الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
شهادات الاستثمار وعوائدها

شهادات الاستثمار وعوائدها

اتفهم تمام حالة الضيق الشديد التى انتابت أصحاب شهادات الاستثمار الحاليين، كما اتعاطف مع من خططوا أو كانوا يفكرون فى شراء شهادات جديدة بعد إعلان البنك المركزى تخفيض العائد عن شهادات الاستثمار، وهى الأعلى بين الاوعية الادخارية التى تقدمها البنوك خاصة من أصحاب المدخرات الصغيرة والمتناهية الصغر، والجهاز المصرفى هو ضامنهم الوحيد.



بما يعنى خفضًا فى الدخل الشهرى للفئة الاولى بشكل محسوس، وتضييقًا للخيارات فى الحصول على دخل مناسب للفئة الثانية، بعد أن فقد سعر العائد أو الفائدة جاذبيته ومميزاته، لكن الاعتقاد فى ثبات سعر الفائدة عند مستوى معين مرتفعًا أو منخفضًا هو من رابع المستحيلات، إلا ما كنت ارتفعت أسعار الفائدة إلى ما يتحاوز العشرين بالمائة فى بعض الأوقات والأزمان، وما عادت لتقترب من سقف العشرة بالمائة فى أوقات وأزمان أخرى، والحالتان تحددهما حركة السوق ونسب التضخم وغيرها من عوامل أخرى. ولكن الخطير فى مسألة فائدة الشهادات ليس فى انخفاض دخل القدامى أو تردد الجدد ولكن فى استعداد أصحاب المدخرات الصغيرة للمخاطرة الكارثية بمدخراتهم فى عروض استثمار وهمية على يد محترفى النصب والايهام بقدرتهم على اتاحة عوائد تقترب من العشرين بالمائة وتتجاوزها فتحل كارثة على أيدى «مستريحين» شطار نهبوا فلوس الناس وهربوا أو تم القبض عليهم، وفى الحالتين تضيع مدخرات البسطاء.

ولا أقول هنا أن اصحاب شهادات الاستثمار تنتابهم حالة طمع فى تحصيل دخل عالٍ حتى لو كان مريبًا وإنما أؤكد حاجة أصحاب شهادات الاستثمار إلى دخل مناسب يستطيعون به مواجهة تكاليف الحياة المستعصية أصلا، مكره أخاك لا بطل، فى الوقت الذى لم تنجح فيه كل محاولات اقناع أصحاب المدخرات بتوجيه مدخراتهم إلى شركات البورصة أو صناديق الاستثمار لأنها بالنسبة لهم غير مضمونة وليس ببعيد عندما تعرضت إحدى الشركات فى البورصة لخسائر بعد أزمة 2008 العالمية وهو أمر طبيعى فتظاهر أصحاب الاسهم أمام البنك المركزى مطالبين بأموالهم، وهو أمرغير طبيعى.

صحيح أنه لا أحد ولا قانون ولا جهاز ولا حكومة ولا دولة، تستطيع منع أصحاب مدخرات من إعطاء مدخراتهم لمشبوهين أو نصابين، ففى النهاية هى حرية شخصية، ولكنها فى النهاية أيضا تصبح مشكلة لأجهزة وزارة الداخلية، هى فى الحقيقة فى غنى عنها عندما تستقبل بلاغات توظيف الاموال ويصبح عليها أعباء التحرى والتتبع والقبض على النصابين والمستريحين.

ومن ثم لا أرى مانعًا أبدًا فى دعوة أصحاب المدخرات للمساهمة فى مشروع وطنى كبير يحقق عائدًا مناسبًا لمدة معينة، ففى النهاية لا يثق الناس سوى فى الجهاز المصرفى ولا يأمنون على مدخراتهم إلا فى البنوك وشهاداتها الاستثمارية والتى هى بحق «ضهر للبسطاء».