الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«خبز وماء» .. صرخة فريد فاضل للنداء على حقوق المهمشين





تحت عنوان «خبز وماء» أقام الفنان الدكتور فريد فاضل مؤخرا معرضه السنوى بجاليرى كالا أرت بالزمالك، حمل المعرض هذا العنوان كما يرى فاضل باعتباره يمثل صرخة للمجتمع بأسره كى يفيق من غيبوبته السياسية والأخلاقية، ليدرك أن معركته الحقيقية فى البقاء هى توفير الأساسيات للإنسان، متمثلة فى لقمة العيش الكريمة وكوب الماء النظيف.

يضم المعرض السنوى للفنان  35 لوحة زيتية يظهر فيها تأثر فاضل بالفنون والرسوم القبطية خاصة فى استعماله للون الذهبى المستخدم فى الرسوم القبطية، وأيضا يظهر فيها تأثر أسلوبه بلوحات عصر النهضة الأوربية من حيث استخدامه للأسلوب الكلاسيكى فى التصوير، بالإضافة إلى أعمال الفنانين الأوربيين «المستشرقين» فى تناوله للريف والحياة المصرية إبان الحملة الفرنسية على مصر، والتى تعتمد على قوة البناء والتكوين فى اللوحات وأيضا نعومة الألوان المستخدمة فى تناول الموضوعات الفنية.
يستخدم الفنان فى أعماله الموديل كنموذج لشخصياته سواء من خلال الصور الفوتوغرافية التى يلتقطها الفنان بعدسته فى تجولاته المختلفة فى أرجاء مصر أو من خلال رسومه لاسكتشات خطية سريعة للموديل الجالس أمامه فى مرسه أو حتى فى جلساته على المقاهى ومروره فى شوارع وأزقة المحروسة، وعلى الرغم من قسوة المعانى التى تناولها الفنان فى معرضه أو حتى فى اختياره لشخوصه المرسومة المنحوتة القسمات فلوحاته تشع من داخلها فرحا بفعل إشراق ألوانه وميلها فى أحيان كثيرة إلى الساخن منها مما يبعث إلى البهجة والسرور.
 

 
ظهر فى لوحات الفنان الأخيرة جمعه بين المجسم والمسطح فى لوحة واحدة، فنجده قام بتجسيم شخوصه فى مقدمة اللوحة والتى اهتم فيها بنقل ما أمكنه من تفاصيل وجعل من التسطيح بطلا فى خلفيتها، لتميل تجاه «التكتيل» اللونى، والذى دائما ما تكون الألوان الزيتية البطل فى لوحات الفنان والتى يظهر فيها تمكنه من استخدامها والوصول بها إلى كثافات لونية رقيقة جدا فى معظم أعماله.
على الرغم من الحياة الارستقراطية التى يعيشها الفنان ويمارسها إلا أن اللوحات تعكس مقدار معايشته لهموم الشعب ورغباته سعيا للوصول إلى حياة كريمة تكون بدايتها بتحقيقه لكفايته من الغذاء أولا، ولعل دراسته للطب وتخصصه فى مجال العيون أطلق العنان لفرشاته نحو تشريح الواقع المرير الذى نعيشه ونعايشه، وجعلت من أعماله مقابلا لأساطين الفنانين الأكاديميين، وأكمل أسلوبه ذلك بدراسات حرة ومتكررة لأعمال فنانى عصر النهضة والتى جلس إلى جوارها بالساعات خلال زياراته المتكررة لمتاحف أوربا، ناقلا ومتأثرا بأعمال الفنانين ليوناردو دافنشى ورمبرانت وروبنز وغيرها، مما مكن الفنان من الوصول بألوانه إلى ملامس شديدة النعومة بكثافات لونية قليلة خاصة فى تجسيده لحركة الأقمشة والملابس والعمائم التى تتقلدها شخوصه مع قدرته على تجسم الحركة وثنايات الأقمشة من خلال الأضواء والظلال.
جسد الفنان فى لوحاته مراحل الخبيز منذ بدايتها، كما لم ينس رسم العامل أثناء نقله للخبز على دراجته متجولا هنا وهناك، كما قام الفنان برسم ابنته فى إحدى اللوحات كموديل لفتاة بسيطة بزى شعبى، وفى تقليد جديد قام الفنان باستخدام أرغفة العيش و«القلة» على طاولة داخل المعرض كنوع من التأكيد والإيحاء على موضوع معرضه، والتأكيد على فكرته بأن رغيف العيش هو المطلب الأهم، كما رسم بنات البلد يحملن «البلاص» فى رشاقة وخفة، كما تطرق فى لوحاته إلى مشاكل الفقراء والمهمشين كما تظهر فى لوحة «الموت جوعا» التى استخدم فيها الفنان العجائن والقص واللصق «الكولاج» لعدد من العناوين والمشاهد مؤكدا على فكرته السابقة.