة ويُهدد أمن دول الجوار الليبى والأمن القومى العربي. وبالأمس الأربعاء قال عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبى أمام البرلمان العربى: إن الاتفاق التركى مع السراج يهدف إلى دعم الميليشيات المسلحة واستكمال نهب ثروات ليبيا، مشيرا إلى أن حكومة الوفاق لم تؤد اليمين الدستورية أمام البرلمان كما ينص الاتفاق السياسي، ودعا عقيلة البرلمان العربى إلى سحب الاعتراف بحكومة الوفاق. وأكد رئيس البرلمان الليبى أن أى اتفاقيات دولية لا يوافق عليها البرلمان تعتبر لاغية، موضحا أن استمرار المجتمع الدولى فى الاعتراف بالمجلس السياسى لا يصب فى صالح الشعب الليبي. وحذر رئيس البرلمان العربى الدكتور مشعل السلمى من خطورة التدخلات والمُخططات العدوانية التى تقوم بها دول إقليمية، تستهدف إحياء مطامعها الاستعمارية، من خلال تكوين ميليشيات وأذرع لها داخل المجتمعات العربية وإرسال قوات عسكرية تنتهك سيادة الدول العربية وتضع يدها على ثرواتها. وأكد على تضامن البرلمان العربى مع الشعب الليبى الشقيق، مرحباً بإعلان وقف إطلاق النار وداعياً كافة الأطراف للالتزام به باعتباره خطوة هامة لايجاد حل سياسى نهائى وشامل للازمة. وشدد على رفض البرلمان العربى للقرار الذى صدر عن البرلمان التركى بشأن إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، الذى يُعد انتهاكاً لقرارت مجلس الأمن الدولى التى تحظر توريد الأسلحة لليبيا، مطالباً المجتمع الدولى باتخاذ موقف فورى وعاجل لمنع نقل المقاتلين الأجانب إلى ليبيا، وعرض على الجلسة مشروع قرار بهذا الشأن.

الاتحاد الأوروبى وبينما يتلقى المشير حفتر دعما عربيا ودوليا لإعادة الأمن والقضاء على الميليشيات المتطرفة والإرهابية، تتسع دائرة الجهود الدولية والأممية لعرقلة مخططات الغازى العثماني، إذ ندد وزير الخارجية الأوروبى، جوزيب بوريل، بتدخل تركيا عسكريا فى النزاع الليبي، محذرا من تحول ليبيا إلى سوريا أخرى، وقال بوريل، خلال نقاش فى البرلمان الأوروبى فى ستراسبورج ، إن «الأمور فى ليبيا تفلت من أيدينا»، مشددا: «لا حل عسكريا للنزاع، وعلى الرغم من أننا رددنا هذا الشعار خلال الحرب فى سوريا، لكننا شهدنا حلا عسكريا، كما أن هناك خطرا بأن يتكرر الوضع نفسه فى ليبيا»، معتبرا أن «تركيا وروسيا غيرتا التوازن فى الحوض الشرقى للبحر المتوسط»، محذرا من «أنه لا يمكن قبول تكرار الوضع فى ليبيا». سقوط المرتزقة خسائر أردوغان تتوالى فى ليبيا، وكان أولها سقوط المرتزقة السوريين ممن أرسلوا للقتال إلى جانب ميليشيات السراج، إذ قتل 6 عناصر من الفصائل الموالية لتركيا بينهم 3 عناصر من «لواء المعتصم» و3 عناصر من «السلطان مراد»، فضلا عن مقتل عضو من فرقة المعتصم الموالية لتركيا، ووصلت جثثهم إلى سوريا.  وقد وعدت تركيا ذوى هؤلاء القتلى بتعويض مالى كبير لمدة عامين، بالإضافة إلى مغريات أخرى لذوى القتلى. وفيما يستمر الجيش الوطنى الليبى فى تضييق الخناق على قوات حكومة الوفاق فى العاصمة طرابلس، كانت تركيا قد تسلمت جثث ثلاثة جنود أتراك فى ليبيا، كما اصيب ستة آخرين، ما يجعلها أول خسائر تركية فى العملية العسكرية بليبيا، التى أعلن عنها الرئيس التركى آواخر العام الماضي. وبسبب لقاء وصف بـ «المشبوه» بين أردوغان وراشد الغنوشى زعيم حزب النهضة الإخواني، وجه مجلس النواب التونسي، أمس الأربعاء، تساؤلاته لـ«الغنوشي» حول ما دار فى زيارته الغامضة إلى أنقرة ولقائه الرئيس التركي، إذ صوت أغلب النواب لفائدة إدراج «زيارة تركيا» ضمن جدول الأعمال فى مجلس النواب، بعد يوم واحد فقط من رفض البرلمان منح الثقة لرئيس الحكومة المكلف، الحبيب الجملي، وسط مخاوف من تدخل تركى فى الشأن الداخلى لتونس. وقد يشكل الملف الليبى منعطفاً كبيراً فى مستقبل أردوغان، نظرا للتأييد الداخلى الضعيف جدا لإرسال جنود أتراك إلى ليبيا، ولتزايد الانشقاقات داخل الحزب الحاكم، وسط أزمات داخلية وخارجية أخرى، إذ توقعت مصادر تركية أن يثير وصول جثث الجنود الاتراك موجة غضب فى الأوساط السياسية والاجتماعية التركية، ويفتح الجدل بشأن مغامرة الرئيس أردوغان فى المستنقع الليبي. وقد أعلنت أحزاب المعارضة «حزب الشعب الجمهوري، وحزب الشعوب اليدوقراطي، وحزب الخير» رفضهم للتدخل العسكرى التركى فى ليبيا، وهو ما أكده المعارض التركى «على يجيت» النائب بحزب الشعب الجمهورى رفضه قرار البرلمان التركى بالموافقة على إرسال قوات تركية إلى طرابلس.. وأكد «يغيت فى تصريح لـ «روزاليوسف» أن أردوغان بهذة العملية يقضى على آخر أمل له فى الشرق الأوسط، إذ أن هذه العملية لاقت العديد من الإدانات الدولية والعربية وستسبب فى تدمير مستقبل السياسة الخارجية التركية بالوطن العربي.