الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مال قطر «الحرام» يفسد «معشوقة الجماهير»

القضية الأبرز على الساحة الرياضية الدولية حاليا هى محاكمة رجل الأعمال القطرى والوجه الأبرز للرياضة القطرية، ناصر الخليفى، المتهم فى قضية فساد متعلقة بالحصول على حقوق بث تليفزيونى نهائيات كأس العالم 2026 و2030، لكنها أعادت الجدل مجددًا بشأن كأس العالم 2022 الذى فازت به قطر عبر دفع رشاوى، بحسب تحقيقات سابقة.



وتعزز قصة الخليفى صورة قطر الدولية الغارقة فى الفساد والرشوى من أجل تحقيق مآربها بعيدا عن المنافسة الشريفة، فيما تتساءل الأوساط الرياضية عن الرجل الثالث الذى لم يجر ذكر اسمه فى المحاكمات، رغم ضلوعه بالقضية. ويقول صحفيون رياضيون تحدثوا إلى «سكاى نيوز عربية» إن قضية الخليفى وكأس العالم مرتبطتان ببعضهم البعض، من ناحية الفساد، مشيرين إلى أن الأمر سيمتد إلى مزيد من الفضائح التى تطال الدوحة.

ويواجه الخليفى، رئيس نادى باريس سان جرمان الفرنسى ومجموعة «بى إن» الإعلامية، وفالك الأمين العام السابق للاتحاد الدولى لكرة القدم، عقوبات بالسجن فى قضية منح حقوق البث التليفزيونى لنهائيات كأس عام 2026 و2030.

ورفض القضاء السويسرى الذى يتولى القضية دفع المتهمين باعتبار أن الاتهامات «مسمومة»، وأكد استكمال إجراءات المحاكمة.

وفى حال إدانته وهو أمر مرجح بعد اعتراف فالك، سيواجه الخليفى فى تهمة التحريض على سوء الإدارة، عقوبة سجن تصل إلى 5 سنوات.

وتتهم النيابة العامة الأمين العام السابق للاتحاد الدولى لكرة القدم (فيفا) الفرنسى جيروم فالك بالحصول من الخليفى على الاستخدام الحصرى لفيلا فاخرة فى سردينيا، مقابل دعمه فى حصول شبكة «بى إن» على حقوق البث التليفزيونى المونديالين.

ويقول الإعلامى الرياضى، صبحى القبلاوى، فى حديث إلى «سكاى نيوز عربية» إن القضية ستترك تداعيات كبيرة على قطر ومجموعتها الإعلامية «بى إن». وقال إن هناك حديثا حاليا عن فتح ملفات فساد أخرى مثل التنس ومراجعة العقود التى حصلت عليها المجموعة.

وهذا الأمر إن تحقق، فإنه سيلحق مزيدا من الأضرار الجسيمة بسمعة قطر.

وتوقع القبلاوى أن تلجأ قطر إلى نفس سيناريو محمد بن همام، أى الاعتذار والاعتكاف ثم الاستقالة، وربط ذلك بالكلام الذى يتردد حاليا عن احتمال ترشيح نيكولاى ساركوزى خلفا لناصر الخليفى.

ويرى الصحفى الرياضى، سامى عبدالإمام، فى حديث إلى موقع «سكاى نيوز عربية» أنه يمكن أن تظهر مستقبلا قضايا أخرى فى المواضيع ذاتها رغم كل الجهود التى تبذلها قطر بشتى الوسائل لغلق الباب أمام أية اتهامات جديدة، خاصة أن التحقيقات فى قضايا الاتهامات لقطر و«بى إن» لم تقف عند حدود سويسرا بل امتدت للولايات المتحدة وفرنسا أيضا.

وإذا كانت قطر قد دفعت أموالا من أجل الحصول على حقوق البث التليفزيونى، فهو دليل إضافى على اتهامات الفساد التى تلاحق الدوحة بشأن استضافة كأس العالم عام 2022، بحسب عبد الإمام.

وبهذا تبدو وصمة الفساد قد سيطرت على سمعة قطر، بوصفها دولة لا تتحرك فى المجال الدولى والفوز فى المنافسات إلا بالرشوى والفساد.

الرجل الثالث 

ومنذ بداية القضية فى عام 2017، كان هناك اسم شخص ثالث فيها، لكنه لم يظهر حتى الآن.

