الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التنمية.. رسالة سماوية






 gقد حرص الإسلام فى تعاليمه حرصًا شديدًا على التنمية وإعمار الأرض. وذلك يتضح من خلال أحاديث كثيرة عن الرسول صلى الله عليه و سلم، منها: «إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فاستطاع ألا تقوم الساعة حتى يغرسها فليغرسها فله بذلك أجر»، لقد حدد الله تعالى أيضًا رسالة الإنسان فى الأرض بقوله تعالى: {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها}(هود:61) ويتم الإعمار المطلوب بالتنمية المتواصلة والسعى الدءوب فى الأرض.
 
كما أن الإسلام يدعو إلى العمل والجد والسعي، كما فى قوله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}، وهذا عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه يقول: «السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة»، فالعمل الجاد المتقن فى الإسلام عبادة، وبذلك فهو جزء لا يتجزأ من الدين.
 
ومعنى ذلك أن المسلم الذى يتعبد بدون عمل، فعبادته ناقصة، فكل مسلم مطالب أن يعمل، وهذا العمل هو الأداة الأساسية لمحاربة الفقر، فيقول الله تعالى: {فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه}[الملك: 15]، وبالتالى من سعى فى الأرض واجتهد؛ نال جزاءه فى الدنيا والآخرة، وعم عليه الرخاء.
 
كما أن من امتنع عن السعى والعمل، فليس من حقه أن يلوم الفقر والتخلف، بل يلوم نفسه أولاً، فلقد روى البخارى عن الزبير بن العوام أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتى بحزمة الحطب على ظهره، فيبيعها فيكف الله بها وجهه، خير من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه».
 
روى أصحاب السنن عن أنس بن مالك- رضى الله عنه-: أن رجلاً من الأنصار، أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال» أما فى بيتك شيء؟» قال: بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب نشرب فيه الماء. قال: «ائتنى بهما»، فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «من يشترى هذين»، قال رجل: أنا آخذهما بدرهم. قال: «من يزيد على درهم»؟ مرتين أو ثلاثاً، قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين. فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين، وأعطاهما الأنصاري، وقال: اشتر بأحدهما طعاماً وانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوماً فأتنى به».
 
فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودًا بيده ثم قال له: «اذهب فاحتطب وبع.. ولا أرينك خمسة عشر يوماً». فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاءه وقد أصاب عشرة دراهم!! فاشترى ببعضها ثوباً، وببعضها طعاماً.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة فى وجهك يوم القيامة؟. إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذى فقر مدقع، أو لذى غرم مفظع، أو لذى دم موجع.