الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

طالبان V.S داعش

3 سيناريوهات تحكم مصير المواجهات الضارية فى أفغانستان

رغم أن مشهد الصراع الدولى على  أفغانستان لم ينته بالانسحاب الأمريكى، إلا أن هناك مشهدًا جديدًا يتكون أبطاله من الداخل الأفغانى وهم حركة طالبان الحاكم المتطرف الجديد والقانى تنظيم داعش الأكثر تطرفًا عبر التاريخ، وبذلك حكم على الجمهورية الجبلية أن تقع بين سندان حركة الملالى ومطرقة تنظيم الخلافة الدموى.  وبالنظر لاستيلاء حركة طالبان على السلطة من جديد بعد عشرين عامًا مضت على الغزو الأمريكى لأفغانستان فى 2001، ليعيد البلاد إلى الوضع الذى كان عليه فى ذلك الوقت ويسلمها للطرف الذى كان يحكمها.  الخلاف بين قادة طالبان خلال السنوات الماضية، كان عاملًا حاسمًا فى إنشقاق بعضهم عن الحركة وإعلان ولائهم لأبو بكر البغدادى، خاصة قادتهم الميدانيون وهم من القادة الأواسط الساخطين، والذين كان لنجاحاتهم مع داعش فى سوريا والعراق أمر دافع لأن تستكمل هذا فى أفغانستان. الأجواء التى جرت فى أفغانستان قد تكون دافعًا لاستعادة كثير من التنظيمات الإرهابية والأصولية العنيفة نشاطها مثل تنظيم القاعدة وداعش، فكثير من الجهاديين والسلفيين والإسلاميين حول العالم يراقبون الأحداث  ويتابعون انتصار طالبان لاعتباره محفزًا لهم.    ومنذ ظهور تنظيم داعش على الساحة الجهادية الإرهابية عام 2014 وإعلانه عن ولاية خرسان التى تشكل أفغانستان جزءًا أساسيًا من جغرافيتها فى 29يناير  2015 على يد حافظ سعيد خان وقدر عناصر داعش عند إعلان الولاية بما يقارب 150 داعشيًّا؛ ليزيد هذا العدد إلى ما يتروح ما بين  2000 إلى 3000 داعشى  بعد أن نجح التنظيم فى تجنيد عناصر من حركة “طالبان” نفسها وعناصر من آسيا الوسطى والشيشان، والهند وبنغلاديش، وأقلية الإيغور الصينية. وعلى مدار 5 سنوات راهنت حركة طالبان على تراجع  قدرات تنظيم «داعش» وذلك بعد أن خاضت معه صراع محتدم فى مناطق تمركزه فى الجنوب الأفغانى ودفعته إلى  فقدان  بعض المناطق الرئيسية التى كان يسيطر عليها فى الجنوب الأفغانى وهو الأمر الذى لم يتحقق ليعلن التنظيم عن وجوده القوى باستهداف قصر الرئاسة فى  العاصمة الأفغانية كابول أثناء صلاة عيد الأضحى الماضى.  



منافسة دموية 

على الرغم من أن الخلاف والتنافس يمثل السمة الرئيسية فى العلاقة بين تنظيم «داعش» وحركة طالبان إلا أن العامل المشترك بينهما هو التنافس الهمجى على دماء الشعب الأفغانى ففى الوقت الذى تمددت فى حركة طالبان فوق جميع الأراضى الأفغانية بسرعة مثيرة للدهشة والتساؤل انتهت بالاستيلاء على القصر الرئاسى والسيطرة على الحكومة، نجد فى المقابل تنامى لقوة تنظيم داعش وزيادة لنشاطه الإرهابى فى أفغانستان، وإعادة إنتاج نفسه من جديد وتوسع  مقاتلوه  فى عملياتهم داخل الأراضى الأفغانية.

كما أن هناك تنافسًا محمومًا فى القتل وتوسيع نطاق العمليات الإرهابية من كلا التنظيمين ففى الوقت الذى كانت  داعش توجه  عملياتها الدموية الى الجيش والحكومة الافغانية والمدنيين الابرياء كانت حركة «طالبان»، تعمل معها بالتوازى فى صراع مفتوح على كسب النفوذ مع تنظيم «داعش» فى أفغانستان، وأعلنت مسئوليتها عن محاولة اقتحام القنصلية الألمانية فى مدينة مزار شريف، فى 10 نوفمبر 2016، والتى أسفرت عن مقتل 7 وإصابة 128 آخرين كما شنت الحركة نفسها هجومًا انتحاريًّا ضد قاعدة «باغرام»، وهى أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فى أفغانستان، فى 12 من الشهر ذاته، وهو ما أدى إلى مقتل 4 أمريكيين منهم جنديان ومتعاقدان.