وفاجأ الخليفى الجميع، عندما تجاوب مع القضاء السويسرى بشكل سريع، فى خطوة فهمت على أنها محاولة لإبعاد شبهة الفساد عن الأمير، خاصة بعد أن تساءل الادعاء السويسرى لماذا اصطحب الخليفى فالك لمقابلة أمير قطر تميم بن حمد قبل سنوات.

ويقول القبلاوى إن اللقاء بين فالك وأمير قطر تم فى الأول من سبتمبر عام 2013.

و»بى إن» لا تتعامل كمؤسسة إعلامية خاصة سواء بطريقة عملها أو برأس المال الكبير الذى تمتلكه، وحتى بالدور الذى تلعبه لنيل المكاسب التنظيمية لقطر، ومن الواضح أن أموالها حكومية وتدار من أعلى سلطة فى قطر، وليس من الخليفى نفسه، بحسب عبد الإمام.

ويضيف الصحفى الرياضى:» ولذلك من الطبيعى أن يكون وراء الخليفى شخصيات أكبر منه توجهه باتخاذ القرارات وتوفر له الدعم المالى سواء لشبكة القنوات التليفزيونية أو حتى نادى باريس سان جيرمان، لكن الخليفى يظهر بمظهر المسؤول لوحده ويتعرض للمساءلة والتحقيقات لوحده.

فساد مونديال 2022

ويقود مكتب المدعى العام المالى الفرنسى، والمتخصص فى التحقيق فى الجرائم المالية والفساد، تحقيقا منذ 2016 فى عملية منح قطر حق استضافة كأس العالم 2022.

وينظر المحققون فى مخالفات محتملة تشمل فسادا شخصيا والتآمر واستغلال نفوذ.

وكان القرار الذى اتخذ فى ديسمبر 2010 بمنح قطر حق استضافة كأس العالم قد فاجأ الكثيرين بسبب الافتقار للقاعدة الجماهيرية الكبيرة، إضافة لدرجات الحرارة المرتفعة فى الصيف.

وفى مارس 2018، كشفت وثائق مسربة حصلت عليها صحيفة «صنداى تايمز» البريطانية أن قطر دفعت «سرا» رشاوى بملايين الدولارات للاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» من أجل الحصول على استضافة مونديال 2022.

ولم يستبعد قبلاوى أن يتم أخذ إجراءات وليس فقط فتح ملف كأس العالم 2022، خاصة أنه لم يعد هناك مبرر لكى يبقى هذا الملف مغلقا، مشيرا إلى أنه بين المونديال ونيل حقوق البث بدون وجه حق شبكة مترابطة وخيوط متصلة.

وشبهة الفساد الرياضى لقطر لاحقتها منذ سنوات، ويقول عبد الإمام: «حامت الشبهات مبكرا حول فوز قطر بتنظيم مونديال 2022 وفى مقدمتها التصويت الذى تم عام 2010 لاختيار منظمى بطولتين فى وقت واحد وهو إجراء تم للمرة الأولى والأخيرة فى تاريخ الفيفا الذى كان يعتمد اختيار منظم بطولة واحدة فى كل مرة».

وتابع: «وكان مستغربا اختيار منظم بطولة قبل 12 سنة من موعد إقامة البطولة، والاتهامات التى حامت على العديد من الشخصيات التى شاركت فى التصويت من أعضاء المكتب التنفيذى للفيفا».

تقرير جارسيا

وكشف تقرير للمحقق الأمريكى السابق، مايكل جارسيا، الذى نشره الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» كاملا، أن عددا كبيرا من أعضاء المكتب التنفيذى للفيفا عقدوا اجتماعات سرية مع أمير قطر السابق، حمد بن خليفة، أثناء الفترة التى سبقت التصويت على استضافة قطر لمونديال 2022.

وأورد التقرير أن قواعد الفيفا تحظر تسليم أى هدايا لأى شخص فى فترة عرض الملفات التى تترشح لتنظيم كأس العالم، وهو الأمر الذى خالفته قطر.

بحسب التقرير، فإن العلاقة بين السلطات فى الدوحة وبعض أعضاء المكتب التنفيذى، أثارت الجدل قبل إعلان نتائج التصويت 2022.

وأوضح جارسيا، أن قطر والمسئولين عن ملفها فى الترشح للمونديال، لم يستوفوا المعايير المنصوص عليها، لاستضافة الحدث الرياضى الضخم.