خيارات مفتوحة 

وفى تصريحات تكشف عن غياب الرؤية أكد القيادى بحركة «طالبان»، شهاب الدين ديلاوارأن الحركة لن تسمح بتواجد تنظيم «داعش» على الأراضى الأفغانية، وأنها سوف تتخذ  جميع الإجراءات لضمان عدم تواجد تنظيم داعش على أراضى أفغانستان» وهو ما ينفيه الواقع على الجغرافية الأفغانية فتنظيم داعش يتواجد بشكل ملحوظ فى غرب وجنوب أفغانستان وخاصة فى ولايتى قندهار وهلمند وبالرغم من أنه واجه  مقاومة شديدة من حركة طالبان إلا أنه لا زال موجودًا ولا زال  أفراده قادرين على إيجاد موطئ قدم لهم فى أجزاء من ولاية ننكرهار بعد عقد تحالفات مع أعضاء وعناصر ساخطة على حركة طالبان. 

كما أن تنظيم داعش ورغم الانتكاسات التى لحقت به فى عام 2016 وفقدَه السيطرة على بعض الأراضى وقتل زعيمه حافظ سعيد خان فى هجوم بطائرة أمريكية بدون طيار فى شرق أفغانستان فى 25 يوليو 2016 إلا أنه لا زال ينشط فى الجنوب، ويقوم بتجنيد مقاتلين جدد فى ولاية هلمند وبعض الولايات الجنوبية، كما يعقد التنظيم تحالفات مع بعض القبائل ويقوم عناصره بشكل مستمر برفع أعلام التنظيم السوداء وإسقاط أعلام طالبان البيضاء، بالاضافة إلى توفير ملاذات آمنة لعناصره الفارين من سوريا والعراق. 

السيناريو الأول: على الرغم من  أن داعش ليس بالقوة الكافية لمواجهة حركة طالبان وهو ما يعنى أنه يشكل تهديدًا نسبيًا وليس شاملًا لها لكنه سيدفع بلا شك إلى مواجهة مسلحة ومتنوعة معها خاصة بعد وصولها إلى سدة الحكم وسيطرتها على الدولة الأفغانية .

السيناريو الثانى: إن التنظيم لم تعد لديه خيارات سوى التمسك بمواقعه  القليلة نسبيًا فى أفغانستان. 

السيناريو الثالث: سوف يستمر تنظيم داعش فى تصدير مشهد للعنف وعدم الاستقرار فى الدولة الأفغانية تحت حكم طالبان بل ستكون عملياته الأكثر عنفًا ودموية، وهو ما سيحدث صدى دوليًا كبيرًا.

وأضاف: المواجهة بينهما ليست وليدة اللحظة، إنما كانت منذ ظهور داعش ثم بعد وفاة الملا عمر وأعلن التنظيم ردة حركة طالبان ومهمة طالبان الرئيسية المرحلة القادمة تحييد داعش وإضعاف تواجدها ونفوذها ومحاصرتها جغرافيا.

وتابع يمكن القول إن العدو الأول للحكومة الأفغانية وحركة طالبان مجتمعين هو تنظيم الدولة الإسلامية فيما يطلق عليه بداعش ولاية خراسان، وهى نقطة أصيلة يمكن الاتفاق عليها بين الجانبين فضلًا عن تقاطعها مع الإدارة الأمريكية التى تجعل من داعش العدو الأول فى أفغانستان.

وقال ماهر فرغلى الباحث فى شئون الحركات الإسلامية أن هناك منافسة كبيرة بين داعش وحركة طالبان لأن كل منهما يرى الآخر بأنه كافر وستصل الأمور بينهم إلى القتال، لأن طالبان ترى نفسها أبو الجهادية العالمية وتنظيم القاعدة جزء منها وداعش يرى أنه ليس مبايعًا لطالبان ولا القاعدة لأن طالبان تتحاور مع الإيرانيين وهذه مولاة وكفر وأنها مرتدة وكافرة والفترة المقبلة ستكون هناك حروب بينهما. 

وأضاف ستكون محل الحروب فى شرق أفغانستان والحدود والغلبة ستكون لحركة طالبان لأنها أقوى إلا إذا بدأت القوى الغربية تنقل العائدين لنصرة داعش.